﴿ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۗ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
[ البقرة: 220]

سورة : البقرة - Al-Baqarah  - الجزء : ( 2 )  -  الصفحة: ( 35 )

In (to) this worldly life and in the Hereafter. And they ask you concerning orphans. Say: "The best thing is to work honestly in their property, and if you mix your affairs with theirs, then they are your brothers. And Allah knows him who means mischief (e.g. to swallow their property) from him who means good (e.g. to save their property). And if Allah had wished, He could have put you into difficulties. Truly, Allah is All-Mighty, All-Wise."


لأعنَتكم : لكلّفكم ما يشقّ عليكم

يسألك المسلمون -أيها النبي- عن حكم تعاطي الخمر شربًا وبيعًا وشراءً، والخمر كل مسكر خامر العقل وغطاه مشروبًا كان أو مأكولا ويسألونك عن حكم القمار -وهو أَخْذُ المال أو إعطاؤه بالمقامرة وهي المغالبات التي فيها عوض من الطرفين-، قل لهم: في ذلك أضرار ومفاسد كثيرة في الدين والدنيا، والعقول والأموال، وفيهما منافع للناس من جهة كسب الأموال وغيرها، وإثمهما أكبر من نفعهما؛ إذ يصدَّان عن ذكر الله وعن الصلاة، ويوقعان العداوة والبغضاء بين الناس، ويتلفان المال. وكان هذا تمهيدًا لتحريمهما. ويسألونك عن القَدْر الذي ينفقونه من أموالهم تبرعًا وصدقة، قل لهم: أنفقوا القَدْر الذي يزيد على حاجتكم. مثل ذلك البيان الواضح يبيِّن الله لكم الآيات وأحكام الشريعة؛ لكي تتفكروا فيما ينفعكم في الدنيا والآخرة. ويسألونك -أيها النبي- عن اليتامى كيف يتصرفون معهم في معاشهم وأموالهم؟ قل لهم: إصلاحكم لهم خير، فافعلوا الأنفع لهم دائمًا، وإن تخالطوهم في سائر شؤون المعاش فهم إخوانكم في الدين. وعلى الأخ أن يرعى مصلحة أخيه. والله يعلم المضيع لأموال اليتامى من الحريص على إصلاحها. ولو شاء الله لضيَّق وشقَّ عليكم بتحريم المخالطة. إن الله عزيز في ملكه، حكيم في خلقه وتدبيره وتشريعه.

في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم - تفسير السعدي

لما نزل قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } شق ذلك على المسلمين, وعزلوا طعامهم عن طعام اليتامى, خوفا على أنفسهم من تناولها, ولو في هذه الحالة التي جرت العادة بالمشاركة فيها, وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأخبرهم تعالى أن المقصود, إصلاح أموال اليتامى, بحفظها وصيانتها, والاتجار فيها وأن خلطتهم إياهم في طعام أو غيره جائز على وجه لا يضر باليتامى, لأنهم إخوانكم, ومن شأن الأخ مخالطة أخيه, والمرجع في ذلك إلى النية والعمل، فمن علم الله من نيته أنه مصلح لليتيم, وليس له طمع في ماله, فلو دخل عليه شيء من غير قصد لم يكن عليه بأس، ومن علم الله من نيته, أن قصده بالمخالطة, التوصل إلى أكلها وتناولها, فذلك الذي حرج وأثم, و " الوسائل لها أحكام المقاصد " وفي هذه الآية, دليل على جواز أنواع المخالطات, في المآكل والمشارب, والعقود وغيرها, وهذه الرخصة, لطف من الله [تعالى] وإحسان, وتوسعة على المؤمنين، وإلا فـ { لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ }- أي: شق عليكم بعدم الرخصة بذلك, فحرجتم.
وشق عليكم وأثمتم، { إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ }- أي: له القوة الكاملة, والقهر لكل شيء، ولكنه مع ذلك { حَكِيمٌ } لا يفعل إلا ما هو مقتضى حكمته الكاملة وعنايته التامة, فعزته لا تنافي حكمته، فلا يقال: إنه ما شاء فعل, وافق الحكمة أو خالفها، بل يقال: إن أفعاله وكذلك أحكامه, تابعة لحكمته, فلا يخلق شيئا عبثا, بل لا بد له من حكمة, عرفناها, أم لم نعرفها وكذلك لم يشرع لعباده شيئا مجردا عن الحكمة، فلا يأمر إلا بما فيه مصلحة خالصة, أو راجحة, ولا ينهى إلا عما فيه مفسدة خالصة أو راجحة, لتمام حكمته ورحمته.

تفسير الآية 220 - سورة البقرة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل : الآية رقم 220 من سورة البقرة

 سورة البقرة الآية رقم 220

في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم - مكتوبة

الآية 220 من سورة البقرة بالرسم العثماني


﴿ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۗ وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡيَتَٰمَىٰۖ قُلۡ إِصۡلَاحٞ لَّهُمۡ خَيۡرٞۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ ٱلۡمُفۡسِدَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَعۡنَتَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ  ﴾ [ البقرة: 220]


﴿ في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم ﴾ [ البقرة: 220]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة البقرة Al-Baqarah الآية رقم 220 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 220 من البقرة صوت mp3


تدبر الآية: في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم

مَن تفكَّر في الدنيا والآخرة عرف أن الدنيا دارُ بلاء وفناء، وأن الآخرة دارُ بقاء وجزاء، فعجبًا لمَن يؤثر الدنيا على الآخرة! لا تقتصر كَفالة اليتيم على إصلاح ماله ورعاية عَقاره، ولكنَّ الأهمَّ القيامُ بإصلاح دينه وأخلاقه، تأديبًا وتقويمًا.
من شأن المسلمين أنهم يتخالطون ويتآلفون، ويتعاونون ويتكافلون، أغنياؤهم وفقراؤهم؛ أقوياؤهم وضعفاؤهم، وتلك أسمى معاني الأخوَّة في الله.
ليست العِبرة برفع شعار الإصلاح والتزيِّي بثياب المصلحين، ولكنَّ العبرة بأن يصدِّقَ القولَ العمل، والله أعلم بالسرائر.
أجل، لو شاء سبحانه لأرهقَ المسلمين في أحكامه، وشقَّ عليهم فيما يكلِّفهم، لكنَّه تعالى حكيمٌ رحيم لا يريد لعباده إلا الخيرَ واليُسر.

أما السؤال الثالث والأخير الذي ورد في هاتين الآيتين فهو قوله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ، وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ.
أخرج أبو داود والحاكم والنسائي وغيرهم عن ابن عباس قال:لما نزل قوله-تبارك وتعالى-: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُوقوله-تبارك وتعالى-:إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه.
وشرابه من شرابه، فجعل يفضل له الشيء من طعامه وشرابه، فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله-تبارك وتعالى- وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فخلطوا طعامهم وشرابهم بشرابهم «1» .
والمعنى: ويسألونك يا محمد عن القيام بأمر اليتامى أو التصرف في أموالهم أو عن أموالهم وكيف يكونون معهم فقل لهم: إن المطلوب هو إصلاحهم بالتهذيب والتربية الرشيدة.
والمعاملة الحسنة، وإصلاح أموالهم بالمحافظة عليها وعدم إنفاقها إلا في الوجوه المشروعة فهذا الإصلاح المفيد لهم ولأموالهم خير من مجانبتهم، وتركهم، ولذا قال-تبارك وتعالى- بعد ذلك:وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ أى: وإن تعاشروهم وتضموهم إليكم فاعتبروهم إخوانكم في العقيدة والإنسانية، وعاملوهم بمقتضى ما تفرضه الأخوة من تراحم وتعاطف ومساواة.
والجملة الكريمة معطوفة على ما قبلها.
و «إصلاح» مبتدأ وسوغ الابتداء به مع أنه نكرة وصفه بالجار والمجرور «لهم» و «خير» خبره، وقوله: فَإِخْوانُكُمْ الفاء واقعة في جواب الشرط، وإخوانكم خبر لمبتدأ محذوف والتقدير فهم إخوانكم، والجملة في محل جزم على أنها جواب الشرط.
وقوله: وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وعد ووعيد، وترغيب في الإصلاح وترهيب من الإفساد، أى: والله يعلم المفسد لشئون هؤلاء اليتامى من المصلح لها، كما أنه- سبحانه - لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وسيجازى كل إنسان على حسب عمله، فاحذروا الإفساد ولا تتحروا غير الإصلاح.
ثم قال-تبارك وتعالى-: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ العنت: الشدة والمشقة والتضييق.
يقال:أعنته في كذا يعنته إعناتا، إذا أجهده وألزمه ما يشق عليه.
أى: ولو شاء الله لضيق عليكم وأحرجكم بتحريم مخالطة هؤلاء اليتامى، وبغير ذلك مما يشرع لكم، ولكنه- سبحانه - وسع عليكم وخفف فأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن، فاشكروه على ذلك.
ثم ختم- سبحانه - الآية بقوله: إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ أى: إن الله-تبارك وتعالى- غالب على أمره لا يعجزه أمر من الأمور التي من جملتها إعناتكم قادر على أن يعز من أعز اليتامى ويذل من أذلهم، حكيم في كل تصرفاته وأفعاله، فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها.
وقد استدل العلماء بهذه الآية على جواز التصرف في أموال اليتامى على وجه الإصلاح، وعلى أن للولي أن يخالط اليتيم بنفسه في المصاهرة والمشاركة وغير ذلك مما تقتضيه المصلحة.
وقد وردت أحاديث متعددة في رعاية اليتيم وإصلاح أحواله ومن ذلك ما رواه البخاري عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرق بينهما» .
وروى الطبراني عن أبى الدرداء.
قال: أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم رجل يشكو قسوة قلبه، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم أتحب أن يلين وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك.
وبذلك نرى أن هاتين الآيتين الكريمتين قد اشتملتا على أفضل ألوان الإصلاح للأفراد والجماعات في مطاعمهم ومشاربهم ونفقتهم وعلاقتهم بغيرهم ولا سيما اليتامى الذين فقدوا الأب الحانى، والقلب الرحيم، ومن شأن الأمة التي تعمل بهذا التوجيه السامي الحكيم أن تنال السعادة في دنياها.
ورضاه الله- في أخراها.
ثم تحدثت السورة بعد ذلك في اثنتين وعشرين آية عن بعض أحكام وآداب الزواج والمعاشرة، والإيلاء والطلاق، والعدة، والنفقة، والرضاعة، والخطبة، والمتعة، وغير ذلك مما يتعلق بصيانة الأسرة وتقويتها، وبنائها على أفضل الدعائم، وأحكم الروابط، إذ الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، ومن مجموعها يتكون، فإذا صلحت الوحدات والمكونات صلح البنيان، وإذا تصدعت تصدع.
ولقد ابتدأت الآيات التي معنا حديثها عن الأسرة بالحديث عن الزواج لأنه أعمق الروابط وأقواها ومنه تتأتى الذرية، لذا جعل أساس الاختيار فيه هو التدين السليم، والخلق القويم، الذي يسعد ولا يشقى، ويبنى ولا يهدم، ويحفظ ولا يضيع.. ولا يتأتى ذلك إلا باختيار المسلمة الصالحة والإعراض عن المشركة الكافرة.
استمع إلى القرآن الكريم وهو يبين ذلك فيقول:
قوله تعالى : في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيمقوله تعالى : " ويسألونك عن اليتامى " إلى قوله " حكيم " فيه ثمان مسائل :الأولى : روى أبو داود والنسائي عن ابن عباس قال : ( لما أنزل الله تعالى : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن و إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية ، انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل من طعامه فيحبس له ، حتى يأكله أو يفسد ، فاشتد ذلك عليهم ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير الآية ، فخلطوا طعامهم بطعامه وشرابهم بشرابه ) ، لفظ أبي داود .
والآية متصلة بما قبل ؛ لأنه اقترن بذكر الأموال الأمر بحفظ أموال اليتامى .
وقيل : إن السائل عبد الله بن رواحة .
وقيل : كانت العرب تتشاءم بملابسة أموال اليتامى في مؤاكلتهم ، فنزلت هذه الآية .
الثانية : لما أذن الله جل وعز في مخالطة الأيتام مع قصد الإصلاح بالنظر إليهم وفيهم كان ذلك دليلا على جواز التصرف في مال اليتيم ؛ تصرف الوصي في البيع والقسمة وغير ذلك ، على الإطلاق لهذه الآية .
فإذا كفل الرجل اليتيم وحازه وكان في نظره جاز عليه فعله وإن لم يقدمه وال عليه ؛ لأن الآية مطلقة والكفالة ولاية عامة .
لم يؤثر عن أحد من الخلفاء أنه قدم أحدا على يتيم مع وجودهم في أزمتهم ، وإنما كانوا يقتصرون على كونهم عندهم .
الثالثة : تواترت الآثار في دفع مال اليتيم مضاربة والتجارة فيه ، وفي جواز خلط ماله بماله دلالة على جواز التصرف في ماله بالبيع والشراء إذا وافق الصلاح ، وجواز دفعه مضاربة ، إلى غير ذلك على ما نذكره مبينا .
واختلف في عمله هو قراضا ، فمنعه أشهب ، وقاسه على منعه من أن يبيع لهم من نفسه أو يشتري لها .
وقال غيره : إذا أخذه على جزء من الربح بنسبة قراض مثله فيه أمضي ، كشرائه شيئا لليتيم بتعقب فيكون أحسن لليتيم .
قال محمد بن عبد الحكم : وله أن يبيع له بالدين إن رأى ذلك نظرا .
قال ابن كنانة : وله أن ينفق في عرس اليتيم ما يصلح من صنيع وطيب ، ومصلحته بقدر حاله وحال من يزوج إليه ، وبقدر كثرة ماله .
قال : وكذلك في ختانه ، فإن خشي أن يتهم رفع ذلك إلى السلطان فيأمره بالقصد ، وكل ما فعله على وجه النظر فهو جائز ، وما فعله على وجه المحاباة وسوء النظر فلا يجوز .
ودل الظاهر على أن ولي اليتيم يعلمه أمر الدنيا والآخرة ، ويستأجر له ويؤاجره ممن يعلمه الصناعات .
وإذا وهب لليتيم شيء فللوصي أن يقبضه لما فيه من الإصلاح .
وسيأتي لهذا مزيد بيان في " النساء " إن شاء الله تعالى .
الرابعة : ولما ينفقه الوصي والكفيل من مال اليتيم حالتان : حالة يمكنه الإشهاد عليه ، فلا يقبل قوله إلا ببينة .
وحالة لا يمكنه الإشهاد عليه فقوله مقبول بغير بينة ، فمهما اشترى من العقار وما جرت العادة بالتوثق فيه لم يقبل قوله بغير بينة .
قال ابن خويزمنداد : ولذلك فرق أصحابنا بين أن يكون اليتيم في دار الوصي ينفق عليه فلا يكلف الإشهاد على نفقته وكسوته ؛ لأنه يتعذر عليه الإشهاد على ما يأكله ويلبسه في كل وقت ، ولكن إذا قال : أنفقت نفقة لسنة قبل منه ، وبين أن يكون عند أمه أو حاضنته فيدعي الوصي أنه كان ينفق عليه ، أو كان يعطي الأم أو الحاضنة النفقة والكسوة فلا يقبل قوله على الأم أو الحاضنة إلا ببينة أنها كانت تقبض ذلك له مشاهرة أو مساناة .
الخامسة : واختلف العلماء في الرجل ينكح نفسه من يتيمته ، وهل له أن يشتري لنفسه من مال يتيمه أو يتيمته ؟ فقال مالك : ولاية النكاح بالكفالة والحضانة أقوى منها بالقرابة ، حتى قال في الأعراب الذين يسلمون أولادهم في أيام المجاعة : إنهم ينكحونهم إنكاحهم ، فأما إنكاح الكافل والحاضن لنفسه فيأتي في " النساء " بيانه ، إن شاء الله تعالى .
وأما الشراء منه فقال مالك : يشتري في مشهور الأقوال ، وكذلك قال أبو حنيفة : له أن يشتري مال الطفل اليتيم لنفسه بأكثر من ثمن المثل ؛ لأنه إصلاح دل عليه ظاهر القرآن .
وقال الشافعي : لا يجوز ذلك في النكاح ولا في البيع ؛ لأنه لم يذكر في الآية التصرف ، بل قال : إصلاح لهم خير من غير أن يذكر فيه الذي يجوز له النظر .
وأبو حنيفة يقول : إذا كان الإصلاح خيرا فيجوز تزويجه ويجوز أن يزوج منه .
والشافعي لا يرى في التزويج إصلاحا إلا من جهة دفع الحاجة ، ولا حاجة قبل البلوغ .
وأحمد بن حنبل يجوز للوصي التزويج لأنه إصلاح .
والشافعي يجوز للجد التزويج مع الوصي ، وللأب في حق ولده الذي ماتت أمه لا بحكم هذه الآية .
وأبو حنيفة يجوز للقاضي تزويج اليتيم بظاهر القرآن .
وهذه المذاهب نشأت من هذه الآية ، فإن ثبت كون التزويج إصلاحا فظاهر الآية يقتضي جوازه .
ويجوز أن يكون معنى قوله تعالى : ويسألونك عن اليتامى أي يسألك القوام على اليتامى الكافلون لهم ، وذلك مجمل لا يعلم منه عين الكافل والقيم وما يشترط فيه من الأوصاف .
فإن قيل : يلزم ترك مالك أصله في التهمة والذرائع إذ جوز له الشراء من يتيمه ، فالجواب أن ذلك لا يلزم ، وإنما يكون ذلك ذريعة فيما يؤدى من الأفعال المحظورة إلى محظورة منصوص عليها ، وأما هاهنا فقد أذن الله سبحانه في صورة المخالطة ، ووكل الحاضنين في ذلك إلى أمانتهم بقوله : والله يعلم المفسد من المصلح وكل أمر مخوف وكل الله سبحانه المكلف إلى أمانته لا يقال فيه : إنه يتذرع إلى محظور به فيمنع منه ، كما جعل الله النساء مؤتمنات على فروجهن ، مع عظيم ما يترتب على قولهن في ذلك من الأحكام ، ويرتبط به من الحل والحرمة والأنساب ، وإن جاز أن يكذبن .
وكان طاوس إذا سئل عن شيء من أمر اليتامى قرأ : والله يعلم المفسد من المصلح .
وكان ابن سيرين أحب الأشياء إليه في مال اليتيم أن يجتمع نصحاؤه فينظرون الذي هو خير له ، ذكره البخاري .
وفي هذا دلالة على جواز الشراء منه لنفسه ، كما ذكرنا .
والقول الآخر أنه لا ينبغي للولي أن يشتري مما تحت يده شيئا ، لما يلحقه في ذلك من التهمة إلا أن يكون البيع في ذلك بيع سلطان في ملإ من الناس .
وقال محمد بن عبد الحكم : لا يشتري من التركة ، ولا بأس أن يدس من يشتري له منها إذا لم يعلم أنه من قبله .
السادسة : قوله تعالى : وإن تخالطوهم فإخوانكم هذه المخالطة كخلط المثل بالمثل كالتمر بالتمر .
وقال أبو عبيد : مخالطة اليتامى أن يكون لأحدهم المال ويشق على كافله أن يفرد طعامه عنه ، ولا يجد بدا من خلطه بعياله فيأخذ من مال اليتيم ما يرى أنه كافيه بالتحري فيجعله مع نفقة أهله ، وهذا قد يقع فيه الزيادة والنقصان ، فجاءت هذه الآية الناسخة بالرخصة فيه .
قال أبو عبيد : وهذا عندي أصل لما يفعله الرفقاء في الأسفار فإنهم يتخارجون النفقات بينهم بالسوية ، وقد يتفاوتون في قلة المطعم وكثرته ، وليس كل من قل مطعمه تطيب نفسه بالتفضل على رفيقه ، فلما كان هذا في أموال اليتامى واسعا كان في غيرهم أوسع ، ولولا ذلك لخفت أن يضيق فيه الأمر على الناس .
السابعة : قوله تعالى : فإخوانكم خبر لمبتدإ محذوف ، أي فهم إخوانكم ، والفاء جواب الشرط .
وقوله تعالى : والله يعلم المفسد من المصلح تحذير ، أي يعلم المفسد لأموال اليتامى من المصلح لها ، فيجازي كلا على إصلاحه وإفساده .
الثامنة : قوله تعالى : ولو شاء الله لأعنتكم روى الحكم عن مقسم عن ابن عباس : ولو شاء الله لأعنتكم قال : ( لو شاء لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقا ) .
وقيل : لأعنتكم لأهلككم ، عن الزجاج وأبي عبيدة .
وقال القتبي : لضيق عليكم وشدد ، ولكنه لم يشأ إلا التسهيل عليكم .
وقيل : أي لكلفكم ما يشتد عليكم أداؤه وأثمكم في مخالطتهم ، كما فعل بمن كان قبلكم ، ولكنه خفف عنكم .
والعنت : المشقة ، وقد عنت وأعنته غيره .
ويقال للعظم المجبور إذا أصابه شيء فهاضه : قد أعنته ، فهو عنت ومعنت .
وعنتت الدابة تعنت عنتا : إذا حدث في قوائمها كسر بعد جبر لا يمكنها معه جري .
وأكمة عنوت : شاقة المصعد .
وقال ابن الأنباري : أصل العنت التشديد ، فإذا قالت العرب : فلان يتعنت فلانا ويعنته فمرادها يشدد عليه ويلزمه ما يصعب عليه أداؤه ، ثم نقلت إلى معنى الهلاك .
والأصل ما وصفنا .
قوله تعالى : إن الله عزيز أي لا يمتنع عليه شيء .
حكيم يتصرف في ملكه بما يريد لا حجر عليه ، جل وتعالى علوا كبيرا .


شرح المفردات و معاني الكلمات : الدنيا , الآخرة , ويسألونك , اليتامى , إصلاح , خير , تخالطوهم , فإخوانكم , الله , يعلم , المفسد , المصلح , شاء , الله , لأعنتكم , الله , عزيز , حكيم , ويسألونك+عن+اليتامى+قل+إصلاح+لهم+خير+وإن+تخالطوهم+فإخوانكم , والله+يعلم+المفسد+من+المصلح , ولو+شاء+الله+لأعنتكم+إن+الله+عزيز+حكيم , عزيز+حكيم , الدنيا+والآخرة , شاء+الله ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. والذين في أموالهم حق معلوم
  2. فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم
  3. وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين
  4. وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم
  5. ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا
  6. ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء
  7. من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو
  8. فبأي آلاء ربكما تكذبان
  9. وإن عليكم لحافظين
  10. ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين

تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, April 25, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب