حديث لا بل للأبد

أحاديث نبوية | تفسير القرطبي | حديث -

«أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ قال له أصحابُه : يا رسولَ اللهِ ، أحجُّنا لعامِنا هذا أم للأبدِ؟ فقال : لا ، بل للأبدِ»

تفسير القرطبي
-
القرطبي المفسر
[ثابت]

تفسير القرطبي - رقم الحديث أو الصفحة: 5/216 -

شرح حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أصحابه يا رسول


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

قَدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِن ذِي الحِجَّةِ مُهِلِّينَ بالحَجِّ، لا يَخْلِطُهُمْ شَيءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أمَرَنَا، فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً وأَنْ نَحِلَّ إلى نِسَائِنَا، فَفَشَتْ في ذلكَ القالَةُ.
قالَ عَطَاءٌ: فَقالَ جَابِرٌ: فَيَرُوحُ أحَدُنَا إلى مِنًى وذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا! فَقالَ جَابِرٌ بكَفِّهِ، فَبَلَغَ ذلكَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقالَ: بَلَغَنِي أنَّ أقْوَامًا يقولونَ كَذَا وكَذَا، واللَّهِ لَأَنَا أبَرُّ وأَتْقَى لِلَّهِ منهمْ، ولو أنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِن أمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ ما أهْدَيْتُ، ولَوْلَا أنَّ مَعِي الهَدْيَ لأَحْلَلْتُ.
فَقَامَ سُرَاقَةُ بنُ مَالِكِ بنِ جُعْشُمٍ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هي لَنَا أوْ لِلْأَبَدِ؟ فَقالَ: لَا، بَلْ لِلْأَبَدِ.
قالَ: وجَاءَ عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ -فَقالَ أحَدُهُمَا: يقولُ لَبَّيْكَ بما أهَلَّ به رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقالَ: وقالَ الآخَرُ: لَبَّيْكَ بحَجَّةِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُقِيمَ علَى إحْرَامِهِ، وأَشْرَكَهُ في الهَدْيِ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2505 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]

التخريج : أخرجه مسلم ( 1240 ) باختلاف يسير



التَّمتُّعُ في الحَجِّ هو أنْ يُحْرِمَ الحاجُّ بالعُمْرَةِ في أشهُرِ الحَجِّ، ثمَّ يَحِلَّ منها، ثمَّ يُحْرِمَ بالحَجِّ مِن عامِه، فإذا قَدِمَ مَكَّةَ في أشهُرِ الحجِّ واعتَمَر وانْتَهى مِن عُمرتِه، فله أنْ يَتحلَّلَ مِن إحرامِه، ويَتمتَّعَ بكلِّ ما هو حَلالٌ حتَّى تَبدَأَ مَناسِكُ الحجِّ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جاء مكَّةَ هو وأصحابُه عامَ حجَّةِ الوَداعِ، وذلك في السَّنةِ العاشرةِ مِن الهِجرةِ؛ لأداءِ الحجِّ، فدخلوها في صُبْحِ اليومِ الرَّابعِ مِن ذِي الحِجَّةِ مُهِلِّينَ -أي: مُحرِمين- بالحَجِّ، ولا يَقصِدون شَيئًا إلَّا الحَجَّ، فلم يَقصِدوا عُمْرَةً مع الحَجِّ، إلَّا أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ أصحابَه الَّذين لم يَسُوقوا الهَدْيَ -وهو اسمٌ لِما يُهْدى ويُذبَحُ في الحرَمِ مِن الإبلِ والبقرِ والغنَمِ والمَعْزِ- بالعُمرةِ، ثمَّ التَّحَلُّلِ منْها، وذلك بعْدَ الطَّوافِ بالبيتِ، والسَّعيِ بيْن الصَّفا والمَروةِ، والحلْقِ أو التَّقصيرِ، فصاروا حَلالًا مِن إحرامِهِم، وصاروا مُتَمَتِّعِين، فجازَ لهم جِماعُ نِسائِهم بعْدَ الفَراغِ مِن العُمْرةِ إلى الحجِّ، فشاعَ وانتَشَرَ في ذلك كَلامُ النَّاسِ، وفي رِوايةِ مُسلمٍ: «فتَعاظَمَ ذلك عِندهم»؛ وذلك لِمَا كان مِن اعتِقادِهم في الجاهليَّةِ أنَّ العُمْرةَ لا تَصِحُّ في أَشهُرِ الحَجِّ، وكانوا يَرَوْنَ العُمرَةَ فيها فُجورًا، فقال جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما مُتعجِّبًا: «فيَرُوحُ أحدُنا إلى مِنًى وذَكَرُه يَقطُرُ مَنِيًّا!» وهذا كِنايَةٌ عن كُرْهِه التَّمتُّعَ؛ لأنَّه يَقتضي وَطْءَ النِّساءِ إلى حِينِ الخُروجِ إلى الحجِّ -ومِنًى: وادٍ قُربَ الحَرَمِ المَكِّيِّ، يَنزِلُه الحُجَّاجُ لِيَبيتوا فيه يومَ التَّرويةِ وأيَّامَ التَّشريقِ ويَرْموا فيه الجِمارَ- وأكَّدَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه القولَ بالإشارةِ بيَدِه، حيث أشارَ بكَفِّه إلى تَقطُّرِ المَنيِّ، فبَلَغ ما صَدَر منهم النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقام في النَّاسِ خَطِيبًا، وذكَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه أتْقَى للهِ مِن هؤلاء الَّذين يَرَوْنَ العُمْرةَ في أَشهُرِ الحَجِّ فُجُورًا، ولكنَّه يَأمُرُ بذلك ويَعلَمُ أنْ ليس فيه مُؤاخَذةٌ، وقال: «ولو أنِّي اسْتقبَلْتُ مِن أمرِي ما اسْتدبَرْتُ ما أهدَيْتُ»، أي: لو عرَفْتُ في أوَّلِ الحالِ ما عرَفْتُ في آخِرِه مِن جَوازِ العُمرةِ في أشهُرِ الحجِّ ما سُقْتُ الهدْيَ معي مِن خارجِ مكَّةَ ولَكُنتُ مُتَمَتِّعًا؛ إرادةً لِمُخالَفةِ أهلِ الجاهليَّةِ في اعتقادِهِم وأفعالِهِم، «ولولا أنِّي معي الهَدْيَ لَأحلَلْتُ» مِن الإحرام؛ لأنَّ وُجودَه مانِعٌ مِن فَسخِ الحَجِّ إلى العُمرةِ، والتَّحلُّلِ منها، والأمرُ الَّذي اسْتَدبَرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو ما حصَلَ لأصحابِه مِن مَشقَّةِ انفِرادِهم عنه بالفَسخِ، حتَّى إنَّهم تَوقَّفوا وتَردَّدوا وراجَعوه.

فقام سُرَاقَةُ بنُ مَالِكِ بنِ جُعْشُمٍ رَضيَ اللهُ عنه يَسأَلُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلِ التَّمتُّعُ في الحجِّ خاصٌّ بِنا، أمْ للمسلمين عامَّةً مِن بعْدِنا؟ فأجابهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ التَّمتُّعَ في الحجِّ ليس لكمْ فقطْ، بلْ هو إلى يَومِ القِيامةِ ما دامَ الإسلامُ.
ثمَّ أخبَرَ ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ علِيَّ بنَ أبي طَالِبٍ جاءَ، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَثَه إلى اليَمَنِ قبْلَ حَجَّةِ الوَداعِ قاضيًا وقابضًا لِلصَّدَقاتِ، فقَدِم رَضيَ اللهُ عنه على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مكَّةَ، وكان قد أهَلَّ في الطَّريقِ ونَوَى الدُّخولَ في النُّسُكِ؛ فسَألَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بِمَ أحرَمَ؟ فأجابَه بأنَّه أحرَمَ بما أحرَمَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهلَّ بالعُمرةِ والحجِّ قارِنًا، فأمَرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُقِيمَ على إحرامِه، وأشرَكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيًّا في هَدْيِه.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الإحرامِ المُبهَمِ دونَ تَحديدٍ، وأنَّ المُحرِمَ يَصرِفُه حيث يَشاءُ إفرادًا، أو قِرانًا، أو تَمتُّعًا.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
تفسير القرطبيما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى
تفسير القرطبيالبيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر
تفسير القرطبيويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار
تفسير القرطبيأن ثمامة لما من عليه النبي صلى الله عليه وسلم انطلق إلى نخل
تفسير القرطبيأن زينب امرأة عبد الله أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم
تفسير القرطبيإن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون
تفسير القرطبيأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة بنت قيس أن تعتد في
تفسير القرطبيحديث بريرة في المكاتب
تفسير القرطبيإن الله عز وجل يبعث الأيام يوم القيامة علي هيئتها ويبعث الجمعة
تفسير القرطبيإن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى أن
تفسير القرطبيحديث السبع المثاني الفاتحة
تفسير القرطبيأنه عليه الصلاة والسلام كان ينبذ له فيشربه ذلك اليوم فإذا كان


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, November 26, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب