حديث كيف كان قتله له قال فخرجنا حتى جئناه فإذا هو

أحاديث نبوية | صحيح ابن حبان | حديث جعفر بن عمرو بن أمية الضمري

«خرَجْتُ أنا وعُبَيدُ اللهِ بنُ عَديِّ بنِ نَوفلِ بنِ عبدِ منافٍ في زمنِ مُعاويةَ فأدرَبْنا مع النَّاسِ فلمَّا قفَلْنا ورَدْنا حِمْصَ فكان وَحْشيٌّ مولى جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ قد سكَنها وأقام بها فلمَّا قدِمْناها قال لي عُبيدُ اللهِ بنُ عَديٍّ : هل لك في أنْ نأتيَ وَحشِيًّا فنسأَلَه عن حمزةَ : كيف كان قَتْلُه له ؟ قال : فخرَجْنا حتَّى جِئْناه فإذا هو بفِناءِ دارِه على طِنفِسةٍ وإذا هو شيخٌ كبيرٌ فلمَّا انتهَيْنا إليه سلَّمْنا عليه فرفَع رأسَه إلى عُبَيدِ اللهِ بنِ عَديٍّ قال : ابنٌ لِعَديِّ بنِ الخِيارِ ؟ قال : نَعم قال : أمَا واللهِ ما رأَيْتُك منذُ ناوَلْتُك أمَّكَ السَّعديَّةَ الَّتي أرضَعَتْكَ بذي طُوًى فإنِّي ناوَلْتُها إيَّاكَ وهي على بعيرِها فأخَذَتْك فلمَعَتْ لي قدماكَ حينَ رفَعْتُكَ إليها فواللهِ ما هو إلَّا أنْ وقَفَتْ علَيَّ فرأَيْتُها فعرَفْتُها فجلَسْنا إليه فقُلْنا : جِئْناكَ لِتُحدِّثَنا عن قَتْلِ حمزةَ : كيف قتَلْتَه ؟ قال : أمَا إنِّي سأُحدِّثُكما كما حدَّثْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ سأَلني عن ذلك كُنْتُ غلامًا لِجُبَيرِ بنِ مُطعِمِ بنِ عديِّ بنِ نَوفلٍ وكان عمُّه طُعَيمةُ بنُ عَديٍّ قد أُصيب يومَ بدرٍ فلمَّا سارَتْ قُرَيشٍ إلى أُحُدٍ قال لي جُبَيرُ بنُ مُطعِمٍ : إنْ قتَلْتَ حمزةَ عمَّ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعمِّي طُعَيمةَ فأنتَ عَتيقٌ قال : فخرَجْتُ وكُنْتُ حبَشِيًّا أقذِفُ بالحربةِ قَذْفَ الحبَشةِ قلَّما أُخطِئُ بها شيئًا فلمَّا التقى النَّاسُ خرَجْتُ أنظُرُ حمزةَ حتَّى رأَيْتُه في عَرضِ النَّاسِ مِثْلَ الجمَلِ الأَوْرَقِ يهُزُّ النَّاسَ بسيفِه هزًّا ما يقومُ له شيءٌ فواللهِ إنِّي لَأتهيَّأُ له أُريدُه وأتأنَّى عَجْزًا إذ تقدَّمني إليه سِباعُ بنُ عبدِ العُزَّى فلمَّا رآه حمزةُ قال : هلُمَّ يا ابنَ مُقطِّعةِ البُظورِ قال : ثمَّ ضرَبه فواللهِ لَكأنَّما أخطَأ رأسَه قال : وهزَزْتُ حَرْبتي حتَّى إذا رضِيتُ منها دفَعْتُها عليه فوقَعَتْ في ثُنَّتِه حتَّى خرَجَتْ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فذهَب لِينوءَ نَحوي فغُلِب وترَكْتُه وإيَّاها حتَّى مات ثمَّ أتَيْتُه فأخَذْتُ حَرْبَتي ثمَّ رجَعْتُ إلى النَّاسِ فقعَدْتُ في العسكرِ ولَمْ يكُنْ لي بعدَه حاجةٌ إنَّما قتَلْتُه لِأُعتَقَ فلمَّا قدِمْتُ مكَّةَ عَتَقْتُ»

صحيح ابن حبان
جعفر بن عمرو بن أمية الضمري
ابن حبان
أخرجه في صحيحه

صحيح ابن حبان - رقم الحديث أو الصفحة: 7016 -

شرح حديث خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن نوفل بن عبد مناف في


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

خَرَجْتُ مع عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ، قَالَ لي عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ عَدِيٍّ: هلْ لكَ في وَحْشِيٍّ نَسْأَلُهُ عن قَتْلِ حَمْزَةَ؟ قُلتُ: نَعَمْ، وكانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ، فَسَأَلْنَا عنْه، فقِيلَ لَنَا: هو ذَاكَ في ظِلِّ قَصْرِهِ كَأنَّهُ حَمِيتٌ، قَالَ: فَجِئْنَا حتَّى وقَفْنَا عليه بيَسِيرٍ، فَسَلَّمْنَا فَرَدَّ السَّلَامَ، قَالَ: وعُبَيْدُ اللَّهِ مُعْتَجِرٌ بعِمَامَتِهِ، ما يَرَى وَحْشِيٌّ إلَّا عَيْنَيْهِ ورِجْلَيْهِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: يا وَحْشِيُّ، أتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: فَنَظَرَ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: لا واللَّهِ، إلَّا أنِّي أعْلَمُ أنَّ عَدِيَّ بنَ الخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قِتَالٍ بنْتُ أبِي العِيصِ، فَوَلَدَتْ له غُلَامًا بمَكَّةَ، فَكُنْتُ أسْتَرْضِعُ له، فَحَمَلْتُ ذلكَ الغُلَامَ مع أُمِّهِ فَنَاوَلْتُهَا إيَّاهُ، فَلَكَأَنِّي نَظَرْتُ إلى قَدَمَيْكَ، قَالَ: فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ عن وجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: ألَا تُخْبِرُنَا بقَتْلِ حَمْزَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ إنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بنَ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ ببَدْرٍ، فَقَالَ لي مَوْلَايَ جُبَيْرُ بنُ مُطْعِمٍ: إنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بعَمِّي فأنْتَ حُرٌّ، قَالَ: فَلَمَّا أنْ خَرَجَ النَّاسُ عَامَ عَيْنَيْنِ -وعَيْنَيْنِ جَبَلٌ بحِيَالِ أُحُدٍ، بيْنَهُ وبيْنَهُ وادٍ- خَرَجْتُ مع النَّاسِ إلى القِتَالِ، فَلَمَّا أنِ اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ، خَرَجَ سِبَاعٌ فَقَالَ: هلْ مِن مُبَارِزٍ؟ قَالَ: فَخَرَجَ إلَيْهِ حَمْزَةُ بنُ عبدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ: يا سِبَاعُ، يا ابْنَ أُمِّ أنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ البُظُورِ، أتُحَادُّ اللَّهَ ورَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟! قَالَ: ثُمَّ شَدَّ عليه، فَكانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ، قَالَ: وكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي رَمَيْتُهُ بحَرْبَتِي، فأضَعُهَا في ثُنَّتِهِ حتَّى خَرَجَتْ مِن بَيْنِ ورِكَيْهِ، قَالَ: فَكانَ ذَاكَ العَهْدَ به، فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ معهُمْ، فأقَمْتُ بمَكَّةَ حتَّى فَشَا فِيهَا الإسْلَامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إلى الطَّائِفِ، فأرْسَلُوا إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَسولًا، فقِيلَ لِي: إنَّه لا يَهِيجُ الرُّسُلَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ معهُمْ حتَّى قَدِمْتُ علَى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: آنْتَ وَحْشِيٌّ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قَالَ: أنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟ قُلتُ: قدْ كانَ مِنَ الأمْرِ ما بَلَغَكَ، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُغَيِّبَ وجْهَكَ عَنِّي؟ قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ، قُلتُ: لَأَخْرُجَنَّ إلى مُسَيْلِمَةَ؛ لَعَلِّي أقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ به حَمْزَةَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ مع النَّاسِ، فَكانَ مِن أمْرِهِ ما كَانَ، قَالَ: فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ في ثَلْمَةِ جِدَارٍ كَأنَّهُ جَمَلٌ أوْرَقُ ثَائِرُ الرَّأْسِ، قَالَ: فَرَمَيْتُهُ بحَرْبَتِي، فأضَعُهَا بيْنَ ثَدْيَيْهِ حتَّى خَرَجَتْ مِن بَيْنِ كَتِفَيْهِ، قَالَ: ووَثَبَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ فَضَرَبَهُ بالسَّيْفِ علَى هَامَتِهِ.
قَالَ: قَالَ عبدُ اللَّهِ بنُ الفَضْلِ: فأخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، أنَّه سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ يقولُ: فَقَالَتْ جَارِيَةٌ علَى ظَهْرِ بَيْتٍ: وا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَتَلَهُ العَبْدُ الأسْوَدُ.
الراوي : وحشي بن حرب | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4072 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



حَمْزةُ بنُ عبدِ المُطَّلِبِ رَضيَ اللهُ عنه عمُّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأخوهُ مِن الرَّضاعةِ، وأسَدُ اللهِ وأسَدُ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وسيِّدُ الشُّهَداءِ، قُتِلَ يومَ أُحُدٍ، وتأثَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمَقْتَلِه تَأثُّرًا شَديدًا؛ لمَكانِه منه، وكان وَحْشيُّ بنُ حَربٍ هو قاتِلَه، وذلك قبْلَ إسْلامِه، وكان حينَئذٍ عبدًا مَملوكًا.

وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ وَحْشيُّ بنُ حَربٍ الحَبَشيُّ رَضيَ اللهُ عنه مَوْلى جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ عن قَتْلِه لحَمْزةَ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ رَضيَ اللهُ عنه، لَمَّا سَألَه عن ذلك جَعفَرُ بنُ عَمْرٍو وعُبَيدُ اللهِ بنُ عَديٍّ، عندَما سافَرَا إلى حِمْصَ، وهي حاليًّا مَدينةٌ بسُوريا، تقَعُ على الضِّفَّةِ الشَّرقيَّةِ لنَهرِ العاصي، على بُعدِ حَوالَيْ ( 162 كم ) مِن شَمالِ العاصِمةِ دِمَشقَ، وكان وَحْشيٌّ يَسكُنُ هناك، فوَجَدوه جالِسًا في ظِلِّ قَصرِه كأنَّه حَمِيتٌ، والحَميتُ: إناءٌ كَبيرٌ للسَّمْنِ يُشَبَّهُ به الرَّجلُ السَّمينُ، فجاء الاثْنانِ حتَّى وَقَفا قَريبًا منه، وألْقَيا عليه السَّلامَ، فرَدَّ السَّلامَ عليهما، وكان عُبَيدُ اللهِ بنُ عَديٍّ مُعتَجِرًا بعِمامَتِه، أي: يَلُفُّ عِمامَتَه على رأْسِه دونَ أنْ يُديرَها مِن تَحتِ حَنَكِه، وكان وَحْشيٌّ لا يَرى منه إلَّا عَينَيْه ورِجْلَيه، فقال له عُبَيدُ اللهِ: أتَعرِفُني؟ فقال وَحْشيٌّ: «لا واللهِ» يُقسِمُ أنَّه لا يَعرِفُه تَحْديدًا على وَجهِ الدِّقَّةِ، «إلَّا أنِّي أعلَمُ أنَّ عَديَّ بنَ الخِيارِ» وهو أبو عُبَيدِ اللهِ، «تزوَّجَ امْرأةً يُقالُ لها: أُمُّ قِتالٍ بِنتُ أبي العِيصِ» وكان ذلك في الجاهِليَّةِ قبْلَ الإسْلامِ، فولَدَتْ له غُلامًا بمَكَّةَ، فكُنْتُ أطلُبُ له مَن يُرْضِعُه، «فحَمَلْتُ ذلك الغُلامَ» وهو عُبَيدُ اللهِ بنُ عَديٍّ «معَ أُمِّه فناوَلْتُها إيَّاه»، وهذا يدُلُّ على أنَّ وَحْشيًّا رَأى الطِّفلَ الغُلامَ، وعرَف صِفاتِه؛ ولذلك قال له: «فلَكَأنِّي نَظَرتُ إلى قدَمَيْكَ»، يَعني: أنَّه شبَّهَ قدَمَيْه بقَدَمَيِ الغُلامِ الَّذي حمَلَه، وقدْ كانوا في الجاهِليَّةِ مَشْهورينَ بالقِيافةِ؛ لتَحْديدِ صِفاتِ كلِّ مَن رأَوْه، ومَعرِفةِ مَدى الشَّبَهِ بيْنه وبيْنَ والِدَيْه، فكان تَفرُّسُ وَحْشيٍّ في مَعرِفَتِه صَحيحًا، وعندَ ذلك كشَفَ عُبَيدُ اللهِ بنُ عَديٍّ عن وَجْهِه، وسَألَ وَحْشيًّا عن قَتلِ حَمْزةَ رَضيَ اللهُ عنه، وعن أسْبابِه وكَيفيَّتِه، فقَصَّ له وَحْشيٌّ القِصَّةَ؛ وهي أنَّ حَمْزةَ رَضيَ اللهُ عنه كان قدْ قَتَل طُعَيْمةَ بنَ عَديٍّ في غَزْوةَ بَدرٍ، والَّتي كانت في العامِ الثَّاني مِن الهِجْرةِ، فعرَض مالِكُ وَحْشيٍّ -وهو جُبَيرُ بنُ مُطعِمِ بنِ عَديٍّ- عليه الحُرِّيَّةَ مُقابِلَ قَتْلِه لحَمْزةَ رَضيَ اللهُ عنه ثَأرًا وانْتِقامًا لعَمِّه، فلمَّا خَرَج المُشرِكونَ يومَ أُحُدٍ عامَ عَينَيْنِ، في العامِ الثَّالِثِ مِن هِجْرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وعَينَيْنِ هو جَبلٌ بحِيالِ أُحُدٍ، أي: مِن ناحِيَتِه- خرَج وَحْشيٌّ معهم، فلمَّا اصْطَفَّ المُسلِمونَ والمُشرِكونَ للقِتالِ، خرَج سِباعٌ -وهو رَجلٌ منَ المُشرِكينَ- وطلَب المُبارَزةَ، وهي الخُروجُ مِن الصَّفِّ للقِتالِ على انْفِرادٍ قبْلَ الْتِقاءِ الجَيشَيْنِ، فخرَج له حَمْزةُ رَضيَ اللهُ عنه مِن صُفوفِ المُسلِمينَ ليُقاتِلَه، وقال له: يا سِباعُ، يا ابنَ أُمِّ أنْمارٍ مُقَطِّعةِ البُظورِ، وكانت أُمُّ سِباعٍ تَختِنُ النِّساءَ، والبَظْرُ هو اللَّحْمةُ الَّتي تُقطَعُ مِن فَرْجِ المَرْأةِ في الخِتانِ، وقال له حَمْزةُ رَضيَ اللهُ عنه مُستَنكِرًا: أتُعادي اللهَ ورَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟! ثمَّ شدَّ عليه حَمْزةُ رَضيَ اللهُ عنه، أي: حمَل عليه في ضَرَباتِه وقِتالِه، فقتَلَه، فكان كأمْسِ الذَّاهِبِ، أي: كان كالعَدَمِ.
ثمَّ قال وَحْشيٌّ: وكَمَنتُ -أيِ اخْتَبأْتُ- لحَمْزةَ رَضيَ اللهُ عنه تحْتَ صَخْرةٍ، فلمَّا اقترَبَ منه حَمْزةُ رَماه بحَرْبَتِه، فوقَعَتِ الحَرْبةُ في ثُنَّتِه، أي: في العانةِ، أو ما بيْنَ السُّرَّةِ والعانةِ، فخرَجَت بيْنَ وَرِكَيْه، ومات منها حَمْزةُ بنُ عبدِ المُطَّلِبِ رَضيَ اللهُ عنه، وقد حرَّرَه سيِّدُه حقًّا كما وعَدَه، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ حَزِن لاستِشْهادِ حَمزةَ أشدَّ الحُزنِ، ثُمَّ خرَج وَحْشيٌّ بعْدَ فَتحِ مكَّةَ، وانْتِشارِ الإسْلامِ إلى الطَّائِفِ هرَبًا مِن المُسلِمينَ، والطَّائفُ حاليًّا: مَدينةٌ سُعوديَّةٌ تقَعُ في مِنطَقةِ مكَّةَ المُكرَّمةِ غَربَ السُّعوديَّةِ على المُنحَدَراتِ الشَّرقيَّةِ لجِبالِ السَّرَواتِ، فلمَّا أرادَ أهلُ الطَّائِفِ أنْ يُرْسِلوا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَسولًا، قال بعضُ النَّاسِ لوَحْشيٍّ: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَهيجُ الرُّسلَ، أي: لا يُؤْذي الرُّسلَ، ولا يُصيبُها عندَه مَكْروهٌ، فاذهَبْ معَهم إليه؛ فإنَّ محمَّدًا لا يَأْتيه أحَدٌ بشَهادةِ الحقِّ إلَّا خلَّى عنه، فذَهَب وَحْشيٌّ مع وَفدِ الطَّائفِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وشَهِدَ بيْن يَدَيهِ بشَهادةِ الحقِّ وأسلَمَ، فلمَّا رآهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وعَلِم أنَّه وَحْشيٌّ قاتِلُ عمِّه حَمْزةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال له: هلْ تَستَطيعُ أنْ تُغيِّبَ وَجهَكَ عنِّي؟ فكان وَحْشيٌّ يَتَّقي أنْ يَراهُ، فما رَآه حتَّى مات.
ثمَّ أخبَرَ وَحْشيٌّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لمَّا مات النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وادَّعى مُسَيْلِمةُ الكذَّابُ النُّبوَّةَ، وأرسَلَ أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه الجُيوشَ لقَتلِه؛ خرَج معَهم وَحْشيٌّ، وقال لنَفْسِه: لأَخرُجَنَّ إلى مُسَيْلِمةَ لعَلِّي أقتُلُه، فيكونُ قَتلُ مُسَيْلِمةَ مُكفِّرًا لقَتلِ حَمْزةَ رَضيَ اللهُ عنه؛ لأنَّ مُسَيْلِمةَ كان شرَّ النَّاسِ، وكان حَمْزةُ رَضيَ اللهُ عنه مِن خَيرِ أصْحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان هذا في مَوقِعةِ اليَمامةِ في العامِ الحاديَ عشَرَ مِن الهِجْرةِ في خِلافةِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضيَ اللهُ عنه، وفي أثْناءِ المَعرَكةِ رَأى وَحْشيٌّ رَضيَ اللهُ عنه مُسَيْلِمةَ الكذَّابَ واقِفًا في فَتْحةٍ كانت بجِدارٍ، كأنَّه جَملٌ أوْرَقُ -أي أسْمَرُ- وشَعْرُه مُنتَشِرٌ مُتفرِّقٌ، فضرَبَه وَحْشيٌّ بالحَرْبةِ، فوقَعَتْ في صَدرِه، وخرَجَتْ مِن بيْنِ كَتِفَيْه، فوثَبَ إليه رَجلٌ مِنَ الأنْصارِ بعْدَ إصابَتِه فضرَبَه بالسَّيفِ على هامَتِه، أي: على رَأسِه، فرَأتْه جاريةٌ على ظَهرِ بَيتٍ، فقالت تَندُبُ مُسَيْلِمةَ الكذَّابَ: وا أميرَ المؤمِنينَ! قتَلَه العَبدُ الأسْوَدُ، وقدْ كان مُسَيْلِمةُ الكذَّابُ يُسمَّى تارةً بالنَّبيِّ، وتارةً بأميرِ المؤمِنينَ، وسَمَّتِ الجاريةُ أتْباعَه بالمؤمِنينَ؛ لأنَّهم آمَنوا بادِّعائِه النُّبوَّةَ.
وفي الحَديثِ: أنَّ الإسْلامَ يَهدِمُ ما قبْلَه.
وفيه: ما كان عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الرِّفقِ.
وفيه: أنَّ المَعْصيةَ تُذهِبُها الطَّاعةُ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح ابن حبانخرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار إلى الشام فلما قدمنا حمص
صحيح ابن حباندخلت على أنس بن مالك فقال لي من أنت قلت
صحيح ابن حبانإن عم الرجل صنو أبيه
صحيح ابن حبانكنت في بيت ميمونة بنت الحارث فوضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم
صحيح ابن حبانأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسح مخاط أسامة بن زيد
صحيح ابن حبانقلنا لحذيفة بن اليمان أنبئنا برجل قريب الهدي والسمت من رسول الله
صحيح ابن حبانقرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة وسبعين سورة وإن زيدا
صحيح ابن حبانأن أبا بكر وعمر رضوان الله عليهما بشراه أن رسول الله صلى الله
صحيح ابن حبانأن عبد الله بن مسعود كان يحتز لرسول الله صلى الله عليه وسلم
صحيح ابن حبانكنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء عمار يستأذن فقال صلى
صحيح ابن حبانويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار
صحيح ابن حبانعن خالد بن الوليد قال كان بيني وبين عمار بن ياسر كلام


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, July 26, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب