حديث لا قلت فثلثيه قال لا قلت فنصفه قال لا قلت فالثلث قال

أحاديث نبوية | مسند الإمام أحمد | حديث سعد بن أبي وقاص

«قلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أُوصي بمالي كُلِّهِ؟ قال: لا. قلتُ: فثُلُثَيْهِ؟ قال: لا. قلتُ: فنِصفِهِ؟ قال: لا. قلتُ: فالثُّلُثِ؟ قال: الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَبيرٌ، أحَدُكم يَدَعُ أهلَهُ بِخَيرٍ، خَيرٌ له مِن أنْ يَدَعَهم عالةً على أيدي النَّاسِ.»

مسند الإمام أحمد
سعد بن أبي وقاص
شعيب الأرناؤوط
إسناده قوي على شرط الشيخين

مسند الإمام أحمد - رقم الحديث أو الصفحة: 1599 - أخرجه البخاري (2742)، ومسلم (1628) مطولاً باختلاف يسير

شرح حديث قلت يا رسول الله أوصي بمالي كله قال لا قلت فثلثيه قال


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

عَادَنِي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ مِن مَرَضٍ أشْفَيْتُ منه علَى المَوْتِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، بَلَغَ بي مِنَ الوَجَعِ ما تَرَى، وأَنَا ذُو مَالٍ، ولَا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ لي واحِدَةٌ، أفَأَتَصَدَّقُ بثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فأتَصَدَّقُ بشَطْرِهِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ يا سَعْدُ، والثُّلُثُ كَثِيرٌ، إنَّكَ أنْ تَذَرَ ذُرِّيَّتَكَ أغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِن أنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، ولَسْتَ بنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِي بهَا وجْهَ اللَّهِ، إلَّا آجَرَكَ اللَّهُ بهَا، حتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا في فِي امْرَأَتِكَ.
قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أصْحَابِي؟ قَالَ: إنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بهَا وجْهَ اللَّهِ، إلَّا ازْدَدْتَ به دَرَجَةً ورِفْعَةً، ولَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حتَّى يَنْتَفِعَ بكَ أقْوَامٌ، ويُضَرَّ بكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أمْضِ لأصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، ولَا تَرُدَّهُمْ علَى أعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ ابنُ خَوْلَةَ.
يَرْثِي له رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تُوُفِّيَ بمَكَّةَ.
[ وفي رِوايةٍ ]: أنْ تَذَرَ ورَثَتَكَ.
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3936 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



العادةُ الَّتي اعْتادَها الإنْسانُ في الحَياةِ، تَتحَوَّلُ بالنِّيَّةِ الصَّالحةِ إلى عِبادةٍ يُؤجَرُ عليها الإنْسانُ؛ فيَنْبَغي للعاقلِ أنْ يُصحِّحَ نيِّتَه دَومًا، وألَّا يَتحرَّكَ حرَكةً إلَّا ويَبْتَغي بها وَجْهَ اللهِ تعالَى.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي سَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زارَه عامَ حَجَّةِ الوَداعِ سَنةَ عَشْرٍ مِنَ الهِجْرةِ، مِن وجَعٍ كان بِه قارَبَ بسَببِه على المَوتِ، وكان مَوضِعَ مَرضِه بمكَّةَ، وكان سَعدٌ رَضيَ اللهُ عنه يَكرَهُ أنْ يَموتَ بالأرضِ الَّتي هاجَرَ منها، كما صرَّحَت رِوايةُ مُسلمٍ: «قدْ خَشِيتُ أنْ أموتَ بالأرضِ الَّتي هاجَرْتُ منها».
فذكَرَ سَعدٌ رَضيَ اللهُ عنه لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه صاحِبُ مالٍ، ولا يَرِثُه سِوى ابنةٍ واحِدةٍ -وكان اسمُها عائشةَ-، ومَعنى ذلك: أنَّه لا يَرِثُني مِن الولَدِ، أو مِن خَواصِّ الوَرَثةِ، أو مِنَ النِّساءِ؛ وإلَّا فقدْ كان لسَعدٍ عَصَباتٌ؛ لأنَّه مِن بَني زُهْرةَ، وكانوا كَثيرًا، وقيلَ: مَعْناه: لا يَرِثُني مِن أصْحابِ الفُروضِ، أو خصَّها بالذِّكرِ على تَقديرِ: لا يَرِثُني ممَّن أخافُ عليه الضَّياعَ والعَجزَ إلَّا هي، أو ظنَّ أنَّها تَرِثُ جَميعَ المالِ، أوِ استَكثَرَ لها نِصفَ التَّرِكةِ، فسَأَلَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَتصدَّقَ بثُلُثِي مالِه، فأجابَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بألَّا يَفعَلَ ذلك، فسَأَلَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَتصدَّقَ بنِصفِ مالِه، فنَهاهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك أيضًا، ووجَّهَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنْ يتَصَدَّقَ بالثُّلُثِ، وأخْبَره أنَّه كَثيرٌ أيضًا؛ تَرْغيبًا مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لسَعدٍ أنْ يُقلِّلَ عنِ الثُّلُثِ.
ثمَّ بيَّنَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الأفضَلَ له أنْ يَترُكَ وَرَثتَه أغْنياءَ، فيكونُ هذا المالُ سَببًا في إغْناءِ الوَرَثةِ؛ فهو خَيرٌ مِن أنْ يَترُكَهم فُقَراءَ «يَتكَفَّفونَ النَّاسَ في أيْدِيهم»، أي: يَسْألونَهم بأكُفِّهم بأنْ يَبْسُطوها للسُّؤالِ، أو يَسْألونَ ما يَكُفُّ عنهمُ الجوعَ.
وأخْبَرَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إنْ عاشَ فما أنْفَقَه مِن نَفَقةٍ ابتِغاءَ وَجهِ اللهِ، فإنَّها صَدَقةٌ، فالأجْرُ حاصِلٌ له حيًّا وميِّتًا، حتَّى اللُّقمةُ تَرفَعُها إلى فَمِ امْرأتِكَ، وهذا مُبالَغةٌ في بَيانِ أوجُهِ الإنْفاقِ الَّتي يُثابُ ويُؤجَرُ عليها الإنْسانُ، وأنَّها ليستْ قاصِرةً على المالِ؛ لأنَّ زَوجةَ الإنْسانِ هي مِن أخصِّ حُظوظِه الدُّنْيويَّةِ، وشَهَواتِه، ومَلاذِّه المُباحةِ، وإذا ثبَتَ الأجرُ في هذا، ففيما يُرادُ به وَجْهُ اللهِ فقطْ أحْرى.
فسَألَ سَعدٌ رَضيَ اللهُ عنه رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا رَسولَ اللهِ، أُخَلَّفُ بعدَ أصْحابي بمكَّةَ أو في الدُّنْيا؟ فأجابَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّكَ لن تُخَلَّفَ -يَعني: لنْ تَبْقى- فتَعمَلَ عَمَلًا صالِحًا تَطلُبُ بِه وَجهَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ؛ إلَّا ازْدَدْتَ بالعَمَلِ الصَّالِحِ دَرَجةً ورِفْعةً، ولعَلَّكَ تُخَلَّفُ بأنْ يَطولَ عُمرُكَ حتَّى يَنتَفِعَ بكَ أقْوامٌ منَ المُسلِمينَ بما يَفتَحُه اللهُ عَزَّ وجَلَّ على يدَيْكَ مِن بِلادِ الشِّركِ، ويَأخُذُه المُسلِمونَ منَ الغَنائمِ، ويُضَرُّ بكَ آخَرونَ مِن المُشرِكينَ الهالِكينَ على يدَيْكَ وجُنودِكَ، وكذا كان؛ فإنَّه رَضيَ اللهُ عنه شُفيَ مِن مَرضِه، ولم يُقِمْ بمكَّةَ، وعاش أكثَرَ مِن أرْبَعينَ سَنةً بعْدَها، ووَليَ العِراقَ، وفتَحَها اللهُ عَزَّ وجَلَّ على يَدَيْه، فأسلَمَ على يدَيْهِ خَلقٌ كَثيرٌ، فنفَعَهمُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ به، وقتَل وأسَرَ منَ الكُفَّارِ كَثيرًا، فاستَضَرُّوا به، وذلك مِن جُملةِ أعْلامِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

ثمَّ دَعَا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَبَّه أنْ يُمضيَ ويُتمِّمَ لأصْحابِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هِجْرتَهم، وألَّا يرُدَّهم على أعْقابِهم بتَرْكِ هِجْرتِهم، ورُجوعِهم عنِ استِقامَتِهم، وكان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَكرَهُ لمَن هاجَرَ مِن مكَّةَ أنْ يَرجِعَ إليها، أو يُقيمَ بها أكثَرَ مِن انْقِضاءِ نُسُكِه.
وقولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ولكِنِ البائِسُ سَعدُ ابنُ خَوْلةَ» رَضيَ اللهُ عنه؛ أنْ توفِّيَ بمكَّةَ: والبائسُ هو الَّذي عليه أثَرُ البُؤْسِ، وهو شِدَّةُ الفَقرِ والحاجةِ، وقولُه: «يَرْثي له»، أي: يتَحَزَّنُ ويتَوَجَّعُ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأجْلِ وَفاتِه بمكَّةَ الَّتي هاجَرَ منها، قيلَ: إنَّ سَعدَ ابنَ خَوْلةَ أسلَمَ، ولم يُهاجِرْ مِن مكَّةَ، فكان بؤْسُه مِن عَدمِ هِجْرتِه.
وقيلَ: هاجَرَ وشهِد بَدرًا، ثمَّ انصرَفَ إلى مكَّةَ، ومات فيها، فيكونُ بؤْسُه لسُقوطِ هِجرَتِه؛ لأنَّه رجَع إلى مكَّةَ مُخْتارًا، وقيلَ: هاجَرَ إلى الحَبَشةِ الهِجْرةَ الثَّانيةَ، وشهِد بَدرًا وغيرَها، وتُوفِّيَ في مكَّةَ في حَجَّةِ الوَداعِ، وسَببُ بُؤْسِه على هذا مَوتُه في مكَّةَ، وفَواتُ الأجْرِ الكامِلِ له في الهِجْرةِ، والغُرْبةِ عن وَطنِه.
وفي الحَديثِ: زيارةُ الإمامِ فمَن دونَه للمَريضِ.
وفيه: أنَّ الإنْفاقَ على العِيالِ يُثابُ عليه إذا قُصِدَ به وَجهُ اللهِ تعالَى.
وفيه: بَيانُ أنَّ الوَرَثةَ أحقُّ النَّاسِ بتَرِكةِ الميِّتِ.
وفيه: بَيانُ ما كان عِندَ الصَّحابةِ مِن حِرصٍ على فِعلِ الخَيرِ.
وفيه: الوَصيَّةُ والمُبادَرةُ إليها معَ عَلاماتِ المَوتِ؛ كمرَضٍ ونَحوِه.
وفيه: أنَّ الوَصيَّةَ تكونُ في ثُلُثِ المالِ، أو أقلَّ، ولا تَزيدُ عن ذلك.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
مسند الإمام أحمدإن الإيمان بدأ غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى يومئذ للغرباء إذا فسد الناس
مسند الإمام أحمدإني أحرم ما بين لابتي المدينة كما حرم إبراهيم حرمه لا يقطع عضاهها
مسند الإمام أحمدأن سعد بن أبي وقاص قال عند فتنة عثمان بن عفان أشهد أن
مسند الإمام أحمدإذا كان الطاعون بأرض فلا تهبطوا عليه وإذا كان بأرض وأنتم بها فلا
مسند الإمام أحمدوالله إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله لقد كنا نغزو مع
مسند الإمام أحمدرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن شماله
مسند الإمام أحمدعن أبيه سعد بن أبي وقاص أنه كان يأمر بهذا الدعاء ويحدث به
مسند الإمام أحمدمن قتل دون ماله فهو شهيد ومن ظلم من الأرض شبرا طوقه من
مسند الإمام أحمداسكن حراء فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد قال وعليه النبي
مسند الإمام أحمدخطبنا المغيرة بن شعبة فنال من علي رضي الله عنه فقام سعيد بن
مسند الإمام أحمدأن المغيرة بن شعبة خطب فنال من علي رضي الله عنه قال فقام
مسند الإمام أحمدمن سرق من الأرض شبرا طوقه من سبع أرضين قال معمر وبلغني عن


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 24, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب