﴿ ۞ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾
[ البقرة: 219]

سورة : البقرة - Al-Baqarah  - الجزء : ( 2 )  -  الصفحة: ( 34 )

They ask you (O Muhammad SAW) concerning alcoholic drink and gambling. Say: "In them is a great sin, and (some) benefit for men, but the sin of them is greater than their benefit." And they ask you what they ought to spend. Say: "That which is beyond your needs." Thus Allah makes clear to you His Laws in order that you may give thought."


الميسر : القمار
العفو : ما فضل عن قدر الحاجة

يسألك المسلمون -أيها النبي- عن حكم تعاطي الخمر شربًا وبيعًا وشراءً، والخمر كل مسكر خامر العقل وغطاه مشروبًا كان أو مأكولا ويسألونك عن حكم القمار -وهو أَخْذُ المال أو إعطاؤه بالمقامرة وهي المغالبات التي فيها عوض من الطرفين-، قل لهم: في ذلك أضرار ومفاسد كثيرة في الدين والدنيا، والعقول والأموال، وفيهما منافع للناس من جهة كسب الأموال وغيرها، وإثمهما أكبر من نفعهما؛ إذ يصدَّان عن ذكر الله وعن الصلاة، ويوقعان العداوة والبغضاء بين الناس، ويتلفان المال. وكان هذا تمهيدًا لتحريمهما. ويسألونك عن القَدْر الذي ينفقونه من أموالهم تبرعًا وصدقة، قل لهم: أنفقوا القَدْر الذي يزيد على حاجتكم. مثل ذلك البيان الواضح يبيِّن الله لكم الآيات وأحكام الشريعة؛ لكي تتفكروا فيما ينفعكم في الدنيا والآخرة. ويسألونك -أيها النبي- عن اليتامى كيف يتصرفون معهم في معاشهم وأموالهم؟ قل لهم: إصلاحكم لهم خير، فافعلوا الأنفع لهم دائمًا، وإن تخالطوهم في سائر شؤون المعاش فهم إخوانكم في الدين. وعلى الأخ أن يرعى مصلحة أخيه. والله يعلم المضيع لأموال اليتامى من الحريص على إصلاحها. ولو شاء الله لضيَّق وشقَّ عليكم بتحريم المخالطة. إن الله عزيز في ملكه، حكيم في خلقه وتدبيره وتشريعه.

يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر - تفسير السعدي

أي: يسألك - يا أيها الرسول - المؤمنون عن أحكام الخمر والميسر, وقد كانا مستعملين في الجاهلية وأول الإسلام, فكأنه وقع فيهما إشكال، فلهذا سألوا عن حكمهما، فأمر الله تعالى نبيه, أن يبين لهم منافعهما ومضارهما, ليكون ذلك مقدمة لتحريمهما, وتحتيم تركهما.
فأخبر أن إثمهما ومضارهما, وما يصدر منهما من ذهاب العقل والمال, والصد عن ذكر الله, وعن الصلاة, والعداوة, والبغضاء - أكبر مما يظنونه من نفعهما, من كسب المال بالتجارة بالخمر, وتحصيله بالقمار والطرب للنفوس, عند تعاطيهما، وكان هذا البيان زاجرا للنفوس عنهما, لأن العاقل يرجح ما ترجحت مصلحته, ويجتنب ما ترجحت مضرته، ولكن لما كانوا قد ألفوهما, وصعب التحتيم بتركهما أول وهلة, قدم هذه الآية, مقدمة للتحريم, الذي ذكره في قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } إلى قوله: { مُنْتَهُونَ } وهذا من لطفه ورحمته وحكمته، ولهذا لما نزلت, قال عمر رضي الله عنه: انتهينا انتهينا.
فأما الخمر: فهو كل مسكر خامر العقل وغطاه, من أي نوع كان، وأما الميسر: فهو كل المغالبات التي يكون فيها عوض من الطرفين, من النرد, والشطرنج, وكل مغالبة قولية أو فعلية, بعوض سوى مسابقة الخيل, والإبل, والسهام, فإنها مباحة, لكونها معينة على الجهاد, فلهذا رخص فيها الشارع.
{ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } وهذا سؤال عن مقدار ما ينفقونه من أموالهم، فيسر الله لهم الأمر, وأمرهم أن ينفقوا العفو, وهو المتيسر من أموالهم, الذي لا تتعلق به حاجتهم وضرورتهم، وهذا يرجع إلى كل أحد بحسبه, من غني وفقير ومتوسط, كل له قدرة على إنفاق ما عفا من ماله, ولو شق تمرة.
ولهذا أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم, أن يأخذ العفو من أخلاق الناس وصدقاتهم, ولا يكلفهم ما يشق عليهم.
ذلك بأن الله تعالى لم يأمرنا بما أمرنا به حاجة منه لنا, أو تكليفا لنا [بما يشق] بل أمرنا بما فيه سعادتنا, وما يسهل علينا, وما به النفع لنا ولإخواننا فيستحق على ذلك أتم الحمد.
ولما بيّن تعالى هذا البيان الشافي, وأطلع العباد على أسرار شرعه قال: { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ }- أي: الدالات على الحق, المحصلات للعلم النافع والفرقان، { لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ }- أي: لكي تستعملوا أفكاركم في أسرار شرعه, وتعرفوا أن أوامره, فيها مصالح الدنيا والآخرة، وأيضا لكي تتفكروا في الدنيا وسرعة انقضائها, فترفضوها وفي الآخرة وبقائها, وأنها دار الجزاء فتعمروها.

تفسير الآية 219 - سورة البقرة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم : الآية رقم 219 من سورة البقرة

 سورة البقرة الآية رقم 219

يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر - مكتوبة

الآية 219 من سورة البقرة بالرسم العثماني


﴿ ۞ يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِۖ قُلۡ فِيهِمَآ إِثۡمٞ كَبِيرٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثۡمُهُمَآ أَكۡبَرُ مِن نَّفۡعِهِمَاۗ وَيَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ قُلِ ٱلۡعَفۡوَۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ  ﴾ [ البقرة: 219]


﴿ يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ﴾ [ البقرة: 219]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة البقرة Al-Baqarah الآية رقم 219 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 219 من البقرة صوت mp3


تدبر الآية: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر

اشتمال بعض المحرَّمات على بعض المنافع لا يسوِّغ ارتكابَها والتشغيبَ على تحريمها، والتغاضي عن شرورها وعظيم مفاسدها، فهذه الخمر رأسُ الآثام لا تخلو من منفعة.
الإسلام دين يُسرٍ وسماحة، لا يُرهق أتباعَه ولا يكلِّفهم من أمرهم عُسرًا، فمَن فَضَل من ماله شيءٌ وزاد عن حاجته فليُنفقه في طاعة ربِّه، ولا يكلِّف الله نفسًا إلَّا وسعَها.
التفكُّر في مقاصد الشريعة واستنباط أحكامها هو الغايةُ من تبيين الآيات؛ للأخذ بالأصلح النافع، واجتناب المفسد الضارِّ.
تأمَّل أيها الداعيةُ في الحكمة من التدرُّج في تحريم المسكِر والقِمار، ولو شاء الله أن يحرِّمَهما ابتداءً لفعل، ولكنَّ في ذلك إرشادًا إلى ضرورة مراعاة أحوال المدعوِّين وتقدير ظروفهم.

قوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ.. السائلون هم المؤمنون وسؤالهم إنما هو عن الحكم الشرعي من حيث الحل والتحريم.
لا عن الحقيقة والذات فإنهم يعرفون حقيقة الخمر والميسر وذاتهما.
قال القرطبي: والخمر مأخوذة من خمر إذا ستر، ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها- وكل شيء غطى شيئا فقد خمره.
ومنه «خمروا آنيتكم، فالخمر تخمر العقل، أى: تغطيه وتستره..فلما كانت الخمر تستر العقل وتغطيه سميت بذلك، وقيل إنما سميت الخمر خمرا لأنها تركت حتى أدركت كما يقال: قد اختمر العجين، أى: بلغ إدراكه.
وخمر الرأى ترك حتى يتبين فيه الوجه.
وقيل: إنما سميت الخمر خمرا لأنها تخالط العقل من المخامرة وهي المخالطة ومنه قولهم: دخلت في خمار الناس- بفتح الخاء وضمها- أى: اختلطت بهم.
فالمعاني الثلاثة متقاربة.
فالخمر تركت وخمرت حتى أدركت، ثم خالطت العقل.
ثم خمرته، والأصل الستر .
ويرى كثير من العلماء أن هذه الآية هي أول آية نزلت في الخمر.
ثم نزلت الآية التي في سورة النساء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ثم نزلت الآية التي في سورة المائدة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
والدليل على ذلك ما رواه أبو داود وغيره عن عمر بن الخطاب أنه قال «اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا» فنزلت هذه الآية يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ فدعى عمر فقرئت عليه فقال:اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا» .
فنزلت الآية التي في النساء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى فكان منادى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أقام الصلاة- نادى أن: لا يقربن الصلاة سكران.
فدعى عمر فقرئت عليه، فقال: «اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا» .
فنزلت الآية التي في المائدة، فدعى عمر فقرئت عليه، فلما بلغ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ قال عمر: «انتهينا» .
وبهذا الرأى قال ابن عمر والشعبي ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلّم.
ويرى بعض العلماء أن أول آية نزلت في الخمر هي قوله-تبارك وتعالى- في سورة النحل: وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً.
وعلى هذا الرأى سار صاحب الكشاف وتبعه بعض العلماء، فقد قال: نزلت في الخمر أربع آيات، نزل بمكة قوله-تبارك وتعالى-: وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً فكان المسلمون يشربونها وهي حلال لهم.
ثم إن عمر ومعاذا ونفرا من الصحابة قالوا:يا رسول الله، أفتنا في الخمر فإنها مذهبة للعقل مسلبة للمال، فنزلت: قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ فشربها قوم وتركها آخرون.
ثم دعا عبد الرحمن بن عوف ناسا منهم فشربوا وسكروا فقام بعضهم يصلّى فقرأ: قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون فنزلت: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى فقل من يشربها ثم دعا عتبان بن مالك قوما فيهم سعد بن أبى وقاص فلما سكروا افتخروا وتناشدوا شعرا فيه هجاء للأنصار فضرب أحد الأنصار سعدا بلحى بعير فشجه، فشكا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك.
فقال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت «إنما الخمر والميسر.. إلخ الآية» .. فقال عمر: انتهينا يا رب» .
وأصحاب الرأى الأول يقولون: إن آية سورة النحل وهي قوله-تبارك وتعالى-: وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً ليس لها علاقة بموضوع الخمر، ويفسرون السكر بأنه ما أحله الله مما لا يسكر وأنه هو الرزق الحسن وأن العطف بينهما من باب عطف التفسير.
ولقد كان موقف الصحابة من هذا التحريم لما يشتهونه ويحبونه من الخمر والميسر، يمثل أسمى ألوان الطاعة والاستجابة لأوامر الله ونواهيه، فعند ما بلغهم تحريم الخمر أراقوا ما عندهم منها في الطرقات.
بل وحطموا الأوانى التي كانت توضع فيها الخمر امتثالا وطاعة لله-تبارك وتعالى-.
وهكذا نرى قوة الإيمان التي غرسها الإسلام في نفوس أتباعه عن طريق تعاليمه السامية، وتربيته الحكيمة.. تغلبت على ما أحبته النفوس وأزالت من القلوب ما ألفته الطبائع.
هذا وجمهور العلماء على أن كلمة «خمر» تشمل كل شراب مسكر سواء أكان من عصير العنب أم من الشعير أم من التمر أم من غير ذلك، وكلها سواء في التحريم قل المشروب منها أو كثر سكر شاربه أو لم يسكر.
ومن أدلتهم ما رواه الإمام مسلّم عن ابن عمر- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا ومات وهو يدمنها لم يتب منها لم يشربها في الآخرة» .
ومن أدلتهم أيضا أصل الاشتقاق اللغوي لكلمة خمر، فقد عرفنا أنها سميت بهذا الاسم لمخامرتها العقل وستره، فكل ما خامر العقل من الأشربة وجب أن يطلق عليه لفظ خمر سواء أكان من العنب أم من غيره.
وقال الأحناف ووافقهم بعض العلماء كإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وابن أبى ليلى: إن كلمة خمر لا تطلق إلا على الشراب المسكر من عصير العنب فقط، أما المسكر من غيره كالشراب من التمر أو الشعير فلا يسمى خمرا بل يسمى نبيذا.
وقد بنوا على هذا أن المحرم قليله وكثيره إنما هو الخمر من العنب.
أما الأنبذة فكثيرها حرام وقليلها حلال.
وقد رجح العلماء رأى الجمهور وضعفوا ما ذهب إليه الأحناف ومن وافقهم.
قال ابن العربي: وتعلق أبو حنيفة بأحاديث ليس لها خطم ولا أزمة فلا يلتفت إليها.
والصحيح ما روى الأئمة أن أنسا قال: «حرمت الخمر يوم حرمت وما بالمدينة خمر الأعناب إلا قليل، وعامة خمرها البسر والتمر» أخرجه البخاري، واتفق الأئمة على رواية أن الصحابة إذ حرمت الخمر لم يكن عندهم يومئذ خمر عنب، وإنما كانوا يشربون خمر النبيذ فكسروا دنانهم- أى أوانى الخمر- وبادروا إلى الامتثال لاعتقادهم أن ذلك كله خمر» أى وأقرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ذلك .
وقال الآلوسى: وعندي أن الحق الذي لا ينبغي العدول عنه أن الشراب المتخذ مما عدا العنب كيف كان وبأى اسم سمى متى كان بحيث يسكر من لم يتعوده حرام، وقليله ككثيره، ويحد شاربه ويقع طلاقه ونجاسته غليظة.
وفي الصحيحين أنه صلّى الله عليه وسلّم سئل عن النقيع- وهو نبيذ العسل- فقال: «كل شراب أسكر فهو حرام» وروى أبو داود «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن كل مسكر ومفتر» وصح «ما أسكر كثيره فقليله حرام» والأحاديث متضافرة على ذلك.
ولعمري إن اجتماع الفساق في زماننا على شرب المسكرات مما عدا «الخمر» ورغبتهم فيها، فوق اجتماعهم على شرب «الخمر» ورغبتهم فيه بكثير، وقد وضعوا لها أسماء- كالعنبرية والإكسير- ونحوهما ظنا منهم أن هذه الأسماء تخرجها من الحرمة وتبيح شربها للأمة- وهيهات هيهات- فالأمر وراء ما يظنون وإنا لله وإنا إليه راجعون» .
بعد هذه الكلمة التمهيدية عن الآية، وعن مدلول كلمة خمر ننتقل إلى معنى كلمة «الميسر» فنقول: الميسر: القمار- بكسر القاف- وهو في الأصل مصدر ميمى من يسر، كالموعد من وعد.
وهو مشتق من اليسر بمعنى السهولة، لأن المال يجيء للكاسب من غير جهد، أو هو مشتق من يسر بمعنى جزر.
ثم أصبح علما على ما يتقامر عليه كالجزور ونحوه.
قال القرطبي نقلا عن الأزهرى: الميسر: الجزور الذي كانوا يتقامرون عليه، سمى ميسرا لأنه أجزاء، فكأنه موضع التجزئة، وكل شيء جزأته فقد يسرته.
والياسر: الجازر لأنه يجزئ لحم الجزور.. ويقال للضاربين بالقداح والمتقامرين على الجزور: يأسرون، لأنهم جازرون إذ كانوا سببا لذلك .
وصفة الميسر الذي كانت تستعمله العرب أنهم كانت لهم عشرة أقداح يقال لها الأزلام أو الأقلام، فكانوا إذا أرادوا أن يقامروا أحضروا بعيرا وقسموه ثمانية وعشرين قسما وتترك ثلاثة من تلك الأقداح غفلا لا علامة عليها وكانت تسمى: السفيح، والمنيح، والوغد.
ومن طلع له واحد منها لا يأخذ شيئا من الجزور.
أما السبعة الأخرى فهي الرابحة وهي الفذ وله سهم واحد، والتوأم وله سهمان، والرقيب وله ثلاثة، والحلس وله أربعة، والنافس وله خمسة والمسبل وله ستة، والمعلى وله سبعة فيكون المجموع ثمانية وعشرين سهما.
تلك صورة تقريبية لقمار العرب كما أوردها بعض المفسرين .
ولا شك أنه يدخل في حكمها من حيث الحرمة ما كان مشابها لها في المخاطرة والرهان وأخذ الأموال بدون مقابل مشروع، أو ضياعها فيما حرمه الله.
ومعنى الآية الكريمة: يسألك أصحابك يا محمد عن حكم شرب الخمر ولعب الميسر، قل لهم على سبيل الإرشاد والإعلام: في تعاطيهما إِثْمٌ كَبِيرٌ أى: ذنب عظيم، وضرر شديد وذلك لما فيهما من القبائح المنافية لمحاسن الشرع من الكذب، والأذى، وشيوع العداوة والبغضاء بين الناس، واستلاب أموالهم بغير حق.
وقوله: وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ أى وفيهما منافع دنيوية للناس إذ الخمر تدر على المتاجرين فيها أرباحا مالية، والميسر يؤدى إلى إصابة بعض الناس للمال بدون تعب.
وأطلق- سبحانه - الإثم وقيد المنافع بأنها للناس، للتنبيه على أن الإثم في الخمر والميسر ذاتى، فهما في ذاتهما رجس كبير، وخطر وبيل، وأن ما فيهما من منافع ضئيل ولا يتجاوز بعض الناس، فهي منافع خاصة وليست عامة، ويشهد لهذا قوله-تبارك وتعالى- بعد ذلك.
وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما أى أن المفاسد والاضرار التي تترتب على تعاطيهما، أعظم من المنافع التي تنشأ عن تعاطيهما، إذ تعاطيهما يؤدى إلى منفعة بعض الناس، أما مضارهما فكثيرة، من ذلك أن تعاطى الخمر يضعف الضمير، ويفسد الأخلاق، ويميت الحياء، ويفقد الرشد ويتلف المال، ويغرى بالتنازع بين الناس، ويتسبب- كما قال الأطباء الثقاة- في كثير من الأمراض كأمراض الكبد والرئتين والقلب.. إلخ.
وإن شئت المزيد من معرفة مضار الخمر فراجع ما كتبه العلماء والمتخصصون في ذلك .
أما تعاطى الميسر فمن مضاره- كما يقول الأستاذ الإمام محمد عبده- إفساد التربية بتعويد النفس الكسل، وانتظار الرزق من الأسباب الوهمية، وإضعاف القوة العقلية، بترك الأعمال المفيدة في طرق الكسب الطبيعية، وإهمال المقامرين للزراعة والتجارة والصناعة التي هي أركان العمران، وتخريب البيوت فجأة بالانتقال من الغنى إلى الفقر في ساعة واحدة، فكم من عشيرة كبيرة نشأت في العز والغنى وانحصرت ثروتها في رجل أضاعها عليها في ليلة واحدة فأصبحت غنية وأمست فقيرة» .
إذن فالمنافع الدنيوية التي تعود إلى بعض الناس من تعاطى الخمر والميسر لا تساوى شيئا بجانب تلك المضار الجسمية التي تعود على أفراد الأمة في دينهم وعقولهم وأجسامهم وأموالهم وترابطهم، وصدق الله إذ يقول: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ.
ثم يأتى بعد ذلك السؤال الثاني الذي ورد في هاتين الآيتين وهو قوله-تبارك وتعالى-:وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ.
ومناسبة هذا السؤال لما قبله أنهم بعد أن نهوا عن إنفاق أموالهم في الوجوه المحرمة كتعاطى الخمر والميسر، سألوا عن وجوه الإنفاق الحلال، وعن مقدار ما ينفقون فأجيبوا بهذا الجواب الحكيم.
قال الآلوسى: أخرج ابن إسحاق عن ابن عباس أن نفرا من الصحابة حين أمروا بالنفقة في سبيل الله أتوا النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: إنا لا ندري ما هذه النفقة التي أمرنا بها في أموالنا وما الذي ننفقه منها فأنزل الله-تبارك وتعالى- وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ وكان الرجل قبل ذلك ينفق ماله حتى لا يجد ما يتصدق ولا ما يأكل» .
وأصل العفو في اللغة الزيادة.
قال-تبارك وتعالى-: ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا أى زادوا على ما كانوا عليه من العدد.
ويطلق على ما سهل وتيسر مما يكون فاضلا عن الكفاية.
يقال: خذ ما عفا لك.
أى ما تيسر.
كما يطلق على الترك قال-تبارك وتعالى-: عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ أى تركه وتجاوز عنه.
والمراد به هنا: ما يفضل عن الأهل ويزيد عن الحاجة، إذ هذا القدر الذي يتيسر إخراجه ويسهل بذله، ولا يتضرر صاحبه بتركه.
والمعنى، ويسألونك ما الذي يتصدقون به من أموالهم في وجوه البر، فقل لهم تصدقوا بما زاد عن حاجتكم، وسهل عليكم إخراجه، ولا يشق عليكم بذله.
وفي هذه الجملة الكريمة إرشاد حكيم إلى التعاون والتراحم بين أفراد المجتمع، وتوجيه إلى المنهاج الوسط الذي يأبى التبذير وينفر من التقتير، وفي أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم ما يؤيد هذا الإرشاد والتوجيه، ومن ذلك ما أخرجه البخاري عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول» .
وأخرج مسلّم عن جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذى قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا» .
إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في هذا المعنى.
وللأستاذ الإمام كلام جيد في هذا المقام، فقد قال- رحمه الله- ما ملخصه: إن الأمة المؤلفة من مليون فرد إذا كانت تبذل من فضل مالها في مصالحها العامة كإعداد القوة وتربية الناشئة.. تكون أعز وأقوى من أمة مؤلفة من مائة مليون فرد لا يبذلون شيئا في مثل ذلك لأن الواحد من الأمة الأولى يعد بأمة، إذ هو يعتبر نفسه جزءا منها وهي كل له، بينما الأمة الثانية لا تعد بواحد لأن كل فرد من أفرادها يخذل الآخر.. وفي الحقيقة أن مثل هذا الجمع لا يسمى أمة، لأن كل واحد من أفراده يعيش وحده وإن كان في جانبه أهل الأرض، فهو لا يتصل بمن معه ليمدهم ويستمد منهم» .
ثم ختم- سبحانه - الآية بقوله: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.
أى: مثل هذا البيان الحكيم الذي بينه الله لكم فيما سألتم عنه يبين لكم في سائر كتابه آياته وأحكامه وحججه لكي تتفكروا وتتدبروا فيما ينفعكم في دنياكم وآخرتكم، بأن تعملوا في الدنيا العمل الصالح الذي يجعلكم تظفرون برضا الله في أخراكم.
قال صاحب الكشاف: «وقوله: فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ إما أن يتعلق بتتفكرون، فيكون المعنى: لعلكم تتفكرون فيما يتعلق بالدارين فتأخذون بما هو أصلح لكم كما بينت لكم أن العفو أصلح من الجهد في النفقة وتتفكرون في الدارين فتؤثرون أبقاهما وأكثرهما منافع.
ويجوز أن يكون إشارة إلى قوله وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما فيكون المعنى: لتفكروا في عقاب الإثم في الآخرة والنفع في الدنيا حتى لا تختاروا النفع العاجل على النجاة من العقاب الأليم.
وإما أن يتعلق بيبين على معنى: يبين لكم الآيات في أمر الدارين وفيما يتعلق بهما لعلكم تتفكرون» .
قوله تعالى : يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرونقوله تعالى : يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما فيه تسع مسائل : الأولى : قوله تعالى : يسألونك السائلون هم المؤمنون ، كما تقدم .
والخمر مأخوذة من خمر إذا ستر ، ومنه خمار المرأة .
وكل شيء غطى شيئا فقد خمره ، ومنه خمروا آنيتكم فالخمر تخمر العقل ، أي تغطيه وتستره ، ومن ذلك الشجر الملتف يقال له : الخمر ( بفتح الميم ) لأنه يغطي ما تحته ويستره ، يقال منه : أخمرت الأرض كثر خمرها ، قال الشاعر :ألا يا زيد والضحاك سيرا فقد جاوزتما خمر الطريقأي سيرا مدلين فقد جاوزتما الوهدة التي يستتر بها الذئب وغيره .
وقال العجاج يصف جيشا يمشي برايات وجيوش غير مستخف :في لامع العقبان لا يمشي الخمر يوجه الأرض ويستاق الشجرومنه قولهم : دخل في غمار الناس وخمارهم ، أي هو في مكان خاف .
فلما كانت الخمر تستر العقل وتغطيه سميت بذلك وقيل : إنما سميت الخمر خمرا لأنها تركت حتى أدركت ، كما يقال : قد اختمر العجين ، أي بلغ إدراكه .
وخمر الرأي ، أي ترك حتى يتبين فيه الوجه .
وقيل : إنما سميت الخمر خمرا لأنها تخالط العقل ، من المخامرة وهي المخالطة ، ومنه قولهم : دخلت في خمار الناس ، أي اختلطت بهم .
فالمعاني الثلاثة متقاربة ، فالخمر تركت وخمرت حتى أدركت ، ثم خالطت العقل ، ثم خمرته ، والأصل الستر .
والخمر : ماء العنب الذي غلى أو طبخ ، وما خامر العقل من غيره فهو في حكمه ؛ لأن إجماع العلماء أن القمار كله حرام .
وإنما ذكر الميسر من بينه فجعل كله قياسا على الميسر ، والميسر إنما كان قمارا في الجزر خاصة ، فكذلك كل ما كان كالخمر فهو بمنزلتها .
الثانية : والجمهور من الأمة على أن ما أسكر كثيره من غير خمر العنب فمحرم قليله وكثيره ، والحد في ذلك واجب .
وقال أبو حنيفة والثوري وابن أبي ليلى وابن شبرمة وجماعة من فقهاء الكوفة : ما أسكر كثيره من غير خمر العنب فهو حلال ، وإذا سكر منه أحد دون أن يتعمد الوصول إلى حد السكر فلا حد عليه ، وهذا ضعيف يرده النظر والخبر ، على ما يأتي بيانه في " المائدة والنحل " إن شاء الله تعالى .
الثالثة : قال بعض المفسرين : إن الله تعالى لم يدع شيئا من الكرامة والبر إلا أعطاه هذه الأمة ، ومن كرامته وإحسانه أنه لم يوجب عليهم الشرائع دفعة واحدة ، ولكن أوجب عليهم مرة بعد مرة ، فكذلك تحريم الخمر .
وهذه الآية أول ما نزل في أمر الخمر ، ثم بعده : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ثم قوله : إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ثم قوله : إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه على ما يأتي بيانه في " المائدة " .
الرابعة : قوله تعالى : والميسر الميسر : قمار العرب بالأزلام .
قال ابن عباس : ( كان الرجل في الجاهلية يخاطر الرجل على أهله وماله فأيهما قمر صاحبه ذهب بماله وأهله ) فنزلت الآية .
وقال مجاهد ومحمد بن سيرين والحسن وابن المسيب وعطاء وقتادة ومعاوية بن صالح وطاوس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عباس أيضا : ( كل شيء فيه قمار من نرد وشطرنج فهو الميسر ، حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب ، إلا ما أبيح من الرهان في الخيل والقرعة في إفراز الحقوق ) ، على ما يأتي .
وقال مالك : الميسر ميسران : ميسر اللهو ، وميسر القمار ، فمن ميسر اللهو النرد والشطرنج والملاهي كلها .
وميسر القمار : ما يتخاطر الناس عليه .
قال علي بن أبي طالب : الشطرنج ميسر العجم .
وكل ما قومر به فهو ميسر عند مالك وغيره من العلماء .
وسيأتي في " يونس " زيادة بيان لهذا الباب إن شاء الله تعالى .
والميسر مأخوذ من اليسر ، وهو وجوب الشيء لصاحبه ، يقال : يسر لي كذا إذا وجب فهو ييسر يسرا وميسرا .
والياسر : اللاعب بالقداح ، وقد يسر ييسر ، قال الشاعر :فأعنهم وايسر بما يسروا به وإذا هم نزلوا بضنك فانزلوقال الأزهري : الميسر : الجزور الذي كانوا يتقامرون عليه ، سمي ميسرا لأنه يجزأ أجزاء ، فكأنه موضع التجزئة ، وكل شيء جزأته فقد يسرته .
والياسر : الجازر ؛ لأنه يجزئ لحم الجزور .
قال : وهذا الأصل في الياسر ، ثم يقال للضاربين بالقداح والمتقامرين على الجزور : ياسرون ؛ لأنهم جازرون إذ كانوا سببا لذلك .
وفي الصحاح : ويسر القوم الجزور أي اجتزروها واقتسموا أعضاءها .
قال سحيم بن وثيل اليربوعي :أقول لهم بالشعب إذ ييسرونني ألم تيأسوا أني ابن فارس زهدمكان قد وقع عليه سباء فضرب عليه بالسهام .
ويقال : يسر القوم إذا قامروا .
ورجل يسر وياسر بمعنى .
والجمع أيسار ، قال النابغة :أني أتمم أيساري وأمنحهم مثنى الأيادي وأكسو الجفنة الأدماوقال طرفة :وهم أيسار لقمان إذا أغلت الشتوة أبداء الجزروكان من تطوع بنحرها ممدوحا عندهم ، قال الشاعر :وناجية نحرت لقوم صدق وما ناديت أيسار الجزاءالخامسة : روى مالك في الموطأ عن داود بن حصين أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : كان من ميسر أهل الجاهلية بيع اللحم بالشاة والشاتين ، وهذا محمول عند مالك وجمهور أصحابه في الجنس الواحد ، حيوانه بلحمه ، وهو عنده من باب المزابنة والغرر والقمار ؛ لأنه لا يدرى هل في الحيوان مثل اللحم الذي أعطى أو أقل أو أكثر ، وبيع اللحم باللحم لا يجوز متفاضلا ، فكان بيع الحيوان باللحم كبيع اللحم المغيب في جلده إذا كانا من جنس واحد ، والجنس الواحد عنده الإبل والبقر والغنم والظباء والوعول وسائر الوحوش ، وذوات الأربع المأكولات ، كلها عنده جنس واحد ، لا يجوز بيع شيء من حيوان هذا الصنف والجنس كله بشيء واحد من لحمه بوجه من الوجوه ؛ لأنه عنده من باب المزابنة ، كبيع الزبيب بالعنب والزيتون بالزيت والشيرج بالسمسم ، ونحو ذلك .
والطير عنده كله جنس واحد ، وكذلك الحيتان من سمك وغيره .
وروي عنه أن الجراد وحده صنف .
وقال الشافعي وأصحابه والليث بن سعد : لا يجوز بيع اللحم بالحيوان على حال من الأحوال من جنس واحد كان أم من جنسين مختلفين ، على عموم الحديث .
وروي عن ابن عباس ( أن جزورا نحرت على عهد أبي بكر الصديق فقسمت على عشرة أجزاء ، فقال رجل : أعطوني جزءا منها بشاة ، فقال أبو بكر : لا يصلح هذا ) .
قال الشافعي : ولست أعلم لأبي بكر في ذلك مخالفا من الصحابة .
قال أبو عمر : قد روي عن ابن عباس ( أنه أجاز بيع الشاة باللحم ، وليس بالقوي ) .
وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كره أن يباع حي بميت ، يعني الشاة المذبوحة بالقائمة .
قال سفيان : ونحن لا نرى به بأسا .
قال المزني : إن لم يصح الحديث في بيع الحيوان باللحم فالقياس أنه جائز ، وإن صح بطل القياس واتبع الأثر .
قال أبو عمر : وللكوفيين في أنه جائز بيع اللحم بالحيوان حجج كثيرة من جهة القياس والاعتبار ، إلا أنه إذا صح الأثر بطل القياس والنظر .
وروى مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان باللحم .
قال أبو عمر : ولا أعلمه يتصل عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه ثابت ، وأحسن أسانيده مرسل سعيد بن المسيب على ما ذكره مالك في موطئه ، وإليه ذهب الشافعي ، وأصله أنه لا يقبل المراسيل إلا أنه زعم أنه افتقد مراسيل سعيد فوجدها أو أكثرها صحاحا .
فكره بيع أنواع الحيوان بأنواع اللحوم على ظاهر الحديث وعمومه ؛ لأنه لم يأت أثر يخصه ولا إجماع .
ولا يجوز عنده أن يخص النص بالقياس .
والحيوان عنده اسم لكل ما يعيش في البر والماء وإن اختلفت أجناسه ، كالطعام الذي هو اسم لكل مأكول أو مشروب ، فاعلم .
السادسة : قوله تعالى : قل فيهما يعني الخمر والميسر إثم كبير إثم الخمر ما يصدر عن الشارب من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش والزور ، وزوال العقل الذي يعرف به ما يجب لخالقه ، وتعطيل الصلوات والتعوق عن ذكر الله ، إلى غير ذلك .
روى النسائي عن عثمان رضي الله عنه قال : اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث ، إنه كان رجل ممن كان قبلكم تعبد فعلقته امرأة غوية ، فأرسلت إليه جاريتها فقالت له : إنا ندعوك للشهادة ، فانطلق مع جاريتها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه ، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر ، فقالت : إني والله ما دعوتك للشهادة ، ولكن دعوتك لتقع علي ، أو تشرب من هذه الخمر كأسا ، أو تقتل هذا الغلام .
قال : فاسقيني من هذه الخمر كأسا ، فسقته كأسا .
قال : زيدوني ، فلم يرم حتى وقع عليها ، وقتل النفس ، فاجتنبوا الخمر ، فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر ، إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه ، وذكره أبو عمر في الاستيعاب .
وروي أن الأعشى لما توجه إلى المدينة ليسلم فلقيه بعض المشركين في الطريق فقالوا له : أين تذهب ؟ فأخبرهم بأنه يريد محمدا صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : لا تصل إليه ، فإنه يأمرك بالصلاة ، فقال : إن خدمة الرب واجبة .
فقالوا : إنه يأمرك بإعطاء المال إلى الفقراء .
فقال : اصطناع المعروف واجب .
فقيل له : إنه ينهى عن الزنى .
فقال : هو فحش وقبيح في العقل ، وقد صرت شيخا فلا أحتاج إليه .
فقيل له : إنه ينهى عن شرب الخمر .
فقال : أما هذا فإني لا أصبر عليه! فرجع ، وقال : أشرب الخمر سنة ثم أرجع إليه ، فلم يصل إلى منزله حتى سقط عن البعير فانكسرت عنقه فمات .
وكان قيس بن عاصم المنقري شرابا لها في الجاهلية ثم حرمها على نفسه ، وكان سبب ذلك أنه غمز عكنة ابنته وهو سكران ، وسب أبويه ، ورأى القمر فتكلم بشيء ، وأعطى الخمار كثيرا من ماله ، فلما أفاق أخبر بذلك فحرمها على نفسه ، وفيها يقول :رأيت الخمر صالحة وفيها خصال تفسد الرجل الحليمافلا والله أشربها صحيحا ولا أشفى بها أبدا سقيماولا أعطي بها ثمنا حياتي ولا أدعو لها أبدا نديمافإن الخمر تفضح شاربيها وتجنيهم بها الأمر العظيماقال أبو عمر : وروى ابن الأعرابي عن المفضل الضبي أن هذه الأبيات لأبي محجن الثقفي قالها في تركه الخمر ، وهو القائل رضي الله عنه :إذا مت فادفني إلى جنب كرمة تروي عظامي بعد موتي عروقهاولا تدفنني بالفلاة فإنني أخاف إذا ما مت أن لا أذوقهاوجلده عمر الحد عليها مرارا ، ونفاه إلى جزيرة في البحر ، فلحق بسعد فكتب إليه عمر أن يحبسه ، فحبسه ، وكان أحد الشجعان البهم ، فلما كان من أمره في حرب القادسية ما هو معروف حل قيوده وقال : لا نجلدك على الخمر أبدا .
قال أبو محجن : وأنا والله لا أشربها أبدا ، فلم يشربها بعد ذلك .
وفي رواية : قد كنت أشربها إذ يقام علي الحد وأطهر منها ، وأما إذا بهرجتني فوالله لا أشربها أبدا .
وذكر الهيثم بن عدي أنه أخبره من رأى قبر أبي محجن بأذربيجان ، أو قال : في نواحي جرجان ، وقد نبتت عليه ثلاث أصول كرم وقد طالت وأثمرت ، وهي معروشة على قبره ، ومكتوب على القبر " هذا قبر أبي محجن " قال : فجعلت أتعجب وأذكر قوله :إذا مت فادفني إلى جنب كرمةثم إن الشارب يصير ضحكة للعقلاء ، فيلعب ببوله وعذرته ، وربما يمسح وجهه ، حتى رئي بعضهم يمسح وجهه ببوله ويقول : اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ورئي بعضهم والكلب يلحس وجهه وهو يقول له : أكرمك الله .
وأما القمار فيورث العداوة والبغضاء ؛ لأنه أكل مال الغير بالباطل .
السابعة : قوله تعالى : ومنافع للناس أما في الخمر فربح التجارة ، فإنهم كانوا يجلبونها من الشام برخص فيبيعونها في الحجاز بربح ، وكانوا لا يرون المماسكة فيها ، فيشتري طالب الخمر الخمر بالثمن الغالي .
هذا أصح ما قيل في منفعتها ، وقد قيل في منافعها : إنها تهضم الطعام ، وتقوي الضعف ، وتعين على الباه ، وتسخي البخيل ، وتشجع الجبان ، وتصفي اللون ، إلى غير ذلك من اللذة بها .
وقد قال حسان بن ثابت رضي الله عنه :ونشربها فتتركنا ملوكا وأسدا ما ينهنهنا اللقاءإلى غير ذلك من أفراحها .
وقال آخر :فإذا شربت فإنني رب الخورنق والسديروإذا صحوت فإنني رب الشويهة والبعيرومنفعة الميسر مصير الشيء إلى الإنسان في القمار بغير كد ولا تعب ، فكانوا يشترون الجزور ويضربون بسهامهم ، فمن خرج سهمه أخذ نصيبه من اللحم ولا يكون عليه من الثمن شيء ، ومن بقي سهمه آخرا كان عليه ثمن الجزور كله ولا يكون له من اللحم شيء .
وقيل : منفعته التوسعة على المحاويج ، فإن من قمر منهم كان لا يأكل من الجزور وكان يفرقه في المحتاجين .
وسهام الميسر أحد عشر سهما ، منها سبعة لها حظوظ وفيها فروض على عدد الحظوظ ، وهي : " الفذ " وفيه علامة واحدة له نصيب وعليه نصيب إن خاب .
الثاني : " التوأم " وفيه علامتان وله وعليه نصيبان .
الثالث : " الرقيب " وفيه ثلاث علامات على ما ذكرنا .
الرابع : " الحلس " وله أربع .
الخامس : " النافز " والنافس أيضا وله خمس .
السادس : " المسبل " وله ست .
السابع : " المعلى " وله سبع .
فذلك ثمانية وعشرون فرضا ، وأنصباء الجزور كذلك في قول الأصمعي .
وبقي من السهام أربعة ، وهي الأغفال لا فروض لها ولا أنصباء ، وهي : " المصدر " و " المضعف " و " المنيح " و " السفيح " .
وقيل : الباقية الأغفال الثلاثة : " السفيح " و " المنيح " و " الوغد " تزاد هذه الثلاثة لتكثر السهام على الذي يجيلها فلا يجد إلى الميل مع أحد سبيلا .
ويسمى المجيل المفيض والضارب والضريب والجمع الضرباء .
وقيل : يجعل خلفه رقيب لئلا يحابي أحدا ، ثم يجثو الضريب على ركبتيه ، ويلتحف بثوب ويخرج رأسه ويدخل يده في الربابة فيخرج .
وكانت عادة العرب أن تضرب الجزور بهذه السهام في الشتوة وضيق الوقت وكلب البرد على الفقراء ، يشترى الجزور ويضمن الأيسار ثمنها ويرضى صاحبها من حقه ، وكانوا يفتخرون بذلك ويذمون من لم يفعل ذلك منهم ، ويسمونه " البرم " قال متمم بن نويرة :ولا برما تهدي النساء لعرسه إذا القشع من برد الشتاء تقعقعاثم تنحر وتقسم على عشرة أقسام .
قال ابن عطية : وأخطأ الأصمعي في قسمة الجزور ، فذكر أنها على قدر حظوظ السهام ثمانية وعشرون قسما ، وليس كذلك ، ثم يضرب على العشرة فمن فاز سهمه بأن يخرج من الربابة متقدما أخذ أنصباءه وأعطاها الفقراء .
والربابة ( بكسر الراء ) : شبيهة بالكنانة تجمع فيها سهام الميسر ، وربما سموا جميع السهام ربابة ، قال أبو ذؤيب يصف الحمار وأتنه :وكأنهن ربابة وكأنه يسر يفيض على القداح ويصدعوالربابة أيضا : العهد والميثاق ، قال الشاعر ( علقمة بن عبدة ) :وكنت امرأ أفضت إليك ربابتي وقبلك ربتني فضعت ربوبوفي أحيان ربما تقامروا لأنفسهم ثم يغرم الثمن من لم يفز سهمه ، كما تقدم .
ويعيش بهذه السيرة فقراء الحي ، ومنه قول الأعشى :المطعمو الضيف إذا ما شتوا والجاعلو القوت على الياسرومنه قول الآخر :بأيديهم مقرومة ومغالق يعود بأرزاق العفاة منيحهاو " المنيح " في هذا البيت المستمنح ؛ لأنهم كانوا يستعيرون السهم الذي قد املس وكثر فوزه ، فذلك المنيح الممدوح .
وأما المنيح الذي هو أحد الأغفال فذلك إنما يوصف بالكر ، وإياه أراد الأخطل بقوله :ولقد عطفن على فزارة عطفة كر المنيح وجلن ثم مجالاوفي الصحاح : " والمنيح سهم من سهام الميسر مما لا نصيب له إلا أن يمنح صاحبه شيئا " .
ومن الميسر قول لبيد :إذا يسروا لم يورث اليسر بينهم فواحش ينعى ذكرها بالمصايففهذا كله نفع الميسر ، إلا أنه أكل المال بالباطل .
الثامنة : قوله تعالى : وإثمهما أكبر من نفعهما أعلم الله جل وعز أن الإثم أكبر من النفع ، وأعود بالضرر في الآخرة ، فالإثم الكبير بعد التحريم ، والمنافع قبل التحريم .
وقرأ حمزة والكسائي " كثير " بالثاء المثلثة ، وحجتهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر ولعن معها عشرة : بائعها ومبتاعها والمشتراة له وعاصرها والمعصورة له وساقيها وشاربها وحاملها والمحمولة له وآكل ثمنها .
وأيضا فجمع المنافع يحسن معه جمع الآثام .
و " كثير " بالثاء المثلثة يعطي ذلك .
وقرأ باقي القراء وجمهور الناس كبير بالباء الموحدة ، وحجتهم أن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر ، فوصفه بالكبير أليق .
وأيضا فاتفاقهم على أكبر حجة ل كبير بالباء بواحدة .
وأجمعوا على رفض " أكثر " بالثاء المثلثة ، إلا في مصحف عبد الله بن مسعود فإن فيه " قل فيهما إثم كثير " " وإثمهما أكثر " بالثاء مثلثة في الحرفين .
التاسعة : قال قوم من أهل النظر : حرمت الخمر بهذه الآية ؛ لأن الله تعالى قد قال : قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم ، فأخبر في هذه الآية أن فيها إثما فهو حرام .
قال ابن عطية : ليس هذا النظر بجيد ؛ لأن الإثم الذي فيها هو الحرام ، لا هي بعينها على ما يقتضيه هذا النظر .
قلت : وقال بعضهم : في هذه الآية ما دل على تحريم الخمر لأنه سماه إثما ، وقد حرم الإثم في آية أخرى ، وهو قوله عز وجل : قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم وقال بعضهم : الإثم أراد به الخمر ، بدليل قول الشاعر :شربت الإثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم يذهب بالعقولقلت : وهذا أيضا ليس بجيد ؛ لأن الله تعالى لم يسم الخمر إثما في هذه الآية ، وإنما قال : قل فيهما إثم كبير ولم يقل : قل هما إثم كبير .
وأما آية " الأعراف " وبيت الشعر فيأتي الكلام فيهما هناك مبينا ، إن شاء الله تعالى .
وقد قال قتادة : إنما في هذه الآية ذم الخمر ، فأما التحريم فيعلم بآية أخرى وهي آية " المائدة " وعلى هذا أكثر المفسرين .
قوله تعالى : ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : قل العفو قراءة الجمهور بالنصب .
وقرأ أبو عمرو وحده بالرفع .
واختلف فيه عن ابن كثير .
وبالرفع قراءة الحسن وقتادة وابن أبي إسحاق .
قال النحاس وغيره : إن جعلت " ذا " بمعنى الذي كان الاختيار الرفع ، على معنى : الذي ينفقون هو العفو ، وجاز النصب .
وإن جعلت " ما " و " ذا " شيئا واحدا كان الاختيار النصب ، على معنى : قل ينفقون العفو ، وجاز الرفع .
وحكى النحويون : ماذا تعلمت : أنحوا أم شعرا ؟ بالنصب والرفع ، على أنهما جيدان حسنان ، إلا أن التفسير في الآية على النصب .
الثانية : قال العلماء : لما كان السؤال في الآية المتقدمة في قوله تعالى : ويسألونك ماذا ينفقون سؤالا عن النفقة إلى من تصرف ، كما بيناه ودل عليه الجواب ، والجواب خرج على وفق السؤال ، كان السؤال الثاني في هذه الآية عن قدر الإنفاق ، وهو في شأن عمرو بن الجموح - كما تقدم - فإنه لما نزل قل ما أنفقتم من خير فللوالدين ، قال : كم أنفق ؟ فنزل : قل العفو والعفو : ما سهل وتيسر وفضل ، ولم يشق على القلب إخراجه ، ومنه قول الشاعر :خذي العفو مني تستديمي مودتي ولا تنطقي في سورتي حين أغضبفالمعنى : أنفقوا ما فضل عن حوائجكم ، ولم تؤذوا فيه أنفسكم فتكونوا عالة ، هذا أولى ما قيل في تأويل الآية ، وهو معنى قول الحسن وقتادة وعطاء والسدي والقرظي محمد بن كعب وابن أبي ليلى وغيرهم ، قالوا : ( العفو ما فضل عن العيال ) ، ونحوه عن ابن عباس وقال مجاهد : صدقة عن ظهر غنى ، وكذا قال عليه السلام : خير الصدقة ما أنفقت عن غنى وفي حديث آخر : خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى .
وقال قيس بن سعد : هذه الزكاة المفروضة .
وقال جمهور العلماء : بل هي نفقات التطوع .
وقيل : هي منسوخة .
وقال الكلبي : كان الرجل بعد نزول هذه الآية إذا كان له مال من ذهب أو فضة أو زرع أو ضرع نظر إلى ما يكفيه وعياله لنفقة سنة أمسكه وتصدق بسائره ، وإن كان ممن يعمل بيده أمسك ما يكفيه وعياله يوما وتصدق بالباقي ، حتى نزلت آية الزكاة المفروضة فنسخت هذه الآية وكل صدقة أمروا بها .
وقال قوم : هي محكمة ، وفي المال حق سوى الزكاة .
والظاهر يدل على القول الأول .
الثالثة : قوله تعالى : كذلك يبين الله لكم الآيات قال المفضل بن سلمة : أي في أمر النفقة .
لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة فتحبسون من أموالكم ما يصلحكم في معاش الدنيا وتنفقون الباقي فيما ينفعكم في العقبى .
وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، أي كذلك يبين الله لكم الآيات في أمر الدنيا والآخرة لعلكم تتفكرون في الدنيا وزوالها وفنائها فتزهدون فيها ، وفي إقبال الآخرة وبقائها فترغبون فيها .


شرح المفردات و معاني الكلمات : يسألونك , الخمر , الميسر , فيهما , إثم , كبير , منافع , للناس , وإثمهما , أكبر , نفعهما , ويسألونك , ينفقون , العفو , يبين , الله , الآيات , تتفكرون , الخمر+والميسر , إثم+كبير , منافع+للناس , ويسألونك+ماذا+ينفقون+قل+العفو , كذلك+يبين+الله+لكم+الآيات+لعلكم+تتفكرون , لعلكم+تتفكرون ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم


تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, April 20, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب