حديث فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث حذيفة بن اليمان

«بيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ، إذْ قالَ: أيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الفِتْنَةِ؟ قالَ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أهْلِهِ ومَالِهِ ووَلَدِهِ وجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ والصَّدَقَةُ، والأمْرُ بالمَعروفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ قالَ: ليسَ عن هذا أسْأَلُكَ، ولَكِنِ الَّتي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ، قالَ: ليسَ عَلَيْكَ منها بَأْسٌ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إنَّ بيْنَكَ وبيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قالَ عُمَرُ: أيُكْسَرُ البَابُ أمْ يُفْتَحُ؟ قالَ: بَلْ يُكْسَرُ، قالَ عُمَرُ: إذًا لا يُغْلَقَ أبَدًا، قُلتُ: أجَلْ. قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أكانَ عُمَرُ يَعْلَمُ البَابَ؟ قالَ: نَعَمْ، كما يَعْلَمُ أنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً، وذلكَ أنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا ليسَ بالأغَالِيطِ. فَهِبْنَا أنْ نَسْأَلَهُ: مَنِ البَابُ؟ فأمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقالَ: مَنِ البَابُ؟ قالَ: عُمَرُ.»

صحيح البخاري
حذيفة بن اليمان
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 7096 -

شرح حديث بينا نحن جلوس عند عمر إذ قال أيكم يحفظ قول النبي صلى


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

قالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الفِتْنَةِ؟ قالَ: قُلتُ: أنا أحْفَظُهُ كما قالَ، قالَ: إنَّكَ عليه لَجَرِيءٌ، فَكيفَ؟ قالَ: قُلتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أهْلِهِ، ووَلَدِهِ، وجارِهِ، تُكَفِّرُها الصَّلاةُ، والصَّدَقَةُ والمَعْرُوفُ - قالَ سُلَيْمانُ: قدْ كانَ يقولُ: الصَّلاةُ والصَّدَقَةُ، والأمْرُ بالمَعروفِ - والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ، قالَ: ليسَ هذِه أُرِيدُ، ولَكِنِّي أُرِيدُ الَّتي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ، قالَ: قُلتُ: ليسَ عَلَيْكَ بها يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ بَأْسٌ بيْنَكَ وبيْنَها بابٌ مُغْلَقٌ، قالَ: فيُكْسَرُ البابُ أوْ يُفْتَحُ، قالَ: قُلتُ: لا بَلْ يُكْسَرُ، قالَ: فإنَّه إذا كُسِرَ لَمْ يُغْلَقْ أبَدًا، قالَ: قُلتُ: أجَلْ، فَهِبْنا أنْ نَسْأَلَهُ مَنِ البابُ فَقُلْنا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ، قالَ: فَسَأَلَهُ، فقالَ: عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، قالَ: قُلْنا، فَعَلِمَ عُمَرُ مَن تَعْنِي؟ قالَ: نَعَمْ، كما أنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلَةً وذلكَ أنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا ليسَ بالأغالِيطِ.
الراوي : حذيفة بن اليمان | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1435 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



الفِتنُ والابتلاءاتُ كَثيرةٌ؛ ومنها فِتنٌ يَسيرةٌ، وفِتنٌ عَظيمةٌ، وقد أخبَرَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن كثيرٍ مِن الفِتَنِ الَّتي ستَحدُثُ؛ تحذيرًا منها، ومُسارَعةً إلى الأخذِ بأسبابِ النَّجاةِ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي حُذَيفةُ بنُ اليَمانِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه في عَهدِ خِلافتِه سَأَل أصحابَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَجلسِه آنَذاك: أيُّكم يحفَظُ قولَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الفِتنةِ؟ فظَنَّ حُذيفةُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ عُمرَ رضيَ اللهُ عنه يَسألُ عن الفِتنةِ الخاصَّةِ، فأجابه بأنَّه يَعرِفُ كلامَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الفِتنةِ حَرفيًّا مِثلَ ما قالَه تمامًا؛ فهي: فِتنةُ الرَّجُلِ في أهلِه ومالِه وولَدِه وجارِه، والمرادُ بها ما يَعرِضُ له معهم مِن شرٍّ أو حُزنٍ وشِبهِ ذلك، وانشغالُه بهم عن الطاعاتِ، وتَفريطُه في القِيامِ بما يَلزَمُ مِن حُقوقِهم، وتَقصيرُه في أمْرِ دِينِه، وما يُفتَتنُ به مِن صِغارِ الذُّنوبِ، وهذه تُكفِّرُها الصَّلاُة والصَّومُ والصَّدقةُ والأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المنكَرِ، أي: إنَّ هذه الفِتنَ الخاصَّةَ الَّتي تُصيبُ المسلِمَ بسَببِ حُبِّه لنفْسِه وولَدِه ومالِه، تُكَفِّرُها الطَّاعاتُ والحسناتُ، ولكنَّ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه ما كان يُريدُ هذه الفِتنَ الخاصَّةَ، بل الفِتنةَ الَّتي تَمُوجُ كما يَموجُ البَحرُ، أي: يَضْطَرِبُ بها الناسُ ويدفَعُ بعضُهم بعضًا، وهي الفِتنةُ العامَّةُ الَّتي تُصيبُ المسلِمينَ عامَّةً، فطَمْأنَه حُذيفةُ رَضيَ اللهُ عنه بأنَّه لو كان سؤالُه عن الفِتنةِ العامَّةِ الَّتي تُصيبُ المسلِمينَ جميعًا بالشُّرورِ والبلايا، وتُوقِعُهم في الحُروبِ وسَفْكِ الدِّماءِ فيما بيْنَهم؛ فإنَّ المسلِمينَ اليومَ في مأمنٍ منها، وإنَّ بيْنَه وبيْنَ هذه الفِتنةِ بابًا مُغلَقًا قويًّا، ولكنَّ هذا البابَ سيُكسَرُ ويَزولُ بالعُنفِ والشِّدَّةِ والدَّمِ، وهنا عَلِم عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ هذا البابَ إذا كُسِر فإنَّه سيَبْقَى مَفتوحًا للدِّماءِ، فلا تنتهي الحُروبُ بيْنَ المسلِمينَ، فأخبَرَ التابِعيُّ أبو وائلٍ شَقيقُ بنُ سَلَمةَ أنَّهم هابوا أن يَسألوا حُذَيْفةَ مَنِ المرادُ بالبابِ، فتقَدَّموا لِمَسروقِ بنِ الأجْدَعِ لِيَسألَه عن ذلك، وإنَّما تجَرَّأ مَسروقٌ على سُؤالِه؛ لكثرةِ عِلمِه، وعُلوِّ مَنزِلتِه، فأخبَرَهم حُذَيْفةُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه عُمرُ رَضيَ اللهُ عنه، ولفظُ البابِ كِنايةٌ عنه.
فسَأل التابِعونَ حُذَيْفةَ رَضيَ اللهُ عنه عن عِلمِ عُمرَ بمَن يُقصَدُ بهذا البابِ الَّذي إذا كُسِر خرَجَتِ الفِتنةُ، فأخبَرَ حُذَيْفةُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه عَلِم أنَّه هو البابُ «كما أنَّ دُونَ غَدٍ لَيْلةً»، أي: أنَّ عِلمَه بذلك يَقينيٌّ وضروريٌّ وظاهرٌ كما أنَّه لا شكَّ أنَّ اليومَ الذي أنتَ فيه يَسبِقُ الغدَ الذي يأتي بعدَها، فكان يَعلَمُ أنَّ الحائلَ بيْنَ الإسلامِ وبيْنَ الفِتنةِ وُجودُه رَضيَ اللهُ عنه؛ «وذلكَ أنِّي حَدَّثْتُه حَديثًا ليس بالأغالِيطِ» فما فَهِمَه عُمَرُ وعَلِمَه إنَّما يَرجِعُ لِمَا حدَّث به حُذَيْفةُ رَضيَ اللهُ عنه، وهو حديثٌ عن النبيِّ صلَّى الله تعالَى عليه وسلَّمَ، لا عن اجتِهادٍ ولا رأْيٍ، وقد كان ذلك حيثُ كانتِ الدَّولةُ في عهدِه قويَّةً، والرَّعيَّةُ تَهابُه وتُحِبُّه في الوقتِ نفْسِه، والأعداءُ يَخافونه لِقُوَّتِه وبأسِه، أمَّا بَعْدَه فقدْ ظهرَتِ الفِتَنُ، وتفَرَّقَتِ الكلِمةُ، كما حدَث في الفِتنةِ الَّتي قُتِل فيها الخَليفةُ عُثْمانُ بنُ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه، ثمَّ ما كان بعْدَ ذلك مِن ظُهورِ الخَوارجِ، والقِتالِ بيْنَ عليٍّ رَضيَ اللهُ عنه ومُخالِفيه، وظُهورِ الفِرَقِ والجَماعاتِ الضالَّةِ الَّتي لم تَنْتَهِ فِتنتُها حتَّى اليَوم.
وفي الحديثِ: فَضلٌ ومَنقبةٌ لعُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: أنَّ الطَّاعاتِ كَفَّارةٌ للخطيئاتِ.
وفيه: دَلالةٌ على حُسْنِ أدبِ التابِعينَ مع كِبارِهم.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح الترمذيفتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره يكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر بالمعروف
صحيح البخاريعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أرأيت
صحيح ابن حبانيا رسول الله أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلة وعتاقة
صحيح الأدب المفردأسلمت على ما سلف من خير
صحيح الجامعأسلمت على ما أسلفت من خير
صحيح مسلمأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت أمورا كنت أتحنث بها
صحيح مسلمقلت يا رسول الله أشياء كنت أفعلها في الجاهلية قال هشام يعني أتبرر
صحيح مسلمأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي رسول الله أرأيت أمورا
صحيح البخاريأن حكيم بن حزام أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت أمورا كنت
صحيح البخارييا رسول الله أرأيت أمورا كنت أتحنث أو أتحنت بها في الجاهلية من
صحيح البخاريأن حكيم بن حزام رضي الله عنه أعتق في الجاهلية مئة رقبة وحمل
صحيح البخاريالخازن المسلم الأمين الذي ينفذ وربما قال يعطي ما أمر به كاملا موفرا


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, November 19, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب