حديث تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان وإنهما تظلان

أحاديث نبوية | شرح السنة | حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي

«كنتُ جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعتُهُ يقول : ( تعلّموا سورةَ البقرةِ ، فإنّ أخذها بركةٌ ، وتركُها حسرةٌ ، ولا يستطيعُها البطلةُ ) ثم سكتَ ساعةً ، ثم قال : ( تعلّموا سورةَ البقرةِ وآل عمرانِ ، فإنّهما الزهراوانِ ، وإنهما تُظلّانِ صاحبهما يومَ القيامةِ ، كأنهما غمامتانِ ، أو غيايتانِ ، أو فرقانِ من طيرٍ صوافٍّ ، وإن القرآنَ يأتي صاحبهُ يومَ القيامةِ حين ينشقّ عنهُ قبرهُ كالرجلِ الشاحبِ ، فيقولُ له : هل تعرفنِي ؟ فيقولُ : ما أعرفكَ ، فيقول : أنا صاحبكَ القرآنُ الذي أظمأتُكَ بالهواجِرِ ، وأسهرتُ ليلكَ ، وإن كل تاجِرٍ من وراءِ تجارتهِ ، وإنكَ اليومَ من وراءِ كلِّ تجارةٍ ، فيُعْطَى الملكَ بيمينهِ ، والخلدَ بشمالهِ ، ويوضعُ على رأسهِ تاجُ الوقارِ ، ويُكسَى والداهُ حلتينِ لا يقومُ لهما أهلُ الدنيا ، فيقولانِ : بم كسينا هذا ؟ فيقالُ لهما : بأَخذِ ولدكُما القرآنَ ، ثم يقالُ : اقرأ واصعِدْ في درجِ الجنةِ وغرفِها ، فهو في صُعُودٍ ما دامَ يقرأ هذا كانَ أو ترتيلا»

شرح السنة
بريدة بن الحصيب الأسلمي
البغوي
حسن غريب

شرح السنة - رقم الحديث أو الصفحة: 3/17 - أخرجه أحمد (22950)، والدارمي (3391)، والبغوي في ((شرح السنة)) (1190) واللفظ له

شرح حديث كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

كُنتُ جالسًا عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فسَمِعتُه يقولُ: تَعلَّموا سورةَ البَقَرةِ؛ فإنَّ أخْذَها بَرَكةٌ، وتَرْكَها حَسْرةٌ، ولا يَستَطيعُها البَطَلةُ.
قال: ثم سَكَتَ ساعةً، ثم قال: تَعلَّموا سورةَ البَقَرةِ وآلِ عِمْرانَ؛ فإنَّهما الزَّهْراوانِ يُظِلَّانِ صاحِبَهما يَومَ القيامةِ كأنَّهما غَمامَتانِ، أو غَيايَتانِ، أو فِرْقانِ مِن طَيرٍ صَوافَّ، وإنَّ القُرآنَ يَلْقى صاحِبَه يَومَ القيامةِ حين يَنشَقُّ عنه قَبرُه كالرَّجُلِ الشَّاحِبِ، فيقولُ له: هل تَعرِفُني؟ فيقولُ: ما أعرِفُكَ، فيقولُ: أنا صاحِبُكَ القُرآنُ الذي أظْمأتُكَ في الهَواجِرِ، وأسْهَرتُ لَيْلَكَ، وإنَّ كُلَّ تاجِرٍ مِن وَراءِ تِجارَتِه، وإنَّك اليَومَ مِن وَراءِ كُلِّ تِجارٍة، فيُعْطى المُلْكَ بيَمينِه، والخُلْدَ بشِمالِه، ويُوضَعُ على رَأسِه تاجُ الوَقارِ، ويُكْسى والِداهُ حُلَّتينِ لا يُقوَّمُ لهما أهْلُ الدُّنيا، فيقولانِ: بِمَ كُسِينا هذا؟ فيُقال: بأخْذِ وَلَدِكما القُرآنَ، ثم يُقالُ له: اقْرَأْ واصْعَدْ في دَرَجِ الجَنَّةِ وغُرَفِها، فهو في صُعودٍ ما دامَ يَقرَأُ؛ هذًّا كان أو تَرتيلًا.
الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 22950 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن في المتابعات والشواهد

التخريج : أخرجه أحمد ( 22950 ) واللفظ له، والدارمي ( 3391 ) باختلاف يسير، والبزار ( 4421 ) مختصراً



قِراءَةُ القُرآنِ فيها الخَيرُ والبَرَكةُ لمَنْ يَقرَؤُه؛ فهو حَبْلُ اللهِ المَوصولُ، وفيه النَّجاةُ يَومَ القيامةِ، والحَصانةُ مِن كَيْدِالسَّحَرةِ في الدُّنيا، وخاصَّةً سُورةَ البقَرةِ وآلِ عِمرانَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ بُرَيدةُبنُ الحُصَيْبِ الأَسْلَميُّ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه كان جالسًا عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسَمِعَه يَأمُرُ أصْحابَهُ رضِيَ اللهُ عنهم بتَعلُّمِ سُورةِ البقَرةِ، والمرادُ بتَعلُّمِها: إمَّا حِفظًا، أو كَثْرةَ قراءتِها، على ألَّا يَخلُوَ الحِفظُ أو القِراءةُ مِن تَدبُّرِ آياتِها، والعمَلِ بما فيها مِن أحكامٍ، وفي هذا دَلالةٌ على عِظَمِ شأْنِها، وكَبيرِ فضْلِها؛ «فإنَّ أخْذَها بَرَكةٌ»؛ فالمواظَبةُ على تِلاوتِها، والتَّدبُّرُ في مَعانيها، والعَمَلُ بما فيها؛ يَزيدُ صاحبَها زِيادةً ونَماءً، ومَنفعةً عظيمةً في كلِّ ما هو خَيرٌ،«وتَرْكَهَا حَسْرةٌ»: تَلهُّفٌ وتَأسُّفٌ على ما فاتَ مِنَ الثَّوابِ، «ولا يَستطيعُها البَطَلةُ»؛ وهُمُ السَّحرةُ؛ والمقصودُ: أنَّهم لا يَستطيعونَ قِراءتَها؛ لِزَيغِهم عَنِ الحقِّ، وانْهِماكِهِم في الباطلِ، أو أنَّهم لا يَستطيعونَ دَفْعَها، واختراقَ تَحْصينِها لِمَنْ قرَأَها، أو حَفِظَها؛ فهي حِصْنٌ لقارئِها وحافِظِها مِنَ السِّحْرِ.
وقيلَ: البَطَلةُ: أصحابُ البَطالةِ والكُسَالَى؛ فإنَّهم لا يَستطيعونَ حِفْظَها، ولا قِراءتَها؛ لِطُولِها، ولِتَعوُّدِهِمُ الكسَلَ، وعَدَمُ الاستِطاعةِ عِبارةٌ عنِ الخِذْلانِ، وعدَمِ التَّوفيقِ لِتِلاوتِها.
ثُمَّ أخبَرَ بُرَيدةُ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سكَتَ بعضًا مِنَ الوَقتِ، ثُمَّ أمَرَ أصْحابَهُ رضِيَ اللهُ عنهم مرَّةً أُخْرى أنْ يَتَعلَّموا سُورتَيِ البقَرةِ وآلِ عِمرانَ، ووصَفَهما بأنَّهما: «الزَّهْراوانِ»؛ أي: المُنيرتانِ، وسُمِّيَتا الزَّهراوينِ؛ لأنَّهما نُورانِ، أو لِكَثْرةِ أنوارِ أحكامِ الشَّرْعِ والأسماءِ الحُسنَى فيهما، ولا شكَّ أنَّ نُورَ كلامِ اللهِ أشَدُّ وأكثَرُ ضِياءً، وكُلُّ سُورةٍ مِن سُوَرِ القرآنِ زَهْراءُ؛ لِمَا فيها مِن أحكامٍ ومواعِظَ، ولِمَا فيها مِن شِفاءِ الصُّدورِ، وتَنويرِ القُلوبِ، وتَكثيرِ الأَجْرِ لِقَارِئِها، وأخْبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّهما تَأتيانِ بظِلَالِهما على صاحبِهِما يَومَ القيامةِ، فتَتصوَّرانِ بثَوابِهما الَّذي استَحَقَّهُ القارئُ والعاملُ بهما، والإتيانُ هنا مَحمولٌ على الحَقيقةِ، وكأنَّهما «غَمامتانِ»؛ سَحابتانِ تُظِلَّانِ صاحبَهما، وإنَّما سُمِّيَ غَمامًا؛ لأنَّه يَغُمُّ السَّماءَ ويَستُرُها، «أو غَيايتانِ»؛ والغَيايةُ: كُلُّ ما أظَلَّ الإنسانَ فَوقَ رأسِهِ، مِن سَحابةٍ، وغَيرِها، «أو فِرْقانِ مِن طَيرٍ صَوافَّ»؛ أي: طائفتانِ وجماعتانِ مِنَ الطَّيرِ الباسِطةُ أجنحَتَها، والمرادُ: أنَّهما يَقِيانِ قارِئَهما مِن حَرِّ الموقِفِ وكَرْبِ يَومِ القيامةِ.
ثُمَّ شرَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخبِرُ بمَزيدِ فَضْلِ القرآنِ وثَوابِهِ الَّذي يَرجِعُ على صاحِبِه في الآخرةِ، وأنَّه يَلقَى صاحبَه يَومَ القيامةِ حينَ يَنشَقُّ عنه قَبرُه؛ ليَخرُجَ للحشْرِ والحِسابِ، «كالرَّجُلِ الشَّاحِبِ»؛ وهو المتغيِّرُ اللَّونِ والجِسمِ؛ لِعارِضٍ مِنَ العَوارضِ؛ كمرَضٍ أو سَفرٍ ونَحوِهِما، وكأنَّه يَجيءُ على هذه الهَيئةِ؛ ليَكونَ أشبَهَ بصاحبِه في الدُّنيا، أو للتَّنبيهِ له على أنَّه كما تَغيَّرَ لَونُه في الدُّنيا لأجْلِ القِيامِ بالقُرآنِ، فكذلك القُرآنُ يَأتي لأجْلِ صاحبِه يوْمَ القيامةِ؛ حتَّى يَنالَ به الغايةَ القُصوى في نَعيمِ الآخرةِ، «فيَقولُ له: هلْ تَعرِفُني؟ فيقولُ: ما أَعرِفُكَ.
فيقولُ: أنا صاحبُكَ القُرآنُ الَّذي أظْمأتُكَ في الهَواجِرِ
»؛ وهو العطَشُ مِنَ الصَّومِ، «وأَسْهَرتُ لَيلَكَ»؛ بسبَبِ تنفيذِ ما جاء فيه مِن أوامِرَ ونَواهٍ؛ مِنَ الصَّلاةِ، والقِيامِ، وقِراءةِ القُرآنِ باللَّيلِ، والصِّيامِ في النَّهارِ، وغَيرِ ذلكَ، فكأنَّ القُرآنَ جاء لِيُحاجَّ عن صاحبِه، كما ورَد في صَحيحِ مُسلِمٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: «تُحاجَّانِ عن صاحِبِهِما».

ثُمَّ يقولُ القُرآنُ لصاحِبِه: «وإنَّ كلَّ تاجرٍ مِن وَراءِ تِجارتِهِ»؛ أي: يَربَحُ مِن وَراءِ تِجارتِهِ، «وإنَّكَ اليَومَ مِن وَراءِ كلِّ تِجارةٍ»؛ إلَّا أنَّ رِبْحَكَ ومَكسَبَكَ في الآخرةِ يَتقدَّمُ كلَّ أنواعِ المكاسِبِ والأَرْباحِ الَّتي تَحصَّلَ عليها أصْحابُها في الدُّنْيا، «فيُعطَى المُلْكَ بيَمينِه»؛ وهو النَّعيمُ الَّذي يُمتَّعُ به الإنسانُ في الجنَّةِ، «والخُلْدَ بشِمالِهِ»؛ وهو الخُلودُ في النَّعيمِ أبَدَ الآبِدِينَ، «ويُوضَعُ على رأْسِهِ تاجُ الوَقارِ»؛ وهو تاجٌ يَزيدُه مِنَ العِزَّةِ والعظَمةِ، ويُكسَى أبوهُ وأُمُّه «حُلَّتينِ لا يقومُ لهما أهْلُ الدُّنْيا»؛ أي: لا يُمكِنُ لأهْلَ الدُّنْيا تَحديدُ قَيمتِهِما.
وقيلَ: لا يَستطيعُ أهْلُ الدُّنْيا أنْ يُوفُواقِيمتَهُما وثَمنَهُما؛ حتَّى لو جمَعوا لَهُما كلَّ مالِ الدُّنْيا، والحُلَّةُ عِبارةٌ عَن ثَوبينِ مِن جِنسٍ واحدٍ؛ إزارٍ ورِداءٍ، فيَسأَلُ الوالِدانِ عن سبَبِ كِسوتِهِما تلكَ الحُلَّةَ، فيُقالُ لهما: «بأخْذِ ولَدِكُما القُرآنَ»؛ أي: بفضْلِ مُصاحَبةِ ولَدِكُما للقُرآنِ، وحِفظِه له، وإنَّما جعَلَ لهما مِنَ الأجْرِ؛ لسَعْيِهِما وحِرصِهِما على تَعليمِ ابْنِهِما القُرآنَ، أو أنَّهُما رَضِيا بتَحصيلِه له، ثُمَّ يُقالُ لِصاحِبِ القُرآنِ: «اقْرَأْ واصْعَدْ في دَرَجِ الجنَّةِ وغُرَفِها، فهو في صُعودٍ ما دام يَقرَأُ؛ هَذًّا كان، أو تَرتيلًا»؛أي: سَواءٌ قَرَأَه قِراءةً سَريعةً أو قِراءةً مُتأنيةً،وهذا بَيانٌ لمزيدِ النَّعيمِ الَّذي يَحصُلُ عليه مَن ملَكَ القُرآنَ بالحِفظِ أو القِراءةِ.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على قِراءَةِ القُرآنِ، وفَضيلةُ سُورةِ البقَرةِ وآلِ عِمرانَ، وعِظَمُ سُورةِ البقَرةِ خُصوصًا.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
شرح السنةأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف حتى أتى
شرح السنةلا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود
المجموع للنوويليس في أقل من عشرين دينار شيء وفي عشرين نصف دينار
شرح السنةكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى العيدين رجع في غير
شرح السنةعن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله صلى الله
شرح السنةيا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي
السلسلة الصحيحةإذا صلى أحدكم فلم يدر كيف صلى فليسجد سجدتين وهو جالس
السلسلة الصحيحةأفضل العمل الصلاة لوقتها وبر الوالدين والجهاد
سنن الدارقطنيأن ابن عباس قال لأم ولد له حبلى أو ترضع أنت من الذين
سنن الدارقطنيأتى عثمان المقاعد فدعا بوضوء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا
المطالب العاليةأن ابن الزبير رضي الله عنهما أسفر بالدفعة فقال ابن عمر رضي
نتائج الأفكارعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يتشهد فيقول بسم الله


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, November 23, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب