﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾
[ المائدة: 101]

سورة : المائدة - Al-Mā’idah  - الجزء : ( 7 )  -  الصفحة: ( 124 )

O you who believe! Ask not about things which, if made plain to you, may cause you trouble. But if you ask about them while the Quran is being revealed, they will be made plain to you. Allah has forgiven that, and Allah is Oft-Forgiving, Most Forbearing.


يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تسألوا عن أشياء من أمور الدين لم تؤمروا فيها بشيء، كالسؤال عن الأمور غير الواقعة، أو التي يترتب عليها تشديدات في الشرع، ولو كُلِّفتموها لشقَّتْ عليكم، وإن تسألوا عنها في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحين نزول القرآن عليه تُبيَّن لكم، وقد تُكلَّفونها فتعجزون عنها، تركها الله معافيًا لعباده منها. والله غفور لعباده إذا تابوا، حليم عليهم فلا يعاقبهم وقد أنابوا إليه.

ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن - تفسير السعدي

ينهى عباده المؤمنين عن سؤال الأشياء التي إذا بينت لهم ساءتهم وأحزنتهم، وذلك كسؤال بعض المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم، وعن حالهم في الجنة أو النار، فهذا ربما أنه لو بين للسائل لم يكن له فيه خير، وكسؤالهم للأمور غير الواقعة.
وكالسؤال الذي يترتب عليه تشديدات في الشرع ربما أحرجت الأمة، وكالسؤال عما لا يعني، فهذه الأسئلة، وما أشبهها هي المنهي عنها، وأما السؤال الذي لا يترتب عليه شيء من ذلك فهذا مأمور به، كما قال تعالى: { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } { وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ }- أي: وإذا وافق سؤالكم محله فسألتم عنها حين ينزل عليكم القرآن، فتسألون عن آية أشكلت، أو حكم خفي وجهه عليكم، في وقت يمكن فيه نزول الوحي من السماء، تبد لكم،- أي: تبين لكم وتظهر، وإلا فاسكتوا عمّا سكت الله عنه.
{ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا }- أي: سكت معافيا لعباده منها، فكل ما سكت الله عنه فهو مما أباحه وعفا عنه.
{ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ }- أي: لم يزل بالمغفرة موصوفا، وبالحلم والإحسان معروفا، فتعرضوا لمغفرته وإحسانه، واطلبوه من رحمته ورضوانه.

تفسير الآية 101 - سورة المائدة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء : الآية رقم 101 من سورة المائدة

 سورة المائدة الآية رقم 101

ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن - مكتوبة

الآية 101 من سورة المائدة بالرسم العثماني


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَسۡـَٔلُواْ عَنۡ أَشۡيَآءَ إِن تُبۡدَ لَكُمۡ تَسُؤۡكُمۡ وَإِن تَسۡـَٔلُواْ عَنۡهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلۡقُرۡءَانُ تُبۡدَ لَكُمۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهَاۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٞ  ﴾ [ المائدة: 101]


﴿ ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينـزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم ﴾ [ المائدة: 101]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة المائدة Al-Mā’idah الآية رقم 101 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 101 من المائدة صوت mp3


تدبر الآية: ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن

ليس من الرشد والعقل أن يحرِصَ المرءُ على إبداء ما طواه السَّترُ الجميل من الربِّ الجليل من أعمال العبد؛ فلعلَّ في إبدائها ما يسوءُه.
ما سكتَ اللهُ عنه فهو عفوٌ اقتضاه حِلمُه على عباده، ويوشك المتعرِّضُ له أن يرتفعَ عنه حلمُ الله، فيكلَّف بالمسؤول عنه ويحاسَب عليه، وكان في عافيةٍ ما ترك التنقيبَ عنه.

وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هاتين الآيتين روايات متعددة، منها ما حكاه القرطبي في قوله: روى البخاري ومسلم وغيرهما- واللفظ للبخاري- عن أنس قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله من أبى؟ قال: «أبوك فلان»وخرج البخاري أيضا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: «فو الله لا تسألونى عن شيء إلا أخبرتكم به مادمت في مقامي هذا» فقام إليه رجل فقال: أين مدخلي يا رسول الله؟ قال «النار» فقام عبد الله بن حذافة- وكان إذا لا حي يدعى إلى غير أبيه- فقال من أبى يا رسول الله؟ فقال: أبوك حذافة..وروى الدّارقطنيّ والترمذي عن على رضى الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قالوا: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فسكت.
فقالوا: أفي كل عام؟ قال: «لا ولو قلت نعم لوجبت» فأنزل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ.. الآية.
وروى مجاهد عن ابن عباس أنها نزلت في قوم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحام.
ثم قال القرطبي: ويحتمل أن تكون الآية نزلت جوابا للجميع، فيكون السؤال قريبا بعضه من بعض» .
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا بالله حق الإيمان، لا تسألوا نبيكم صلى الله عليه وسلم أو غيره، عن أشياء تتعلق بالعقيدة أو بالأحكام الشرعية أو بغيرهما.
هذه الأشياء إِنْ تُبْدَ لَكُمْ وتظهر تَسُؤْكُمْ أى:تغمكم وتحزنكم وتندموا على السؤال عنها لما يترتب عليها من إحراجكم، ومن المشقة عليكم، ومن الفضيحة لبعضكم.
فالآية الكريمة- كما يقول ابن كثير- تأديب من الله لعباده المؤمنين، ونهى لهم عن أن يسألوا عن أشياء مما لا فائدة لهم في السؤال والتنقيب عنها، لأنها إن ظهرت لهم تلك الأمور ربما ساءتهم، وشق عليهم سماعها، كما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبلغني أحد عن أحد شيئا، فإنى أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر» .
وقد وجه- سبحانه - النداء إليهم بصفة الإيمان، لتحريك حرارة العقيدة في نفوسهم، حتى يستجيبوا بسرعة ورغبة إلى ما كلفوا به.
وقوله: أَشْياءَ اسم جمع من لفظ شيء، فهو مفرد لفظا جمع معنى كطرفاء وقصباء- وهذا رأى الخليل وسيبويه وجمهور البصريين-.
ويرى الفراء أن أشياء جمع لشيء.
وهو ممنوع من الصرف لألف التأنيث الممدودة، ومتعلق بقوله: تَسْئَلُوا.
ومفعول تَسْئَلُوا محذوف للتعميم.
أى: لا تسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم ولا تسألوا غيره عن أشياء لا فائدة من السؤال عنها، بل إن السؤال عنها قد يؤدى إلى إحراجكم وإلى المشقة عليكم.
وقوله: إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ صفة لأشياء داعية إلى الانتهاء عن السؤال عنها.
وعبر «بإن» المفيدة للشك وعدم القطع بوقوع الشرط والجزاء للإشارة إلى أن هذا الشك كاف في تركهم للسؤال عن هذه الأشياء، فإن المؤمن الحق يبتعد عن كل ما لا فائدة من ورائه من أسئلة أو غيرها.
وقوله: وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ معطوف على ما قبله وهو قوله: إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ.
والضمير في قوله عَنْها يعود على أَشْياءَ وحِينَ ظرف زمان منصوب بالفعل تَسْئَلُوا.
والمعنى: لا تكثروا- أيها المؤمنون- من الأسئلة التي لا خير لكم في السؤال عنها، وإن تسألوا عن أشياء نزل بها القرآن مجملة، فتطلبوا بيانها تبين لكم حينئذ لاحتياجكم إليها.
قال الفخر الرازي: السؤال على قسمين:أحدهما: السؤال عن شيء لم يجر ذكره في الكتاب والسنة بوجه من الوجوه.
فهذا السؤال منهى عنه بقوله: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ.
والنوع الثاني من السؤال: السؤال عن شيء نزل به القرآن لكن السامع لم يفهمه كما ينبغي فهاهنا السؤال واجب، وهو المراد بقوله: وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ.
والفائدة في ذكر هذا القسم، أنه لما منع في الجملة الأولى من السؤال، أو هم أن جميع أنواع السؤال ممنوع منه، فذكر ذلك تمييزا لهذا القسم عن ذلك القسم.
فإن قيل: إن قوله وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها هذا الضمير عائد على الأشياء المذكورة في قوله:لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ فكيف يعقل في أَشْياءَ بأعيانها أن يكون السؤال عنها ممنوعا وجائزا معا؟قلنا: الجواب عنه من وجهين:الأول: جائز أن يكون السؤال عنها ممنوعا قبل نزول القرآن بها ومأمورا به بعد نزول القرآن بها.
والثاني: أنهما وإن كانا نوعين مختلفين، إلا أنهما في حكم شيء واحد، فلهذا حسن اتحاد الضمير، وإن كانا في الحقيقة نوعين مختلفين» :وقال القرطبي: قوله-تبارك وتعالى- وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ فيه غموض.
وذلك أن في أول الآية النهى عن السؤال، ثم قال: وَإِنْ تَسْئَلُوا.. إلخ.
فأباحه لهم.
فقيل: المعنى وإن تسألوا عن غيرها فيما مست الحاجة إليه، فحذف المضاف ولا يصح حمله على غير الحذف.
قال الجرجانى: الكناية في «عنها» ترجع إلى أشياء أخر، كقوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ يعنى آدم، ثم قال: ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً أى: ابن آدم، لأن آدم لم يجعل نطفة في قرار مكين، لكن لما ذكر الإنسان وهو آدم دل على إنسان مثله، وعرف ذلك بقرينة الحال.
فالمعنى: وإن تسألوا عن أشياء- أخر- حين ينزل القرآن من تحليل أو تحريم أو حكم، أو مست حاجتكم إلى التفسير، فإذا سألتم فحينئذ تبد لكم فقد أباح- سبحانه - هذا النوع من السؤال» .
والضمير في قوله عَفَا اللَّهُ عَنْها يعود إلى أشياء، والجملة في محل جر صفه أخرى لأشياء.
أى: أن هذه الأشياء التي نهيتم عن السؤال عنها هي مما عفا الله عنه- رحمة منه وفضلا- حيث لم يكلفكم بها.
ولم يفضحكم ببيانها.
ويجوز أن يعود الضمير إلى الأسئلة المدلول عليها بقوله لا تَسْئَلُوا فتكون الجملة مستأنفة، ويكون المعنى: عفا الله عن أسئلتكم السالفة التي سألتموها قبل النهى، وتجاوز- سبحانه - عن معاقبتكم عليها رحمة منه وكرما فمن الواجب عليكم بعد ذلك ألا تعودوا إلى مثلها أبدا.
قال صاحب المنار: ولا مانع عندنا يمنعنا من إرادة المعنيين معا.
فإن كل ما تدل عليه عبارات القرآن من المعاني الحقيقة والمجازية والكناية يجوز عندنا أن يكون مرادا منها مجتمعة تلك المعاني أو منفردة ما لم يمنع مانع من ذلك كأن تكون تلك المعاني مما لا يمكن اجتماعها شرعا أو عقلا، فحينئذ لا يصح أن تكون كلها مرادة بل يرجح بعضها على بعض بطرق الترجيح المعروفة من لفظية ومعنوية.
وقوله وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ اعتراض تذييلى مقرر لعفوه- سبحانه - أى: عفا الله عن كل ذلك، وهو- سبحانه - واسع المغفرة والحلم والصفح ولذا لم يكلفكم بما يشق عليكم، ولم يؤاخذكم بما فرط منكم من أقوال وأعمال قبل النهى عنها.
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليمفيه ست مسائل :الأولى : روى البخاري ومسلم وغيرهما - واللفظ للبخاري - عن أنس قال ، قال رجل : يا نبي الله ، من أبي ؟ قال : أبوك فلان قال فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم الآية ، وخرج أيضا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه : فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا فقام إليه رجل فقال : أين مدخلي يا رسول الله ؟ قال : النار .
فقام عبد الله بن حذافة فقال : من أبي يا رسول الله فقال : أبوك حذافة وذكر الحديث قال ابن عبد البر : عبد الله بن حذافة أسلم قديما ، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية ، وشهد بدرا وكانت فيه دعابة ، وكان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ; أرسله إلى كسرى بكتاب رسول الله صلى الله عليه سلم ; ولما قال من أبي يا رسول الله ; قال : أبوك حذافة قالت له أمه : ما سمعت بابن أعق منك آمنت أن تكون أمك قارفت ما يقارف نساء الجاهلية فتفضحها على أعين الناس ! فقال : والله لو ألحقني بعبد أسود للحقت به ، وروى الترمذي والدارقطني عن علي رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا .
قالوا : يا رسول الله أفي كل عام ؟ فسكت ، فقالوا : أفي كل عام ؟ قال : لا ولو قلت نعم لوجبت ، فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم إلى آخر الآية .
واللفظ للدارقطني سئل البخاري عن هذا الحديث فقال : هو حديث حسن إلا أنه مرسل ; أبو البختري لم يدرك عليا ، واسمه سعيد ، وأخرجه الدارقطني أيضا عن أبي عياض عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس كتب عليكم الحج فقام رجل فقال : في كل عام يا رسول الله ؟ فأعرض عنه ، ثم عاد فقال : في كل عام يا رسول الله ؟ فقال : ومن القائل ؟ قالوا : فلان ; قال : والذي نفسي بيده لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما أطقتموها ولو لم تطيقوها لكفرتم فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم الآية ، وقال الحسن البصري في هذه الآية : سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور الجاهلية التي عفا الله عنها ولا وجه للسؤال عما عفا الله عنه ، وروى مجاهد عن ابن عباس أنها نزلت في قوم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ; وهو قول سعيد بن جبير ; وقال : ألا ترى أن بعده : ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام .
قلت : وفي الصحيح والمسند كفاية .
ويحتمل أن تكون الآية نزلت جوابا للجميع ، فيكون السؤال قريبا بعضه من بعض ، والله أعلم .
و ( أشياء ) وزنه أفعال ; ولم يصرف لأنه مشبه بحمراء ; قاله الكسائي وقيل : وزنه أفعلاء ; كقولك : هين وأهوناء ; عن الفراء والأخفش ويصغر فيقال : أشياء ; قال المازني : يجب أن يصغر شييآت كما يصغر أصدقاء ; في المؤنث صديقات وفي المذكر صديقون .
الثانية : قال ابن عون : سألت نافعا عن قوله تعالى لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم فقال : لم تزل المسائل منذ قط تكره .
روى مسلم عن المغيرة بن شعبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات وكره لكم ثلاثا : قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال .
قال كثير من العلماء : المراد بقوله ( وكثرة السؤال ) التكثير من السؤال في المسائل الفقهية تنطعا ، وتكلفا فيما لم ينزل ، والأغلوطات وتشقيق المولدات ، وقد كان السلف يكرهون ذلك ويرونه من التكليف ، ويقولون : إذا نزلت النازلة وفق المسئول لها .
قال مالك : أدركت أهل هذا البلد وما عندهم علم غير الكتاب والسنة ، فإذا نزلت نازلة جمع الأمير لها من حضر من العلماء فما اتفقوا عليه أنفذه ، وأنتم تكثرون المسائل وقد كرهها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل : المراد بكثرة المسائل كثرة سؤال الناس الأموال والحوائج إلحاحا واستكثارا ; وقاله أيضا مالك وقيل : المراد بكثرة المسائل السؤال عما لا يعني من أحوال الناس بحيث يؤدي ذلك إلى كشف عوراتهم والاطلاع على مساوئهم .
وهذا مثل قوله تعالى : ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا قال ابن خويز منداد : ولذلك قال بعض أصحابنا متى قدم إليه طعام لم يسأل عنه من أين هذا أو عرض عليه شيء يشتريه لم يسأل من أين هو وحمل أمور المسلمين على السلامة والصحة .
قلت : والوجه حمل الحديث على عمومه فيتناول جميع تلك الوجوه كلها ، والله أعلم .
الثالثة : قال ابن العربي : اعتقد قوم من الغافلين تحريم أسئلة النوازل حتى تقع تعلقا بهذه الآية ; وليس كذلك لأن هذه الآية مصرحة بأن السؤال المنهي عنه إنما كان فيما تقع المساءة في جوابه ولا مساءة في جواب نوازل الوقت فافترقا .
قلت : قوله : اعتقد قوم من الغافلين فيه قبح ، وإنما كان الأولى به أن يقول : ذهب قوم إلى تحريم أسئلة النوازل ، لكنه جرى على عادته ، وإنما قلنا كان أولى به ; لأنه قد كان قوم من السلف يكرهها ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يلعن من سأل عما لم يكن ; ذكره الدارمي في مسنده ; وذكر عن الزهري قال : بلغنا أن زيد بن ثابت الأنصاري كان يقول إذا سئل عن الأمر : أكان هذا ؟ فإن قالوا : نعم قد كان حدث فيه بالذي يعلم ، وإن قالوا : لم يكن قال فذروه حتى يكون ، وأسند عن عمار بن ياسر وقد سئل عن مسألة فقال : هل كان هذا بعد ؟ قالوا : لا ; قال : دعونا حتى يكون ، فإذا كان تجشمناها لكم .
قال الدارمي : حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ، قال حدثنا ابن فضيل عن عطاء عن ابن عباس قال : ما رأيت قوما كانوا خيرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض ، كلهن في القرآن ; منهن يسألونك عن الشهر الحرام ، ويسألونك عن المحيض وشبهه ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم .
الرابعة : قال ابن عبد البر : السؤال اليوم لا يخاف منه أن ينزل تحريم ولا تحليل من أجله ، فمن سأل مستفهما راغبا في العلم ونفي الجهل عن نفسه ، باحثا عن معنى يجب الوقوف في الديانة عليه ، فلا بأس به ، فشفاء العي السؤال ; ومن سأل متعنتا غير متفقه ولا متعلم فهو الذي لا يحل قليل سؤاله ولا كثيره ; قال ابن العربي : الذي ينبغي للعالم أن يشتغل به هو بسط الأدلة ، وإيضاح سبل النظر ، وتحصيل مقدمات الاجتهاد ، وإعداد الآلة المعينة على الاستمداد ; فإذا عرضت نازلة أتيت من بابها ، ونشدت في مظانها ، والله يفتح في صوابها .
الخامسة : قوله تعالى : وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم فيه غموض ، وذلك أن في أول الآية النهي عن السؤال ، ثم قال : وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم فأباحه لهم ; فقيل : المعنى وإن تسألوا عن غيرها فيما مست الحاجة إليه ، فحذف المضاف ، ولا يصح حمله على غير الحذف .
قال الجرجاني : الكناية في عنها ترجع إلى أشياء أخر ; كقوله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين يعني آدم ، ثم قال : ثم جعلناه نطفة أي ابن آدم ; لأن آدم لم يجعل نطفة في قرار مكين ، لكن لما ذكر الإنسان وهو آدم دل على إنسان مثله ، وعرف ذلك بقرينة الحال ; فالمعنى وإن تسألوا عن أشياء حين ينزل القرآن من تحليل أو تحريم أو حكم ، أو مست حاجتكم إلى التفسير ، فإذا سألتم فحينئذ تبد لكم ; فقد أباح هذا النوع من السؤال : ومثاله أنه بين عدة المطلقة والمتوفى عنها زوجها والحامل ، ولم يجر ذكر عدة التي ليست بذات قرء ولا حامل ، فسألوا عنها فنزل واللائي يئسن من المحيض .
فالنهي إذا في شيء لم يكن بهم حاجة إلى السؤال فيه ; فأما ما مست الحاجة إليه فلا .
السادسة : قوله تعالى : عفا الله عنها أي : عن المسألة التي سلفت منهم ، وقيل : عن الأشياء التي سألوا عنها من أمور الجاهلية وما جرى مجراها ، وقيل : العفو بمعنى الترك ; أي : تركها ولم يعرف بها في حلال ولا حرام فهو معفو عنها فلا تبحثوا عنه فلعله إن ظهر لكم حكمه ساءكم ، وكان عبيد بن عمير يقول : إن الله أحل وحرم ، فما أحل فاستحلوه ، وما حرم فاجتنبوه ، وترك بين ذلك أشياء لم يحللها ولم يحرمها ، فذلك عفو من الله ، ثم يتلو هذه الآية .
وخرج الدارقطني عن أبي ثعلبة الخشني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحرم حرمات فلا تنتهكوها وحدد حدودا فلا تعتدوها وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها والكلام على هذا التقدير فيه تقديم وتأخير ; أي : لا تسألوا عن أشياء عفا الله عنها إن تبد لكم تسؤكم ، أي : أمسك عن ذكرها فلم يوجب فيها حكما ، وقيل : ليس فيه تقديم ولا تأخير ; بل المعنى قد عفا الله عن مسألتكم التي سلفت وإن كرهها النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا تعودوا لأمثالها .
فقوله : عنها أي : عن المسألة ، أو عن السؤالات كما ذكرناه .


شرح المفردات و معاني الكلمات : آمنوا , تسألوا , أشياء , تبد , تسؤكم , تسألوا , حين , ينزل , القرآن , تبد , عفا , الله , غفور , حليم ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم


تحميل سورة المائدة mp3 :

سورة المائدة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المائدة

سورة المائدة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المائدة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المائدة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المائدة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المائدة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المائدة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المائدة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المائدة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المائدة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المائدة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, April 19, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب