﴿ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾
[ البقرة: 73]

سورة : البقرة - Al-Baqarah  - الجزء : ( 1 )  -  الصفحة: ( 11 )

So We said: "Strike him (the dead man) with a piece of it (the cow)." Thus Allah brings the dead to life and shows you His Ayat (proofs, evidences, verses, lessons, signs, revelations, etc.) so that you may understand.


فقلنا: اضربوا القتيل بجزء من هذه البقرة المذبوحة، فإن الله سيبعثه حيًا، ويخبركم عن قاتله. فضربوه ببعضها فأحياه الله وأخبر بقاتله. كذلك يُحيي الله الموتى يوم القيامة، ويريكم- يا بني إسرائيل- معجزاته الدالة على كمال قدرته تعالى؛ لكي تتفكروا بعقولكم، فتمتنعوا عن معاصيه.

فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون - تفسير السعدي

فلما ذبحوها, قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها,- أي: بعضو منها, إما معين, أو أي عضو منها, فليس في تعيينه فائدة, فضربوه ببعضها فأحياه الله, وأخرج ما كانوا يكتمون, فأخبر بقاتله، وكان في إحيائه وهم يشاهدون ما يدل على إحياء الله الموتى، { لعلكم تعقلون } فتنزجرون عن ما يضركم.

تفسير الآية 73 - سورة البقرة

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى : الآية رقم 73 من سورة البقرة

 سورة البقرة الآية رقم 73

فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون - مكتوبة

الآية 73 من سورة البقرة بالرسم العثماني


﴿ فَقُلۡنَا ٱضۡرِبُوهُ بِبَعۡضِهَاۚ كَذَٰلِكَ يُحۡيِ ٱللَّهُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ  ﴾ [ البقرة: 73]


﴿ فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ﴾ [ البقرة: 73]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة البقرة Al-Baqarah الآية رقم 73 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 73 من البقرة صوت mp3


تدبر الآية: فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون

إن مَن قدَرَ على إحياء نفسٍ واحدة قادرٌ على إحياء الأنفُس كلِّها، فاعجَب لمن يُنكر البعث والحياة بعد الموت! مشاهد العِبرة مجالٌ رَحبٌ للانتفاع والادِّكار، ولكن لا يستفيد منها إلا من أعمل عقلَه في قراءتها، وقلبَه في تأمُّلها.

وقوله تعالى : { فَقُلْنَا اضربوه بِبَعْضِهَا } إرشاد لهم إلى الوسيلة التي عن طريقها سيهتدون إلى القاتل الحقيقي ، والضمير في قوله { اضربوه } يعود على النفس ، وتذكيره مراعى فيه معناها هو الشخص أو القتيل .
وضرب القتيل ببعضها - أيا كان ذلك البعض - دليل على كمال قدرة الله تعالى .
وفيه تيسير عليهم .
واسم الإِشارة في قوله تعالى : { كَذَلِكَ يُحْيِي الله الموتى } مشار به إلى محذوف دل عليه سياق الكلام .
والتقدير : فقلنا لقوم موسى الذين تنازعوا في شأن القتيل اضربوه ببعض البقرة ليحيا ، فضربوه فأحياه الله ، وأخبر القتيل عن قاتله ، وكمثل إحيائه يحيي الله الموتى في الآخرة للثواب والعقاب .
وبذلك تكون الآية ظاهرة في أن الذي ضرب ببعض البقرة قد صار حياً بعد موته .
قال الإِمام ابن جرير - رحمه الله - : فإن قيل : وما كان معنى الأمر بضرب القتيل ببعضها؟ قيل : ليحيا فينبئ نبي الله والذين ادارءوا فيه عن قاتله .
فإن قال : وأين الخبر عن أن الله - تعالى - أمرهم بذلك؟ قيل : ترك ذلك اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام الدال عليه ، والمعنى : فقلنا اضربوه ببعضها ليحيا فضربوه فحيى ، يدل على ذلك قوله تعالى : { كَذَلِكَ يُحْيِي الله الموتى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } .
والمقصود بالآيات في قوله تعالى : { وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } الدلائل الدالة على أن الله على كل شيء قدير والتي منها ما شاهدوه بأعينهم من ترتب الحياة على ضرب القتيل بعضو ميت ، وأخباره عن قاتله ، واهتدائهم بسبب ذلك إلى القاتل الحقيقي .
وذلك لكي تستعملوا عقولكم في الخير .
وتوقنوا بأن من قدر على إحياء نفس ، واحدة فهو قادر على إحياء الأنفس جميعاً لأنه - سبحانه - لا يصعب عليه شيء .
هذا ولصاحب النار - رحمه الله - رأى في تفسير الآية الكريمة ، فهو يرى أن المراد بالإِحياء في قوله تعالى : { كَذَلِكَ يُحْيِي الله الموتى } حفظ الدماء وأستبقاؤها وليس المراد به عنده الإِحياء الحقيقي بعد الموت .
فقد قال في تفسيره : وأما قوله تعالى : { فَقُلْنَا اضربوه بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي الله الموتى } فهو بيان لإخراج ما يكتمون ، ويروون في هذا الضرب روايات كثيرة .
قيل : إن المراد اضربوا المقتول بلسانها وقيل بفخذها وقيل بذنبها ، وقالوا : أنهم ضربوه فعادت إليه الحياة ، وقال قتلني أخي أو ابن فلان ، إلخ ما قالوه ، والآية ليست أيضاً نصاً في مجملة فكيف بتفصيله؟ والظاهر مما قدمنا أن ذلك العمل كان وسيلة عندهم للفصل في الدماء عند التنازع في القاتل إذا وجد القتيل قرب بلد ولم يعرف قاتله ليعرف الجاني من غيره فمن غسل يده وفعل ما رسم لذلك في الشريعة بريء من الدم ومن لم يفعل ثبتت عليه الجناية .
ومعنى إحياء الموتى على هذا حفظ الدماء التي كانت عرضة لأن تسفك بسبب الخلاف في قتل تلك النفس ، أي يحييها بمثل هذه الأحكام ، وهذا الإِحياء على حد قوله تعالى { وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } وقوله تعالى { وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ } فالإِحياء هنا معناه الاستبقاء كما هو المعنى في الآيتين ...والذي نراه أن المراد بالإِحياء في قوله تعالى : { كَذَلِكَ يُحْيِي الله الموتى } الإِحياء الحقيقي للميت بعد موته ، وأن تفسيره بحفظ الدماء واستبقائها ضعيف لما يأتي :أولا : مخالفته لما ورد عن السلف في تفسير الآية الكريمة فقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : " لما ضرب المقتول ببعضها - يعني ببعض البقرة - جلس حياً ، فقيل له من قتلك؟ قال : بنو أخي قتلوني ثم قبض .
ثانياً : ما ذهب إليه صاحب المنار لا يدل عليه القرآن الكريم لا إجمالاً ولا تفصيلا ، ولا تصريحاً ولا تلميحاً ، لأن قوله تعالى { كَذَلِكَ يُحْيِي الله الموتى } ظاهر كل الظهور ، في أن المراد بالأحياء رد الحياة إليهم بعد ذهابها عنهم ، إذ الموتى هم الذين ماتوا بالفعل ، وإحياؤهم رد أرواحهم بعد موتهم وليس هناك نص صحيح يعتمد عليه في مخالفة هذا الظاهر ، ولا توجد أيضاً قرينة مانعة من إرادة هذا المعنى المتبادر من الآية بأدنى تأمل وما دام الأمر كذلك فلا يجوز تأويله بما يخالف ما يدل عليه اللفظ دلالة واضحة ، ومن التعسف الظاهر أن يراد من الموتى الأحياء من الناس ، وبإحياء الموتى تشريع العقوبات صوناً لدماء الأحياء منهم والله تعالى حينما أراد أن يدل على هذا المعنى قال { وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ يا أولي الألباب لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } فهذه الآية الكريمة تدل على أن القصاص من الجنة يحفظ على الناس حياتهم بدون التواء أو تعمية .
ثالثاً : تفسير الإِحياء برد الحياة إلى الموتى ، كما قال المفسرون ، يودي إلى غرس الإِيمان بصحة البعث في القلوب ، لأن المعنى عليه ، كهذا الإِحياء العجيب - وهو إحياء القتيل بضربة ببعض البقرة ليخبر عن قاتله - يحيي الله الموتى بأن يبعثهم من قبورهم يوم القيامة ، ليحاسبهم على أعمالهم ، فيكون إثباتاً للبعث عن طريق المشاهدة حتى لا ينكره منكر .
رابعاً : قوله تعالى بعد ذلك : { وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } قرينة قوية على أن المراد بالإِحياء ، رد الحياة إلى الموتى بعد موتهم لأن المراد ب { آيَاتِهِ } في هذا الموضع ، - كما قال المفسرون - الدلائل الدالة على عظم قدرته - تعالى - وذلك إنما يكون في خلق الأمور العجيبة الخارقة للعادة والتي ليست في طاقة البشر ، كإحياء الموتى وبعثهم من قبورهم للحساب والجزاء .
قوله تعالى : " فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون "قوله تعالى : فقلنا اضربوه ببعضها قيل : باللسان ؛ لأنه آلة الكلام .
وقيل : بعجب الذنب ، إذ فيه يركب خلق الإنسان .
وقيل : بالفخذ .
وقيل : بعظم من عظامها ، والمقطوع به عضو من أعضائها ، فلما ضرب به حيي وأخبر بقاتله ثم عاد ميتا كما كان .
مسألة : استدل مالك رحمه الله في رواية ابن وهب وابن القاسم على صحة القول بالقسامة بقول المقتول : دمي عند فلان ، أو فلان قتلني .
ومنعه الشافعي وجمهور العلماء ، قالوا : وهو الصحيح ؛ لأن قول المقتول : دمي عند فلان ، أو فلان قتلني ، خبر يحتمل الصدق والكذب .
ولا خلاف أن دم المدعى عليه معصوم ممنوع إباحته إلا بيقين ، ولا يقين مع الاحتمال ، فبطل اعتبار قول المقتول دمي عند فلان .
وأما قتيل بني إسرائيل فكانت معجزة وأخبر تعالى أنه يحييه ، وذلك يتضمن الإخبار بقاتله خبرا جزما لا يدخله احتمال ، فافترقا .
قال ابن العربي : المعجزة كانت في إحيائه ، فلما صار حيا كان كلامه كسائر كلام الناس كلهم في القبول والرد .
وهذا فن دقيق من العلم لم يتفطن له إلا مالك ، وليس في القرآن أنه إذا أخبر وجب صدقه ، فلعله أمرهم بالقسامة معه واستبعد ذلك البخاري والشافعي وجماعة من العلماء فقالوا : كيف يقبل قوله في الدم وهو لا يقبل قوله في درهم .
مسألة : اختلف العلماء في الحكم بالقسامة ، فروي عن سالم وأبي قلابة وعمر بن عبد العزيز والحكم بن عيينة التوقف في الحكم بها .
وإليه مال البخاري ؛ لأنه أتى بحديث القسامة في غير موضعه .
وقال الجمهور : الحكم بالقسامة ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم اختلفوا في كيفية الحكم بها ، فقالت طائفة : يبدأ فيها المدعون بالأيمان ، فإن حلفوا استحقوا ، وإن نكلوا حلف المدعى عليهم خمسين يمينا وبرءوا .
هذا قول أهل المدينة والليث والشافعي وأحمد وأبي ثور .
وهو مقتضى حديث حويصة ومحيصة ، خرجه الأئمة مالك وغيره .
وذهبت طائفة إلى أنه يبدأ بالأيمان المدعى عليهم فيحلفون ويبرءون .
روي هذا عن عمر بن الخطاب والشعبي والنخعي ، وبه قال الثوري والكوفيون ، واحتجوا بحديث شعبة بن عبيد عن بشير بن يسار ، وفيه : فبدأ بالأيمان المدعى عليهم ، وهم اليهود .
وبما رواه أبو داود عن الزهري عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن رجال من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليهود وبدأ بهم : ( أيحلف منكم خمسون رجلا ) .
فأبوا ، فقال للأنصار : ( استحقوا ) فقالوا : نحلف على الغيب يا رسول الله ، فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم دية على يهود ؛ لأنه وجد بين أظهرهم .
وبقوله عليه السلام : ( ولكن اليمين على المدعى عليه ) فعينوا ، قالوا : وهذا هو الأصل المقطوع به في الدعاوى الذي نبه الشرع على حكمته بقوله عليه السلام لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه رد عليهم أهل المقالة الأولى فقالوا : حديث سعيد بن عبيد في تبدية اليهود وهم عند أهل الحديث ، وقد أخرجه النسائي وقال : ولم يتابع سعيد في هذه الرواية فيما أعلم ، وقد أسند حديث بشير عن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالمدعين يحيى بن سعيد وابن عيينة وحماد بن زيد وعبد الوهاب الثقفي وعيسى بن حماد وبشر بن المفضل ، فهؤلاء سبعة .
وإن كان أرسله مالك فقد وصله جماعة الحفاظ ، وهو أصح من حديث سعيد بن عبيد .
قال أبو محمد الأصيلي : فلا يجوز أن يعترض بخبر واحد على خبر جماعة ، مع أن سعيد بن عبيد قال في حديثه : فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من إبل الصدقة ، والصدقة لا تعطى في الديات ولا يصالح بها عن غير أهلها ، وحديث أبي داود مرسل فلا تعارض به الأحاديث الصحاح المتصلة ، وأجابوا عن التمسك بالأصل بأن هذا الحكم أصل بنفسه لحرمة الدماء .
قال ابن المنذر : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، والحكم بظاهر ذلك يجب ، إلا أن يخص الله في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم حكما في شيء من الأشياء فيستثنى من جملة هذا الخبر .
فمما دل عليه الكتاب إلزام القاذف حد المقذوف إذا لم يكن معه أربعة شهداء يشهدون له على صدق ما رمي به المقذوف وخص من رمى زوجته بأن أسقط عنه الحد إذا شهد أربع شهادات .
ومما خصته السنة حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالقسامة .
وقد روى ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة .
خرجه الدارقطني .
وقد احتج مالك لهذه المسألة في موطئه بما فيه كفاية ، فتأمله هناك .
مسألة : واختلفوا أيضا في وجوب القود بالقسامة ، فأوجبت طائفة القود بها ، وهو قول مالك والليث وأحمد وأبي ثور ، لقوله عليه السلام لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن : أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم ؟ .
وروى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجلا بالقسامة من بني نضر بن مالك .
قال الدارقطني : نسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده صحيحة ، وكذلك أبو عمر بن عبد البر يصحح حديث عمرو بن شعيب ، ويحتج به ، وقال البخاري : رأيت علي بن المديني وأحمد بن حنبل والحميدي وإسحاق ابن راهويه يحتجون به ، قاله الدارقطني في السنن .
وقالت طائفة : لا قود بالقسامة ، وإنما توجب الدية .
روي هذا عن عمر وابن عباس ، وهو قول النخعي والحسن ، وإليه ذهب الثوري والكوفيون والشافعي وإسحاق ، واحتجوا بما رواه مالك عن ابن أبي ليلى بن عبد الله عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله للأنصار : إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب .
قالوا : وهذا يدل على الدية لا على القود ، قالوا : ومعنى قوله عليه السلام : ( وتستحقون دم صاحبكم ) دية دم قتيلكم ؛ لأن اليهود ليسوا بأصحاب لهم ، ومن استحق دية صاحبه فقد استحق دمه ؛ لأن الدية قد تؤخذ في العمد فيكون ذلك استحقاقا للدم .
مسألة : الموجب للقسامة اللوث ولا بد منه .
واللوث : أمارة تغلب على الظن صدق مدعي القتل ، كشهادة العدل الواحد على رؤية القتل ، أو يرى المقتول يتشحط في دمه ، والمتهم نحوه أو قربه عليه آثار القتل .
وقد اختلف في اللوث والقول به ، فقال مالك : هو قول المقتول : دمي عند فلان .
والشاهد العدل لوث .
كذا في رواية ابن القاسم عنه .
وروى أشهب عن مالك أنه يقسم مع الشاهد غير العدل ومع المرأة .
وروى ابن وهب أن شهادة النساء لوث .
وذكر محمد عن ابن القاسم أن شهادة المرأتين لوث دون شهادة المرأة الواحدة .
قال القاضي أبو بكر بن العربي : اختلف في اللوث اختلافا كثيرا ، مشهور المذهب أنه الشاهد العدل .
وقال محمد : هو أحب إلي .
قال : وأخذ به ابن القاسم وابن عبد الحكم .
وروي عن عبد الملك بن مروان : أن المجروح أو المضروب إذا قال : دمي عند فلان ومات كانت القسامة .
وبه قال مالك والليث بن سعد .
واحتج مالك بقتيل بني إسرائيل أنه قال : قتلني فلان .
وقال الشافعي : اللوث الشاهد العدل ، أو يأتي ببينة وإن لم يكونوا عدولا .
وأوجب الثوري والكوفيون القسامة بوجود القتيل فقط ، واستغنوا عن مراعاة قول المقتول وعن الشاهد ، قالوا : إذا وجد قتيل في محلة قوم وبه أثر حلف أهل ذلك الموضع أنهم لم يقتلوه ويكون عقله عليهم ، وإذا لم يكن به أثر لم يكن على العاقلة شيء إلا أن تقوم البينة على واحد .
وقال سفيان : وهذا مما أجمع عليه عندنا ، وهو قول ضعيف خالفوا فيه أهل العلم ، ولا سلف لهم فيه ، وهو مخالف للقرآن والسنة ، ولأن فيه إلزام العاقلة مالا بغير بينة ثبتت عليهم ولا إقرار منهم .
وذهب مالك والشافعي إلى أن القتيل إذا وجد في محلة قوم أنه هدر ، لا يؤخذ به أقرب الناس دارا ؛ لأن القتيل قد يقتل ثم يلقى على باب قوم ليلطخوا به ، فلا يؤاخذ بمثل ذلك حتى تكون الأسباب التي شرطوها في وجوب القسامة .
وقد قال عمر بن عبد العزيز هذا مما يؤخر فيه القضاء حتى يقضي الله فيه يوم القيامة .
مسألة : قال القاسم بن مسعدة قلت للنسائي : لا يقول مالك بالقسامة إلا باللوث ، فلم أورد حديث القسامة ولا لوث فيه قال النسائي : أنزل مالك العداوة التي كانت بينهم وبين اليهود بمنزلة اللوث ، وأنزل اللوث أو قول الميت بمنزلة العداوة .
قال ابن أبي زيد : وأصل هذا في قصة بني إسرائيل حين أحيا الله الذي ضرب ببعض البقرة فقال : قتلني فلان ، وبأن العداوة لوث ، قال الشافعي : ولا نرى قول المقتول لوثا ، كما تقدم .
قال الشافعي : إذا كان بين قوم وقوم عداوة ظاهرة كالعداوة التي كانت بين الأنصار واليهود ، ووجد قتيل في أحد الفريقين ولا يخالطهم غيرهم وجبت القسامة فيه .
مسألة : واختلفوا في القتيل يوجد في المحلة التي أكراها أربابها ، فقال أصحاب الرأي : هو على أهل الخطة وليس على السكان شيء ، فإن باعوا دورهم ثم وجد قتيل فالدية على المشتري وليس على السكان شيء ، وإن كان أرباب الدور غيبا وقد أكروا دورهم فالقسامة والدية على أرباب الدور والغيب وليس على السكان الذين وجد القتيل بين أظهرهم شيء .
ثم رجع يعقوب من بينهم عن هذا القول فقال : القسامة والدية على السكان في الدور .
وحكى هذا القول عن ابن أبي ليلى ، واحتج بأن أهل خيبر كانوا عمالا سكانا يعملون فوجد القتيل فيهم .
قال الثوري : ونحن نقول : هو على أصحاب الأصل ، يعني أهل الدور .
وقال أحمد : القول قول ابن أبي ليلى في القسامة لا في الدية .
وقال الشافعي : وذلك كله سواء ، ولا عقل ولا قود إلا ببينة تقوم ، أو ما يوجب القسامة فيقسم الأولياء .
قال ابن المنذر : وهذا أصح .
مسألة : ولا يحلف في القسامة أقل من خمسين يمينا ، لقوله عليه السلام في حديث حويصة ومحيصة : ( يقسم خمسين منكم على رجل منهم ) .
فإن كان المستحقون خمسين حلف كل واحد منهم يمينا واحدة ، فإن كانوا أقل من ذلك أو نكل منهم من لا يجوز عفوه ردت الأيمان عليهم بحسب عددهم .
ولا يحلف في العمد أقل من اثنين من الرجال ، لا يحلف فيه الواحد من الرجال ولا النساء ، يحلف الأولياء ومن يستعين بهم الأولياء من العصبة خمسين يمينا .
هذا مذهب مالك والليث والثوري والأوزاعي وأحمد وداود .
وروى مطرف عن مالك أنه لا يحلف مع المدعى عليه أحد ويحلف هم أنفسهم كما لو كانوا واحدا فأكثر خمسين يمينا يبرئون بها أنفسهم ، وهو قول الشافعي .
قال الشافعي : لا يقسم إلا وارث ، كان القتل عمدا أو خطأ .
ولا يحلف على مال ويستحقه إلا من له الملك لنفسه أو من جعل الله له الملك من الورثة ، والورثة يقسمون على قدر مواريثهم .
وبه قال أبو ثور واختاره ابن المنذر وهو الصحيح ، لأن من لم يدع عليه لم يكن له سبب يتوجه عليه فيه يمين .
ثم مقصود هذه الأيمان البراءة من الدعوى ، ومن لم يدع عليه بريء .
وقال مالك في الخطأ : يحلف فيها الواحد من الرجال والنساء ، فمهما كملت خمسين يمينا من واحد أو أكثر استحق الحالف ميراثه ، ومن نكل لم يستحق شيئا ، فإن جاء من غاب حلف من الأيمان ما كان يجب عليه لو حضر بحسب ميراثه .
هذا قول مالك المشهور عنه ، وقد روي عنه أنه لا يرى في الخطأ قسامة .
وتتميم مسائل القسامة وفروعها وأحكامها مذكور في كتب الفقه والخلاف ، وفيما ذكرناه كفاية ، والله الموفق .
مسألة : في قصة البقرة هذه دليل على أن شرع من قبلنا شرع لنا ، وقال به طوائف من المتكلمين وقوم من الفقهاء ، واختاره الكرخي ونص عليه ابن بكير القاضي من علمائنا ، وقال القاضي أبو محمد عبد الوهاب : هو الذي تقتضيه أصول مالك ومنازعه في كتبه ، وإليه مال الشافعي ، وقد قال الله : فبهداهم اقتده على ما يأتي إن شاء الله تعالى .
قوله تعالى : كذلك يحيي الله الموتى أي : كما أحيا هذا بعد موته كذلك يحيي الله كل من مات فالكاف في موضع نصب ؛ لأنه نعت لمصدر محذوف .
ويريكم آياته أي : علاماته وقدرته .
لعلكم تعقلون كي تعقلوا ، وقد تقدم أي : تمتنعون من عصيانه وعقلت نفسي عن كذا أي : منعتها منه ، والمعاقل : الحصون .


شرح المفردات و معاني الكلمات : فقلنا , اضربوه , ببعضها , يحيي , الله , الموتى , يريكم , آياته , تعقلون ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم

  1. فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم
  2. واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب
  3. إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم
  4. فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى
  5. يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون
  6. ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر
  7. تنـزيل العزيز الرحيم
  8. قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين
  9. وإن يونس لمن المرسلين
  10. واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا

تحميل سورة البقرة mp3 :

سورة البقرة mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة البقرة

سورة البقرة بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة البقرة بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة البقرة بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة البقرة بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة البقرة بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة البقرة بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة البقرة بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة البقرة بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة البقرة بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة البقرة بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, April 19, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب