حديث لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا

أحاديث نبوية | تخريج مشكل الآثار | حديث عبدالله بن عباس

«أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال يومَ الفتحِ: لا هِجرةَ بعدَ الفتحِ، ولكنْ جهادٌ ونيَّةٌ، وإذا استُنْفِرْتُم فانفِرُوا.»

تخريج مشكل الآثار
عبدالله بن عباس
شعيب الأرناؤوط
إسناده صحيح على شرطهما

تخريج مشكل الآثار - رقم الحديث أو الصفحة: 2616 - أخرجه البخاري (2825)، ومسلم (1353) باختلاف يسير

شرح حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح لا هجرة


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ افْتَتَحَ مَكَّةَ: لا هِجْرَةَ، ولَكِنْ جِهَادٌ ونِيَّةٌ، وإذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا، فإنَّ هذا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَومَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرْضَ، وهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللَّهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ، وإنَّه لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فيه لأحَدٍ قَبْلِي، ولَمْ يَحِلَّ لي إلَّا سَاعَةً مِن نَهَارٍ، فَهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللَّهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَن عَرَّفَهَا، ولَا يُخْتَلَى خَلَاهَا.
قالَ العَبَّاسُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إلَّا الإذْخِرَ؛ فإنَّه لِقَيْنِهِمْ ولِبُيُوتِهِمْ، قالَ: قالَ: إلَّا الإذْخِرَ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1834 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]

التخريج : أخرجه البخاري ( 1834 ) واللفظ له، ومسلم ( 1353 )



كانتِ الهِجرةُ مِن مَكَّةَ إلى المدينةِ واجبةً على المؤمنينَ في بِدايةِ الإسلامِ؛ نُصرةً للإسلامِ، وحِمايةً للمسلمين، فَهاجَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهاجَرَ أصحابُه رِضوانُ الله عليهم.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخبَرَ يومَ فتْحِ مَكَّةَ -وكان في العامِ الثامِن مِن الهجرةِ- أنّه لا هِجرةَ مِن مكَّةَ إلى المدينةِ بعْدَ فتْحِ مكَّةَ؛ وذلك لأنَّ المؤمنينَ في بِدايةِ أمْرِهم كانوا يَفِرُّون مِنَ اضطهادِ الكفَّارِ وإيذائِهم؛ مَخافةَ أنْ يُفتَنُوا في دِينِهم ويَرجِعوا إلى الكُفرِ، أمَّا بعْدَ فتْحِ مَكَّةَ وظُهورِ الإسلامِ، فلمْ يَعُدْ هناك سَببٌ لِلهجرةِ؛ إذ صارَ المؤمنُ آمنًا على نفْسِه، يَعبُدُ رَبَّه كيف شاءَ، ومتى شاءَ، وأينَ شاءَ، فحُكْمُ الهِجرةِ باقٍ في حقِّ مَن أسلَمَ في دارِ الكفْرِ، ولم يَأمَنْ على دِينِه، وقدَرَ على الخُروجِ منها.
ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ولكِنْ جِهادٌ ونيَّةٌ»، أي: ولكنْ لكمْ جِهادٌ في الكُفَّارِ، ونِيَّةٌ صالحةٌ في الخيرِ تُحصِّلون بهما الفَضائلَ التي في معْنى الهِجرةِ التي كانتْ مَفروضةً لمُفارَقةِ الفَريقِ الباطِلِ فلا يُكثَّرُ سَوادُهم، ولإعلاءِ كَلمةِ اللهِ وإظهارِ دِينِه.
وهذه الجُملةُ تَضمَّنُ بِشارةً مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّ مكَةَ سَتَستمِرُّ دارَ إسلامٍ أبدًا؛ لأنَّه نفَى أنْ يكونَ هناك هِجرةٌ بعْدَ فَتْحِها، وهذا يَدُلُّ على أنَّها لنْ تَعودَ دارَ كُفرٍ مرَّةً أُخرى؛ إذ الهِجرةُ تكونُ مِن دارِ الكُفرِ إلى دارِ الإسلامِ.
ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «وإذا استُنفِرْتُم فانفِروا»، أي: إذا دَعاكم الإمامُ إلى غَزوٍ لِقتالِ الكفَّارِ، فأَجِيبوه واخْرُجوا معه.
ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَكَّةَ المُكرَّمةَ حرَّمَها اللهُ يومَ خلَقَ السَّمواتِ والأرضَ؛ فإنَّ تَحريمَها أمرٌ قَديمٌ، وشَريعةٌ سالفةٌ، ليس ممَّا أحْدَثه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أو اختُصَّ بشَرْعِه.
ويَحتمِلُ أنْ يكونَ المعْنى: إنَّما خلَقَ أرضَ مكَّةَ حِينَ خلَقَها مُحرَّمةً.
وهذه الحُرمةُ مُستمِرةٌ إلى يَومِ القِيامةِ، باقيةٌ أبديَّةٌ.
وفي الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ عَبدِ اللهِ بنِ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «إنَّ إبراهيمَ حرَّمَ مَكَّةَ ودَعَا لأهلِها»، ويُمكِنُ الجمْعُ بيْن الحَديثينِ بأنَّ تَحريمَها كان ثابتًا مِن يومِ خلَق اللهُ السَّمواتِ والأرضَ، ثُمَّ خَفِيَ تَحريمُها واستَمَرَّ خَفاؤُه إلى زمَنِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، فأَظْهَره وأشاعَه لا أنَّه ابتَدَأَه.
أو أُسْنِدَ التَّحريمُ إلى إبراهيمَ عليه السَّلامُ مِن حيثُ إنَّه مُبلِّغُه؛ فإنَّ الحاكمَ بالشَّرائعِ والأحكامِ كلِّها هو اللهُ تعالَى، والأنبياءُ يُبلِّغونها، ثمَّ إنَّها كما تُضافُ إلى اللهِ تعالَى مِن حيث إنَّه الحاكمُ بها، تُضافُ إلى الرُّسلِ؛ لأنَّها تُسمَعُ منْهم وتُبيَّنُ على لِسانِهم.
ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ في البَلدِ الحرامِ لأحَدٍ قَبْلَه، وإنَّما خَصَّه اللهُ عزَّ وجلَّ بذلك، ولَمْ يَحِلَّ له إلَّا سَاعَةً مِن نَهَارٍ، ثُمَّ عادَتْ حُرمتُه كما كانتْ، فَهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللهِ إلى يَومِ القِيَامةِ.
وقد جاءَ في الصَّحيحَينِ بَيانُ سَببِ قولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلِك؛ وهو: أنَّ «خُزاعَةَ قَتَلوا رجُلًا مِن بَنِي لَيثٍ عامَ فتْحِ مَكَّةَ بقَتيلٍ منهم قَتَلوه، فأُخْبِرَ بذلك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فرَكِبَ راحلتَه، فخَطَب، فقال: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ حبَسَ عن مَكَّةَ الفِيلَ، وسَلَّطَ عليها رَسولَه والمؤمنِين»، أي: منَعَها وحَفِظَها مِن فِيلِ أَبْرَهةَ الحَبشيِّ الذي أتَى به لهدْمِ الكَعبةِ، ومَكَّنَ رسولَه مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم مِن وِلايتِها والتَّغلُّبِ على أهلِها.
ثمَّ بيَّن صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حُرمةَ هذا البَلدِ بأنَّه «لا يُعضَدُ شَوكُه»، أي: لا يُقطَعُ، وذِكرُ الشَّوكِ دَليلٌ على أنَّ غيرَه ممَّا لا يُؤْذي بالأَولى، ويُخصَّصُ بالمُؤذي، فيَجوزُ قطْعُه قِياسًا على حلِّ قتْلِ الفواسقِ الخَمْسِ في الحرَمِ بجامعِ الإيذاءِ.
وفي روايةِ الصَّحيحَينِ: «ولا يُعضَدُ شَجرُها»، فلا يُكسَرُ ولا يُقطَعُ، «ولا يُنفَّرُ صَيدُه»، فلا يُزعَجُ مِن مكانِه ولا يَحِلُّ صَيدُه، «ولا يَلتَقِطُ لُقَطتُه إلَّا مَن عرَّفها»، فلا يُستفادُ مِن لُقَطةِ مَكَّةَ المفقودة من أي شخص كما يُستفادُ منها في الأماكنِ الأخرى غيرِ مَكَّةَ، إلَّا لِمَن يُعرِّفُها ويُنادي عليها، حتَّى يَجِيءَ صاحبُها، ولا يَأخذُها للتمليكِ، واللُّقَطةُ: هي ما يَجِدُه الإنسانُ مِن مالٍ ضائِعٍ في الطريقِ لا يُعرَفُ له صاحبٌ، «ولا يُختلَى خَلاه»، فلا يُقطَعُ نَباتُه، لا الشَّجرُ الكِبارُ ولا الشجرُ الصِّغارُ، أو النباتُ الصَّغيرُ الذي هو الحشيشُ الرَّطبُ.
فأرادَ العبَّاسُ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يُرخِّصَ لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في نَباتِ الإذخرِ، وهو: نَباتٌ عُشبيٌّ عَريضُ الأوراقِ مِن فَصيلةِ النِّجيليَّاتِ، له رائحةٌ لَيمونيَّةٌ عَطِرةٌ، أزهارُه تُستعمَلُ مَنقوعةً كالشَّاي؛ «فإنَّه لِقَيْنِهم»، والقَيْنُ: هو الحَدَّادُ؛ فإنَّه يَستعمِلُ الإذخرَ في إيقادِ النارِ، وهو نافعٌ لهم في حَرْقِه بدَلًا عن الحطَبِ، ويُستخدِمُه الناسُ في بُيوتِهم لسَقْفِها، وكذا لسَقْفِ قُبورِهم، والمعنى: لبُيوتِهم حالَ حياتِهم ومَماتِهم، فأجابَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لذلك، ورخَّصَ لهم فيه.
وفي الحَديثِ: تَعظيمُ اللهِ تعالَى لمكَّةَ المكرَّمةِ، والنَّهيُ عن القِتالِ بها.
وفيه: أنَّ مَكَّةَ فُتِحتْ عَنْوةً، وليس صُلْحًا.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
تخريج سنن أبي داودأن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم
تخريج سنن أبي داودنحوه لم يذكر الساق أي نحو أن رجلا ظاهر من امرأته فرأى بريق
تخريج سنن أبي داودأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا
تخريج سنن أبي داودالنذر نذران فما كان لله فكفارته الوفاء وما كان للشيطان فلا وفاء فيه
تخريج سنن أبي داودبعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة إلى رسول الله صلى الله
تخريج سنن أبي داودقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب
تخريج سنن أبي داودبت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل
تخريج سنن أبي داودسألت ابن عباس كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل
تخريج سنن أبي داودوالمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله
تخريج سنن أبي داودبت عند خالتي ميمونة فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أمسى
تخريج سنن أبي داودكانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم على قدر ما يسمعه من في
تخريج سنن أبي داودأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 28, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب