حديث ما أجلده ما أظرفه ما أعقله وما في قلبه

أحاديث نبوية | صحيح الجامع | حديث حذيفة بن اليمان

«إنَّ الأَمانةَ نزَلتْ في جَذْرِ قُلوبِ الرِّجالِ ، ثمَّ نزَلَ القُرآنُ ، فعلِمُوا من القُرآنِ ، وعلِمُوا من السنَّةِ ، يَنامُ الرجُلُ النَّوْمَةَ فتُقبَضُ الأَمانةُ من قلْبِهِ فيَظَلُّ أثَرُها مِثلَ الوَكْتِ ، ثمَّ يَنامُ النوْمَةَ فتُقبَضُ الأَمانةُ من قلْبِهِ فيَظلُّ أثَرُها مِثلَ الْمَجْلِ كجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ على رِجلِكَ فنَفِطَ ، فتَراهُ مُنْتَبِرًا وليٍْسَ فيه شيءٌ فيُصبِحُ الناسُ يَتبايَعُونَ لا يَكادُ أحدٌ يُؤدِّي الأَمانةَ حتى يُقالَ : إنَّ في بَنِي فُلانٍ رجلًا أمينًا ! حتى يُقالَ لِلرَّجُلِ : ما أجْلَدَهُ ؟ ما أظْرَفَهُ ؟ ما أعْقَلَهُ ؟ وما في قلْبِهِ حبَّةُ خرْدَلٍ من إِيمانٍ»

صحيح الجامع
حذيفة بن اليمان
الألباني
صحيح

صحيح الجامع - رقم الحديث أو الصفحة: 1584 -

شرح حديث إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

حَدَّثَنا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أحَدَهُما، وأنا أنْتَظِرُ الآخَرَ؛ حَدَّثَنا: أنَّ الأمانَةَ نَزَلَتْ في جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ.
وحَدَّثَنا عن رَفْعِها قالَ: يَنامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأمانَةُ مِن قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أثَرُها مِثْلَ أثَرِ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ، فَيَبْقَى أثَرُها مِثْلَ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ علَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَراهُ مُنْتَبِرًا وليسَ فيه شَيءٌ، فيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبايَعُونَ، فلا يَكادُ أحَدٌ يُؤَدِّي الأمانَةَ، فيُقالُ: إنَّ في بَنِي فُلانٍ رَجُلًا أمِينًا، ويُقالُ لِلرَّجُلِ: ما أعْقَلَهُ! وما أظْرَفَهُ! وما أجْلَدَهُ! وما في قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِن إيمانٍ.
ولقَدْ أتَى عَلَيَّ زَمانٌ وما أُبالِي أيَّكُمْ بايَعْتُ؛ لَئِنْ كانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الإسْلامُ، وإنْ كانَ نَصْرانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ ساعِيهِ، فأمَّا اليَومَ فَما كُنْتُ أُبايِعُ إلَّا فُلانًا وفُلانًا.
الراوي : حذيفة بن اليمان | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 6497 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



الأمانةُ خُلقٌ عَظيمٌ مِنَ الأخلاقِ الَّتي حَثَّنا عليها الإسلامُ، فرَغَّب فيها، وأثْنَى على من اتَّصَفَ بها، وهي دَليلٌ على كَمالِ إيمانِ العبدِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ حُذَيْفةُ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدْ حَدَّثَهم بحَديثينِ تَحقَّقَ أحدُهما ووقَعَ في زَمانِهم، أمَّا الآخَرُ فلمْ يَقَعْ بعْدُ بالنِّسبةِ لزَمَنِه وحياتِه الذي حدَّث فيه بهذا الحديثِ، وأنَّه رضِي اللهُ عنه كان يَنتظِرُ وقوعَه؛ أمَّا الَّذي وقَعَ فهو أنَّ الأمانةَ نَزَلَتْ في جَذْرِ قُلوبِ الرِّجالِ، وهي المذكورةُ في قَولِ اللهِ تعالى: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ } [ الأحزاب: 72 ]، وهي عَينُ الإيمانِ، أو كُلُّ ما يخفى ولا يَعلَمُه إلَّا اللهُ مِنَ المكَلَّفِ، أو المرادُ بها التكليفُ الذي كَلَّف اللهُ تعالى به عبادَه، أو العَهدُ الذي أخذه عليهم، أو الأمانةُ التي هي ضِدُّ الخيانةِ، وقيل: يعني: أنَّ الإيمانَ قدِ استقرَّ في أصْلِ قُلوبِ الرِّجالِ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّ هذه الأمانةَ كانت لهم بحسَبِ الفِطرةِ، ثمَّ بطَريقِ الكَسْبِ مِنَ الشَّريعةِ، وهو ما تعَلَّموه بعْدُ مِنَ القُرآنِ ومِنَ السُّنَّة، فكانَ إيمانُهم هو السَّببَ في قَبولِهم ِبالأخذِ بِالقُرآنِ والسُّنَّةِ.

أمَّا الأمرُ الآخَرُ الَّذي لم يَقَعْ في زَمانِ حُذيفةَ رضِيَ اللهُ عنه، وكان يَنتظِرُ وُقوعَه؛ فهو رفْعُ الأمانةِ مِن قُلوبِ الرِّجالِ، برَفْعِ ثَمَرتِها، حتَّى إنَّ الرَّجلَ يَنامُ فيَنهَضُ وقدْ رُفِعَ أثرُ الأمانةِ مِن قَلْبِه، ولم يَتبَقَّ منه سِوى أثرِها الَّذي هو كأثرِ الوكْتِ، وهو الأثرُ اليَسيرُ كالنُّقطةِ، ثُمَّ يَنامُ الرَّجلُ فَينهضُ وقد نُزعَت الأمانةُ وأثرُها مِن قلْبِه، فلم يَتبَقَّ مِن أثَرِها إلَّا مِثلُ المجْلِ، وهو النَّفَّاخاتُ الَّتي تَخرُجُ في الأيْدي عندَ كَثْرةِ العملِ بِنحْوِ الفأسِ، «كجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ على رِجْلِك، فنفَطَ، فتَراه مُنتَبِرًا وليس فيه شَيءٌ»، يعني: أثرُ ذلك مِثلُ أثَرِ الجمرِ الَّذي يُقلَّبُ ويُدارُ على القَدمِ، فيُخَلِّفُ انْتِفاخًا على القدَمِ، وهذا الانتفاخُ ليسَ فيه شَيءٌ صالحٌ، إنَّما هو ماءٌ فاسدٌ، يُريدُ أنَّ الأمانةَ تُرفَعَ عَنِ القلوبِ عُقوبةً لِأصحابِها على ما اجْتَرحوا مِنَ الذُّنوبِ، فيُصبِحُ النَّاسُ، ويَجري بيْنهمُ التَّبايعُ، ويَقَعُ عِندهمُ التَّعاهدُ، ولا يَكادُ أحدٌ يُؤدِّي الأمانةَ، بل يَظهَرُ مِن كلِّ أحدٍ منهمُ الخيانةُ في المُبايَعةِ والمُواعَدةِ والمُعاهَدةِ، فَيُقالُ مِن قِلَّةِ الأمانةِ: إنَّ في بَني فُلانٍ رجُلًا أمينًا، أي: كاملَ الإيمانِ وكاملَ الأمانةِ، ويقالُ في ذلك الزَّمانِ لِلرَّجلِ مِن أربابِ الدُّنيا ممَّنْ له عَقْلٌ في تَحصيلِ المالِ والجاهِ: «ما أعقلَه! وما أظرفَه!» أي: ما أحسَنَ فَهْمَه وتدبيرَه للشَّيءِ، «ما أجْلدَه» وهو القُوَّةُ والشِّدَّةُ، وحاصِلُه أنهم يمدحونه بكَمالِ عَقْلِه، وظرافةِ حالِه، وجَلَدِ بَدَنِه، وقُوَّةِ بِنْيَتِه، ولا يمدحونه بقُوَّةِ إيمانِه، وغزارةِ عِلْمِه النَّافِعِ، وعَمَلِه الصَّالحِ، وهو ما أكَّدَه بقَوله: «وما في قلْبِه مِثقالُ حَبَّةٍ مِن خَرْدلٍ مِنَ الإيمانِ»، أي: ليْس فيه الشَّيءُ القليلُ مِنَ الإيمانِ، والخَردَلُ: نَباتٌ مَعروفٌ يُشبِهُ الشَّيءَ القَليلَ البليغَ في القِلَّةِ، وهو كِنايةٌ عن تَناهي العَمَلِ في الصِّغَرِ.
قيل: لا خِلافَ إذا ما أراد بالأمانةِ ظاهِرَها التي هي العُهودُ وبين الأمانةِ التي هي الإيمانُ؛ لأن الإيمانَ الحقيقيَّ مُستلزِمٌ للأمانةِ التي هي العُهودُ، وكذلك الأمانةُ مُستلزِمةٌ للإيمانِ، والحاصِلُ أنَّ الأمانةَ هي كُلُّ العُهودِ التي بين العِبادِ وبين رَبِّهم وفيما بينهم، فدخل فيها الإيمانُ دُخولًا أوَّلِيًّا.
ثمَّ أخْبَرَ حُذيفةُ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه أتَى عليه زَمانٌ وما يُبالي أيَّ النَّاسِ عامَلَه بيْعًا وشِراءً؛ لوُجودِ الأمانةِ؛ لأنَّه لو كان مُسلمًا سيَمنعُه دِينُه مِن الخِيانَةِ ويَحمِلُه على أَدَاءِ الأمانَةِ، وإنْ كان نصرانيًّا -ومِثلُه اليهوديُّ، كما في روايةِ مُسلِمٍ- ردَّه عليْه ساعِيه، أي: سيَقُوم عَلَيْهِ الوالي بالأمانةِ فِي ولَايَتِه، فيُنصِفُني ويَستخرِجُ حَقِّي مِنْهُ، «فأمَّا اليومَ فما كنتُ أُبايعُ إلَّا فلانًا وفلانًا»، إشارةً منه إلى أنَّ الأمانةَ قدْ ذهَبَتْ مِن النَّاسِ؛ فلا يُؤتمَنُ على البيعِ والشِّراءِ إلَّا القليلُ؛ لعَدَمِ الأمانةِ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ حالَ الأمانةِ أَخَذَ في النَّقْصِ من ذلك الزَّمانِ، وكانت وفاةُ حُذَيفةَ أوَّلَ سَنةِ سِتٍّ وثلاثينَ بعد قَتلِ عُثمانَ بقليلٍ، فأدرك بَعْضَ الزَّمَنِ الذي وقَعَ فيه التغييرُ.
وفي الحَديثِ: عَلَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه؛ فقدْ أخْبَر بما وقَعَ.
وفيه: بيانُ رَفعِ الأمانةِ عن القُلوبِ.
وفيه: فَضلُ زَمَنِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم على من بَعْدَهم؛ فقد كانت الأمانةُ كامِلةً فيهم.
وفيه: سُرعةُ تقَلُّبِ القُلوبِ بسبَبِ كَثرةِ وُقوعِ الفِتَنِ.
وفيه: أنَّ فَضْلَ الإنسانِ في كَمالِ أمانتِه، لا في كَمالِ قُوَّتِه، وشجاعتِه، وحُسْنِ تدبيرِه في الأُمورِ الدُّنيويَّةِ؛ فإنَّ هذه لا اعتبارَ لها إلَّا مع قوَّةِ الإيمانِ وكَمالِه.
وفيه: أنَّ حُسنَ الوَفاءِ بالعَهْدِ، وحُسْنَ التعامُلِ مع النَّاسِ يَدُلُّ على كونِ الإنسانِ أمينًا، وأنَّ الخيانةَ تُنافي الإيمانَ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريقلت يا رسول الله يستأمر النساء في أبضاعهن قال نعم قلت فإن البكر
أحكام القرآن لابن العربيالأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها
الإلزامات والتتبعالأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها
مسند أحمد تحقيق شاكرالأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها
الاستذكارالأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها
سنن أبي داودالأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها
معجم الشيوخالأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها
نخب الافكارالأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها
فتاوى نور على الدرب لابن بازلا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول
فتاوى نور على الدرب لابن بازلا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول
صحيح النسائيالمطلقة ثلاثا ليس لها سكنى ولا نفقة
صحيح ابن ماجهإن زوجها طلقها ثلاثا فلم يجعل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Monday, November 18, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب