مرَّ عُمرُ بطلحةَ بعدَ وَفاةِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقالَ: ما لَكَ كئيبًا ؟ أساءَتكَ إمرةُ ابنِ عمِّكَ ؟ قالَ: لا ، ولَكِن سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: إنِّي لأعلَمُ كلِمةً لا يقولُها أحدٌ عندَ موتِهِ إلَّا كانَت نورًا لصَحيفتِهِ ، وإنَّ جسدَهُ وروحَهُ ليَجِدانِ لَها روحًا عندَ الموتِ.
فلَم أسألْهُ حتَّى توُفِّيَ ، قالَ: أَنا أعلَمُها ، هيَ الَّتي أرادَ عمَّهُ علَيها ، ولو علِمَ أنَّ شيئًا أَنجى لَهُ منها ، لأَمرَهُ
الراوي : سعدى المرية | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 3077 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان الصَّحابةُ الكِرامُ يَحرِصونَ على تعلُّمِ الهُدى وسُبُلِ النَّجاةِ مِن النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعرفةِ كلِّ ما ينفَعُهم في آخِرَتِهم، ويَحزَنون على ما فاتَهم مِن ذلك.
وفي هذا الحديثِ تقولُ سُعْدَى المُرِّيَّةُ رضِيَ
اللهُ عنها- وهي زَوجُ طلحةَ بنِ عُبَيدِ
اللهِ رضِيَ
اللهُ عنه- : "مَرَّ عمَرُ بطلحةَ بعدَ وفاةِ رسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: ما لك كئيبًا؟"،
أي: حزينًا، "أَسَاءَتْك إمْرةُ ابْنِ عمِّك؟"
أي: إمارتَه، والمعنى: أمَا رَضِيتَ بخِلافةِ أبي بكْرٍ رضِيَ
اللهُ تعالى عنه؟! وهذا مُجرَّدُ ظنٍّ مِن عُمرَ لِمَا رآه على طلحةَ مِن الكآبةِ قُربَ توليةِ أبي بَكرٍ رضِيَ
اللهُ عنه الخلافةَ؛ فظنَّ منه ذلك، قال طلحةُ رضِيَ
اللهُ عنه: "لا"، وفي رِوايةٍ: قال لا، وأثْنَى على أبي بَكرٍ رضِيَ
اللهُ عنه، وفي رِوايةٍ أخرى: قال طَلحةُ: معاذَ
اللهِ! "ولكنْ سمِعْتُ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنِّي لأَعْلَمُ كلمةً لا يقولُها أحدٌ عندَ موتِه إلَّا كانت نورًا لصحيفَتِه، وإنَّ جسَدَه ورُوحَه لَيَجِدانِ لها رَوحًا عندَ الموتِ"،
أي: رحمةً ورضوانًا، وهذا لعظيمِ شأْنِها، "فلم أسأَلْه حتَّى تُوُفِّيَ"،
أي: لم يعرِفْ طلحةُ رضِيَ
اللهُ عنه تلك الكلمةَ الَّتي أشار إليها رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، ومات النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ وهو على ذلك، وهذا سببُ حُزْنِه؛ أنَّه لم يعلَمْ هذه الكلمةَ، قال عمَرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ
اللهُ عنه: "أنا أعْلَمُها، هي الَّتي أراد عمَّه عليها"، وفي روايةٍ: "شَهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا
اللهُ"،
أي: هي كلمةُ التَّوحيدِ
( لا إلهَ إلَّا اللهُ ) الَّتي أراد النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عمِّه أبي طالبٍ أنْ يُؤْمِنَ وينطِقَ بها، "ولو علِمَ أنَّ شيئًا أنْجَى له منها، لَأمَرَه"،
أي: ولو يعلَمُ أنَّ هناك أمْرًا غيرَ كلمةِ التَّوحيدِ تُنْجِي أبا طالبٍ في الآخرةِ، لَأمرَه بها النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ كما فعَلَ معه في كلمةِ التَّوحيدِ؛ وذلك أنَّ شهادةَ التوحيدِ هي أصلُ الدِّين وأساسُه، وأفضلُ شُعَبِ الإيمانِ، وبقيَّةُ أركانِ الدِّينِ وفرائضِه مُتفرِّعةٌ عنها، وهي الكلمةُ الَّتي أَرسلَ
اللهُ بها رُسلَه وأنزَلَ بها كُتُبَه، وبعدَمِ التزامِها يكونُ البقاءُ في النارِ؛ فهي سَبيلُ الفوزِ العظيمِ بدُخولِ الجنَّةِ والنجاةِ مِن النارِ.
وفي الحديثِ: بيانُ فضْلِ كَلمةِ التَّوحيد.
وفيه: فضيلةُ عُمرَ رضِيَ
اللهُ عنه وبيانُ سَعةِ عِلمِه وفِقهِه.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم