أنَّ كعبًا حلفَ لهُ بالَّذي فلقَ البحرَ لموسى عليهِ السَّلامُ أنَّ داودَ عليهِ السَّلامُ كانَ إذا انصرفَ من صلاتِه قال اللهمَّ أصلِح لي ديني الَّذي جعلتَه عصمةَ أمري وأصلِح لي دنيايَ الَّذي جعلتَ فيها معاشي اللهمَّ إنِّي أعوذُ برضاكَ من سخطِك وأعوذُ بعفوِك من نقمتِك وأعوذُ بِك منكَ لا مانعَ لما أعطيتَ ولا معطيَ لما منعتَ ولا ينفعُ ذا الجدِّ منكَ جَدُّهُ قال كعبُ الأحبارِ وأخبرني صُهيبٌ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ ينصرفُ بِهذا الدُّعاءِ من صلاتِهِ
الراوي : صهيب بن سنان الرومي | المحدث : أبو نعيم
| المصدر : حلية الأولياء
الصفحة أو الرقم: 6/45 | خلاصة حكم المحدث : من جياد الأحاديث، تفرد به موسى عن عطاء
دِينُ
اللهِ واحدٌ، وهو الإسْلامُ، وهو الَّذي جاء به كلُّ نَبيٍّ إلى قَومِه، وإنِ اختَلَفَت شَرائعُهم.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي صُهَيبُ بنُ سِنانٍ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّ كَعبَ الأحْبارِ -لُقِّبَ به لعِلْمِه بالتَّوْراةِ، وكان يَهوديًّا ثمَّ أسلَمَ- حلَف له بالَّذي فَلَق البَحرَ لمُوسى عليه السَّلامُ، وهذا تَغْليظٌ لليَمينِ ليَدُلَّ على صِدقِ كَلامِه، فأقسَمَ أنَّ نَبيَّ
اللهِ داودَ عليه السَّلامُ كان إذا انْتَهى مِن صَلاتِه وانصَرَف منها، قال مِن الدُّعاءِ: «
اللَّهمَّ أصلِحْ لي دِيني الَّذي جعَلْتَه عِصمةَ أمْري»، وهذا دُعاءٌ بإصْلاحِ الدِّينِ، ووصَف الدِّينَ بأنَّه عِصْمةُ الأمْرِ؛ لأنَّ به يَعتَصِمُ الإنْسانُ مِن كلِّ شرٍّ، وصَلاحُ الدِّينِ يَكونُ بالإخْلاصِ للهِ، والمُتابَعةِ لرَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ.
ثُمَّ سَألَ بعْدَ ذلك إصْلاحَ الدُّنْيا له، ثمَّ ذكَر العُذرَ في سُؤالِه بأنَّها الَّتي جعَلَ
اللهُ فيها مَعاشَه،
يَعني: الَّتي أَعيشُ فيها لأعبُدَكَ، ومنَ المَعاشِ: الكَسبُ والسَّعيُ في الأرْضِ لاستِجْلابِ الرِّزقِ، ويَكونُ ذلك عِبادةً للهِ عزَّ وجلَّ، إذا احتَسَب العبدُ الأجْرَ، واستَعانَ به على الطَّاعةِ.
ثمَّ كان يقولُ: «
اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ برِضاكَ مِن سخَطِكَ»، فألْجأُ وأسْتَجيرُ بما تَرْضى به عنِّي ممَّا تَسخَطُ وتَغضَبُ به علَيَّ، «
وأعوذُ بعَفْوِكَ مِن نِقمتِكَ»؛
أي: ألْجأُ وأستَجيرُ بما تَعفُو به عنِّي ممَّا يقَعُ به عُقوبةٌ منكَ، «
وأعُوذُ بكَ منكَ»؛
أي: وألْجأُ وأستَجيرُ بكلِّ صِفةٍ مَرغوبٍ فيها مِن صِفاتِ
اللهِ، مِن كلِّ صِفةٍ مَرهوبٍ منها مِن صِفاتِ
اللهِ، «
لا مانعَ لِما أعْطَيتَ، ولا مُعْطيَ لِما منَعْتَ»؛
أي: إذا أردْتَ الإعْطاءَ والإنْعامَ على أحدٍ، فلا يَستَطيعُ أحدٌ مَنْعَ فَضلِكَ عنه، وإذا أردْتَ الإمْساكَ ومَنْعَ العَطاءِ عن أحدٍ، فلا يَستَطيعُ أحدٌ أنْ يَمنَعَكَ، وهذا كما قال
اللهُ تعالَى:
{ مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ } [
فاطر: 2 ].
«
ولا يَنفَعُ ذا الجَدِّ مِنكَ جَدُّه»، والجَدُّ: هو الحَظُّ مِن الدُّنْيا، مِثلُ الغِنى وغَيرِه، والمَعْنى: أنَّه لا يَنفَعُ الغِنى والحظُّ صاحبَه عندَكَ، وإنَّما تَنفَعُه الطَّاعاتُ والعَملُ.
وقيلَ: إنَّ الحظَّ والغِنى منكَ، فلا يَنفَعُ الحظُّ صاحبَه ولا يُغْني عنه مِن عَذابِ
اللهِ شيئًا.
وهذا الدُّعاءُ مِلْؤُه الحَمدُ، والشُّكرُ، والتَّمجيدُ للهِ، مع التَّسليمِ الكامِلِ للهِ سُبحانَه وتعالَى، والتَّخلُّصِ مِن الحَوْلِ والقوَّةِ الإنْسانيَّةِ إلى حَوْلِ
اللهِ وقوَّتِه.
ثمَّ أخْبَرَ كَعبُ الأحْبارِ أنَّ صُهَيبًا رَضيَ
اللهُ عنه أخبَرَه أنَّ رَسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَدْعو بهذا الدُّعاءِ بعْدَ الصَّلاةِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم