﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ۖ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾
[ البقرة: 234]

سورة : البقرة - Al-Baqarah  - الجزء : ( 2 )  -  الصفحة: ( 38 )

And those of you who die and leave wives behind them, they (the wives) shall wait (as regards their marriage) for four months and ten days, then when they have fulfilled their term, there is no sin on you if they (the wives) dispose of themselves in a just and honourable manner (i.e. they can marry). And Allah is Well-Acquainted with what you do.


والذين يموتون منكم، ويتركون زوجات بعدهم، يجب عليهن الانتظار بأنفسهن مدة أربعة أشهر وعشرة أيام، لا يخرجن من منزل الزوجية، ولا يتزيَّنَّ، ولا يتزوجن، فإذا انتهت المدة المذكورة فلا إثم عليكم يا أولياء النساء فيما يفعلن في أنفسهن من الخروج، والتزين، والزواج على الوجه المقرر شرعًا. والله سبحانه وتعالى خبير بأعمالكم ظاهرها وباطنها، وسيجازيكم عليها.

والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن - تفسير السعدي

أي: إذا توفي الزوج, مكثت زوجته, متربصة أربعة أشهر وعشرة أيام وجوبا، والحكمة في ذلك, ليتبين الحمل في مدة الأربعة, ويتحرك في ابتدائه في الشهر الخامس، وهذا العام مخصوص بالحوامل, فإن عدتهن بوضع الحمل، وكذلك الأمة, عدتها على النصف من عدة الحرة, شهران وخمسة أيام.
وقوله: { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ }- أي: انقضت عدتهن { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ }- أي: من مراجعتها للزينة والطيب، { بِالْمَعْرُوفِ }- أي: على وجه غير محرم ولا مكروه.
وفي هذا وجوب الإحداد مدة العدة, على المتوفى عنها زوجها, دون غيرها من المطلقات والمفارقات, وهو مجمع عليه بين العلماء.
{ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }- أي: عالم بأعمالكم, ظاهرها وباطنها, جليلها وخفيها, فمجازيكم عليها.
وفي خطابه للأولياء بقوله: { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ } دليل على أن الولي ينظر على المرأة, ويمنعها مما لا يجوز فعله ويجبرها على ما يجب, وأنه مخاطب بذلك, واجب عليه.

تفسير الآية 234 - سورة البقرة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن : الآية رقم 234 من سورة البقرة

 سورة البقرة الآية رقم 234

والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن - مكتوبة

الآية 234 من سورة البقرة بالرسم العثماني


﴿ وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا فَعَلۡنَ فِيٓ أَنفُسِهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ  ﴾ [ البقرة: 234]


﴿ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير ﴾ [ البقرة: 234]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة البقرة Al-Baqarah الآية رقم 234 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 234 من البقرة صوت mp3


تدبر الآية: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن

في تشريع عِدَّة المرأة المتوفَّى عنها زوجُها حفظٌ لحقِّ الرابطة الزوجيَّة التي تستحقُّ هذا الوفاءَ الكبير.
حفِظ الإسلام للأزواج حقوقَهما كاملة؛ فلا الزوج خانه أحدٌ لمَّا رحَل، ولا الزوجة حُرمت من غيره بعدما أفَل.
كثيرًا ما يذكِّر الله عزَّ وجلَّ عبادَه في الأحكام التي يوكِلُ شيئًا منها إلى أمانتهم، يذكِّرهم بعلمه المحيط بكلِّ شيء، فإن في ذِكر ذلك زاجرًا لهم عن الخيانة ودافعًا إلى الوفاء.

وقوله: يُتَوَفَّوْنَ- بالبناء للمجهول- أى تقبض أرواحهم فإن التوفي هو القبض.
يقال: توفيت مالي من فلان واستوفيته منه أى قبضته وأخذته.
قال-تبارك وتعالى-: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها أى يقبض الأنفس ويأخذها إليه بالموت حين انتهاء آجالها.
والمعنى: والذين يتوفاهم الله-تبارك وتعالى- منكم- أيها المسلمون- ويتركون من خلفهم أزواجا.
فعلى هؤلاء الأزواج اللائي ارتبطن برجالهم ارتباطا قويا متينا ثم فرق الموت بينهم وبينهن، عليهن أن يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً أى: عليهن أن ينتظرن انقضاء عدتهن فيحبسن أنفسهن عن الزواج وعن التزين وعن التعرض للخطاب مدة أربعة أشهر وعشر ليال، وفاء لحق الزوج المتوفى، واستبراء للرحم.
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: هذا أمر من الله-تبارك وتعالى- للنساء اللاتي يتوفى عنهن أزواجهن أن يعتددن أربعة أشهر وعشر ليال.
وهذا الحكم يشمل الزوجات المدخول بهن وغير المدخول بالإجماع، ومستند هذا الإجماع في غير المدخول بها عموم الآية الكريمة، وهذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها فقال: أقول فيها برأيى فإن يك صوابا فمن الله، وإن يك خطأ فمنى ومن الشيطان.
والله-تبارك وتعالى- ورسوله بريئان منه: لها الصداق كاملا.
وفي لفظ: لها صداق مثلها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث.
فقام معقل بن يسار فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قضى به في بروع بنت واشق.
ففرح عبد الله بذلك فرحا شديدا.
ولا يخرج من ذلك إلا المتوفى عنها زوجها وهي حامل فإن عدتها بوضع الحمل لعموم قوله-تبارك وتعالى-: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وكان ابن عباس يرى أن عليها أن تتربص بأبعد الأجلين من الوضع أو أربعة أشهر وعشرة أيام للجمع بين الآيتين» .
وقوله: وَالَّذِينَ اسم موصول مبتدأ.
ويُتَوَفَّوْنَ صلته، ومِنْكُمْ في موضع النصب على الحال من الواو في يُتَوَفَّوْنَ ويَتَرَبَّصْنَ وما بعده خبر عن الذين والرابط محذوف والتقدير: يتربصن بعدهم أربعة أشهر وعشرا.
والتعبير بقوله: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ تعبير دقيق حكيم أى: عليهن أن يمنعن أنفسهن عن النكاح وعن التزين وعن الخروج من منزل الزوجية- إلا إذا كانت هناك ضرورة لهذا الخروج- مدة أربعة أشهر وعشرة أيام، وذلك لأن المرأة المؤمنة الوفية يأبى عليها دينها ووفاؤها لزوجها المتوفى عنها، أن تعرض نفسها على غيره بعد فترة قصيرة من وفاته، فإن هذا أمر مستهجن في شرع الله وفي عرف العقلاء من الناس.
إذ هذه المدة التي جاءت في الآية التي حددها الله-تبارك وتعالى- لمعرفة براءة الرحم من الحمل، وهي التي تخف فيها مرارة الفراق بين زوجين ربط الله بينهما برابطة المودة والرحمة.
ولقد ألغى الإسلام بهذا التشريع عادات جاهلية ظالمة للمرأة فقد كانت المرأة في الجاهلية إذا توفى عنها زوجها تغلق على نفسها مكانا ضيقا في بيتها وتقضى فيه عاما كاملا حدادا على زوجها فأبطل الإسلام ذلك، ومن الأحاديث التي وردت في هذا المعنى ما ثبت في الصحيحين عن أم حبيبة وزينب بنت جحش- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا» .
والإحداد هو ترك الزينة، وعدم التعرض للخطاب، وعدم الخروج من منزل الزوجية إلا لضرورة.
وفي الصحيحين أيضا عن أم سلمة أن امرأة قالت يا رسول الله إن ابنتي توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفتكتحل؟ فقال: لا- مرتين أو ثلاثا- ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية تمكث سنة» .
قال ابن كثير بعد أن ساق هذين الحديثين: قالت زينب بنت أم سلمة: كانت المرأة إذا توفى عنها زوجها دخلت حفشا- أى مكانا ضيقا من البيت- ولبست شر ثيابها ولم تمس طبيا ولا شيئا حتى تمر سنة» .
وقال بعض العلماء: وقد حد الشارع للمتوفى عنها زوجها عدة هي في جملتها أكثر من عدة المطلقات، لأن تلك ثلاثة قروء تجيء عادة في نحو ثلاثة أشهر.
وهنا يرد سؤالان:أولهما: لماذا كانت العدة في المتوفى عنها زوجها بالأشهر دون الحيض فلم تجعل أربع حيضات بدل ثلاث؟ ولماذا كانت الزيادة؟ ولم نجد أحدا تصدى لبيان الحكمة في جعلها بالأشهر، ويبدو لنا أن الحكمة التي تدركها عقولنا- وإن كانت الحكمة السامية قد تعلو على مدار كنا-: هي أن عدة الوفاة تكون للمدخول بها وغير المدخول بها وللصغيرة والكبيرة، والأساس فيها هو الحداد على الزواج السابق الذي انتهى بوفاة أحد ركنيه، فلزم أن يكون بأمر يشترك فيه الجميع مادام السبب واحدا في الجميع.
وفوق ذلك أن العدة في الوفاة لو قدرت بالحيض وهو أمر لا يعلم إلا من جهة المرأة، فربما تدفعها الرغبة في الزواج إلى الكذب فتدعيه وهو لم يقع، وفي المطلقات العدة حق للمطلق فيستطيع أن ينكر عليها أما في حال الوفاة فصاحب الحق الأول قد مات وصار الحق لله خالصا.
فحد ذلك الحق بالأشهر والأيام حتى لا يكون مساغا للكذب وادعاء ما لم يحصل، لأن الأيام والأشهر تعرف بالكتاب والحساب وليست أمرا يعرف من جهتها فقط.
أما الجواب عن الأمر الثاني وهو لماذا كانت العدة بالوفاة أكثر في الجملة من العدة الناشئة عن الطلاق؟ فيبدو بادى الرأى من الفرق بين حال الطلاق وحال الوفاة أن الطلاق نتيجة شقاق.
فالحداد على الزوج الذي ينشئه ليس قويا، ومعنى براءة الرحم وإعطاء الزوج فرصة للرجعة يكون أوضح في معنى العدة، ويكفى لذلك نحو ثلاثة أشهر.
أما حال الموت فمرارة الفراق فيها أوضح وأشد، ومعنى الحداد فيها يغلب معنى براءة الرحم، ولذا تجب على المدخول بها وغير المدخول بها، وإن الشارع قد جعلها لذلك أطول من عدة الطلاق.
وقد يرد سؤال ثالث وهو: لماذا حددت العدة بأربعة أشهر وعشر؟ وإن تقدير الأعداد كما يقرر الفقهاء أمر توقيفى خالص لا يجرى فيه القياس ولكن ليس معنى ذلك أنه لا حكمة فيه، وأن الحكمة يقررها العلماء في أمرين:أولهما: أن الأشهر الأربعة هي التي يظهر فيها الحمل ويستبين، وقد جعلت العشر بعدها للاحتياط.
وثانيهما: أن مدة أربعة الأشهر هي المدة التي قررها الشارع أقصى مدة للحرمان من الرجال.
ولذلك جعل الإيلاء مدته أربعة أشهر.. فكان من التنسيق بين الأحكام الشرعية أن تجعل مدة الإحداد على الزواج في حدود هذه المدة ومقاربة لها في الجملة».
وقوله: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ بيان لما يترتب على انتهاء المدة التي حددها الشرع للمرأة التي مات عنها زوجها.
أى: فإذا انتهت المدة التي حددها الشرع للمرأة التي مات عنها زوجها لتتجنب فيها التزين والتعرض للنكاح.
فلا حرج عليكم بعد ذلك أيها المسلمون أو أيها الأولياء- في ترك هؤلاء الزوجات الأرامل يفعلن في أنفسهن ما تفعله المرأة الراغبة في الزواج من التزين والتجمل ولكن بالطريقة التي يقرها الشرع، وترضاها العقول السليمة، والأخلاق المستقيمة.
وقوله: بِالْمَعْرُوفِ متعلق بفعلن، أو حال من النون أى حالة كونهن متلبسات بالمعروف.
ومفهومه أنهن لو خرجن عن المعروف شرعا بأن تبرجن وأظهرن ما أمر الله بستره فإنه في هذه الحالة يجب على أوليائهن أن يمنعوهن من ذلك.
ثم ختم- سبحانه - الآية بقوله: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ أى أنه محيط بدقائق أعمالكم لا يخفى عليه منها شيء فإذا وقفتم أنتم ونساؤكم عند حدوده أسعدكم في الدنيا وأجزل مثوبتكم في الآخرة، وإن تجاورتم حدوده عاقبكم بما تستحقون يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.
وبذلك نرى الآية الكريمة قد رسمت للناس أفضل وسائل الحياة الشريفة، فأرشدت المرأة التي مات عنها زوجها إلى ما يحفظ لها كرامتها، ويدفع عنها ما يتنافى مع العفة والشرف والوفاء.
ثم بين- سبحانه - حكم الخطية للنساء المعتدات بيانا يقوم على أدب النفس، وأدب الاجتماع، ورعاية المشاعر والعواطف مع رعاية المصالح والضرورات فقال-تبارك وتعالى-:
قوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير فيه خمس وعشرون مسألة : الأولى : قوله تعالى : والذين يتوفون منكم لما ذكر عز وجل عدة الطلاق واتصل بذكرها ذكر الإرضاع ، ذكر عدة الوفاة أيضا ، لئلا يتوهم أن عدة الوفاة مثل عدة الطلاق .
( والذين ) أي والرجال الذين يموتون منكم .
ويذرون أزواجا أي يتركون أزواجا ، أي ولهم زوجات ، فالزوجات يتربصن ، قال معناه الزجاج واختاره النحاس .
وحذف المبتدإ في الكلام كثير ، كقوله تعالى : قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار ؛ أي هو النار .
وقال أبو علي الفارسي : تقديره والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بعدهم ، وهو كقولك : السمن منوان بدرهم ، أي منوان منه بدرهم .
وقيل : التقدير وأزواج الذين يتوفون منكم يتربصن ، فجاءت العبارة في غاية الإيجاز وحكى المهدوي عن سيبويه أن المعنى : وفيما يتلى عليكم الذين يتوفون .
وقال بعض نحاة الكوفة : الخبر عن " الذين " متروك ، والقصد الإخبار عن أزواجهم بأنهن يتربصن ، وهذا اللفظ معناه الخبر عن المشروعية في أحد الوجهين كما تقدم .
الثانية : هذه الآية في عدة المتوفى عنها زوجها ، وظاهرها العموم ومعناها الخصوص .
وحكى المهدوي عن بعض العلماء أن الآية تناولت الحوامل ثم نسخ ذلك بقوله وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن .
وأكثر العلماء على أن هذه الآية ناسخة لقوله عز وجل : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ؛ لأن الناس أقاموا برهة من الإسلام إذا توفي الرجل وخلف امرأته حاملا أوصى لها زوجها بنفقة سنة وبالسكنى ما لم تخرج فتتزوج ، ثم نسخ ذلك بأربعة أشهر وعشر وبالميراث .
وقال قوم : ليس في هذا نسخ وإنما هو نقصان من الحول ، كصلاة المسافر لما نقصت من الأربع إلى الاثنتين لم يكن هذا نسخا .
وهذا غلط بين ؛ لأنه إذا كان حكمها أن تعتد سنة إذا لم تخرج ، فإن خرجت لم تمنع ، ثم أزيل هذا ولزمتها العدة أربعة أشهر وعشرا ، وهذا هو النسخ ، وليست صلاة المسافر من هذا في شيء .
وقد قالت عائشة رضي الله عنها : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ، فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر بحالها ، وسيأتي .
الثالثة : عدة الحامل المتوفى عنها زوجها وضع حملها عند جمهور العلماء .
وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس أن تمام عدتها آخر الأجلين ، واختاره سحنون من علمائنا .
وقد روي هذا عن ابن عباس أنه رجع عن هذا .
والحجة لما روي عن علي وابن عباس روم الجمع بين قوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا وبين قوله : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ، وذلك أنها إذا قعدت أقصى الأجلين فقد عملت بمقتضى الآيتين ، وإن اعتدت بوضع الحمل فقد تركت العمل بآية عدة الوفاة ، والجمع أولى من الترجيح باتفاق أهل الأصول .
وهذا نظر حسن لولا ما يعكر عليه من حديث سبيعة الأسلمية وأنها نفست بعد وفاة زوجها بليال ، وأنها ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تتزوج ، أخرجه في الصحيح .
فبين الحديث أن قوله تعالى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن محمول على عمومه في المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن ، وأن عدة الوفاة مختصة بالحائل من الصنفين ، ويعتضد هذا بقول ابن مسعود : ومن شاء باهلته أن آية النساء القصرى نزلت بعد آية عدة الوفاة .
قال علماؤنا : وظاهر كلامه أنها ناسخة لها وليس ذلك مراده .
والله أعلم .
وإنما يعني أنها مخصصة لها ، فإنها أخرجت منها بعض متناولاتها .
وكذلك حديث سبيعة متأخر عن عدة الوفاة ؛ لأن قصة سبيعة كانت بعد حجة الوداع ، وزوجها هو سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي وهو ممن شهد بدرا ، توفي بمكة حينئذ وهي حامل ، وهو الذي رثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن توفي بمكة ، وولدت بعده بنصف شهر .
وقال البخاري : بأربعين ليلة .
وروى مسلم من حديث عمر بن عبد الله بن الأرقم أن سبيعة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قالت : فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي ، وأمرني بالتزوج إن بدا لي .
قال ابن شهاب : ولا أرى بأسا أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها ، غير أن زوجها لا يقربها حتى تطهر ، وعلى هذا جمهور العلماء وأئمة الفقهاء .
وقال الحسن والشعبي والنخعي وحماد : لا تنكح النفساء ما دامت في دم نفاسها .
فاشترطوا شرطين : وضع الحمل ، والطهر من دم النفاس .
والحديث حجة عليهم ، ولا حجة لهم في قوله : فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب كما في صحيح مسلم وأبي داود ؛ لأن ( تعلت ) وإن كان أصله طهرت من دم نفاسها - على ما قاله الخليل - فيحتمل أن يكون المراد به هاهنا تعلت من آلام نفاسها ، أي استقلت من أوجاعها .
ولو سلم أن معناه ما قال الخليل فلا حجة فيه ، وإنما الحجة في قوله عليه السلام لسبيعة : قد حللت حين وضعت فأوقع الحل في حين الوضع وعلقه عليه ، ولم يقل إذا انقطع دمك ولا إذا طهرت ، فصح ما قاله الجمهور .
الرابعة : ولا خلاف بين العلماء على أن أجل كل حامل مطلقة يملك الزوج رجعتها أو لا يملك ، حرة كانت أو أمة أو مدبرة أو مكاتبة أن تضع حملها .
واختلفوا في أجل الحامل المتوفى عنها كما تقدم ، وقد أجمع الجميع بلا خلاف بينهم أن رجلا لو توفي وترك امرأة حاملا فانقضت أربعة أشهر وعشر أنها لا تحل حتى تلد ، فعلم أن المقصود الولادة .
الخامسة : قوله تعالى : ( يتربصن ) التربص : التأني والتصبر عن النكاح ، وترك الخروج عن مسكن النكاح وذلك بألا تفارقه ليلا .
ولم يذكر الله تعالى السكنى للمتوفى عنها في كتابه كما ذكرها للمطلقة بقوله تعالى : أسكنوهن وليس في لفظ العدة في كتاب الله تعالى ما يدل على الإحداد ، وإنما قال : يتربصن فبينت السنة جميع ذلك .
والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم متظاهرة بأن التربص في الوفاة إنما هو بإحداد ، وهو الامتناع عن الزينة ولبس المصبوغ الجميل والطيب ونحوه ، وهذا قول جمهور العلماء .
وقال الحسن بن أبي الحسن : ليس الإحداد بشيء ، إنما تتربص عن الزوج ، ولها أن تتزين وتتطيب ، وهذا ضعيف لأنه خلاف السنة على ما نبينه إن شاء الله تعالى .
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للفريعة بنت مالك بن سنان وكانت متوفى عنها : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا ، وهذا حديث ثابت أخرجه مالك عن سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ، رواه عنه مالك والثوري ووهيب بن خالد وحماد بن زيد وعيسى بن يونس وعدد كثير وابن عيينة والقطان وشعبة ، وقد رواه مالك عن ابن شهاب وحسبك ، قال الباجي : لم يرو عنه غيره ، وقد أخذ به عثمان بن عفان .
قال أبو عمر : وقضى به في اعتداد المتوفى عنها في بيتها ، وهو حديث معروف مشهور عند علماء الحجاز والعراق أن المتوفى عنها زوجها عليها أن تعتد في بيتها ولا تخرج عنه ، وهو قول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق ومصر .
وكان داود يذهب إلى أن المتوفى عنها زوجها ليس عليها أن تعتد في بيتها وتعتد حيث شاءت ؛ لأن السكنى إنما ورد به القرآن في المطلقات ، ومن حجته أن المسألة مسألة خلاف .
قالوا : وهذا الحديث إنما ترويه امرأة غير معروفة بحمل العلم ، وإيجاب السكنى إيجاب حكم ، والأحكام لا تجب إلا بنص كتاب الله أو سنة أو إجماع .
قال أبو عمر : أما السنة فثابتة بحمد الله ، وأما الإجماع فمستغنى عنه بالسنة ؛ لأن الاختلاف إذا نزل في مسألة كانت الحجة في قول من وافقته السنة ، وبالله التوفيق : وروي عن علي وابن عباس وجابر وعائشة مثل قول داود ، وبه قال جابر بن زيد وعطاء والحسن البصري .
قال ابن عباس : إنما قال الله تعالى : يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ولم يقل يعتددن في بيوتهن ، ولتعتد حيث شاءت ، وروي عن أبي حنيفة .
وذكر عبد الرزاق قال : حدثنا معمر عن الزهري عن عروة قال : خرجت عائشة بأختها أم كلثوم - حين قتل عنها زوجها طلحة بن عبيد الله - إلى مكة في عمرة ، وكانت تفتي المتوفى عنها زوجها بالخروج في عدتها .
قال : وحدثنا الثوري عن عبيد الله بن عمر أنه سمع القاسم بن محمد يقول : أبى الناس ذلك عليها .
قال : وحدثنا معمر عن الزهري قال : أخذ المترخصون في المتوفى عنها زوجها بقول عائشة ، وأخذ أهل الورع والعزم بقول ابن عمر .
وفي الموطأ : أن عمر بن الخطاب كان يرد المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء يمنعهن الحج .
وهذا من عمر رضي الله عنه اجتهاد ؛ لأنه كان يرى اعتداد المرأة في منزل زوجها المتوفى عنها لازما لها ، وهو مقتضى القرآن والسنة ، فلا يجوز لها أن تخرج في حج ولا عمرة حتى تنقضي عدتها .
وقال مالك : ترد ما لم تحرم .
السادسة : إذا كان الزوج يملك رقبة المسكن فإن للزوجة العدة فيه ، وعليه أكثر الفقهاء : مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم لحديث الفريعة .
وهل يجوز بيع الدار إذا كانت ملكا للمتوفى وأراد ذلك الورثة ، فالذي عليه جمهور أصحابنا أن ذلك جائز ، ويشترط فيه العدة للمرأة .
قال ابن القاسم : لأنها أحق بالسكنى من الغرماء .
وقال محمد بن الحكم : البيع فاسد ؛ لأنها قد ترتاب فتمتد عدتها .
وجه قول ابن القاسم : أن الغالب السلامة ، والريبة نادرة وذلك لا يؤثر في فساد العقود ، فإن وقع البيع فيه بهذا الشرط فارتابت ، قال مالك في كتاب محمد : هي أحق بالمقام حتى تنقضي الريبة ، وأحب إلينا أن يكون للمشتري الخيار في فسخ البيع أو إمضائه ولا يرجع بشيء ؛ لأنه دخل على العدة المعتادة ، ولو وقع البيع بشرط زوال الريبة كان فاسدا .
وقال سحنون : لا حجة للمشتري وإن تمادت الريبة إلى خمس سنين ؛ لأنه دخل على العدة والعدة قد تكون خمس سنين ، ونحو هذا روى أبو زيد عن ابن القاسم .
السابعة : فإن كان للزوج السكنى دون الرقبة ، فلها السكنى في مدة العدة ، خلافا لأبي حنيفة والشافعي ، لقوله عليه السلام للفريعة - وقد علم أن زوجها لا يملك رقبة المسكن - : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله .
لا يقال إن المنزل كان لها ، فلذلك قال لها : ( امكثي في بيتك ) فإن معمرا روى عن الزهري أنها ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أن زوجها قتل ، وأنه تركها في مسكن ليس لها واستأذنته ، وذكر الحديث .
ولنا من جهة المعنى أنه ترك دارا يملك سكناها ملكا لا تبعة عليه فيه ، فلزم أن تعتد الزوجة فيه ، أصل ذلك إذا ملك رقبتها .
الثامنة : وهذا إذا كان قد أدى الكراء ، وأما إذا كان لم يؤد الكراء فالذي في المدونة : أنه لا سكنى لها في مال الميت وإن كان موسرا ؛ لأن حقها إنما يتعلق بما يملكه من السكنى ملكا تاما ، وما لم ينقد عوضه لم يملكه ملكا تاما ، وإنما ملك العوض الذي بيده ، ولا حق في ذلك للزوجة إلا بالميراث دون السكنى ؛ لأن ذلك مال وليس بسكنى .
وروى محمد عن مالك أن الكراء لازم للميت في ماله .
التاسعة : قوله صلى الله عليه وسلم للفريعة : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله يحتمل أنه أمرها بذلك لما كان زوجها قد أدى كراء المسكن ، أو كان أسكن فيه إلى وفاته ، أو أن أهل المنزل أباحوا لها العدة فيه بكراء أو غير كراء ، أو ما شاء الله تعالى من ذلك مما رأى به أن المقام لازم لها فيه حتى تنقضي عدتها .
العاشرة : واختلفوا في المرأة يأتيها نعي زوجها وهي في بيت غير بيت زوجها ، فأمرها بالرجوع إلى مسكنه وقراره مالك بن أنس ، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه .
وقال سعيد بن المسيب والنخعي : تعتد حيث أتاها الخبر ، لا تبرح منه حتى تنقضي العدة .
قال ابن المنذر : قول مالك صحيح ، إلا أن يكون نقلها الزوج إلى مكان فتلزم ذلك المكان .
الحادية عشرة : ويجوز لها أن تخرج في حوائجها من وقت انتشار الناس بكرة إلى وقت هدوئهم بعد العتمة ، ولا تبيت إلا في ذلك المنزل .
وفي البخاري ومسلم عن أم عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا ، ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب ، ولا تكتحل ، ولا تمس طيبا إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار .
وفي حديث أم حبيبة : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا الحديث .
الإحداد : ترك المرأة الزينة كلها من اللباس والطيب والحلي والكحل والخضاب بالحناء ما دامت في عدتها ؛ لأن الزينة داعية إلى الأزواج ، فنهيت عن ذلك قطعا للذرائع ، وحماية لحرمات الله تعالى أن تنتهك ، وليس دهن المرأة رأسها بالزيت والشيرج من الطيب في شيء .
يقال : امرأة حاد ومحد .
قال الأصمعي : ولم نعرف ( حدت ) .
وفاعل ( لا يحل ) المصدر الذي يمكن صياغته من ( تحد ) مع ( أن ) المرادة ، فكأنه قال : الإحداد .
الثانية عشرة : وصفه عليه السلام المرأة بالإيمان يدل على صحة أحد القولين عندنا في الكتابية المتوفى عنها زوجها أنها لا إحداد عليها ، وهو قول ابن كنانة وابن نافع ، ورواه أشهب عن مالك ، وبه قال أبو حنيفة وابن المنذر ، وروي عن ابن القاسم أن عليها الإحداد كالمسلمة ، وبه قال الليث والشافعي وأبو ثور وعامة أصحابنا ؛ لأنه حكم من أحكام العدة فلزمت الكتابية للمسلم كلزوم المسكن والعدة .
الثالثة عشرة : وفي قوله عليه السلام : ( فوق ثلاث إلا على زوج ) دليل على تحريم إحداد المسلمات على غير أزواجهن فوق ثلاث ، وإباحة الإحداد عليهم ثلاثا تبدأ بالعدد من الليلة التي تستقبلها إلى آخر ثالثها ، فإن مات حميمها في بقية يوم أو ليلة ألغته وحسبت من الليلة القابلة .
الرابعة عشرة : هذا الحديث بحكم عمومه يتناول الزوجات كلهن المتوفى عنهن أزواجهن ، فيدخل فيه الإماء والحرائر والكبار والصغار ، وهو مذهب الجمهور من العلماء .
وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا إحداد على أمة ولا على صغيرة ، حكاه عنه القاضي أبو الوليد الباجي .
قال ابن المنذر : أما الأمة الزوجة فهي داخلة في جملة الأزواج وفي عموم الأخبار ، وهو قول مالك والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي ، ولا أحفظ في ذلك عن أحد خلافا ، ولا أعلمهم يختلفون في الإحداد على أم الولد إذا مات سيدها ؛ لأنها ليست بزوجة ، والأحاديث إنما جاءت في الأزواج .
قال الباجي : الصغيرة إذا كانت ممن تعقل الأمر والنهي وتلتزم ما حد لها أمرت بذلك ، وإن كانت لا تدرك شيئا من ذلك لصغرها فروى ابن مزين عن عيسى يجنبها أهلها جميع ما تجتنبه الكبيرة ، وذلك لازم لها .
والدليل على وجوب الإحداد على الصغيرة ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سألته امرأة عن بنت لها توفي عنها زوجها فاشتكت عينها أفتكحلها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا ) مرتين أو ثلاثا ، كل ذلك يقول ( لا ) ولم يسأل عن سنها ، ولو كان الحكم يفترق بالصغر والكبر لسأل عن سنها حتى يبين الحكم ، وتأخير البيان في مثل هذا لا يجوز ، وأيضا فإن كل من لزمتها العدة بالوفاة لزمها الإحداد كالكبيرة .
الخامسة عشرة : : قال ابن المنذر : ولا أعلم خلافا أن الخضاب داخل في جملة الزينة المنهي عنها .
وأجمعوا على أنه لا يجوز لها لباس الثياب المصبغة والمعصفرة ، إلا ما صبغ بالسواد فإنه رخص فيه عروة بن الزبير ومالك والشافعي ، وكرهه الزهري .
وقال الزهري : لا تلبس ثوب عصب ، وهو خلاف الحديث .
وفي المدونة قال مالك : لا تلبس رقيق عصب اليمن ، ووسع في غليظه .
قال ابن القاسم : لأن رقيقه بمنزلة الثياب المصبغة وتلبس رقيق الثياب وغليظه من الحرير والكتان والقطن .
قال ابن المنذر : ورخص كل من أحفظ عنه في لباس البياض ، قال القاضي عياض : ذهب الشافعي إلى أن كل صبغ كان زينة لا تمسه الحاد رقيقا كان أو غليظا .
ونحوه للقاضي عبد الوهاب قال : كل ما كان من الألوان تتزين به النساء لأزواجهن فلتمتنع منه الحاد .
ومنع بعض مشايخنا المتأخرين جيد البياض الذي يتزين به ، وكذلك الرفيع من السواد .
وروى ابن المواز عن مالك : لا تلبس حليا وإن كان حديدا ، وفي الجملة أن كل ما تلبسه المرأة على وجه ما يستعمل عليه الحلي من التجمل فلا تلبسه الحاد .
ولم ينص أصحابنا على الجواهر واليواقيت والزمرد وهو داخل في معنى الحلي .
والله أعلم .
السادسة عشرة : وأجمع الناس على وجوب الإحداد على المتوفى عنها زوجها ، إلا الحسن فإنه قال : ليس بواجب ، واحتج بما رواه عبد الله بن شداد بن الهاد عن أسماء بنت عميس قالت : لما أصيب جعفر بن أبي طالب قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : تسلبي ثلاثا ثم اصنعي ما شئت .
قال ابن المنذر : كان الحسن البصري من بين سائر أهل العلم لا يرى الإحداد ، وقال : المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها زوجها تكتحلان وتختضبان وتصنعان ما شاءا .
وقد ثبتت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بالإحداد ، وليس لأحد بلغته إلا التسليم ، ولعل الحسن لم تبلغه ، أو بلغته فتأولها بحديث أسماء بنت عميس أنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تحد على جعفر وهى امرأته ، فأذن لها ثلاثة أيام ثم بعث إليها بعد ثلاثة أيام أن تطهري واكتحلي .
قال ابن المنذر ، وقد دفع أهل العلم هذا الحديث بوجوه ، وكان أحمد بن حنبل يقول : هذا الشاذ من الحديث لا يؤخذ به ، وقاله إسحاق .
السابعة عشرة : ذهب مالك والشافعي إلى أن لا إحداد على مطلقة ، رجعية كانت أو بائنة واحدة أو أكثر ، وهو قول ربيعة وعطاء .
وذهب الكوفيون : أبو حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي وأبو ثور وأبو عبيد إلى أن المطلقة ثلاثا عليها الإحداد ، وهو قول سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن سيرين والحكم بن عيينة .
قال الحكم : هو عليها أوكد وأشد منه على المتوفى عنها زوجها ، ومن جهة المعنى أنهما جميعا في عدة يحفظ بها النسب .
وقال الشافعي وأحمد وإسحاق : الاحتياط أن تتقي المطلقة الزينة .
قال ابن المنذر : وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا دليل على أن المطلقة ثلاثا والمطلق حي لا إحداد عليها .
الثامنة عشرة : أجمع العلماء على أن من طلق زوجته طلاقا يملك رجعتها ثم توفي قبل انقضاء العدة أن عليها عدة الوفاة وترثه .
واختلفوا في عدة المطلقة ثلاثا في المرض ، فقالت طائفة تعتد عدة الطلاق ، هذا قول مالك والشافعي ويعقوب وأبي عبيد وأبي ثور .
قال ابن المنذر : وبه نقول ؛ لأن الله تعالى جعل عدة المطلقات الأقراء ، وقد أجمعوا على المطلقة ثلاثا لو ماتت لم يرثها المطلق ، وذلك لأنها غير زوجة ، وإذا كانت غير زوجة فهو غير زوج لها .
وقال الثوري : تعتد بأقصى العدتين .
وقال النعمان ومحمد : عليها أربعة أشهر وعشر تستكمل في ذلك ثلاث حيض .
التاسعة عشرة : واختلفوا في المرأة يبلغها وفاة زوجها أو طلاقه ، فقالت طائفة : العدة في الطلاق والوفاة من يوم يموت أو يطلق ، هذا قول ابن عمر وابن مسعود وابن عباس ، وبه قال مسروق وعطاء وجماعة من التابعين ، وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد والثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي وابن المنذر .
وفيه قول ثان وهو أن عدتها من يوم يبلغها الخبر ، روي هذا القول عن علي ، وبه قال الحسن البصري وقتادة وعطاء الخراساني وجلاس بن عمرو .
وقال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز : إن قامت بينة فعدتها من يوم مات أو طلق ، وإن لم تقم بينة فمن يوم يأتيها الخبر ، والصحيح الأول ؛ لأنه تعالى علق العدة بالوفاة أو الطلاق ، ولأنها لو علمت بموته فتركت الإحداد انقضت العدة ، فإذا تركته مع عدم العلم فهو أهون ، ألا ترى أن الصغيرة تنقضي عدتها ولا إحداد عليها .
وأيضا فقد أجمع العلماء على أنها لو كانت حاملا لا تعلم طلاق الزوج أو وفاته ثم وضعت حملها أن عدتها منقضية .
ولا فرق بين هذه المسألة وبين المسألة المختلف فيها .
ووجه من قال بالعدة من يوم يبلغها الخبر ، أن العدة عبادة بترك الزينة وذلك لا يصح إلا بقصد ونية ، والقصد لا يكون إلا بعد العلم .
والله أعلم .
الموفية عشرين : عدة الوفاة تلزم الحرة والأمة والصغيرة والكبيرة والتي لم تبلغ المحيض ، والتي حاضت واليائسة من المحيض والكتابية - دخل بها أو لم يدخل بها إذا كانت غير حامل - وعدة جميعهن إلا الأمة أربعة أشهر وعشرة أيام ، لعموم الآية في قوله تعالى : يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا .
وعدة الأمة المتوفى عنها زوجها شهران وخمس ليال .
قال ابن العربي : نصف عدة الحرة إجماعا ، إلا ما يحكى عن الأصم فإنه سوى فيها بين الحرة والأمة وقد سبقه الإجماع ، لكن لصممه لم يسمع .
قال الباجي : ولا نعلم في ذلك خلافا إلا ما يروى عن ابن سيرين ، وليس بالثابت عنه أنه قال : عدتها عدة الحرة .
قلت : قول الأصم صحيح من حيث النظر ، فإن الآيات الواردة في عدة الوفاة والطلاق بالأشهر والأقراء عامة في حق الأمة والحرة ، فعدة الحرة والأمة سواء على هذا النظر ، فإن العمومات لا فصل فيها بين الحرة والأمة ، وكما استوت الأمة والحرة في النكاح فكذلك تستوي معها في العدة .
والله أعلم .
قال ابن العربي : وروي عن مالك أن الكتابية تعتد بثلاث حيض إذ يبرأ الرحم ، وهذا منه فاسد جدا ؛ لأنه أخرجها من عموم آية الوفاة وهي منها وأدخلها في عموم آية الطلاق وليست منها .
قلت : وعليه بناء ما في المدونة لا عدة عليها إن كانت غير مدخول بها ؛ لأنه قد علم براءة رحمها ، هذا يقتضي أن تتزوج مسلما أو غيره إثر وفاته ؛ لأنه إذا لم يكن عليها عدة للوفاة ولا استبراء للدخول فقد حلت للزواج .
الحادية والعشرون : واختلفوا في عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها ، فقالت طائفة : عدتها أربعة أشهر وعشر ، قاله جماعة من التابعين منهم سعيد والزهري والحسن البصري وغيرهم ، وبه قال الأوزاعي وإسحاق .
وروى أبو داود والدارقطني عن قبيصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص قال : لا تلبسوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر ، يعني في أم الولد ، لفظ أبي داود .
وقال الدارقطني : موقوف .
وهو الصواب ، وهو مرسل لأن قبيصة لم يسمع من عمرو .
قال ابن المنذر : وضعف أحمد وأبو عبيد هذا الحديث .
وروي عن علي وابن مسعود أن عدتها ثلاث حيض ، وهو قول عطاء وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأصحاب الرأي ، قالوا : لأنها عدة تجب في حال الحرية ، فوجب أن تكون عدة كاملة ، أصله عدة الحرة .
وقال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور : عدتها حيضة ، وهو قول ابن عمر .
وروي عن طاوس أن عدتها نصف عدة الحرة المتوفى عنها ، وبه قال قتادة .
قال ابن المنذر : وبقول ابن عمر أقول ؛ لأنه الأقل مما قيل فيه وليس فيه سنة تتبع ولا إجماع يعتمد عليه .
وذكر اختلافهم في عدتها في العتق كهو في الوفاة سواء ، إلا أن الأوزاعي جعل عدتها في العتق ثلاث حيض .
قلت : أصح هذه الأقوال قول مالك ؛ لأن الله سبحانه قال : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء فشرط في تربص الأقراء أن يكون عن طلاق ، فانتفى بذلك أن يكون عن غيره .
وقال : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فعلق وجوب ذلك بكون المتربصة زوجة ، فدل على أن الأمة بخلافها .
وأيضا فإن هذه أمة موطوءة بملك اليمين فكان استبراؤها بحيضة ، أصل ذلك الأمة .
الثانية والعشرون : إذا ثبت هذا فهل عدة أم الولد استبراء محض أو عدة ، فالذي ذكره أبو محمد في معونته أن الحيضة استبراء وليست بعدة .
وفي المدونة أن أم الولد عليها العدة ، وأن عدتها حيضة كعدة الحرة ثلاث حيض .
وفائدة الخلاف أنا إذا قلنا هي عدة فقد قال مالك : لا أحب أن تواعد أحدا ينكحها حتى تحيض حيضة .
قال ابن القاسم : وبلغني عنه أنه قال : لا تبيت إلا في بيتها ، فأثبت لمدة استبرائها حكم العدة .
الثالثة والعشرون : أجمع أهل العلم على أن نفقة المطلقة ثلاثا أو مطلقة للزوج عليها رجعة وهي حامل واجبة ، لقوله تعالى : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن .
واختلفوا في وجوب نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها ، فقالت طائفة : لا نفقة لها ، كذلك قال جابر بن عبد الله وابن عباس وسعيد بن المسيب وعطاء والحسن وعكرمة وعبد الملك بن يعلى ويحيى الأنصاري وربيعة ومالك وأحمد وإسحاق ، وحكى أبو عبيد ذلك عن أصحاب الرأي .
وفيه قول ثان وهو أن لها النفقة من جميع المال ، وروي هذا القول عن علي وعبد الله وبه قال ابن عمر وشريح وابن سيرين والشعبي وأبو العالية والنخعي وجلاس بن عمرو وحماد بن أبي سليمان وأيوب السختياني وسفيان الثوري وأبو عبيد .
قال ابن المنذر : وبالقول الأول أقول ؛ لأنهم أجمعوا على أن نفقة كل من كان يجبر على نفقته وهو حي مثل أولاده الأطفال وزوجته ووالديه تسقط عنه ، فكذلك تسقط عنه نفقة الحامل من أزواجه .
وقال القاضي أبو محمد : لأن نفقة الحمل ليست بدين ثابت فتتعلق بماله بعد موته ، بدليل أنها تسقط عنه بالإعسار فبأن تسقط بالموت أولى وأحرى .
الرابعة والعشرون : قوله تعالى : أربعة أشهر وعشرا اختلف العلماء في الأربعة الأشهر والعشر التي جعلها الله ميقاتا لعدة المتوفى عنها زوجها ، هل تحتاج فيها إلى حيضة أم لا ، فقال بعضهم : لا تبرأ إذا كانت ممن توطأ إلا بحيضة تأتي بها في الأربعة الأشهر والعشر ، وإلا فهي مسترابة .
وقال آخرون : ليس عليها أكثر من أربعة أشهر وعشر ، إلا أن تستريب نفسها ريبة بينة ؛ لأن هذه المدة لا بد فيها من الحيض في الأغلب من أمر النساء إلا أن تكون المرأة ممن لا تحيض أو ممن عرفت من نفسها أو عرف منها أن حيضتها لا تأتيها إلا في أكثر من هذه المدة .
الخامسة والعشرون : قوله تعالى : وعشرا روى وكيع عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أنه سئل : لم ضمت العشر إلى الأربعة الأشهر ؟ قال : لأن الروح تنفخ فيها ، وسيأتي في الحج بيان هذا إن شاء الله تعالى .
وقال الأصمعي : ويقال إن ولد كل حامل يرتكض في نصف حملها فهي مركض .
وقال غيره : أركضت فهي مركضة وأنشد : ( للشاعر أوس بن علفاء الهجيمي ) :ومركضة صريحي أبوها تهان لها الغلامة والغلاموقال الخطابي : قوله وعشرا يريد - والله أعلم - الأيام بلياليها .
وقال المبرد : إنما أنث العشر لأن المراد به المدة .
المعنى وعشر مدد ، كل مدة من يوم وليلة ، فالليلة مع يومها مدة معلومة من الدهر .
وقيل : لم يقل عشرة تغليبا لحكم الليالي إذ الليلة أسبق من اليوم والأيام في ضمنها .
( وعشرا ) أخف في اللفظ ، فتغلب الليالي على الأيام إذا اجتمعت في التاريخ ؛ لأن ابتداء الشهور بالليل عند الاستهلال ، فلما كان أول الشهر الليلة غلب الليلة ، تقول : صمنا خمسا من الشهر ، فتغلب الليالي وإن كان الصوم بالنهار .
وذهب مالك والشافعي والكوفيون إلى أن المراد بها الأيام والليالي .
قال ابن المنذر : فلو عقد عاقد عليها النكاح على هذا القول وقد مضت أربعة أشهر وعشر ليال كان باطلا حتى يمضي اليوم العاشر .
وذهب بعض الفقهاء إلى أنه إذا انقضى لها أربعة أشهر وعشر ليال حلت للأزواج ، وذلك لأنه رأى العدة مبهمة فغلب التأنيث وتأولها على الليالي .
وإلى هذا ذهب الأوزاعي من الفقهاء وأبو بكر الأصم من المتكلمين .
وروي عن ابن عباس أنه قرأ " أربعة أشهر وعشر ليال " .
قوله تعالى : فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير فيه ثلاث مسائل : الأولى : أضاف تعالى الأجل إليهن إذ هو محدود مضروب في أمرهن ، وهو عبارة عن انقضاء العدة .
الثانية : قوله تعالى : فلا جناح عليكم خطاب لجميع الناس ، والتلبس بهذا الحكم هو للحكام والأولياء .
فيما فعلن يريد به التزوج فما دونه من التزين واطراح الإحداد .
( بالمعروف ) أي بما أذن فيه الشرع من اختيار أعيان الأزواج وتقدير الصداق دون مباشرة العقد ؛ لأنه حق للأولياء كما تقدم .
الثالثة : وفي هذه الآية دليل على أن للأولياء منعهن من التبرج والتشوف للزوج في زمان العدة .
وفيها رد على إسحاق في قوله : إن المطلقة إذا طعنت في الحيضة الثالثة بانت وانقطعت رجعة الزوج الأول ، إلا أنه لا يحل لها أن تتزوج حتى تغتسل .
وعن شريك أن لزوجها الرجعة ما لم تغتسل ولو بعد عشرين سنة ، قال الله تعالى : فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن وبلوغ الأجل هنا انقضاء العدة بدخولها في الدم من الحيضة الثالثة ولم يذكر غسلا ، فإذا انقضت عدتها حلت للأزواج ولا جناح عليها فيما فعلت من ذلك .
والحديث عن ابن عباس لو صح يحتمل أن يكون منه على الاستحباب ، والله أعلم .


شرح المفردات و معاني الكلمات : يتوفون , يذرون , أزواجا , يتربصن , بأنفسهن , أربعة , أشهر , وعشرا , بلغن , أجلهن , جناح , فعلن , أنفسهن , المعروف , الله , تعملون , خبير , أربعة+أشهر+وعشرا , يتربصن+بأنفسهن+أربعة+أشهر+وعشرا , فإذا+بلغن+أجلهن+فلا+جناح+عليكم+فيما+فعلن+في+أنفسهن+بالمعروف , لا+جناح+عليكم , الله+بما+تعملون+خبير ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم


تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, March 29, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب