﴿ مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾
[ المائدة: 32]

سورة : المائدة - Al-Mā’idah  - الجزء : ( 6 )  -  الصفحة: ( 113 )

Because of that We ordained for the Children of Israel that if anyone killed a person not in retaliation of murder, or (and) to spread mischief in the land - it would be as if he killed all mankind, and if anyone saved a life, it would be as if he saved the life of all mankind. And indeed, there came to them Our Messengers with clear proofs, evidences, and signs, even then after that many of them continued to exceed the limits (e.g. by doing oppression unjustly and exceeding beyond the limits set by Allah by committing the major sins) in the land!.


بسبب جناية القتل هذه شَرَعْنا لبني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير سبب من قصاص، أو فساد في الأرض بأي نوع من أنواع الفساد، الموجب للقتل كالشرك والمحاربة فكأنما قتل الناس جميعًا فيما استوجب من عظيم العقوبة من الله، وأنه من امتنع عن قَتْل نفس حرَّمها الله فكأنما أحيا الناس جميعًا؛ فالحفاظ على حرمة إنسان واحد حفاظ على حرمات الناس كلهم. ولقد أتت بني إسرائيل رسلُنا بالحجج والدلائل على صحة ما دعَوهم إليه من الإيمان بربهم، وأداء ما فُرِضَ عليهم، ثم إن كثيرًا منهم بعد مجيء الرسل إليهم لمتجاوزون حدود الله بارتكاب محارم الله وترك أوامره.

من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير - تفسير السعدي

يقول تعالى { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ } الذي ذكرناه في قصة ابني آدم، وقتل أحدهما أخاه، وسنه القتل لمن بعده، وأن القتل عاقبته وخيمة وخسارة في الدنيا والآخرة.
{ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ } أهل الكتب السماوية { أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ }- أي: بغير حق { فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا } ؛ لأنه ليس معه داع يدعوه إلى التبيين، وأنه لا يقدم على القتل إلا بحق، فلما تجرأ على قتل النفس التي لم تستحق القتل علم أنه لا فرق عنده بين هذا المقتول وبين غيره، وإنما ذلك بحسب ما تدعوه إليه نفسه الأمارة بالسوء.
فتجرؤه على قتله، كأنه قتل الناس جميعا.
وكذلك من أحيا نفسا- أي: استبقى أحدا، فلم يقتله مع دعاء نفسه له إلى قتله، فمنعه خوف الله تعالى من قتله، فهذا كأنه أحيا الناس جميعا، لأن ما معه من الخوف يمنعه من قتل من لا يستحق القتل.
ودلت الآية على أن القتل يجوز بأحد أمرين: إما أن يقتل نفسا بغير حق متعمدا في ذلك، فإنه يحل قتله، إن كان مكلفا مكافئا، ليس بوالد للمقتول.
وإما أن يكون مفسدا في الأرض، بإفساده لأديان الناس أو أبدانهم أو أموالهم، كالكفار المرتدين والمحاربين، والدعاة إلى البدع الذين لا ينكف شرهم إلا بالقتل.
وكذلك قطاع الطريق ونحوهم، ممن يصول على الناس لقتلهم، أو أخذ أموالهم.
{ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ } التي لا يبقى معها حجة لأحد.
{ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ }- أي: من الناس { بَعْدِ ذَلِكَ } البيان القاطع للحجة، الموجب للاستقامة في الأرض { لَمُسْرِفُونَ } في العمل بالمعاصي، ومخالفة الرسل الذين جاءوا بالبينات والحجج.

تفسير الآية 32 - سورة المائدة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل : الآية رقم 32 من سورة المائدة

 سورة المائدة الآية رقم 32

من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير - مكتوبة

الآية 32 من سورة المائدة بالرسم العثماني


﴿ مِنۡ أَجۡلِ ذَٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم بَعۡدَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡأَرۡضِ لَمُسۡرِفُونَ  ﴾ [ المائدة: 32]


﴿ من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون ﴾ [ المائدة: 32]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة المائدة Al-Mā’idah الآية رقم 32 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 32 من المائدة صوت mp3


تدبر الآية: من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير

المتورِّع عن سفك الدم الحرام حافظٌ لحرُمات الأنفُس كلِّها، فهو أهلٌ للتبجيل من الأحياء، والسلامة من الاعتداء.
يحبُّ الله تعالى الإعذارَ إلى خَلقه، وإقامةَ الحجَّة على عباده؛ ولذا جعل مع كلِّ رسول آيةً يؤمن على مثلها البشر؛ لئلا يقولوا: أين بيِّنةُ صدقه، وبرهانُ دعوته؟ الأرض لا تصلُح بالإسراف؛ لأنه طريقُ الإتلاف، وهادم سُورِ الألفة بين الناس، سواءٌ أكان ذلك بمجاوزة المباح إلى الفُضول، أم بعبور الحلال إلى الحرام في الأموال أو النفوس.

ثم بين- سبحانه - بعد أن ساق ما جرى بين ابني آدم- ما شرعه من شرائع تردع المعتدى، وتبشر التقى فقال-تبارك وتعالى-: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً.
وأصل معنى الأجل: الجناية التي يخشى منها آجلا.
يقال: أجل الرجل على أهله شرا يأجله- بضم الجيم وكسرها- أجلا إذا جناه أو أثاره وهيجه، ثم استعمل في تعليل الجنايات كما في قولهم: من أجلك فعلت كذا.
أى بسببك، ثم اتسع فيه فاستعمل في كل تعليل.
والجار والمجرور مِنْ أَجْلِ متعلق بالفعل كَتَبْنا واسم الإشارة ذلِكَ يعود إلى ما ذكر في تضاعيف قصة ابن آدم من أنواع المفاسد المترتبة على هذا القتل الحرام.
والمعنى: بسبب قتل قابيل لأخيه هابيل حسدا وظلما، ومن أجل ما يترتب على القتل بغير حق من مفاسد كَتَبْنا أى فرضنا وأوجبنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ في التوراة ما يردع المعتدى وما يبشر المتقى.
قال الجمل: قال بعضهم: إن قوله: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ من تمام الكلام الذي قبله- أى أنه متعلق بقوله: فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ- والمعنى: فأصبح من النادمين من أجل ذلك.
يعنى من أجل أنه قتل أخاه هابيل ولم يواره، ويروى عن نافع أنه كان يقف على قوله: من أجل ذلك ويجعله من تمام الكلام الأول، ولكن جمهور المفسرين وأصحاب المعاني على أن قوله مِنْ أَجْلِ ذلِكَ ابتداء كلام متعلق بقوله كَتَبْنا فلا يوقف عليه «1» .
ومِنْ هنا للسببية.
أى: بسبب هذه الجناية شرعنا ما شرعنا من أحكام لدفع الشر وإشاعة الخير.
وعبر- سبحانه - عن السببية.
بمن لبيان الابتداء في الحكم.
وأنه اقترن بوقوع تلك الجريمة النكراء التي ستكون آثارها سيئة إذا لم تشرع الأحكام لمنعها.
وقدم الجار والمجرور على ما تعلق به وهو كَتَبْنا لإفادة الحصر أى: من ذلك ابتدئ الكتب ومنه نشأ لا من شيء آخر.
وعبر- سبحانه - بقوله كَتَبْنا للإشارة إلى أن الأحكام التي كتبها، قد سجلت بحيث لا تقبل المحو أو التبديل، بل من الواجب على الناس أن يلتزموا بها، ولا يفرطوا في شيء منها.
وخص بنو إسرائيل بالذكر مع أن الحكم عام- لأنهم أول أمة نزل الوعيد عليهم في قتل الأنفس مكتوبا، وكان قبل ذلك قولا مطلقا، ولأنهم أكثر الناس سفكا للدماء، وقتلا للمصلحين، فقد قتلوا كثيرا من الأنبياء، كما قتلوا أكثر المرشدين والناصحين، ولأن الأسباب التي أدت إلى قتل قابيل لهابيل من أهمها الحسد، وهو رذيلة معروفة فيهم، فقد حملهم حسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم على الكفر به مع أنهم يعرفون صدقه كما يعرفون أبناءهم، كما حملهم على محاولة قتله ولكن الله-تبارك وتعالى- نجاه من شرورهم.
وما أشبههم في قتلهم للذين يأمرونهم بالخير بقابيل الذي قتل أخاه هابيل لأنه أرشده إلى ما يصلحه.
وقوله-تبارك وتعالى-: أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً بيان لما كتبه- سبحانه - من أحكام تسعد الناس متى اتبعوها.
والمعنى: بسبب قتل قابيل لأخيه هابيل ظلما وعدوانا، كتبنا في التوراة على بنى إسرائيل أَنَّهُ أى: الحال والشأن مَنْ قَتَلَ نَفْساً واحدة من النفوس الإنسانية بِغَيْرِ نَفْسٍ.
أى: بغير قتل نفس يوجب الاقتصاص منه أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ أى: أو بغير فساد في الأرض يوجب إهدار الدم- كالردة وزنا المحصن- فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً لأن الذي يقتل نفسا بغير حق، يكون قد استباح دما مصونا قد حماه الإسلام بشرائعه وأحكامه، ومن استباح هذا الدم في نفس واحدة، فكأنه قد استباحه في نفوس الناس جميعا، إذ النفس الواحدة تمثل النوع الإنسانى كله.
وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً أى: ومن تسبب في إحيائها وصيانتها من العدوان عليها، كأن استنقذها مما يؤدى بها إلى الهلاك والأذى الشديد، أو مكن الحاكم من إقامة الحد على قاتلها بغير حق، من فعل ذلك فكأنما تسبب في إحياء الناس جميعا.
وفي هذه الجملة الكريمة أسمى ألوان الترغيب في صيانة الدماء، وحفظ النفوس من العدوان عليها، حيث شبه- سبحانه - قتل النفس الواحدة بقتل الناس جميعا، وإحياءها بإحياء الناس جميعا.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف شبه الواحد بالجميع، وجعل حكمه كحكمهم؟قلت: لأن كل إنسان يدلى بما يدلى به الآخر من الكرامة على الله، وثبوت الحرمة.
فإذا قتل فقد أهين ما كرم على الله وهتكت حرمته، وعلى العكس.
فلا فرق إذا بين الواحد والجميع في ذلك.
فإن قلت: فما الفائدة في ذكر ذلك؟ قلت: تعظيم قتل النفس وإحيائها في القلوب وليشمئز الناس عن الجسارة عليها، ويتراغبوا في المحاماة على حرمتها، لأن المتعرض لقتل النفس إذا تصور قتلها بصورة قتل الناس جميعا، عظم ذلك عليه فثبطه- عن القتل- وكذلك الذي أراد إحياءها » .
وقال الإمام ابن كثير: قال الحسن وقتادة في قوله-تبارك وتعالى- أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً.. إلخ.
هذا تعظيم لتعاطى القتل.
قال قتادة: عظيم والله وزرها، وعظيم والله أجرها.
وقيل للحسن: هذه الآية لنا كما كانت لبنى إسرائيل؟ فقال: إى والذي لا إله غيره- هي لنا- كما كانت لهم.
وما جعل- سبحانه - دماءهم أكرم من دمائنا .
وعلى هذا التفسير الذي سرنا عليه يكون المراد بالنفس في قوله أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً:العموم أى: نفسا يحرم قتلها من بنى الإنسان.
وبعضهم يرى أن المراد نفس الامام العادل، لأن القتل في هذه الحالة يؤدى إلى اضطراب أحوال الجماعة، وإشاعة الفتنة فيها.
قال القرطبي: روى عن ابن عباس أنه قال: المعنى:الأرض يوجب إهدار الدم- كالردة وزنا المحصن- فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً لأن الذي يقتل نفسا بغير حق، يكون قد استباح دما مصونا قد حماه الإسلام بشرائعه وأحكامه، ومن استباح هذا الدم في نفس واحدة، فكأنه قد استباحه في نفوس الناس جميعا، إذ النفس الواحدة تمثل النوع الإنسانى كله.
وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً أى: ومن تسبب في إحيائها وصيانتها من العدوان عليها، كأن استنقذها مما يؤدى بها إلى الهلاك والأذى الشديد، أو مكن الحاكم من إقامة الحد على قاتلها بغير حق، من فعل ذلك فكأنما تسبب في إحياء الناس جميعا.
وفي هذه الجملة الكريمة أسمى ألوان الترغيب في صيانة الدماء، وحفظ النفوس من العدوان عليها، حيث شبه- سبحانه - قتل النفس الواحدة بقتل الناس جميعا، وإحياءها بإحياء الناس جميعا.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف شبه الواحد بالجميع، وجعل حكمه كحكمهم؟قلت: لأن كل إنسان يدلى بما يدلى به الآخر من الكرامة على الله، وثبوت الحرمة.
فإذا قتل فقد أهين ما كرم على الله وهتكت حرمته، وعلى العكس.
فلا فرق إذا بين الواحد والجميع في ذلك.
فإن قلت: فما الفائدة في ذكر ذلك؟ قلت: تعظيم قتل النفس وإحيائها في القلوب وليشمئز الناس عن الجسارة عليها، ويتراغبوا في المحاماة على حرمتها، لأن المتعرض لقتل النفس إذا تصور قتلها بصورة قتل الناس جميعا، عظم ذلك عليه فثبطه- عن القتل- وكذلك الذي أراد إحياءها » .
وقال الإمام ابن كثير: قال الحسن وقتادة في قوله-تبارك وتعالى- أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً.. إلخ.
هذا تعظيم لتعاطى القتل.
قال قتادة: عظيم والله وزرها، وعظيم والله أجرها.
وقيل للحسن: هذه الآية لنا كما كانت لبنى إسرائيل؟ فقال: إى والذي لا إله غيره- هي لنا- كما كانت لهم.
وما جعل- سبحانه - دماءهم أكرم من دمائنا .
وعلى هذا التفسير الذي سرنا عليه يكون المراد بالنفس في قوله أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً:العموم أى: نفسا يحرم قتلها من بنى الإنسان.
وبعضهم يرى أن المراد نفس الامام العادل، لأن القتل في هذه الحالة يؤدى إلى اضطراب أحوال الجماعة، وإشاعة الفتنة فيها.
قال القرطبي: روى عن ابن عباس أنه قال: المعنى:الأرض، وسرى إلى غيرهم من سكانها المنتشرين فيها.
وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد حكت لنا ما دار بين ابني آدم من محاورات أدت إلى قتل أحدهما للآخر ظلما وحسدا، إذ الحسد يأكل القلوب، ويشعلها بالشر كما تشتعل النار في الحطب، وبسببه ارتكبت أول جريمة قتل على ظهر الأرض، وبسببه كانت أكثر الجرائم في كل زمان ومكان.. كما حكت لنا أن بنى إسرائيل- مع علمهم بشناعة جريمة القتل- قد أسرفوا في قتل الأنبياء والمصلحين مما يدل على قسوة قلوبهم، وفي كل ذلك تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه عما كانوا يلاقونه من اليهود المعاصرين لهم من عناد ومكر وأذى.
وبعد أن ذكر- سبحانه - تغليظ الإثم في قتل النفس بغير حق، وتعظيم الأجر لمن عمل على إحيائها، أتبع ذلك ببيان الفساد المبيح للقتل، فقال-تبارك وتعالى-:
قوله : من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفونقوله تعالى : من أجل ذلك أي : من جراء ذلك القاتل وجريرته ، وقال الزجاج : أي : من جنايته ; يقال : أجل الرجل على أهله شرا يأجل أجلا إذا جنى ; مثل أخذ يأخذ أخذا .
قال الخنوت :وأهل خباء صالح كنت بينهم قد احتربوا في عاجل أنا آجلهأي : جانيه ، وقيل : أنا جاره عليهم ، وقال عدي بن زيد :أجل إن الله قد فضلكم فوق من أحكأ صلبا بإزاروأصله الجر ; ومنه الأجل لأنه وقت يجر إليه العقد الأول ، ومنه الآجل نقيض العاجل ، وهو بمعنى يجر إليه أمر متقدم ، ومنه أجل بمعنى نعم .
لأنه انقياد إلى ما جر إليه ، ومنه الإجل للقطيع من بقر الوحش ; لأن بعضه ينجر إلى بعض ; قاله الرماني ، وقرأ يزيد بن القعقاع أبو جعفر : " من أجل ذلك " بكسر النون وحذف الهمزة وهي لغة ، والأصل " من إجل ذلك " فألقيت كسرة الهمزة على النون وحذفت الهمزة .
ثم قيل : يجوز أن يكون قوله : من أجل ذلك متعلقا بقوله : من النادمين ، فالوقف على قوله : من أجل ذلك ، ويجوز أن يكون متعلقا بما بعده وهو كتبنا .
ف ( من أجل ) ابتداء كلام والتمام ( من النادمين ) ; وعلى هذا أكثر الناس ; أي : من سبب هذه النازلة كتبنا ، وخص بني إسرائيل بالذكر - وقد تقدمتهم أمم قبلهم كان قتل النفس فيهم محظورا - لأنهم أول أمة نزل الوعيد عليهم في قتل الأنفس مكتوبا ، وكان قبل ذلك قولا مطلقا ; فغلظ الأمر على بني إسرائيل بالكتاب بحسب طغيانهم وسفكهم الدماء .
ومعنى بغير نفس أي : بغير أن يقتل نفسا فيستحق القتل ، وقد حرم الله القتل في جميع الشرائع إلا بثلاث خصال : كفر بعد إيمان ، أو زنى بعد إحصان ، أو قتل نفس ظلما وتعديا .
أو فساد في الأرض أي : شرك ، وقيل : قطع طريق .
وقرأ الحسن : " أو فسادا " بالنصب على تقدير حذف فعل يدل عليه أول الكلام تقديره ; أو أحدث فسادا ; والدليل عليه قوله : من قتل نفسا بغير نفس لأنه من أعظم الفساد .
وقرأ العامة : " فساد " بالجر على معنى أو بغير فساد .
فكأنما قتل الناس جميعا اضطرب لفظ المفسرين في ترتيب هذا التشبيه لأجل أن عقاب من قتل الناس جميعا أكثر من عقاب من قتل واحدا ; فروي عن ابن عباس أنه قال : المعنى من قتل نبيا أو إمام عدل فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياه بأن شد عضده ونصره فكأنما أحيا الناس جميعا ، وعنه أيضا أنه قال : المعنى من قتل نفسا واحدة وانتهك حرمتها فهو مثل من قتل الناس جميعا ، ومن ترك قتل نفس واحدة وصان حرمتها واستحياها خوفا من الله فهو كمن أحيا الناس جميعا ، وعنه أيضا .
المعنى فكأنما قتل الناس جميعا عند المقتول ، ومن أحياها واستنقذها من هلكة فكأنما أحيا الناس جميعا عند المستنقذ ، وقال مجاهد : المعنى أن الذي يقتل النفس المؤمنة متعمدا جعل الله جزاءه جهنم وغضب عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ; يقول : لو قتل الناس جميعا لم يزد على ذلك ، ومن لم يقتل فقد حيي الناس منه ، وقال ابن زيد : المعنى أن من قتل نفسا فيلزمه من القود والقصاص ما يلزم من قتل الناس جميعا ، قال : ومن أحياها أي : من عفا عمن وجب له قتله ; وقاله الحسن أيضا ; أي : هو العفو بعد المقدرة ، وقيل : المعنى أن من قتل نفسا فالمؤمنون كلهم خصماؤه ; لأنه قد وتر الجميع ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ، أي : يجب على الكل شكره ، وقيل : جعل إثم قاتل الواحد إثم قاتل الجميع ; وله أن يحكم بما يريد ، وقيل : كان هذا مختصا ببني إسرائيل تغليظا عليهم .
قال ابن عطية : وعلى الجملة فالتشبيه على ما قيل واقع كله ، والمنتهك في واحد ملحوظ بعين منتهك الجميع ; ومثاله رجلان حلفا على شجرتين ألا يطعما من ثمرهما شيئا ، فطعم أحدهما واحدة من ثمر شجرته ، وطعم الآخر ثمر شجرته كلها ، فقد استويا في الحنث ، وقيل : المعنى أن من استحل واحدا فقد استحل الجميع ; لأنه أنكر الشرع ، وفي قوله تعالى : ومن أحياها تجوز ; فإنه عبارة عن الترك والإنقاذ من هلكة ، وإلا فالإحياء حقيقة - الذي هو الاختراع - إنما هو لله تعالى ، وإنما هذا الإحياء بمنزلة قول نمرود اللعين : أنا أحيي وأميت فسمى الترك إحياء .
ثم أخبر الله عن بني إسرائيل أنهم جاءتهم الرسل بالبينات ، وأن أكثرهم مجاوزون الحد ، وتاركون أمر الله .


شرح المفردات و معاني الكلمات : أجل , كتبنا , بني , إسرائيل , قتل , نفسا , نفس , فساد , الأرض , فكأنما , قتل , الناس , أحياها , فكأنما , أحيا , الناس , جاءتهم , رسلنا , البينات , كثيرا , الأرض , لمسرفون ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا
  2. وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا
  3. يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير
  4. وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون
  5. ثم أتبع سببا
  6. هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالو النار
  7. وإذا مروا بهم يتغامزون
  8. وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم
  9. فمن شاء ذكره
  10. ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا

تحميل سورة المائدة mp3 :

سورة المائدة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المائدة

سورة المائدة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المائدة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المائدة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المائدة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المائدة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المائدة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المائدة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المائدة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المائدة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المائدة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, March 28, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب