لعَنَ اللهُ مَن غيَّرَ تُخومَ الأَرضِ، لعَنَ اللهُ مَن ذبَحَ لِغَيرِ اللهِ، لعَنَ اللهُ مَن لعَنَ والِدَيْه، لعَنَ اللهُ مَن توَلَّى غَيرَ مَواليه، لعَنَ اللهُ مَن كمَّهَ أَعمى عن السَّبيلِ، لعَنَ اللهُ مَن وقَعَ على بَهيمَةٍ، لعَنَ اللهُ مَن عمِلَ عَمَلَ قَومِ لوطٍ، لعَنَ اللهُ مَن عمِلَ عَمَلَ قَومِ لوطٍ.
ثَلاثًا.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 2913 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
التخريج : أخرجه أحمد ( 2913 ) واللفظ له، وأبو يعلى ( 2539 )، وابن حبان ( 4417 )
لَمَّا جاءَ الإسلامُ هدَمَ كُلَّ أُمورِ الجاهليَّةِ، ودَعَواتِها، وعاداتِها الفاسِدةَ.
وفي هذا الحَديثِ يَعُدُّ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أصنافًا مِنَ النَّاس لَعَنَهمُ
اللهُ عزَّ وجَلَّ، واللَّعْنُ هو الطَّرْدُ مِن رَحمةِ
اللهِ، فبيَّنَ أوَّلَهم بقَولِهِ: «
لعَنَ اللهُ مِن غيَّرَ تُخومَ الأرْضِ»؛ وهو مَن غيَّرَ أو نقَلَ عَلاماتِ حُدودِ الأَراضي المَملوكةِ لغَيرِه، أو المُشتركةِ بيْنَه وبيْنَ غَيرِه.
وقيلَ: المُرادُ تَغييرُ حُدودِ الحَرمِ الَّتي حدَّدَها إبراهيمُ عليه السَّلامُ، ولكنَّ هذا عامٌّ في كلِّ حَدٍّ؛ فليْسَ لأحدٍ أنْ يُغيِّرَ مِن حَدِّ غَيرِه شَيئًا.
وقيلَ: أرادَ المَعالِمَ والإشاراتِ الَّتي يُهتدَى بها في الطَّريقِ.
والثَّاني: «
مَن ذبَحَ لغَيرِ اللهِ»؛ وهو مَن ذبَحَ شَيئًا قاصدًا التَّقرُّبَ بِهِ لغَيرِ
اللهِ؛ مِنَ الأصنامِ، والأوْثانِ، أو الأَوْلياءِ مِمَّن يُعبَدُ مِن دونِ
اللهِ؛ لأنَّ العبادةَ يَنبغي أنْ تكونَ مُقدَّمةً للخالقِ، خالصةً مِن شائبةِ الشِّركِ.
والثَّالثُ: «
مَن لعَنَ والِدَيْه»؛
أي: سَبَّ أحدَهُما، أو كِلَيْهِما سَبًّا؛ مُباشرةً بلِسانِه، أو تَسبَّبَ في شَتمِ والدَيْهِ مِنَ الغُرَباءِ؛ بأنْ يَسُبَّ أبا غَيرِه أو أُمَّهُ، فيَرُدَّ عليه بسَبِّ والِدِه أو أُمِّه، وإنَّما استَحقَّ سابُّ أبَوَيْهِ اللَّعنَ؛ لمُقابلتِه نِعمةَ الأبَوَينِ بالكُفرانِ، ووُصولِه إلى غايَةِ العُقوقِ والعِصيانِ، كيفَ وهو مَأمورٌ بألَّا يقولَ لهما:
( أُفٍّ ) في قَولِه تَعالَى:
{ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } [
الإسراء: 23 ]؟! ومَأمورٌ بأنْ يقولَ:
{ رَبِّ ارْحَمْهُمَا } [
الإسراء: 24 ].
والرَّابعُ: «
مَن تَولَّى غَيْرَ مَواليهِ»؛ وهو مَن أَعْطى وَلاءَهُ لغَيرِ مَوالِيه الَّذين أعتَقوهُ مِنَ الرِّقِّ، فقدِ استَحقَّ تلكَ العُقوبةَ أيضًا؛ لأنَّ لُحْمةَ الوَلاءِ كلُحْمةِ النَّسَبِ؛ فلا يَحِلُّ تَجاوُزُها؛ فإنَّ العِتقَ مِن حيثُ إنَّ له لُحْمةً كلُحْمةِ النَّسبِ، فإذا نُسِبَ إلى غَيْرِ مَن هو له، كان كالدَّعِيِّ الَّذي تَبرَّأَ مِمَّن هو منه، وألْحَقَ نفْسَه بغَيرِه.
والخامسُ: «
مَن كَمَهَ أَعْمَى عنِ السَّبيلِ»؛ وهو الَّذي يُضِلُّ الأَعْمى عنِ الطَّريقِ الصَّحيحِ، أو دَلَّه على غَيرِ مَقصِدِه.
والسَّادسُ: «
مَن وقَعَ على بَهيمةٍ»؛بأنْ عاشَرَها وجامَعَها كما يُجامِعُ الرَّجُلُ زَوجتَه.
والسَّابعُ: «
مَن عمِلَ عمَلَ قَومِ لُوطٍ»؛ بأنْ واقَعَ الرِّجالَ في الأَدْبارِ، وإتيانِ الذُّكورِ شَهوةً مِن دونِ النِّساءِ.
وكرَّرَها النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ ثَلاثَ مرَّاتٍ تَشنيعًا وبيانًا لعِظَمِ حُرمتِها.
وهذا اللَّعنُ تَحذيرٌ نَبَويٌّ، وتَهديدٌ لِمَنِ استَحلَّ هذه الأُمورَ، أو فعَلَها؛ حتَّى يَرتدِعَ عنها، معَ ما له مِن عُقوباتٍ أُخْرى دُنيَويَّةٍ؛ مِنَ التَّعزيرِ، وضَمانِ إصلاحِ ما أتلَفَه، ورَدِّ ما غصَبَه مِن أمْوالِ النَّاسِ، ثُمَّ إنْ ماتَ وهو مُستحِلٌّ ومُصِرٌّ على ذلكَ؛ فعِقابُه عندَ
اللهِ شَديدٌ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ حِرصِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ على بَيانِ كَثيرٍ مِنَ القَبائحِ الَّتي تُوجِبُ اللَّعنَ؛ ليَتجنَّبَها المُسلِمُ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم