﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ۚ وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
[ النساء: 176]

سورة : النساء - An-Nisā’  - الجزء : ( 6 )  -  الصفحة: ( 106 )

They ask you for a legal verdict. Say: "Allah directs (thus) about Al-Kalalah (those who leave neither descendants nor ascendants as heirs). If it is a man that dies, leaving a sister, but no child, she shall have half the inheritance. If (such a deceased was) a woman, who left no child, her brother takes her inheritance. If there are two sisters, they shall have two-thirds of the inheritance; if there are brothers and sisters, the male will have twice the share of the female. (Thus) does Allah makes clear to you (His Law) lest you go astray. And Allah is the All-Knower of everything."


الكلالة : الميّت ، لا ولد له و لا والد

يسألونك -أيها الرسول- عن حكم ميراث الكلالة، وهو من مات وليس له ولدٌ ولا والد، قل: الله يُبيِّن لكم الحكم فيها: إن مات امرؤ ليس له ولد ولا والد، وله أخت لأبيه وأمه، أو لأبيه فقط، فلها نصف تركته، ويرث أخوها شقيقًا كان أو لأب جميع مالها إذا ماتت وليس لها ولد ولا والد. فإن كان لمن مات كلالةً أختان فلهما الثلثان مما ترك. وإذا اجتمع الذكور من الإخوة لغير أم مع الإناث فللذكر مثل نصيب الأنثيين من أخواته. يُبيِّن الله لكم قسمة المواريث وحكم الكلالة، لئلا تضلوا عن الحقِّ في أمر المواريث. والله عالم بعواقب الأمور، وما فيها من الخير لعباده.

يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد - تفسير السعدي

أخبر تعالى أن الناس استفتوا رسوله صلى الله عليه وسلم- أي: في الكلالة بدليل قوله: { قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ْ} وهي الميت يموت وليس له ولد صلب ولا ولد ابن، ولا أب، ولا جد، ولهذا قال: { إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ْ}- أي: لا ذكر ولا أنثى، لا ولد صلب ولا ولد ابن.
وكذلك ليس له والد، بدليل أنه ورث فيه الإخوة، والأخوات بالإجماع لا يرثون مع الوالد، فإذا هلك وليـس لـه ولـد ولا والـد { وَلَهُ أُخْتٌ ْ}- أي: شقيقة أو لأب، لا لأم، فإنه قد تقدم حكمها.
{ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ْ} أي نصف متروكات أخيها، من نقود وعقار وأثاث وغير ذلك، وذلك من بعد الدين والوصية كما تقدم.
{ وَهُوَ ْ}- أي: أخوها الشقيق أو الذي للأب { يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ْ} ولم يقدر له إرثا لأنه عاصب فيأخذ مالها كله، إن لم يكن صاحب فرض ولا عاصب يشاركه، أو ما أبقت الفروض.
{ فَإِن كَانَتَا ْ}- أي: الأختان { اثْنَتَيْنِ ْ}- أي: فما فوق { فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً ْ}- أي: اجتمع الذكور من الإخوة لغير أم مع الإناث { فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ْ} فيسقط فرض الإناث ويعصبهن إخوتهن.
{ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا ْ}- أي: يبين لكم أحكامه التي تحتاجونها، ويوضحها ويشرحها لكم فضلا منه وإحسانا لكي تهتدوا ببيانه، وتعملوا بأحكامه، ولئلا تضلوا عن الصراط المستقيم بسبب جهلكم وعدم علمكم.
{ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ْ}- أي: عالم بالغيب والشهادة والأمور الماضية والمستقبلة، ويعلم حاجتكم إلى بيانه وتعليمه، فيعلمكم من علمه الذي ينفعكم على الدوام في جميع الأزمنة والأمكنة.
آخر تفسير سورة النساء فلله الحمد والشكر.

تفسير الآية 176 - سورة النساء

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن : الآية رقم 176 من سورة النساء

 سورة النساء الآية رقم 176

يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد - مكتوبة

الآية 176 من سورة النساء بالرسم العثماني


﴿ يَسۡتَفۡتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِي ٱلۡكَلَٰلَةِۚ إِنِ ٱمۡرُؤٌاْ هَلَكَ لَيۡسَ لَهُۥ وَلَدٞ وَلَهُۥٓ أُخۡتٞ فَلَهَا نِصۡفُ مَا تَرَكَۚ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمۡ يَكُن لَّهَا وَلَدٞۚ فَإِن كَانَتَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَۚ وَإِن كَانُوٓاْ إِخۡوَةٗ رِّجَالٗا وَنِسَآءٗ فَلِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۗ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ أَن تَضِلُّواْۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ  ﴾ [ النساء: 176]


﴿ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم ﴾ [ النساء: 176]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة النساء An-Nisā’ الآية رقم 176 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 176 من النساء صوت mp3


تدبر الآية: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد

ما من مسألةٍ تُسأل يرجو بها الناسُ لأنفسهم الصلاحَ والفلاح، إلا وقد ملأ القرآنُ مسامعَهم بأحسن جواب وأبلغ خطاب.
مهما ابتغى الناسُ من مناهجَ رشيدةٍ تخرجُهم من عَتَمةِ الضلال، فإنهم لن يَعثُروا على بيانٍ أكملَ وأنصح، ولا أنصعَ وأوضح، من بيان الله تعالى.
لا يمكن أن يُنظِّمَ حقوقَ الناس وواجباتِهم؛ دقيقَها وجليلَها، إلا الحكيمُ العليم، فما أعظمَ ما شرعَه سبحانه، وما أحراه بالدراسة والنظر، والفهم والعمل!

أورد المفسرون فى سبب نزول هذه الآية روايات منها ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جابر بن عبد الله قال: دخل على النبى صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل.
فتوضأ فصب على أو قال: صبوا عليه.
فعقلت فقلت: إنه لا يرثنى إلا كلالة.
فكيف الميراث؟ فأنزل الله آية الفرائض.
وفى بعض الألفاظ فأنزل الله آية الميراث يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ الآية.
وفى رواية قال جابر: نزلت فى: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ .
ويبدو أن عدداً من الصحابة قد سألوا النبى صلى الله عليه وسلم فى شأن ميراث الكلالة فى أزمنة متفرقة فنزلت هذه الآية للأجابة عن أسئلتهم المتعلقة بها.
وقد سمى النبى صلى الله عليه وسلم هذه الآية بآية الصيف، لأنها نزلت فى هذا الوقت.
قال القرطبى: " قال عمر: إنى والله لا أدع شيئا أهم إلى من أمر الكلالة.
وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فما أغلظ لى فى شئ ما أغلظ لى فيها، حتى طعن بإصبعه فى جنبى أو فى صدرى ثم قال: " يا عمر، ألا تكفيك آية الصيف التى أنزلت فى آخر سورة النساء " ".
وقوله: يَسْتَفْتُونَكَ من الاستفتاء بمعنى طلب الفتيا أو الفتوى.
يقال: استفتيت العالم فى مسألة كذا.
أى: سألته أن يبين حكمها.
فالإِفتاء معناه: إظهار المشكل من الأحكام وتبينه.
والكلالة.. كما يقول الراغب -: اسم لما عدا الولد والوالد من الورثة وروى " أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن الكلالة فقال: " من مات وليس له ولد ولا والد " ، فجعله اسما للميت.
وقال ابن عباس: هو اسم لمن عدا الولد ".
وقال ابن كثير ما ملخصه: وكان - رضى الله عنه - يقول: الكلالة من لا ولد له.
وكان أبو بكر - رضى الله عنه - يقول: الكلالة ما عدا الولد والوالد.
ثم قال: وعن عمر أنه قال: إنى لأستحى أن أخالف أبا بكر.
وهذا الذى قاله الصديق، هو الذى عليه جمهور الصحابة والتابعين والأئمة فى قديم الزمان وحديثه.
وهو مذهب الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة، وقول علماء الأمصار قاطبة، وهو الذى يدل عليه القرآن.
وقد ذكرت كلمة الكلالة مرتين فى هذه السورة.
أما المرة الأولى ففى قوله - تعالى -.
فى آيات المواريث: وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو ٱمْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ فَإِن كَانُوۤاْ أَكْثَرَ مِن ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِ وقد بينا عند تفسيرنا لهذه الجملة الكريمة أن المراد بالإِخوة والأخوات فيها: الإِخوة لأم والأخوات لأم.
أما هنا فالأمر يختلف إذا المراد بالإِخوة والأخوات فى الآية التى معنا: الإِخوة والأخوات الأشقاء أو من الأب فقظ.
والمعنى: يسألك أصحابك يا محمد فى كيفية ميراث الكلالة، قل الله يفتيكم فى ذلك، فاسمعوا حكمه وأطيعوه ولا تخالفوه.
وقوله فِي ٱلْكَلاَلَةِ متعلق بقوله يُفْتِيكُمْ .
وقد تولى - سبحانه - الإِجابة مع أن المسئول هو النبى صلى الله عليه وسلم، للتنويه بشأن الحكم المسئول عنه، ولتأكيد أن المواريث من الأمور التى تكفل الله ببيانها وتوزيعها وحده، فلا يصح لأحد أن يخالف ما شرعه الحكيم الخبير فى شأنها فهو - سبحانه - أعلم بمصالح عباده، وأرحم بهم من آبائهم ومن أبنائهم، ومن كل مخلوق.
وقوله: إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ كلام مستأنف مبين للاجابة عما سألوا عنه فى شأن ميراث الكلالة.
والمختار الذى عليه المحققون من العلماء أن الولد هنا عام يتناول الذكر والأنثى، لأن الكلام فى الكلالة وهو من ليس له ولد أصلا ولا ذكر ولا أنثى وليس له والد - أيضا إلا أنه اقتصر على ذكر الولد ثقة بظهور الأمر.
ولأن الولد مشترك معنوى وقع نكرة فى سياق النفى فيعم الإِبن والبنت.
وقيل: المراد بالولد هنا الذكر خاصة لأنه المتبادر من معنى اللفظ.
والمراد بالأخت هنا - كما سبق أن أشرنا - الأخت الشقيقة أو الأخت لأب.
والمعنى: يسألك أصحابك يا محمد عن توريث الكلالة فقل لهم: الله يفتيكم فى ذلك، إذا مات إنسان ولم يترك أولاداً لا من الذكور ولا من الإِناث.
ولم يترك كذلك والداً، وترك أختا شقيقة أو من أبيه، فلأخته فى تلك الحالة نصف ما تركه هذا الميت بالفرض، والباقى للعصبة، أولها بالرد إن لم يترك عصبة.
وإذا ماتت الأخت قبل أخيها ولم يكن لها ولد - ذكراً كان أو أنثى -، ولم يكن لها كذلك والد، فإن الأخ فى تلك الحالة يحرز جميع مالها.
وقوله: ٱمْرُؤٌ مرفوع بفعل محذوف يفسره ما بعده أى: إن هلك امرؤ وقوله: لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ فى محل رفع على أنه صفة لقوله ٱمْرُؤٌ أى: هلك امرؤ غير ذى ولد ولا والد.
والفاء فى قوله فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ واقعة فى جواب الشرط.
وقوله وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ جملة مستأنفة.
سدت مسد جواب الشرط فى قوله: إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ .
قال الألوسى: والآية كما أنها لم تدل على سقوط الإِخوة بغير الولد، فإنها لم تدل على عدم سقوطهم به.
وقد دلت السنة على أنهم لا يرثون مع الأب.
إذ صح عنه - صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فلأولى عصبة ذكر "ولا ريب فى أن الأب أولى من الأخ.
وليس ما ذكر بأول حكمين بين أحدهما بالكتاب والآخر بالسنة.
ثم بين - سبحانه - صورتين أخريين من صور الكلالة فقال: فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ أى: فإن كانتا أى: الوارثتان بالأخوة اثنتين أو أكثر، فلهما الثلثان مما ترك أخوهما المتوفى، وإن كان الورثة لهذا الأخ المتوفى إخوة من الرجال والنساء ففى هذه الحالة تقسم تركته بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.
وبهذا نرى أن الآية الكريمة قد ذكرت صورا أربعا لميراث الإِخوة والأخوات للميت الذى لم يترك ولدا ولا والدا.
أى الميت الكلالة.
1- أن يموت الميت وترثه أخت واحدة.
ففى هذه الحالة يكون لها نصف تركته بالفرض والباقى للعصبة إن وجدوا، فإن لم يوجدوا فلها الباقى بالرد.
2- أن يكون الأمر بالعكس بأن تموت امرأة ويرثها أخ واحد.
فيكون له جميع تركتها.
3- أن يكون الميت أخا وأختا والوارث أختان فصاعدا، ففى هذه الحالة يكون لهما أو لهن الثلثان.
4- أن يكون الميت أخا أو أختا، والورثة عدد من الإخوة والأخوات، ففى هذه الحالة تقسم التركة بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
هذا، وظاهر الآية يفيد أن لا فرق بين الإِخوة الأشقاء والإِخوة لأب فى أنهم يشتركون فى التركة إذا اجتمعوا؛ ولكن هذا الظاهر غير مراد، فقد خصصت السنة هذا العموم، فقدمت الأشقاء على الإِخوة لأب.
فإذا ما اجتمع الصنفان حجب الإِخوة الأشقاء الإِخوة لأب.
وقد تكفلت كتب الفروع ببسط الكلام عن هذه الأحكام وأمثالها.
هذا، وقوله - تعالى - يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ تذييل قصد به إظهار جانب من فضل الله - تعالى - على عباده، وتحذيرهم من مخالفة شرعه وأمره.
أى: يبين الله لكم هذه الأحكام المتعلقة بالمواريث كما يبين لكم غيرها خشية أن تضلوا طريق الحق فى ذلك.
بأن تعطوا من لا يستحق أو تهملوا من يستحق، والله - تعالى - عليم بكل شئ لا تخفى عليه خافية من أحوالكم، وسيحاسبكم على أعمالكم، فيجازى المتبع لشرعة بالثواب العظيم، ويجازى المخالف له بالعذاب الأليم.
والمفعول فى قوله: يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ محذوف، والمصدر المنسبك من أن والفعل مفعول لأجله بتقدير مضاف محذوف أى: يبين الله لكم الحلال والحرام وجميع الأحكام خشية أن تضلوا.
ويجوز أن يكون المصدر هو مفعول قوله يُبَيِّنُ أى: يبين الله لكم ضلالكم لتجتنبوه، فإن الشر يعرف ليجتنب، والخير يعرف ليفعل.
ويرى بعضهم أن الكلام على تقدير {اللام ولا} فى طرفى " أن " والمعنى: يبين الله لكم ذلك لئلا تضلوا.
ثم أما بعد: فهذا تفسير وسيط لسورة النساء.
تلك السورة التى نظمت المجتمع الإِسلامى تنظيما دقيقا حكيما.
نظمته فيما يتعلق بأوضاعه الداخلية، ونظمته فيما يتعلق بأوضاعه الخارجية.
أما فيما يتعلق بأوضاعه الداخلية، فقد رأينا فيما سبق، كيف ساقت الأحكام والآداب والتوجيهات التى تكون مجتمعا فاضلا، يعرف الفرد فيه واجبة نحو خالقه، وواجبه نحو نفسه، وواجبه نحو غيره.
مجتمعا تقوم الأسرة فيه على دعائم ثابتة من الأمان والاطمئنان، والمحبة والمودة والوئام.
مجتمعا رجاله يكرمون نساءه، ويعطفون عليهن، ويعاشروهن بالمعروف.
ونساؤه يحترمن رجاله، ويؤدين ما عليهن نحوهم من حقوق بأدب، وعفة، وإخلاص، ووفاء.
مجتمعا حكامه يحكمون بالعدل، ويراقبون الله فى أقوالهم وأعمالهم.
المحكومون فيه يطيعيون حكامهم فيما يأمرونهم به من حق وخير.
مجتمعا يرى أفراده أن خيراته وأمواله.
هى أمانة فى أعناقهم جميعا، وأن ثمارها ومنافعها ستعود عليهم جميعا.
لذا فهم يحرصون على استغلال ما يملكونه منها فيما يرضى الله، وفيما يعود عليهم وعلى أمتهم بالخير والصلاح والاستغناء والفلاح.
وأما فيما يتعلق بأوضاعه الخارجية، فقد رأينا - أيضا - فيما سبق، كيف كشفت النقاب عن راذائل المنافقين.
وعن العقائد الفاسدة التى يتشبث بها أهل الكتاب.
وعن المسالك الخبيثة، والوسائل المتعددة التى اتبعها هؤلاء جميعا لكيد الدعوة الإسلامية والإساءة إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
كما رأينا كيف أنها قد حذرت المؤمنين من شرور أعدائهم، وبصرتهم بما يجب عليهم نحوهم.
وبما يجعلهم دائما على أتم استعداد لمقاومتهم، ولتأديبهم ولرد كيدهم فى نحوهم.
ولقد ساقت السورة الكريمة من الآيات التى ترغب فى الجهاد فى سبيل الله، ما يجعل المؤمنين يقبلون عليه بقلوب منشرحة، وبعزائم ثابتة، وبأرواح غايتها الشهادة فى سبيل الله.
وباتباع المسلمين السابقين لهذا التوجيه الحكيم الذى اشتملت عليه هذه السورة الكريمة، نالوا ما نالوا من مجد وسؤدد، وظفروا بما ظفروا به من عزة وسعادة، وأصابوا ما أصابوا من خير وفلاح.
وأخيرا، فإنى أحمد الله - تعالى - حمدا كثيرا على توفيقه لى لخدمة كتابه، وأضرع إليه بإخلاص أن يعيننى على إتام ما بدأته من خدمة كتابه، إنه أعظم مسئول وأكرم مأمول.
قوله تعالى : يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم فيه ست مسائل :الأولى : قال البراء بن عازب : هذه آخر آية نزلت من القرآن ؛ كذا في كتاب مسلم .
وقيل : نزلت والنبي صلى الله عليه وسلم متجهز لحجة الوداع ، ونزلت بسبب جابر ؛ قال جابر بن عبد الله : مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعوداني ماشيين ، فأغمي علي ؛ فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صب علي من وضوئه فأفقت ، فقلت : يا رسول الله كيف أقضي في مالي ؟ فلم يرد علي شيئا حتى نزلت آية الميراث يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة رواه مسلم ؛ وقال : آخر آية نزلت : واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله وقد تقدم .
ومضى في أول السورة الكلام في الكلالة مستوفى ، وأن المراد بالإخوة هنا الإخوة للأب والأم أو للأب وكان لجابر تسع أخوات .
الثانية : إن امرؤ هلك ليس له ولد أي ليس له ولد ولا والد ؛ فاكتفى بذكر أحدهما ؛ قال الجرجاني : لفظ الولد ينطلق على الوالد والمولود ، فالوالد يسمى والدا لأنه ولد ، والمولود يسمى ولدا لأنه ولد ؛ كالذرية فإنها من ذرا ثم تطلق على المولود وعلى الوالد ؛ قال الله تعالى : وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحونالثالثة : والجمهور من العلماء من الصحابة والتابعين يجعلون الأخوات عصبة البنات وإن لم يكن معهن أخ ، غير ابن عباس ؛ فإنه كان لا يجعل الأخوات عصبة البنات ؛ وإليه ذهب داود وطائفة ؛ وحجتهم ظاهر قول الله تعالى : إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ولم يورث الأخت إلا إذا لم يكن للميت ولد ؛ قالوا : ومعلوم أن الابنة من الولد ، فوجب ألا ترث الأخت مع وجودها .
وكان ابن الزبير يقول بقول ابن عباس في هذه المسألة حتى أخبره الأسود بن يزيد : أن معاذا قضى في بنت وأخت فجعل المال بينهما نصفين .
الرابعة : هذه الآية تسمى بآية الصيف ؛ لأنها نزلت في زمن الصيف ؛ قال عمر : إني والله لا أدع شيئا أهم إلي من أمر الكلالة ، وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيها ، حتى طعن بإصبعه في جنبي أو في صدري ثم قال : يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي أنزلت في آخر سورة النساء .
وعنه رضي الله عنه قال : ثلاث لأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهن أحب إلي من الدنيا وما فيها : الكلالة والربا والخلافة ؛ خرجه ابن ماجه في سننه .
الخامسة : طعن بعض الرافضة بقول عمر : ( والله لا أدع ) الحديث .
السادسة : قوله تعالى : يبين الله لكم أن تضلوا قال الكسائي : المعنى يبين الله لكم لئلا تضلوا .
قال أبو عبيد ؛ فحدثت الكسائي بحديث رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا يدعون أحدكم على ولده أن يوافق من الله إجابة فاستحسنه .
قال النحاس : والمعنى عند أبي عبيد لئلا يوافق من الله إجابة ، وهذا القول عند البصريين خطأ صراح ؛ لأنهم لا يجيزون إضمار لا ؛ والمعنى عندهم : يبين الله لكم كراهة أن تضلوا ، ثم حذف ؛ كما قال : واسأل القرية وكذا معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أي كراهية أن يوافق من الله إجابة .
والله بكل شيء عليم تقدم في غير موضع .
والله أعلم .
تمت سورة " النساء " والحمد لله الذي وفق .
وتم الجزء الخامس ويليه الجزء السادس مبتدئا بتفسير سورة المائدة ونرجو من الله التوفيق


شرح المفردات و معاني الكلمات : يستفتونك , الله , يفتيكم , الكلالة , امرؤ , هلك , ولد , أخت , فلها , نصف , ترك , يرثها , ولد , كانتا , اثنتين , فلهما , الثلثان , ترك , إخوة , رجالا , نساء , فللذكر , مثل , حظ , الأنثيين , يبين , الله , تضلوا , الله , شيء , عليم ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد
  2. قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد
  3. إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار
  4. قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد
  5. قل أعوذ برب الفلق
  6. وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما
  7. ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن
  8. إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا
  9. الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات
  10. لا مقطوعة ولا ممنوعة

تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, March 29, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب