﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾
[ الأنعام: 152]

سورة : الأنعام - Al-An‘ām  - الجزء : ( 8 )  -  الصفحة: ( 149 )

"And come not near to the orphan's property, except to improve it, until he (or she) attains the age of full strength; and give full measure and full weight with justice. We burden not any person, but that which he can bear. And whenever you give your word (i.e. judge between men or give evidence, etc.), say the truth even if a near relative is concerned, and fulfill the Covenant of Allah, This He commands you, that you may remember.


يبلغ أشدّه : استحكام قوّته و يرشد
بالقسط : بالعدل دون زيادة و نقص
وُسعها : طاقتها و ما تقدِر عليه

ولا تقربوا أيها الأوصياء مال اليتيم إلا بالحال التي تصلح بها أمواله ويَنْتَفِع بها، حتى يصل إلى سن البلوغ ويكون راشدًا، فإذا بلغ ذلك فسلموا إليه ماله، وأوفوا الكيل والوزن بالعدل الذي يكون به تمام الوفاء. وإذا بذلتم جهدكم فلا حرج عليكم فيما قد يكون من نقص، لا نكلف نفسًا إلا وسعها. وإذا قلتم فتحرَّوا في قولكم العدل دون ميل عن الحق في خبر أو شهادة أو حكم أو شفاعة، ولو كان الذي تعلق به القول ذا قرابة منكم، فلا تميلوا معه بغير حق، وأوفوا بما عهد الله به إليكم من الالتزام بشريعته. ذلكم المتلوُّ عليكم من الأحكام، وصَّاكم به ربكم؛ رجاء أن تتذكروا عاقبة أمركم.

ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا - تفسير السعدي

{ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ } بأكل، أو معاوضة على وجه المحاباة لأنفسكم، أو أخذ من غير سبب.
{ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }- أي: إلا بالحال التي تصلح بها أموالهم، وينتفعون بها.
فدل هذا على أنه لا يجوز قربانها، والتصرف بها على وجه يضر اليتامى، أو على وجه لا مضرة فيه ولا مصلحة، { حَتَّى يَبْلُغَ } اليتيم { أَشُدَّه }- أي: حتى يبلغ ويرشد، ويعرف التصرف، فإذا بلغ أشده، أُعطي حينئذ مالُه، وتصرف فيه على نظره.
وفي هذا دلالة على أن اليتيم -قبل بلوغ الأشُد- محجور عليه، وأن وليه يتصرف في ماله بالأحظ، وأن هذا الحجر ينتهي ببلوغ الأشُد.
{ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ }- أي: بالعدل والوفاء التام، فإذا اجتهدتم في ذلك، فـ { لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا }- أي: بقدر ما تسعه، ولا تضيق عنه.
فمَن حرَص على الإيفاء في الكيل والوزن، ثم حصل منه تقصير لم يفرط فيه، ولم يعلمه، فإن الله عفو غفور .
وبهذه الآية ونحوها استدل الأصوليون، بأن الله لا يكلف أحدا ما لا يطيق، وعلى أن من اتقى الله فيما أمر، وفعل ما يمكنه من ذلك، فلا حرج عليه فيما سوى ذلك.
{ وَإِذَا قُلْتُمْ } قولا تحكمون به بين الناس، وتفصلون بينهم الخطاب، وتتكلمون به على المقالات والأحوال { فَاعْدِلُوا } في قولكم، بمراعاة الصدق فيمن تحبون ومن تكرهون، والإنصاف، وعدم كتمان ما يلزم بيانه، فإن الميل على من تكره بالكلام فيه أو في مقالته من الظلم المحرم.
بل إذا تكلم العالم على مقالات أهل البدع، فالواجب عليه أن يعطي كل ذي حق حقه، وأن يبين ما فيها من الحق والباطل، ويعتبر قربها من الحق وبُعدها منه.
وذكر الفقهاء أن القاضي يجب عليه العدل بين الخصمين، في لحظه ولفظه.
{ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا } وهذا يشمل العهد الذي عاهده عليه العباد من القيام بحقوقه والوفاء بها، ومن العهد الذي يقع التعاقد به بين الخلق.
فالجميع يجب الوفاء به، ويحرم نقضه والإخلال به.
{ ذَلِكُمْ } الأحكام المذكورة { وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ما بينه لكم من الأحكام، وتقومون بوصية الله لكم حق القيام، وتعرفون ما فيها، من الحكم والأحكام.

تفسير الآية 152 - سورة الأنعام

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي : الآية رقم 152 من سورة الأنعام

 سورة الأنعام الآية رقم 152

ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا - مكتوبة

الآية 152 من سورة الأنعام بالرسم العثماني


﴿ وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۖ وَإِذَا قُلۡتُمۡ فَٱعۡدِلُواْ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰۖ وَبِعَهۡدِ ٱللَّهِ أَوۡفُواْۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ  ﴾ [ الأنعام: 152]


﴿ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ﴾ [ الأنعام: 152]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة الأنعام Al-An‘ām الآية رقم 152 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 152 من الأنعام صوت mp3


تدبر الآية: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا

الإسلام يحمي حقَّ الضعيفِ حتى يصيرَ قويًّا، ويحذِّرُ القويَّ من أن يكونَ ظلومًا، فاليتيمُ ضعيفٌ حماه الله بنهي المجتمع عن التعدِّي على ماله بغير الإحسان، حتى يشتدَّ عودُه ويستدَّ رأيُه.
صيانةً لحقوق العباد، ومنعًا من الظلم والفساد؛ أمرَت الشريعةُ بتوفية الكَيل والوزن بالعدل؛ إنصافًا للبائع وللمشتري.
قد تفوتُ الإنسانَ دقَّةُ المقادير لعجزه وضعفه، مع حرصه على وفاء الحقوق، فعُفيَ عمَّا خرج عن القدرة؛ إذ لا يكلِّف الله الرحيمُ نفسًا إلا وُسعَها.
العدل في الأقوال واجبٌ مع الموافق والمخالف، ولا يدفعُ المؤمنَ عنه إلى الحَيفِ والميلِ قرابةُ قريبٍ ولا محبَّةُ حبيب.
أُضيفَ العهدُ إلى اللهِ لتربية المهابة في النفس، لكي تهتمَّ بهذا العهد، وتنصرفَ إليه ولا تنصرفَ عنه؛ لِما له من أهميَّةٍ وشرفٍ على سائر العهود.
على المسلم الأخذُ بالحذرِ من أن تَركَنَ نفسُه إلى حظوظها، أو أن يُغريَها مقتضى طبعِها وإلفُ عاداتِها، فتنسى وصايا اللهِ لها وتَغفُل عنها، فلا تستيقظُ إلا وقد رَتعَت في ما نهى الله عنه.
كثرة معالجةِ الأعمال وممارستِها قد تحمل غيرَ المتذكِّر على الغفلة عن تكليف الله فيها، فمَن رافقَه التذكُّرُ وافقَه السَّداد.

والوصية السادسة تأتى في مطلع الآية الثانية فتقول: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ.
أى: لا تقربوا مال اليتيم الذي فقد الأب الحانى، ولا تتعرضوا لما هو من حقه بوجه من الوجوه إلا بالوجه الذي ينفعه في الحال أو المآل، كتربيته وتعليمه، وحفظ ماله واستثماره.
وإذن، فكل تصرف مع اليتيم أو في ماله لا يقع في تلك الدائرة- دائرة الأنفع والأحسن- محظور، ومنهى عنه.
قال بعض العلماء: وكثيرا ما يتعلق النهى في القرآن بالقربان من الشيء، وضابطه بالاستقراء: أن كل منهى عنه كان من شأنه أن تميل إليه النفوس وتدفع إليه الأهواء النهى فيه عن «القربان» ويكون القصد التحذير من أن يأخذ ذلك الميل في النفس مكانة تصل بها إلى اقتراف المحرم، وكان من ذلك في الوصايا السابقة النهى عن الفواحش، ومن هذا الباب وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ ولا تَقْرَبُوا الزِّنى وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ إلخ.
أما المحرمات التي لم يؤلف ميل النفوس إليها ولا اقتضاء الشهوات لها، فإن الغالب فيها أن يتعلق النهى عنها بنفس الفعل لا بالقربان منه.
ومن ذلك في الوصايا السابقة الشرك بالله، وقتل الأولاد، وقتل النفس التي حرم الله قتلها، فإنها وإن كان الفعل المنهي عنه فيها أشد قبحا وأعظم جرما عند الله من أكل مال اليتيم وفعل الفواحش، إلا أنها ليست ذات دوافع نفسية يميل إليها الإنسان بشهوته، وإنما هي في نظر العقل على المقابل من ذلك، يجد الإنسان في نفسه مرارة من ارتكابها، ولا يقدم عليها إلا وهو كاره لها أو في حكم الكاره».
وقوله: حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُليس غاية للنهى، إذ ليس المعنى فإذا بلغ أشده فاقربوه لأن هذا يقتضى إباحة أكل الولي له بعد بلوغ الصبى، بل هو غاية لما يفهم من النهى كأنه قيل: احفظوه حتى يصير بالغا رشيدا فحينئذ سلموا إليه ماله.
والخطاب للأولياء والأوصياء.
أى: احفظوا ماله حتى يبلغ الحلم فإذا بلغه فادفعوه إليه.
والأشد: قوة الإنسان واشتعال حرارته: من الشدة بمعنى القوة والارتفاع.
يقال: شد النهار إذا ارتفع.
وهو مفرد جاء بصيغة الجمع.
ولا واحد له.
والوصية السابعة: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها.
أى: أتموا الكيل إذا كلتم للناس أو اكتلتم عليهم لأنفسكم، وأوفوا الميزان إذا وزنتم لأنفسكم فيما تبتاعون أو لغيركم فيما تبيعون.
فالجملة الكريمة أمر من الله-تبارك وتعالى- لعباده بإقامة العدل في التعامل: بحيث يعطى صاحب الحق حقه من غير نقصان ولا بخس، ويأخذ صاحب الحق حقه من غير طلب الزيادة.
والكيل والوزن: مصدران أريد بهما ما يكال وما يوزن، كالعيش بمعنى ما يعاش به.
وبالقسط حال من فاعل أوفوا أى: أوفوهما مقسطين أى: متلبسين بالقسط.
ويجوز أن يكون حالا من المفعول أى: أوفوا الكيل والميزان بالقسط أى: تامّين.
وهذه الوصية هي مبدأ العدل والتعادل، وكل مجتمع محتاج إليها، فالناس لا بد لهم من التعامل، ولا بد لهم من التبادل، والكيل والوزن هما وسيلة ذلك، فلا بد من أن يكونا منضبطين بالقسط.
والمجتمعات الأمينة التي لا تجد فيها أحدا يغبن عن جهل أو غفلة، وهي أيضا المجتمعات الأمينة التي لا تجد فيها من يحاول أن يأخذ أكثر من حقه.
أو يعطى أقل مما يجب عليه.
وقوله لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهاأى: لا نكلف نفسا إلا ما يسعها ولا يعسر عليها.
والجملة مستأنفة جيء بها عقيب الأمر بإيفاء الكيل والميزان بالعدل، للترخيص فيما خرج عن الطاقة، ولبيان قاعدة من قواعد الإسلام الرافعة للحرج وذلك لأن التبادل التجارى لا يمكن أن يتحقق على وجه كامل من المساواة أو التعادل، فلا بد من تقبل اليسير من الغبن في هذا الجانب أو ذاك.
والوصية الثامنة تقول: وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى.
أى: وإذا قلتم قولا فاعدلوا فيه ولو كان المقول له أو عليه صاحب قرابة منكم.
إذ العدل هو أساس الحكم السليم: العدل في القول، والعدل في الحكم، والعدل في كل فعل.
وإنما خصصت الآية العدل في القول مع أن العدل مطلوب في الأقوال والأفعال وفي كل شيء، لأن أكثر ما يكون فيه العدل أقوال كالشهادة، والحكم، ثم الأقوال هي التي تراود النفوس في كل حال.
فالإنسان حين تصادفه قضية من القضايا القولية أو العملية يحدث نفسه في شأنها، ويراوده معنى العدل وكأنه يطالبه بأن ينطق به ويؤيده، فيقول في نفسه سأفعل كذا لأنه العدل، فإذا لم يكن صادقا في هذا القول فقد جافى العدل وقال زورا وكذبا.
أما قوله وَلَوْ كانَ ذا قُرْبىفهو أخذ بالإنسان عما جرت به عادته من التأثر بصلات القربى في المحاباة للأقرباء والظلم لغيرهم.
فالقرآن يرتفع بالضمير البشرى إلى مستوى سامق رفيع، على هدى من العقيدة في الله، بأن يكلفه بتحرى العدل في كل أحواله ولو إزاء أقرب المقربين إليه.
أما الوصية التاسعة والأخيرة في هذه الآية فهي قوله-تبارك وتعالى- وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواأى:كونوا أوفياء مع الله في كل ما عهد إليكم به من العبادات والمعاملات وغيرها.
إذ الوفاء أصل من الأصول التي يتحقق بها الخير والصلاح، وتستقر عليها أمور الناس.
وقوله: وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوايفيد الحصر لتقديم المعمول، وفي هذا إشعار بأن هناك عهودا غير جديرة بأن تنسب إلى الله، وهي العهود القائمة على الظلم أو الباطل، أو الفساد، فمثل هذه العهود غير جديرة بالاحترام، ويجب العمل على التخلص منها.
ثم ختمت الآية بقوله-تبارك وتعالى- ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَأى: ذلكم المتلو عليكم في هذه الآية من الأوامر والنواهي وصاكم الله به في كتابه رجاء أن تتذكروا وتعتبروا وتعملوا بما أمرتم به وتجتنبوا ما نهيتم عنه أو رجاء أن يذكّر بعضكم بعضا فإن التناصح واجب بين المسلمين.
قوله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن أي بما فيه صلاحه وتثميره ، وذلك بحفظ أصوله وتثمير فروعه .
وهذا أحسن الأقوال في هذا ; فإنه جامع .
قال مجاهد : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن بالتجارة فيه ، ولا تشتر منه ولا تستقرض .
قوله تعالى : حتى يبلغ أشده يعني قوته ، وقد تكون في البدن ، وقد تكون في المعرفة بالتجربة ، ولا بد من حصول الوجهين ; فإن الأشد وقعت هنا مطلقة وقد جاء بيان حال اليتيم في سورة " النساء " مقيدة ، فقال : وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فجمع بين قوة البدن وهو بلوغ النكاح ، وبين قوة المعرفة وهو إيناس الرشد ; فلو مكن اليتيم من ماله قبل حصول المعرفة وبعد حصول القوة لأذهبه في شهوته وبقي صعلوكا لا مال له .
وخص اليتيم بهذا الشرط لغفلة الناس عنه وافتقاد الأبناء لآبائهم فكان الاهتبال بفقيد الأب أولى .
وليس بلوغ الأشد مما يبيح قرب ماله بغير الأحسن ; لأن الحرمة في حق البالغ ثابتة .
وخص اليتيم بالذكر لأن خصمه الله .
والمعنى : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ على الأبد حتى يبلغ أشده .
وفي الكلام حذف ; فإذا بلغ أشده وأونس منه الرشد فادفعوا إليه ماله .
واختلف العلماء في أشد اليتيم ; فقال ابن زيد : بلوغه .
وقال أهل المدينة .
بلوغه وإيناس رشده .
وعند أبي حنيفة : خمس وعشرون سنة .
قال ابن العربي : وعجبا من أبي حنيفة ، فإنه يرى أن المقدرات لا تثبت قياسا ولا نظرا وإنما تثبت نقلا ، وهو يثبتها بالأحاديث الضعيفة ، ولكنه سكن دار الضرب فكثر عنده المدلس ، ولو سكن المعدن كما قيض الله لمالك لما صدر عنه إلا إبريز الدين .
وقد قيل : إن انتهاء الكهولة فيها مجتمع الأشد ; كما قال سحيم بن وثيل :أخو خمسين مجتمع أشدي ونجذني مداورة الشؤونيروى " نجدني " بالدال والذال .
والأشد واحد لا جمع له ; بمنزلة الآنك وهو الرصاص .
وقد قيل : واحده شد ; كفلس وأفلس .
وأصله من شد النهار أي ارتفع ; يقال : أتيته شد النهار ومد النهار .
وكان محمد بن الضبي ينشد بيت عنترة :عهدي به شد النهار كأنما خضب اللبان ورأسه بالعظلموقال آخر :تطيف به شد النهار ظعينة طويلة أنقاء اليدين سحوقوكان سيبويه يقول : واحده شدة .
قال الجوهري : وهو حسن في المعنى ; لأنه يقال : بلغ الغلام شدته ، ولكن لا تجمع فعلة على أفعل ، وأما أنعم فإنما هو جمع نعم ; من قولهم : يوم بؤس ويوم نعم .
وأما قول من قال : واحده شد ; مثل كلب وأكلب ، وشد مثل ذئب وأذؤب فإنما هو قياس .
كما يقولون في واحد الأبابيل : إبول ، قياسا على عجول ، وليس هو شيئا سمع من العرب .
قال أبو زيد : أصابتني شدى على فعلى ; أي شدة .
وأشد الرجل إذا كانت معه دابة شديدة .
قوله تعالى وأوفوا الكيل والميزان بالقسط أي بالاعتدال في الأخذ والعطاء عند البيع والشراء .
والقسط : العدل .
لا نكلف نفسا إلا وسعها أي طاقتها في إيفاء الكيل والوزن .
وهذا يقتضي أن هذه الأوامر إنما هي فيما يقع تحت قدرة البشر من التحفظ والتحرز وما لا يمكن الاحتراز عنه من تفاوت ما بين الكيلين ، ولا يدخل تحت قدرة البشر فمعفو عنه .
وقيل : الكيل بمعنى المكيال .
يقال : هذا كذا وكذا كيلا ; ولهذا عطف عليه بالميزان .
وقال بعض العلماء : لما علم الله سبحانه من عباده أن كثيرا منهم تضيق نفسه عن أن تطيب للغير بما لا يجب عليها له أمر المعطي بإيفاء رب الحق حقه الذي هو له ، ولم يكلفه الزيادة ; لما في الزيادة عليه من ضيق نفسه بها .
وأمر صاحب الحق بأخذ حقه ولم يكلفه الرضا بأقل منه ; لما في النقصان من ضيق نفسه .
وفي موطأ مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه عن عبد الله بن عباس أنه قال : ما ظهر الغلول في قوم قط إلا ألقى الله في قلوبهم الرعب ، ولا فشا الزنى في قوم إلا كثر فيهم الموت ، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا قطع عنهم الرزق ، ولا حكم قوم بغير الحق إلا فشا فيهم الدم ، ولا ختر قوم بالعهد إلا سلط الله عليهم العدو .
وقال ابن عباس أيضا : إنكم معشر الأعاجم قد وليتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم : الكيل والميزان .
قوله تعالى وإذا قلتم فاعدلوا يتضمن الأحكام والشهادات .
ولو كان ذا قربى أي ولو كان الحق على مثل قراباتكم .
كما تقدم في " النساء " .
وبعهد الله أوفوا عام في جميع ما عهده الله إلى عباده .
ويحتمل أن يراد به جميع ما انعقد بين إنسانين .
وأضيف ذلك العهد إلى الله من حيث أمر بحفظه والوفاء به .
ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون تتعظون .


شرح المفردات و معاني الكلمات : تقربوا , مال , اليتيم , أحسن , يبلغ , أشده , أوفوا , الكيل , الميزان , القسط , نكلف , نفسا , وسعها , قلتم , فاعدلوا , قربى , وعهد , الله , أوفوا , وصاكم , تذكرون ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. فنجيناه وأهله أجمعين
  2. يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا
  3. وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين
  4. قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون
  5. أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون
  6. وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون
  7. وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير
  8. فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا
  9. وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم
  10. فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم

تحميل سورة الأنعام mp3 :

سورة الأنعام mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة الأنعام

سورة الأنعام بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الأنعام بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الأنعام بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الأنعام بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الأنعام بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الأنعام بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة الأنعام بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الأنعام بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة الأنعام بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الأنعام بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, March 29, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب