شرح حديث إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصُ على تَوضيحِ أُمورِ الدِّينِ والدُّنيا للمسْلِمين، وقدْ أمَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّاسَ أنْ يَلْزَمُوا السَّمْعَ والطَّاعةَ لولاةِ أُمورِهم؛ لِمَا في الخُروجِ عليهم مِنَ المَفاسِدِ الكَبيرةِ، وحَذَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن شَقِّ عَصا الطَّاعةِ، ومُفارَقةِ الجَماعةِ أو إلحاقِ الضَّررِ بالمسْلِمين.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه سيَكونُ «هَنَاتٌ وهَنَاتٌ» جَمعُ هَنةٍ، وهي كَلمةٌ يُكْنى بها عن كلِّ شَيءٍ يُستقبَحُ التَّصريحُ به، والمرادُ بها: الفِتَنُ المُتوالِيَةُ وأنواعُ المفاسدِ، والمعنى: أنَّه سيَظهَرُ في الأرضِ أنواعُ الفسادِ، ومِنها: الفتنةُ لطَلَبِ الإمارةِ مِن كلِّ جِهةٍ، وإنَّما الإمامُ مَنِ انعَقَدَتْ أوَّلًا له البَيْعةُ؛ كما في حَديثٍ لمسْلمٍ: «إذا بُويِعَ لِخَليفتَينِ، فاقْتُلوا الآخَرَ منهما»، فمَن أراد أنْ يُفرِّقَ -أي: يَفصِلَ ويَقطَعَ- أمرَ هذه الأُمَّةِ، وهي مُجتَمِعَةٌ على إمامٍ واحدٍ مُتَّفِقةٌ عليه، وكَلمتُها واحدةٌ، «فاضْرِبوه بالسَّيْفِ»، وفي روايةٍ: «فاقْتُلُوهُ»، أي: إنَّه أحقُّ بالتَّفرِيقِ والتقطيعِ، وذلك جَزَاء فِعلِه؛ «كائنًا مَن كان»، أي: سواءٌ كان ممَّن يَستحِقُّ الخلافةَ والولايةَ، أو ممَّن لا يَستحِقُّها، شَريفًا كان أو وَضيعًا، عالمًا كان أو جاهلًا، وإنْ كان ذا جاهٍ أو مَنصِبٍ أو صِيتٍ حَسنٍ، إذا تَحقَّقَ منه أنَّه خَرَج على الإمامِ دُونَ رُخصةٍ شَرعيَّةٍ.
وفي تَمامِ الرِّوايةِ عندَ النَّسائيِّ: «فإنَّ يَدَ اللهِ على الجماعةِ، فإنَّ الشَّيطانَ مع مَن فارَقَ الجَماعةَ يَركُضُ»، والمرادُ أنَّ الشَّيطانَ يَتغلْغَلُ بيْن المفارِقِين لجماعةِ المسْلِمين، ويَحُثُّهم على أنْ يُعادِيَ بعضُهم بعضًا، ويُسرِعُ في الإفسادِ بيْنهم، وعلى ذلك فإنَّ الخارجيَّ لا يُحترَمُ لشَرفِه ولا لنَسبِه، ولا يُهابُ لعَشيرتِه، بلْ يُبادَرُ بقَتلِه قبْلَ شَرارةِ شَرِّه واستحكامِ فَسادِه.
وفي الحديثِ: الأمرُ بمُلازَمةِ الجماعةِ.
وفيه: النَّهيُ عن الخروجِ على الأُمَراءِ ووُلاةِ الأمورِ.
وفيه: عَلَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم