شرح حديث لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
مِن شَنائعِ الأمورِ الَّتي يَغفُلُ عنها كَثيرٌ مِن النَّاسِ أنَّهم ربَّما يُحسِنون العباداتِ، إلَّا أنَّهم يَقترِفون معها الذُّنوبَ، والَّتي منها ما يَتعلَّقُ بحُقوقِ العبادِ، وسَوفَ يُحاسَبُ كلُّ إنسانٍ يومَ القيامةِ على ما عَمِل مِن خَيرٍ أو شَرٍّ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الحقوقَ ستُؤدَّى إلى أهلِها يومَ القيامةِ، فقال: «لَتُؤَدُنَّ الحقوقَ» اللَّامُ واقعةٌ في جَوابِ قسَمٍ مُقدَّرٍ، أي: واللهِ لَيُؤدِّيَنَّ كلُّ واحدٍ منكم حُقوقَ الآخَرينَ يومَ القيامةِ، والخطابُ للخلائقِ.
والحقوقُ: جمعُ حقٍّ، وهو ما يَحِقُّ على الإنسانِ أنْ يُؤدِّيَه، وهو يَعُمُّ حُقوقَ الأبدانِ، والأموالِ، والأعراضِ، وصَغيرَ ذلك وكَبيرَه.
حتَّى يُقادَ يومَ القيامةِ ويُقتَصَّ لِلشَّاةِ الجَلحاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرناءِ، أي: حتَّى إنَّه يُقْتَصُّ لِلشَّاةِ الَّتي لَيسَ لها قرْنٌ مِنَ الشَّاةِ الْقَرنَاءِ الَّتي لها قَرْنٌ وضَرَبت أُختَها بقُرونِها، والغالِبُ أنَّ الَّتي لها أَقْرُنٌ إذا نَاطَحَتِ الْجَلْحَاءَ الَّتي ليس لها قَرْنٌ تُؤذِيها أكثرَ، فإذا كان يومُ القيامةِ قَضى اللهُ بيْنَ هَاتَيْنِ الشَّاتَيْنِ، واقْتصَّ بيْنهما؛ هذا وهي بَهائِمُ لا يَعقِلْنَ ولا يَفْهمْنَ؛ لكنَّ اللهَ عزّ وجلّ حَكَمٌ عَدْلٌ.
والمقصودُ مِن هذا الحديثِ إبرازُ القِصاصِ في صُورةِ التَّأكيدِ، والمبالَغةُ في كَمالِ العدالةِ بيْن كافَّةِ المكلَّفِين، وإعلامُ العبادِ بأنَّ الحقوقَ لا تَضيعُ، بلْ يُقتَصُّ حقُّ المظلومِ مِن الظَّالمِ؛ لأنَّه إذا حصَلَ القصاصُ بيْن الحيواناتِ الخارجةِ عن التَّكليفِ، حَصَل بيْن المكلَّفِين مِن بابِ أَولى.
وفي الحديثِ: دليلٌ على أنَّ البهائمَ تُحشرُ يومَ القيامةِ، وتُحشرُ الدَّوابُّ، وكلُّ ما فيه رُوحٌ يُحْشَرُ يومَ القيامةِ.
وفيه: أنَّ كلَّ شَيءٍ مَكتوبٌ، حتَّى أعمالُ البهائمِ والحشراتِ مَكتوبةٌ في اللَّوحِ المحفوظِ.
وفيه: الحثُّ على أداءِ الحقوقِ إلى أصحابِها.
وفيه: إثباتُ البعثِ والنُّشورِ في الآخرةِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم