﴿ مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ۚ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾
[ النساء: 79]

سورة : النساء - An-Nisā’  - الجزء : ( 5 )  -  الصفحة: ( 90 )

Whatever of good reaches you, is from Allah, but whatever of evil befalls you, is from yourself. And We have sent you (O Muhammad SAW) as a Messenger to mankind, and Allah is Sufficient as a Witness.


ما أصابك -أيها الإنسان- مِن خير ونعمة فهو من الله تعالى وحده، فضلا وإحسانًا، وما أصابك من جهد وشدة فبسبب عملك السيئ، وما اقترفته يداك من الخطايا والسيئات. وبعثناك -أيها الرسول- لعموم الناس رسولا تبلغهم رسالة ربك، وكفى بالله شهيدًا على صدق رسالتك.

ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك - تفسير السعدي

{ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ }- أي: في الدين والدنيا { فَمِنَ اللَّهِ } هو الذي مَنَّ بها ويسرها بتيسير أسبابها.
{ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ } في الدين والدنيا { فَمِنْ نَفْسِكَ }- أي: بذنوبك وكسبك، وما يعفو الله عنه أكثر.
فالله تعالى قد فتح لعباده أبواب إحسانه وأمرهم بالدخول لبره وفضله، وأخبرهم أن المعاصي مانعة من فضله، فإذا فعلها العبد فلا يلومن إلا نفسه فإنه المانع لنفسه عن وصول فضل الله وبره.
ثم أخبر عن عموم رسالة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فقال: { وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا } على أنك رسول الله حقا بما أيدك بنصره والمعجزات الباهرة والبراهين الساطعة، فهي أكبر شهادة على الإطلاق، كما قال تعالى: { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } فإذا علم أن الله تعالى كامل العلم، تام القدرة عظيم الحكمة، وقد أيد الله رسوله بما أيده، ونصره نصرا عظيما، تيقن بذلك أنه رسول الله، وإلا فلو تقول عليه بعض الأقاويل لأخذ منه باليمين، ثم لقطع منه الوتين.

تفسير الآية 79 - سورة النساء

تفسير الجلالين التفسير الميسر تفسير السعدي
تفسير البغوي التفسير الوسيط تفسير ابن كثير
تفسير الطبري تفسير القرطبي إعراب الآية

ما أصابك من حسنة فمن الله وما : الآية رقم 79 من سورة النساء

 سورة النساء الآية رقم 79

ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك - مكتوبة

الآية 79 من سورة النساء بالرسم العثماني


﴿ مَّآ أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن نَّفۡسِكَۚ وَأَرۡسَلۡنَٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولٗاۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا  ﴾ [ النساء: 79]


﴿ ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا ﴾ [ النساء: 79]

  1. الآية مشكولة
  2. تفسير الآية
  3. استماع mp3
  4. الرسم العثماني
  5. تفسير الصفحة
فهرس القرآن | سور القرآن الكريم : سورة النساء An-Nisā’ الآية رقم 79 , مكتوبة بكتابة عادية و كذلك بالشكيل و مصورة مع الاستماع للآية بصوت ثلاثين قارئ من أشهر قراء العالم الاسلامي مع تفسيرها ,مكتوبة بالرسم العثماني لمونتاج فيديو اليوتيوب .
  
   

تحميل الآية 79 من النساء صوت mp3


تدبر الآية: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك

ذكِّر مَن يؤمن بالله إن آلمَتهُ بعضُ أقضيته أنَّ ما أصابه إنما هو من شؤم معاصيه، ومَن يزعم أن الشرَّ حصل بسبب داعي حقٍّ فأعلِن له أن الأقدار كلَّها ليست إلا بيد مُدبِّرها سبحانه.
أيها اللائمُ القدَر، المتسخِّطُ على الزمان، اعلم أنك إنما أُتِيتَ من قِبَل نفسك، فأحسِن عملَك إن شئتَ أن يُحسنَ الله شأنَك.
تبنَّت المعصية كلَّ مصيبة تحلُّ بالإنسان، حتى لتَخال أن بينهما نسبًا لا ينقطع، وتكادُ تجزم أن وحَلَ المعصية لا يدَعُ في الحياة صَفوًا إلا كدَّرَه، ولا اجتماعَ سعدٍ إلا بعثرَه.
﴿وأرسلناكَ للنَّاسِ رسولًا﴾ جملةٌ تنطِق بالرحمة والشرف؛ فقد رحم الله العالمينَ فأرسل إليهم رسولًا يَهديهم، وشرَّف محمَّدًا عليه الصلاة والسلام فجعله رسولَه إليهم جميعًا.
الإقرار بوجود الله يُفضي بالعاقل إلى التصديق بالنبوَّة، فما كان الله ليَدَعَ عبدًا من عباده يتقوَّل عليه، ثم يؤيِّده ويرفع ذكرَه في العالمين.

وقوله-تبارك وتعالى- ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ الخطاب فيه للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد كل مكلف من أمته.
والمراد بالحسنة ما يسر له الإنسان ويفرح به، والمراد بالسيئة ما يسوءه ويحزنه.
والمعنى: ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ أى من نعمة وأمور حسنة تفرح بها فَمِنَ اللَّهِ أى فبتوفيقه لك وتفضله عليك، وإرشادك إلى الوسائل التي أوصلتك إلى ما يسرك.
وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ أى من مصيبة أو غيرها مما يحزن فَمِنْ نَفْسِكَ أى: فمن نفسك بسبب وقوعها فيما نهى الله عنه، وتركها للأسباب الموصلة إلى النجاح، كما قال- تعالى: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ.
وروى الترمذي عن أبى موسى الأشعرى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يصيب عبدا نكتة فما فوقها أو دونها إلا بذنب.
وما يعفو الله عنه أكثر» .
قال وقرأ: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ.
وروى ابن عساكر عن البراء- رضى الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عثرة ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم.
وما يعفو الله أكثر» .
وعلى هذا يكون قوله-تبارك وتعالى- ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ.. إلخ من كلام الله-تبارك وتعالى- والخطاب فيه للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به كل مكلف- كما سبق أن أشرنا- وقد ساقه- سبحانه - على سبيل الاستئناف ردا على مزاعم المنافقين ومن هم على شاكلتهم في الكفر وضعف الإيمان.
وقيل إن هذه الآية حكاية من الله-تبارك وتعالى- لأقوال المنافقين السابقة، فكأنهم لم يكتفوا بأن ينسبوا للرسول صلى الله عليه وسلم أنه السبب فيما أصابهم من جدب وهزيمة.
بل أضافوا إلى ذلك قولهم له:إن ما أصابك من حسنة فمن الله ولا فضل لك فيما نلت من نصر أو غنيمة، وما أصابك من سيئة أى هزيمة أو مصيبة فمن سوء صنعك وتصرفك.
ومقصدهم من ذلك- قبحهم الله- تجريد النبي صلى الله عليه وسلم من كل فضل، وإلقاء اللوم عليه في كل ما يصيبهم من مصائب.
وقد أشار القرطبي إلى هذين القولين بقوله: قوله-تبارك وتعالى- ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته.
أى ما أصابكم يا معشر الناس من خصب واتساع رزق فمن تفضل الله عليكم، وما أصابكم من جدب وضيق رزق فمن أنفسكم أى من أجل ذنوبكم وقع ذلك بكم.
وقيل: في الكلام حذف تقديره: يقولون.
وعليه يكون الكلام متصلا، والمعنى: فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً حتى يقولوا ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ .
وقال الجمل: فإن قلت: كيف وجه الجمع بين قوله- تعالى: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وبين قوله وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ فأضاف السيئة إلى فعل العبد في هذه الآية- بينما أضاف الكل إلى الله في الآية السابقة-؟قلت: أما إضافة الأشياء كلها إلى الله في الآية السابقة في قوله قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فعلى الحقيقة، لأن الله هو خالقها وموجدها.
وأما إضافة السيئة إلى فعل العبد في قوله وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ فعلى سبيل المجاز.
والتقدير: وما أصابك من سيئة فمن أجلها وبسبباقترافها الذنوب.
وهذا لا ينافي أن خلقها من الله- كما سبق} .
وقال بعض العلماء: والتوفيق بين قوله-تبارك وتعالى- ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ وبين قوله قبل ذلك: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هو أن قوله قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كان موضوعه الكلام في تقدير الله.
فهم إن انتصر المؤمنون لا ينسبون للنبي صلى الله عليه وسلم أى فضل، بل يجردونه من الفضل ويقولون هو من عند الله.
وما قصدوا التفويض والإيمان بالقدر، بل قصدوا الغض من مقام النبوة.
فإن كان هناك خير نسبوه إلى الله وإن كان ما يسوء نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم إيذاء وتمردا.
فالله تعالى- قال لهم: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، أى كل ذلك بتقدير الله وإرادته.
أما قوله وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ فموضوعه اتخاذ الأسباب.
ومعناه: أن من أخذ بالأسباب وتوكل على الله فالله-تبارك وتعالى- يعطيه النتائج ومن لا يتخذ الأسباب، أو يخالف المنهاج السليم الموصل إلى الثمرة، فإنه سيناله ما يسوؤه، وبسبب منه.
فالأول: لبيان القدر.
والثاني: لبيان العمل .
هذا، وقوله-تبارك وتعالى- وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بيان لجلال منصبه وعلو مكانته صلى الله عليه وسلم عند ربه- عز وجل - بعد بيان بطلان زعمهم الباطل في حقه عليه الصلاة والسلام.
أى: وأرسلناك- يا محمد- بأمرنا وبشريعتنا لتبلغ الناس ما أمرناك بتبليغه، ولتخرجهم من ظلمات الجهالة والكفر إلى نور التوحيد والإيمان وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً على صحة رسالتك، وعلى صدقك فيما تبلغه عنه، وإذا ثبت ذلك فالخير في طاعتك والشر والشؤم في مخالفتك.
والمراد بالناس جميعهم.
أى: وأرسلناك لجميع الناس كما قال-تبارك وتعالى- وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ.
وقوله رَسُولًا حال مؤكدة لعاملها وهو أرسلناك.
وقوله وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً تثبيت وتقوية لقلب النبي صلى الله عليه وسلم أى: امض في طريقك ولا تلتفت إلى أقوالهم، وكفى بالله عليك وعليهم شهيدا، فإنه- سبحانه - لا يخفى عليه أمرك وأمرهم.
قوله تعالى : ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيداقوله تعالى : ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك أي ما أصابك يا محمد من خصب ورخاء وصحة وسلامة فبفضل الله عليك وإحسانه إليك ، وما أصابك من جدب وشدة فبذنب أتيته عوقبت عليه .
والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته .
أي ما أصابكم يا معشر الناس من خصب واتساع رزق فمن تفضل الله عليكم ، وما أصابكم من جدب وضيق رزق فمن أنفسكم ؛ أي من أجل ذنوبكم وقع ذلك بكم .
قاله الحسن والسدي وغيرهما ؛ كما قال تعالى : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء .
وقد قيل : الخطاب للإنسان والمراد به الجنس ؛ كما قال تعالى : والعصر إن الإنسان لفي خسر أي إن الناس لفي خسر ، ألا تراه استثنى منهم فقال إلا الذين آمنوا ولا يستثنى إلا من جملة أو جماعة .
وعلى هذا التأويل يكون قوله ما أصابك استئنافا .
وقيل : في الكلام حذف تقديره يقولون ؛ وعليه يكون الكلام متصلا ؛ والمعنى فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا حتى يقولوا ما أصابك من حسنة فمن الله .
وقيل : إن ألف الاستفهام مضمرة ؛ والمعنى أفمن نفسك ؟ ومثله قوله تعالى : وتلك نعمة تمنها علي والمعنى أوتلك نعمة ؟ وكذا قوله تعالى : فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي أي أهذا ربي ؟ قال أبو خراش الهذلي :رموني وقالوا يا خويلد لم ترع فقلت وأنكرت الوجوه هم همأراد " أهم " فأضمر ألف الاستفهام وهو كثير وسيأتي .
قال الأخفش " ما " بمعنى الذي .
وقيل : هو شرط .
قال النحاس : والصواب قول الأخفش ؛ لأنه نزل في شيء بعينه من الجدب ، وليس هذا من المعاصي في شيء ولو كان منها لكان وما أصبت من سيئة .
وروى عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس وأبي وابن مسعود " ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك " فهذه قراءة على التفسير ، وقد أثبتها بعض أهل الزيغ من القرآن ، والحديث بذلك عن ابن مسعود وأبي منقطع ؛ لأن مجاهدا لم ير عبد الله ولا أبيا .
وعلى قول من قال : الحسنة الفتح والغنيمة يوم بدر ، والسيئة ما أصابهم يوم أحد ؛ أنهم عوقبوا عند خلاف الرماة الذين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحموا ظهره ولا يبرحوا من مكانهم ، فرأوا الهزيمة على قريش والمسلمون يغنمون أموالهم فتركوا مصافهم ، فنظر خالد بن الوليد - وكان مع الكفار يومئذ - ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انكشف من الرماة فأخذ سرية من الخيل ودار حتى صار خلف المسلمين وحمل عليهم ، ولم يكن خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرماة إلا صاحب الراية ، حفظ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف حتى استشهد مكانه ؛ على ما تقدم في " آل عمران " بيانه .
فأنزل الله تعالى نظير هذه الآية وهو قوله تعالى : أولما أصابتكم مصيبة يعني يوم أحد قد أصبتم مثليها يعني يوم بدر قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم .
ولا يجوز أن تكون الحسنة هاهنا الطاعة والسيئة المعصية كما قالت القدرية ؛ إذ لو كان كذلك لكان ما أصبت كما قدمنا ، إذ هو بمعنى الفعل عندهم والكسب عندنا ، وإنما تكون الحسنة الطاعة والسيئة المعصية في نحو قوله : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وأما في هذه الآية فهي كما تقدم شرحنا له من الخصب والجدب والرخاء والشدة على نحو ما جاء في آية " الأعراف " وهي قوله تعالى : ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون .
وبالسنين بالجدب سنة بعد سنة ؛ حبس المطر عنهم فنقصت ثمارهم وغلت أسعارهم .
فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه أي يتشاءمون بهم ويقولون هذا من أجل اتباعنا لك وطاعتنا إياك ؛ فرد الله عليهم بقوله : ألا إنما طائرهم عند الله يعني أن طائر البركة وطائر الشؤم من الخير والشر والنفع والضر من الله تعالى لا صنع فيه لمخلوق ؛ فكذلك قوله تعالى فيما أخبر عنهم أنهم يضيفونه للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله كما قال : ألا إنما طائرهم عند الله وكما قال تعالى : وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله أي بقضاء الله وقدره وعلمه ، وآيات الكتاب يشهد بعضها لبعض .
قال علماؤنا : ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشك في أن كل شيء بقضاء الله وقدره وإرادته ومشيئته ؛ كما قال تعالى : ونبلوكم بالشر والخير فتنة وقال تعالى : وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال .
مسألة : وقد تجاذب بعض جهال أهل السنة هذه الآية واحتج بها ؛ كما تجاذبها القدرية واحتجوا بها ، ووجه احتجاجهم بها أن القدرية يقولون : إن الحسنة ها هنا الطاعة ، والسيئة المعصية ؛ قالوا : وقد نسب المعصية في قوله تعالى : وما أصابك من سيئة فمن نفسك إلى الإنسان دون الله تعالى ؛ فهذا وجه تعلقهم بها .
ووجه تعلق الآخرين منها قوله تعالى : قل كل من عند الله قالوا : فقد أضاف الحسنة والسيئة إلى نفسه دون خلقه .
وهذه الآية إنما يتعلق بها الجهال من الفريقين جميعا ؛ لأنهم بنوا ذلك على أن السيئة هي المعصية ، وليست كذلك لما بيناه .
والله أعلم .
والقدرية إن قالوا ما أصابك من حسنة أي من طاعة فمن الله فليس هذا اعتقادهم ؛ لأن اعتقادهم الذي بنوا عليه مذهبهم أن الحسنة فعل المحسن والسيئة فعل المسيء .
وأيضا فلو كان لهم فيها حجة لكان يقول : ما أصبت من حسنة وما أصبت من سيئة ؛ لأنه الفاعل للحسنة والسيئة جميعا ، فلا يضاف إليه إلا بفعله لهما لا بفعل غيره .
نص على هذه المقالة الإمام أبو الحسن شبيب بن إبراهيم بن محمد بن حيدرة في كتابه المسمى بحز الغلاصم في إفحام المخاصم .
قوله تعالى : وأرسلناك للناس رسولا مصدر مؤكد ، ويجوز أن يكون المعنى ذا رسالة وكفى بالله شهيدا نصب على البيان والباء زائدة ، أي كفى الله شهيدا على صدق رسالة نبيه وأنه صادق .


شرح المفردات و معاني الكلمات : أصابك , حسنة , الله , أصابك , سيئة , نفسك , أرسلناك , للناس , رسولا , الله , شهيدا ,
English Türkçe Indonesia
Русский Français فارسی
تفسير انجليزي اعراب

آيات من القرآن الكريم


تحميل سورة النساء mp3 :

سورة النساء mp3 : قم باختيار القارئ للاستماع و تحميل سورة النساء

سورة النساء بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة النساء بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة النساء بصوت عبد  الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة النساء بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة النساء بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة النساء بصوت محمود خليل الحصري
الحصري
سورة النساء بصوت مشاري راشد العفاسي
مشاري العفاسي
سورة النساء بصوت ناصر القطامي
ناصر القطامي
سورة النساء بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة النساء بصوت ياسر لدوسري
ياسر الدوسري


الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, March 29, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب