عن عُثمانَ بنِ عفَّانَ: أنَّه دعا بماءٍ فتوضَّأَ ومَضمَضَ واستَنشَقَ، ثمَّ غسَلَ وجهَه ثلاثًا، وذِراعَيْه ثلاثًا ثلاثًا، ومسَحَ برأسِه، وظَهْرِ قدَمَيْه، ثمَّ ضَحِك، فقال لأصحابِه: ألَا تَسألوني عمَّا أضحَكَني؟ فقالوا: ممَّ ضَحِكتَ يا أميرَ المؤمنينَ؟ قال: رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دعا بماءٍ قريبًا مِن هذه البُقعةِ، فتوضَّأَ كما توضَّأتُ، ثمَّ ضَحِك، فقال: ألَا تَسألوني ما أضحَكَني؟، فقالوا: ما أضحَكَك يا رسولَ اللهِ؟ فقال: إنَّ العبدَ إذا دعا بوَضوءٍ فغسَلَ وجهَه، حَطَّ اللهُ عنه كلَّ خطيئةٍ أصابَها بوجهِه، فإذا غسَلَ ذِراعَيْه كان كذلك، وإنْ مسَحَ برأسِه كان كذلك، وإذا طهَّر قدَمَيْه كان كذلك.
الراوي : عثمان بن عفان | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم: 415 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
التخريج : أخرجه أحمد ( 415 ) واللفظ له، وعبد بن حميد ( 59 )، والبزار ( 420 )
الوُضوءُ طَهارةٌ للأعْضاءِ الظَّاهرةِ مِن المُسلِمِ، وقدْ بيَّن النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ فَضْلَ الوُضوءِ، وفَضْلَ المُحافَظةِ عليه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ حُمْرانُ بنُ أبانَ أنَّ عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ
اللهُ عنه حِينَما كان خَليفةً للمُسلِمينَ دَعا بماءٍ ليَتوضَّأَ، فشَرَع في المَضمَضةِ، وهي: تَحريكُ الماءِ وإدارتُه في الفَمِ ثمَّ إلقاؤُه، والاستِنْشاقِ، وهو: غَسلُ الأنْفِ باستِنْشاقِ الماءِ، ثمَّ نَثْرِه وإفراغِه، وفي روايةِ الصَّحيحَينِ: «
توضَّأَ فأفرَغَ على يدَيْه ثلاثًا»، فكان الشُّروعُ في غَسلِ اليَدَينِ إلى الكفَّينِ وإنْقائِهما هو أوَّلَ ما يَشرَعُ فيهما المُتوضِّئُ، ثمَّ يَعقُبُ غَسْلَ اليَدَينِ المَضمَضةُ والاستِنْشاقُ، ثمَّ يَغسِلُ وَجْهَه ثَلاثَ مرَّاتٍ، وحدُّ الوَجهِ طُولًا: مِن مَنْبَتِ شَعرِ الرَّأسِ إلى الذَّقَنِ واللِّحْيةِ، وعَرْضًا: مِن الأُذُنِ إلى الأُذُنِ الأُخْرى، «
ثمَّ ذِراعَيْه ثَلاثًا ثَلاثًا»،
أي: يَغسِلُ كلَّ ذِراعٍ إلى المِرفَقِ -كما في الرِّواياتِ، وهو مَفصِلُ مُنتَصَفِ الذِّراعِ- ثَلاثَ مرَّاتٍ، يَبدأُ بالأيمَنِ، ويَليهِ بالأيْسَرِ، ثمَّ يَمسَحُ رأْسَه بالماءِ، والمَسحُ دونَ الغَسلِ، «
وظَهرَ قَدَمَيهِ»، والمَسحُ على ظُهورِ القَدَمينِ يُشرَعُ عندَ لُبسِ الخُفِّ على طَهارةٍ، وإلَّا فإنَّه قدْ ورَد في الرِّواياتِ أنَّه رَضيَ
اللهُ عنه غسَل رِجْلَيه اليُمْنى، ثمَّ اليُسْرى إلى الكَعبَينِ ثَلاثَ مرَّاتٍ.
ثمَّ أخبَرَ حُمْرانُ أنَّ عُثمانَ رَضيَ
اللهُ عنه ضَحِك عَقِبَ وُضوئِه، فقال لأصْحابِه: ألَا تَسْألوني عمَّا أضْحَكَني؟ وهذا ليُبيِّنَ لهم سبَبَ ضَحِكِه، فسَأَلوه، فأخْبَرَهم أنَّه رَأى رَسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ دَعا بماءٍ قَريبًا مِن هذه البُقعةِ والمَكانِ الَّذي تَوضَّأَ فيه عُثمانُ رَضيَ
اللهُ عنه، «
فتَوضَّأَ كما توضَّأْتُ»، فعُثمانُ رَضيَ
اللهُ عنه عندَما تَوضَّأَ قَصَد في وُضوئِه تَقْليدَ ومُشابَهةَ رَسولِ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ في وُضوئِه، ثمَّ أخبَرَ أنَّ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ ضَحِك بعْدَ فَراغِه منَ الوُضوءِ، ثمَّ قال لأصْحابِه: «
ألَا تَسْألوني مَا أضْحَكَني؟» فلمَّا سَأَله أصْحابُه رَضيَ
اللهُ عنهم عن سبَبِ ضَحِكِه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، أخبَرَهم صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الوُضوءَ يكونُ سَببًا في غُفْرانِ ذُنوبِ المُسلِمِ، فإذا طلَب العَبدُ المُسلِمُ ماءً للوُضوءِ فغسَل وَجْهَه، خَرَج مِن وَجهِه معَ الماءِ كلُّ خَطيئةٍ أصابَها بوَجهِه، فالَّتي نظَر إليها بعَينِه تَخرُجُ مِن عَينِهِ، والَّتي استَنشَقَها بأنفِهِ خَرجَتْ مِن أنفِهِ، والَّتي نَطقَها بفَمِهِ خَرجَتْ مِن فَمِهِ، فإذا غسَل ذِراعَيْه خرَج منهما كلُّ خَطيئةٍ كان بطَشَتْها يَداه وذِراعاهُ، وإنْ مسَح برأْسِه وقَعَت ذُنوبُه، فإذا غسَل رِجلَيْه خرَجَت كلُّ خَطيئةٍ أذنَبَتْها رِجْلاه معَ الماءِ، وبذلك يَخرُجَ نَقيًّا منَ الذُّنوبِ الَّتي ارتَكَبَتها الأعْضاءُ، أو مِن جَميعِ الذُّنوبِ مِنَ الصَّغائرِ.
وفي الحَديثِ: فَضلُ الوُضوءِ، وأنَّه يُكفِّرُ الذُّنوبَ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم