حديث ما حمله على ذلك قال فقال أراد أن لا يحرج أمته

أحاديث نبوية | صحيح مسلم | حديث معاذ بن جبل

«جَمع رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ بيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وبيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. قالَ: فَقُلتُ: ما حَمَلَهُ علَى ذلكَ؟ قالَ: فَقالَ: أَرَادَ أَنْ لا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ.»

صحيح مسلم
معاذ بن جبل
مسلم
[صحيح]

صحيح مسلم - رقم الحديث أو الصفحة: 706 -

شرح حديث جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك بين الظهر


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكانَ يَجْمَعُ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، حتَّى إذَا كانَ يَوْمًا أَخَّرَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذلكَ، فَصَلَّى المَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، ثُمَّ قالَ: إنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا -إنْ شَاءَ اللَّهُ- عَيْنَ تَبُوكَ، وإنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ، فمَن جَاءَهَا مِنكُم فلا يَمَسَّ مِن مَائِهَا شيئًا حتَّى آتِيَ، فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَنَا إلَيْهَا رَجُلَانِ، وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بشَيءٍ مِن مَاءٍ، قالَ: فَسَأَلَهُما رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: هلْ مَسَسْتُما مِن مَائِهَا شيئًا؟ قالَا: نَعَمْ، فَسَبَّهُما النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَقالَ لهما ما شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، قالَ: ثُمَّ غَرَفُوا بأَيْدِيهِمْ مِنَ العَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا، حتَّى اجْتَمع في شَيءٍ، قالَ: وَغَسَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فيه يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا، فَجَرَتِ العَيْنُ بمَاءٍ مُنْهَمِرٍ -أَوْ قالَ: غَزِيرٍ- حتَّى اسْتَقَى النَّاسُ، ثُمَّ قالَ: يُوشِكُ -يا مُعَاذُ- إنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى ما هَاهُنَا قدْ مُلِئَ جِنَانًا.
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : مسلم
| المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 706 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



التَّيسيرُ والتَّرفُّقُ بالمسلِمينَ كان مِن شَأنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد أرادَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَخرُجَ بأُمَّتِه مِنَ الضِّيقِ إلى السَّعةِ في كلِّ الأُمورِ، ولا يكونُ ذلك إلَّا باتِّباعِ هَديِه وطاعَتِه وعدمِ مخالَفَتِه.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي مُعاذُ بنُ جَبلٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم خَرَجوا معَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عامَ غَزْوةِ تَبوكَ، وكانتْ في السَّنةِ التَّاسعةِ بعدَ الهِجرةِ، وتَبوكُ: في أقْصَى شَمالِ الجزيرةِ العربيَّةِ في مُنتصَفِ الطَّريقِ إلى دِمشقَ، حيثُ تَبعُدُ عنِ الحِجازِ ما يُقارِبُ ( 1252 كم )، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خارجًا لغَزوِ الرُّومِ، وفي هذا السَّفرِ كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجمَعُ بيْنَ كلِّ صَلاتَينِ، فصَلَّى الظُّهرَ والعَصرَ جميعًا، والمغرِبَ والعِشاءَ جميعًا، فكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي العَصرَ في وَقتِ الظُّهرِ، والعِشاءَ في وَقتِ المغرِبِ، ويُسمَّى هذا ( جَمعَ تَقْديمٍ )، وأخبَرَ مُعاذٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يومٍ أخَّرَ صَلاةَ الظُّهرِ إلى وَقتِ العَصرِ، وأخَّرَ صلاةَ المغرِبِ إلى وَقتِ العِشاءِ، ويُسمَّى هذا ( جَمعَ تأْخيرٍ ).
ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحابِه رَضيَ اللهُ عنهم: «إنَّكم ستَأْتونَ» في سَيْرِكم وسَفَرِكم هذا، «غدًا» وهو صباحُ اليومِ التَّالي، «إنْ شاءَ اللهُ»، وهذا امْتِثالٌ منَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لقَولِ اللهِ تعالى: { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } [ الكهف: 23، 24 ]، «عينَ تَبوكَ» وهي بئرُ الماءِ الَّتي سُمِّيَتِ المنطقةُ باسْمِها، وكان بها القَليلُ منَ الماءِ المجتَمِعِ بها، «وإنَّكم لنْ تَأْتوها حتَّى يُضْحيَ النَّهارُ»، أي: يَشتَدَّ حرُّ النَّهارِ بدُخولِ وقتِ الضُّحى، «فمَن جاءَها منكم» فسبَقَ لها وأسرَعَ قبلَ أنْ يحضُرَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وذلك أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان من عادَتِه أنْ يَمشيَ ويَسيرَ في مؤخِّرةِ الجَيشِ-، «فلا يمَسَّ مِن مائِها شيئًا» سواءٌ أكان للشُّربِ أو غَيرِه، قليلًا كان أو كثيرًا، حتَّى يحضُرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولعَلَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَخْشى إذا مسَّه أحدٌ قبلَ حُضورِه أنْ ينقطِعَ الماءُ؛ وذلك لقلَّتِه، فأرادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تظهَرَ في الماءِ البَرَكةُ بحُضورِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ويعُمَّ الماءُ جَميعَ الجيشَ.
ثُمَّ قال مُعاذٌ رَضيَ اللهُ عنه: «فجِئْناها وقدْ سبَقَنا إليها رجُلانِ» منَ المسلِمينَ ممَّن كانوا في مقدِّمةِ الجيشِ، «والعَينُ» الَّتي فيها الماءُ «مِثلُ الشِّراكِ» وشِراكُ النَّعلِ: هو السَّيرُ الَّذي يَدخُلُ فيه إصبَعُ الرِّجْلِ، أوِ الَّذي يكونُ على ظَهرِ القَدَمِ، وهو كنايةٌ عنِ القلَّةِ الشَّديدةِ للماءِ، «تَبِضُّ بشَيءٍ مِن ماءٍ»، أي: تَسيلُ بماءٍ قَليلٍ رَقيقٍ، فسَألَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرَّجُلينِ: «هلْ مسَسْتُما مِن مائِها شيئًا؟» فأجابَا: نَعمْ، فسَبَّهما صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والمَعنى: لامَهُما وعاتَبَهما، «وقال لهما ما شاءَ اللهُ أن يقولَ»، أي: بالَغَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في عِتابِهما، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ: لأنَّهما كانَا مُنافِقَينِ قصَدَا المخالَفةَ، فصادَفَ السَّبُّ مَحِلَّه، ويَحتمِلُ أنْ كانَا غيرَ مُنافِقَينِ، ولم يَعلَمَا بنَهيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ سَبُّه لهما لم يُصادِفْ مَحِلًّا، فيكونَ ذلك لهما رَحمةً وزَكاةً، كما قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَديثٍ في صحيحِ مُسلمٍ: «اللَّهمَّ إنِّي أتَّخِذُ عندَكَ عهدًا لن تُخلِفَنيه، فإنَّما أنا بشَرٌ، فأيُّ المؤمِنينَ آذَيْتُه، شتَمْتُه، لعَنْتُه، جلَدْتُه، فاجْعَلْها له صَلاةً وزكاةً، وقُربةً تُقرِّبُه بها إليكَ يومَ القِيامةِ».
وأخبَرَ مُعاذٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم جَمَعوا بعضَ الماءِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في آنيةٍ بعدَ أنْ غَرَفوه بأيْديهم، فغسَلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيه يَدَيْه ووَجْهَه، ثمَّ أمَرَ أنْ يُعادَ ذلك الماءُ إلى العَينِ، فلمَّا فعَلوا ذلك سالَتِ العينُ بماءٍ غَزيرٍ كَثيرِ الانْصبابِ، حتَّى ارْتَوى النَّاسُ وشَرِبوا، ثمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعاذًا رَضيَ اللهُ عنه أنَّه يَقترِبُ ويُسرِعُ -يا مُعاذُ- إنْ أطالَ اللهُ عزَّ وجلَّ في عُمُرِكَ أنْ تَرَى ما هاهنا قدْ مُلِئَ جِنانًا، والجِنانُ: البُستانُ مِنَ النَّخلِ وغيرِه، والمعنى: أنَّه يكثُرُ ماؤُه، ويُخصِبُ أرْضُه، فيكونُ بَساتينَ، ذاتَ أشْجارٍ كثيرةٍ وثِمارٍ، وهذا من مُعجِزاتِه وعَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حيث امْتلأَ هذا المكانُ بعدَ ذلك بالزُّروعِ والثِّمارِ والحَياةِ.
في الحَديثِ: الجَمعُ بينَ الصَّلاتَينِ في السَّفرِ، سواءٌ كان المسافِرُ نازلًا أو سائرًا.
وفيه: مُعجِزَتانِ ظاهِرَتانِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ كثرةُ الماءِ، وإنْباؤُه ببعضِ الغَيبِ.
وفيه: تَأْديبُ الحاكمِ باللِّسانِ والسَّبِّ غَيرِ الفاحشِ والبَذيءِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح مسلمخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان يصلي
صحيح مسلمخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك فكان يجمع
صحيح أبي داودأنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان
صحيح مسلمدخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد الناس
صحيح الجامعإني ذاكر لك أمرا ولا عليك أن تعجلى حتى تستأمري أبويك إن
صحيح مسلمإنا ليلة الجمعة في المسجد إذ جاء رجل من الأنصار فقال لو أن
صحيح ابن حبانكنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد المدينة ذات ليلة فقال
صحيح البخاريأن رجلا رمى امرأته فانتفى من ولدها في زمان رسول الله صلى الله
صحيح مسلمعن أبي سعيد مولى المهري أنه أصابهم بالمدينة جهد وشدة وأنه أتى أبا
صحيح مسلمأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قتل رجلا فأقاد ولي المقتول
صحيح النسائيأنه كان قاعدا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل
صحيح أبي داودعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كان رسول الله


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, November 19, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب