حديث إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها

أحاديث نبوية | تخريج صحيح ابن حبان | حديث جابر بن عبدالله

«أنَّ أعرابيًّا بايَع رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الإسلامِ فأصاب الأعرابيَّ وَعْكٌ بالمدينةِ فخرَج الأعرابيُّ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّما المدينةُ كالكِيرِ تنفي خبَثَها وينصَعُ طيِّبُها )»

تخريج صحيح ابن حبان
جابر بن عبدالله
شعيب الأرناؤوط
إسناده صحيح على شرط الشيخين

تخريج صحيح ابن حبان - رقم الحديث أو الصفحة: 3732 -

شرح حديث أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

أنَّ أعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى الإسْلَامِ، فأصَابَ الأعْرَابِيَّ وعْكٌ بالمَدِينَةِ، فأتَى الأعْرَابِيُّ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أقِلْنِي بَيْعَتِي، فأبَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أقِلْنِي بَيْعَتِي، فأبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أقِلْنِي بَيْعَتِي، فأبَى، فَخَرَجَ الأعْرَابِيُّ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّما المَدِينَةُ كَالكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا، ويَنْصَعُ طِيبُهَا.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 7211 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



المدينةُ النَّبويَّةُ بُقعةٌ مِن الأرضِ مُبارَكةٌ، طَهَّرَها اللهُ مِن الأدناسِ، واختارَها لتَكونَ مَكانَ هِجرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وحاضنةَ دَعوتِه، ومَلاذَ الصَّالحينَ مِن عِبادِه.
وفي هذا الحَديثِ يروي جابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ أعرابيًّا -وهو الذي يسكُنُ الصَّحراءَ مِنَ العَرَبِ- جاء إلى المدينةِ مُهاجِرًا، ثم بَايَعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأعطاه العَهْدَ والبيعةَ التي كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأخُذُها من كُلِّ من أراد الهِجرةَ مِن مَوطِنِه إلى المدينةِ على الدُّخولِ في الإسلامِ، والسَّمعِ والطَّاعةِ، وعَدَمِ العودةِ إلى مَوطِنِه، «فأَصَابَ الأعرابِيَّ وَعْكٌ»، أي: حُمَّى، وهو بالمدينةِ، فلم يصبِرْ عليها، فجاءَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وطلب منه أن يُعفِيَه من البَيعةِ والعَهدِ والميثاقِ الذي سبق أن أخذَه عليه، والظَّاهِرُ أنَّه لم يُرِدِ الارتدادَ عن الإسلامِ، وإنَّما أراد الرُّجوعَ عن الهِجرةِ، وإلَّا لم يكُنْ لِيَستأذِنَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ذلك؛ إذ لو أرادَ الرِّدَّةَ والكُفرَ لقَتَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرَفَضَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يُعفِيَه من البيعةِ؛ لأنَّه لا يَحِلُّ للمُهاجِرِ أنْ يَرْجِعَ إلى وَطَنِه؛ لأنَّ الارتدادَ عن الهِجرةِ مِن أكبرِ الكَبائرِ، وهذا سُوءُ ظَنٍّ مِن الأعرابيِّ؛ فإنه تَوهَّمَ أنَّ ما أصابَه مِن الحُمَّى إنَّما هو بسَببِ البَيعةِ، وأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لو أقالَهُ لذَهَبَ ما لَحِقَه مِن الحُمَّى، ثُمَّ كرَّر ذلك مرَّتَينِ، وهذا يُبيِّنُ حِرصَ الرَّجُلِ على طَلَبِه، فرفَضَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يُقِيلَه مِن بَيعتِه وهجرتِه، فخَرَج الأعرابيُّ مِن المدينةِ دونَ موافَقةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فخرج عاصِيًا، وظَنَّ أنَّه معذورٌ لِما نزل به من الوباءِ، ولعَلَّه لم يعلَمْ أنَّ الهِجرةَ فَرضٌ عليه، فأَخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ المدينةَ كالكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا ويَنْصَعُ طِيبُهَا، والكِيرُ: هو الجِلدُ الَّذي يَنفُخُ به الحَدَّادُ على النَّارِ، أو دُكَّانُ الحَدَّادِ، فكما أنَّ الكِيرَ يكونُ به تَنقيةُ الحديدِ مِن وَسَخِه بالنَّارِ، فكذلك تَفعَلُ المدينةُ، فتُنقِّي نفْسَها مِن أمثالِ هذا، ويَنصَعُ طِيبُها، أي: يَخلُصُ ويفُوحُ، وهو مثَلٌ لإيمانِ مَن سَكَنَها مِن المُؤمنين الصَّادقينَ.
وهذا تَشبيهٌ حَسنٌ؛ لأنَّ الكِيرَ -بشِدَّةِ نَفْخِه- يَنْفي عن النَّارِ السَّوادَ والدُّخَانَ والرَّمَادَ حتَّى لا يَبْقى إلَّا خالصُ الجَمْرِ، وهذا إنْ أُرِيدَ بالكِيرِ المِنْفَخُ الَّذي يُنفَخُ به النارُ، وإنْ أُرِيدَ به الموضعُ، فالمعنَى: أنَّ ذلك الموضعَ -لشِدَّةِ حَرارتِه- يَنزِعُ خَبَثَ الحديدِ والفِضَّةِ والذَّهَبِ ويُخرِجُ خُلاصةَ ذلك، والمدينةُ كذلك تَنْفي شِرارَ النَّاسِ بالحُمَّى والتَّعَبِ، وشِدَّةِ العَيشِ وضِيقِ الحالِ التي تُخلِّصُ النَّفْسَ مِن الاسترسالِ في الشَّهواتِ، وتُطهِّرُ خِيارَهم وتُزكِّيهم.
وليس هذا الوَصفُ عامًّا لها في جَميعِ الأزمنةِ، بلْ هو خاصٌّ بزَمَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه لم يكُنْ يَخرُجُ عنها رَغبةً في عدَمِ الإقامةِ معه إلَّا مَن لا خَيْرَ فيه، وقدْ خَرَجَ منها بعْدَه جَماعةٌ مِن خِيارِ الصَّحابةِ، وقَطَنوا غيرَها، وماتوا خارِجًا عنها.
ولا يُعارَضُ ذلك بأنَّ المنافِقينَ قدْ سَكَنوا المدينةَ وماتوا فيها ولم تَنفِهم؛ لأنَّ المدينةَ كانتْ دارَهم أصلًا، ولم يَسكُنوها بالإسلامِ ولا حِبالِه، وإنَّما سَكَنوها لِما فيها مِن أصْلِ مَعاشِهم، ولم يُرِدْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بضَرْبِ المثَلِ إلَّا مَن عقَدَ الإسلامَ راغبًا فيه، ثمَّ خبُثَ قلْبُه.
وفي الحَديثِ: أنَّ مَن عقَدَ على نفْسِه أو على غيرِه عَقْدَ اللهِ، فلا يَجوزُ له حَلُّه؛ لأنَّ في حَلِّه خُروجًا إلى مَعصيةِ اللهِ، وقدْ قال اللهُ تعالَى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } [ المائدة: 1 ].

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
تخريج صحيح ابن حبانأن أباه هلك وترك تسع بنات أو سبع بنات قال فأتيت رسول
تخريج صحيح ابن حبانكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يجد شيئا ينبذ له
تخريج صحيح ابن حباننحرنا يوم الحديبية سبعين بدنة البدنة عن سبعة فقال رسول الله صلى الله
تخريج صحيح ابن حبانأن أم سلمة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة فأمر
تخريج صحيح ابن حبانكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته
تخريج صحيح ابن حبانخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج ومعنا النساء والذراري
تخريج صحيح ابن حبانعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على أم مبشر الأنصارية
تخريج صحيح ابن حبانسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في غزوة غزوناها استكثروا من
تخريج صحيح ابن حبانأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فدخل على زينب فقضى حاجته
تخريج صحيح ابن حبانعرض علي الأنبياء فإذا موسى عليه السلام ضرب من الرجال كأنه من رجال
تخريج صحيح ابن حبانأهللنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحج خالصا لا نخلط بغيره فقدمنا
تخريج صحيح ابن حبانلما رجعت مهاجرة الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, July 28, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب