﴿ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾
[ المائدة: 49]

سورة : المائدة - Al-Mā’idah  - الجزء : ( 6 )  -  الصفحة: ( 116 )

And so judge (you O Muhammad SAW) between them by what Allah has revealed and follow not their vain desires, but beware of them lest they turn you (O Muhammad SAW) far away from some of that which Allah has sent down to you. And if they turn away, then know that Allah's Will is to punish them for some sins of theirs. And truly, most of men are Fasiqun (rebellious and disobedient to Allah).


أن يفتِنُوك : يصرفوك ويصدوك بكيدهم

واحكم -أيها الرسول- بين اليهود بما أنزل الله إليك في القرآن، ولا تتبع أهواء الذين يحتكمون إليك، واحذرهم أن يصدُّوك عن بعض ما أنزل الله إليك فتترك العمل به، فإن أعرض هؤلاء عمَّا تحكم به فاعلم أن الله يريد أن يصرفهم عن الهدى بسبب ذنوبٍ اكتسبوها من قبل. وإن كثيرًا من الناس لَخارجون عن طاعة ربهم.

وأن احكم بينهم بما أنـزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك - تفسير السعدي

{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ْ} هذه الآية هي التي قيل: إنها ناسخة لقوله: { فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ْ} والصحيح: أنها ليست بناسخة، وأن تلك الآية تدل على أنه صلى الله عليه وسلم مخير بين الحكم بينهم وبين عدمه، وذلك لعدم قصدهم بالتحاكم للحق.
وهذه الآية تدل على أنه إذا حكم، فإنه يحكم بينهم بما أنزل الله من الكتاب والسنة، وهو القسط الذي تقدم أن الله قال: { وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ْ} ودل هذا على بيان القسط، وأن مادته هو ما شرعه الله من الأحكام، فإنها المشتملة على غاية العدل والقسط، وما خالف ذلك فهو جور وظلم.
{ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ْ} كرر النهي عن اتباع أهوائهم لشدة التحذير منها.
ولأن ذلك في مقام الحكم والفتوى، وهو أوسع، وهذا في مقام الحكم وحده، وكلاهما يلزم فيه أن لا يتبع أهواءهم المخالفة للحق، ولهذا قال: { وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ْ}- أي: إياك والاغترار بهم، وأن يفتنوك فيصدوك عن بعض ما أنزل [الله] إليك، فصار اتباع أهوائهم سببا موصلا إلى ترك الحق الواجب، والفرض اتباعه.
{ فَإِن تَوَلَّوْا ْ} عن اتباعك واتباع الحق { فَاعْلَمْ ْ} أن ذلك عقوبة عليهم وأن الله يريد { أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ْ} فإن للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة، ومن أعظم العقوبات أن يبتلى العبد ويزين له ترك اتباع الرسول، وذلك لفسقه.
{ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ْ}- أي: طبيعتهم الفسق والخروج عن طاعة الله واتباع رسوله.

تفسير الآية 49 - سورة المائدة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

وأن احكم بينهم بما أنـزل الله ولا : الآية رقم 49 من سورة المائدة

 سورة المائدة الآية رقم 49

وأن احكم بينهم بما أنـزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك - مكتوبة

الآية 49 من سورة المائدة بالرسم العثماني


﴿ وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ  ﴾ [ المائدة: 49]


﴿ وأن احكم بينهم بما أنـزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنـزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون ﴾ [ المائدة: 49]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة المائدة Al-Mā’idah الآية رقم 49 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 49 من المائدة صوت mp3


تدبر الآية: وأن احكم بينهم بما أنـزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك

ما أكثرَ ما يحتال الفاجرون على ذوي الاستقامة لإقناعهم بالحَيدة عن بعض الأحكام الشرعيَّة! وتلك هي الفتنةُ التي لا بدَّ فيها من الحذر.
سُلَّم التنازلات عن الثوابت لا تنتهي درجاتُه في مطالب المُبطلين، فتنازلُ صاحب الحقِّ عن بعض الحقِّ لا يُشبع نَهَمَ ذوي الأهواء، وإن البقاء على قمة الحقِّ خيرٌ من الاستيقاظ في سَفحه.
إذا كان عقابُ بعض الذنوب قد كفى لإهلاك العباد في الدنيا، فكيف يكون عقابُ جميعِها يوم القيامة؟ حين كان الحقُّ مُلجِمَ الشهوات، وفاطمَ النفس عن النزَوات، صار أهلُه قليلين، والخارجون عنه كثيرين، وفي هذا تسليةٌ للمؤمن عندما يرى ازدحامَ سبيل الباطل بالسالكين.

ثم كرر- سبحانه - الأمر لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن يحكم بين اليهود وغيرهم بما أنزله الله-تبارك وتعالى- وحذره من مكرهم وكيدهم فقال: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس- رضى الله عنهما- قال: قال كعب بن أسد وابن صوريا وشاس بن قيس بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه: فأتوه فقالوا:يا محمد، إنك قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم وساداتهم وإنا إن اتبعناك اتبعك يهود ولم يخالفونا.
وإن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك فتقضى لنا عليهم، ونؤمن لك ونصدق فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.
فأنزل الله فيهم: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ إلى قوله: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ .
وقوله: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ في محل نصب عطفا على الكتاب في قوله:وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ.
وقوله: أَنْ يَفْتِنُوكَ بدل اشتمال من المفعول في وَاحْذَرْهُمْ كأنه قيل: واحذر فتنتهم كما تقول: أعجبنى زيد علمه.
والمراد بالفتنة هنا محاولة إضلاله وصرفه عن الحكم بما أنزل الله.
والمعنى: وأنزلنا إليك الكتاب يا محمد فيه حكم الله، وأنزلنا إليك فيه أن أحكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواء هؤلاء اليهود الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا، واحذرهم أن يضلوك أو يصدوك عن بعض ما أنزلناه إليك ولو كان أقل قليل بأن يصوروا لك الباطل في صورة الحق، أو بأن يحاولوا حملك على الحكم الذي يناسب شهواتهم:وقد كرر- سبحانه - على نبيه صلى الله عليه وسلم وجوب التزامه في أحكامه بما أنزل الله، لتأكيد هذا الأمر في مقام يستدعى التأكيد، لأن اليهود كانوا لا يكفون عن محاولتهم فتنته صلى الله عليه وسلم وإغراءه بالميل إلى الأحكام التي تتفق مع أهوائهم، ولأنه قد جاء في الآية السابقة ما قد يوهم بأن لكل قوم شريعة خاصة بهم لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وأن حكم القرآن ليس له صفة العموم فأراد- سبحانه - أن ينفى هذا الوهم نفيا واضحا وأن يؤكد أن شريعة القرآن هي الشريعة العامة الخالدة التي يجب أن يتحاكم إليها الناس في كل زمان ومكان، لأنها نسخت ما سبقها من شرائع.
وقوله-تبارك وتعالى- وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ تيئيس لأولئك اليهود الذين حاولوا إغراء الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقضى لهم بما يرضيهم لكي يتبعوه، ونهى له صلى الله عليه وسلم ولأتباعه عن الاستجابة لأهواء هؤلاء ولو في أقل القليل مما يتنافى مع الحق الذي أمره الله-تبارك وتعالى- بالسير عليه في القضاء بين الناس.
ثم بين- سبحانه - سوء عاقبة كل من يعرض عن حكم الله-تبارك وتعالى- فقال: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ.
أى: فإن تولوا عن حكمك، وأعرضوا عنك بعد تحاكمهم إليك وأرادوا الحكم بغير ما أنزل الله.
فاعلم أن حكمة الله قد اقتضت أن يعاقبهم بسبب بعض هذه الذنوب التي اقترفوها بتوليهم عن حكم الله، وإعراضهم عنك، وانصرافهم عن الهدى والرشاد إلى الغي والضلال، لأن الأمة التي لا تخضع لأحكام شرع الله، وتسير وراء لذائذها ومتعها وشهواتها وأهوائها الباطلة، لا بد أن يصيبها العقاب الشديد بسبب ذلك.
وعبر- سبحانه - عما يصيبهم من عقاب بأنه بسبب ارتكابهم لبعض الذنوب، للإشارة بأن لهم ذنوبا كثيرة بعضها كاف لإنزال العقوبة الشديدة بهم.
وقوله: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله، ومتضمن تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما لقيه من مخالفيه ولا سيما اليهود.
أى: وإن كثيرا من الناس لخارجون عن طاعتنا، ومتمردون على أحكامنا، ومتبعون لخطوات الشيطان الذي استحوذ عليهم، وإذا كان الأمر كذلك فلا تبتئس يا محمد عما لقيته من أصحاب النفوس المريضة، بل اصبر حتى يحكم الله بينك وبينهم.
ثم ختم- سبحانه - هذه الآية الكريمة بتوبيخ أولئك الذين يرغبون عن حكم الله إلى حكم غيره فقال: أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ.
فالهمزة هنا للاستفهام الإنكارى التوبيخي.
والفاء للعطف على مقدر يستدعيه المقام.
والمعنى: أينصرفون عن حكمك بما أنزل الله ويعرضون عنه فيبغون حكم الجاهلية مع أن ما أنزله الله إليك من قرآن فيه الأحكام العادلة التي ترضى كل ذي عقل سليم، ومنطق قويم.
وقدم- سبحانه - المفعول «أفحكم» لإفادة التخصيص المفيد لتأكيد الإنكار والتعجيب من أحوال أولئك اليهود الذين يريدون حكم الجاهلية.
إذ أن التولي عن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حكم آخر منكر عجيب.
وطلب حكم الجاهلية أقبح وأعجب.
والمراد بالجاهلية: الملة الجاهلية التي هي متابعة الهوى، والمداهنة في الأحكام، فيكون ذلك توبيخا لليهود بأنهم مع كونهم أهل كتاب يبغون حكم الملة الجاهلية.
وعدم الأخذ بشريعة المساواة.
فيكون ذلك- أيضا- تعييرا لهم لاقتدائهم بأهل الجاهلية.
قال الآلوسى: فقد روى أن بنى النضير لما تحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خصومة قتيل وقعت بينهم وبين بنى قريظة، طلب بعضهم من رسول الله أن يحكم بينهم بما كان عليه أهل الجاهلية من التفاضل، فقال صلى الله عليه وسلم: «القتلى سواء» - أى: متساوون- فقال بنو النضير: نحن لا نرضى بحكمك، فنزلت هذه الآية» .
وقوله-تبارك وتعالى- وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ إنكار منه- سبحانه - لأن يكون هناك حكم أحسن من حكمه أو مساو له.
أى: لا أحد أحسن حكما من حكم الله-تبارك وتعالى- عند قوم يوقنون بصحة دينه، ويذعنون لتكاليف شريعته، ويقرون بوحدانيته، ويتبعون أنبياءه ورسله.
فاللام في قوله: لِقَوْمٍ بمعنى عند، وهي متعلقة بأحسن، ومفعول يُوقِنُونَ محذوف أى لقوم يوقنون بحكمه وأنه أعدل الأحكام.
والجملة حالية متضمنة لمعنى الإنكار السابق.
وخص- سبحانه - الموقنين بالذكر، لأنهم هم الذين يحسنون التدبر فيما شرعه الله من أحكام، وينتفعون بما اشتملت عليه من عدل ومساواة.
هذا، وقد شدد الإمام ابن كثير النكير على الذي يرغبون عن حكم الله إلى أحكام من عند البشر، ووصف من يفعل ذلك بالكفر، وأفتى بوجوب مقاتلته حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فقال- رحمه الله-:«ينكر-تبارك وتعالى- على من خرج عن حكم الله- المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر- وعدل عنه إلى ما سواه من الآراء والأهواء والإصلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات.
مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم «جنكزخان» الذي وضع لهم «الباسق» وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى.
فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير.
قوله تعالى : وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقونقوله تعالى : وأن احكم بينهم بما أنزل الله تقدم الكلام فيها ، وأنها ناسخة للتخيير .
قال ابن العربي : وهذه دعوى عريضة ; فإن شروط النسخ أربعة : منها معرفة التاريخ بتحصيل المتقدم والمتأخر ، وهذا مجهول من هاتين الآيتين ; فامتنع أن يدعى أن واحدة منهما ناسخة للأخرى ، وبقي الأمر على حاله .
قلت : قد ذكرنا عن أبي جعفر النحاس أن هذه الآية متأخرة في النزول ; فتكون ناسخة إلا أن يقدر في الكلام وأن احكم بينهم بما أنزل الله إن شئت ; لأنه قد تقدم ذكر التخيير له ، فآخر الكلام حذف التخيير منه لدلالة الأول عليه ; لأنه معطوف عليه ، فحكم التخيير كحكم المعطوف عليه ، فهما شريكان وليس الآخر بمنقطع مما قبله ; إذ لا معنى لذلك ولا يصح ، فلا بد من أن يكون قوله : وأن احكم بينهم بما أنزل الله معطوفا على ما قبله من قوله : وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ومن قوله : فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم فمعنى وأن احكم بينهم بما أنزل الله أي احكم بذلك إن حكمت واخترت الحكم ; فهو كله محكم غير منسوخ ، لأن الناسخ لا يكون مرتبطا بالمنسوخ معطوفا عليه ، فالتخيير للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك محكم غير منسوخ ، قاله مكي رحمه الله .
وأن احكم في موضع نصب عطفا على الكتاب ; أي : وأنزلنا إليك أن احكم بينهم بما أنزل الله ، أي : بحكم الله الذي أنزله إليك في كتابه .
ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك أن بدل من الهاء والميم في واحذرهم وهو بدل اشتمال .
أو مفعول من أجله ; أي : من أجل أن يفتنوك ، وعن ابن إسحاق قال ابن عباس : اجتمع قوم من الأحبار منهم ابن صوريا وكعب بن أسد وابن صلوبا وشأس بن عدي وقالوا : اذهبوا بنا إلى محمد فلعلنا نفتنه عن دينه فإنما هو بشر ; فأتوه فقالوا : قد عرفت يا محمد أنا أحبار اليهود ، وإن اتبعناك لم يخالفنا أحد من اليهود ، وإن بيننا وبين قوم خصومة فنحاكمهم إليك ، فاقض لنا عليهم حتى نؤمن بك ; فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، وأصل الفتنة الاختبار حسبما تقدم ، ثم يختلف معناها ; فقوله تعالى هنا يفتنوك معناه يصدوك ويردوك ; وتكون الفتنة بمعنى الشرك ; ومنه قوله : والفتنة أكبر من القتل وقوله : وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ، وتكون الفتنة بمعنى العبرة ; كقوله : لا تجعلنا فتنة للذين كفروا .
و لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين : ، وتكون الفتنة الصد عن السبيل كما في هذه الآية ، وتكرير وأن احكم بينهم بما أنزل الله للتأكيد ، أو هي أحوال وأحكام أمره أن يحكم في كل واحد بما أنزل الله ، وفي الآية دليل على جواز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم ; لأنه قال : أن يفتنوك وإنما يكون ذلك عن نسيان لا عن تعمد .
وقيل : الخطاب له والمراد غيره ، وسيأتي بيان هذا في " الأنعام " إن شاء الله تعالى .
ومعنى عن بعض ما أنزل الله إليك عن كل ما أنزل الله إليك ، والبعض يستعمل بمعنى الكل قال الشاعر :أو يعتبط بعض النفوس حمامهاويروى أو يرتبط .
أراد كل النفوس ; وعليه حملوا قوله تعالى : ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه .
قال ابن العربي : والصحيح أن بعض على حالها في هذه الآية ، وأن المراد به الرجم أو الحكم الذي كانوا أرادوه ولم يقصدوا أن يفتنوه عن الكل ، والله أعلم .
قوله تعالى : فإن تولوا أي : فإن أبوا حكمك وأعرضوا عنه .
فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم أي : يعذبهم بالجلاء والجزية والقتل ، وكذلك كان ، وإنما قال : ببعض لأن المجازاة بالبعض كانت كافية في التدمير عليهم .
وإن كثيرا من الناس لفاسقون يعني اليهود .


شرح المفردات و معاني الكلمات : احكم , أنزل , الله , تتبع , أهواءهم , واحذرهم , يفتنوك , بعض , أنزل , الله , تولوا , فاعلم , يريد , الله , يصيبهم , ذنوبهم , كثيرا , الناس , فاسقون ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين
  2. أم لكم سلطان مبين
  3. نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا
  4. والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير
  5. وإذا الكواكب انتثرت
  6. وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين
  7. الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد
  8. ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون
  9. طه
  10. ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا

تحميل سورة المائدة mp3 :

سورة المائدة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة المائدة

سورة المائدة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة المائدة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة المائدة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة المائدة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة المائدة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة المائدة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة المائدة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة المائدة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة المائدة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة المائدة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, April 20, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب