كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ إذا أصبَح : ( أصبَحْنا وأصبَح المُلْكُ للهِ والحمدُ للهِ أسأَلُكَ مِن خيرِ هذا اليومِ ومِن خيرِ ما فيه وخيرِ ما بعدَه وأعوذُ بكَ مِن الكسَلِ والهرَمِ وسوءِ العُمُرِ وفتنةِ الدَّجَّالِ وعذابِ القبرِ ) وإذا أمسى قال مِثْلَ ذلكَ قال الحسَنُ بنُ عُبَيدِ اللهِ : وحدَّثني زُبَيدٌ عن إبراهيمَ بنِ سُوَيدٍ عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يزيدَ عن عبدِ اللهِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه كان يقولُ فيه : ( لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له المُلْكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ )
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : شعيب الأرناؤوط
| المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم: 963 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
التخريج : أخرجه مسلم ( 2723 ) باختلاف يسير
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يُرغِّبُ في ذِكرِ
اللهِ عزَّ وجلَّ، ويَحُثُّ عليه في كلِّ وقتٍ، وعلى كلِّ حالٍ يكونُ فيه المُسلمُ، ويُبيِّنُ ما له مِن عَظيمِ الفَضلِ والأجْرِ، ومِن أفضَلِ الأوْقاتِ الَّتي يَهتَمُّ بها المُسلِمُ لذِكرِ
اللهِ وَقْتا الصَّباحِ والمَساءِ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عبدُ
اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ
اللهُ عنهأنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ كان يقولُ إذا أصبَحَ: «
أصبَحْنا وأصبَحَ المُلكُ للهِ، والحَمدُ للهِ»،
أي: أصبَحْنا ونحْن نَعرِفُ ونُقِرُّأنَّ المُلكَ والحَمْدَ للهِ لا لغَيرِه، فالْتَجَأْنا إليه، واستَعَنَّا به، وخَصَصْناه بالعِبادةِ والثَّناءِ عليه، والشُّكرِ له، وفي رِوايةٍ -كما سيَأتي في آخِرِ المَتنِ- ثُمَّ قال كَلِمةَ التَّوحيدِ، وهي: «
لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَه لا شَريكَ له، له المُلكُ، وله الحَمدُ، وهو على كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ»، فيكونُ بذلك قد شَهِد أنَّه لا مَعْبودَ بحقٍّ إلَّا
اللهُ، وأقَرَّ أنَّه لا يُشرِكُ ب
اللهِ شيئًا، وأنَّه للهِ وَحْدَهُ مُلكُ السَّمَواتِ والأرضِ وما فيهنَّ، وله الحَمدُ، وهو الثَّناءُ بكلِّ ما هو جَميلٌ ويَليقُ بذاتِهِ عزَّ وجلَّ، وأقَرَّ بقُدْرةِ
اللهِ التَّامَّةِ على كُلِّ شَيءٍ.
ثمَّ قال: «
أسألُكَ من خَيرِ هذا الْيومِ، ومِن خيرِ ما فيه، وخَيرِ ما بَعدَه»،
يَعني: أنَّه يَسأَلُ
اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يَرزُقَه مِن خَيرِ ذاتِ هذا اليومِ، ويَرزُقَه مِن خَيرِ مَا يَنشَأُ فيه، وخَيرِ ما يَأْتي بعْدَه مِن الخَيرِ الدِّينيِّ والدُّنيويِّ الَّذي يُعينُ على أمْرِ الدِّينِ؛ فهو بذلك يَطلُبُ الخيرَ لنفْسِه على الدَّوامِ.
ثُمَّ استَعاذَ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ منَ الكَسَلِ، وهو التَّثاقُلُ عَمَّا لا يَنْبَغي التَّثاقُلُ عنه، ويَكونُ ذلك لعَدَمِ انْبِعاثِ النَّفْسِ للخَيرِ مع ظُهورِ الاستِطاعةِ، واستَعاذَ مِن «
الهَرَمِ»، وهو كِبَرُ السِّنِّ الَّذي يُؤدِّي إلى تَساقُطِ القُوى، وإنَّما استَعاذَ منه؛ لِكَونِه مِن الأدْواءِ الَّتي لا دَواءَ لها، والمُرادُ بسُوءِ الكِبَرِ ما يُوَرِّثُه كِبَرُ السِّنِّ مِن ذَهابِ العَقلِ، وغَيرِ ذلك مِمَّا يَسوءُ به الحالُ.
ثمَّ استَعاذَ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ مِن فِتنةِ المَسيحِ الدَّجَّالِ، والفِتْنةُ: هي الاختِبارُ والامتِحانُ، وفِتْنةُ الدَّجَّالِ مِن أعظَمِ الفِتَنِ وأخْطَرِها، والمُرادُ التَّعوُّذُ مِن إدْراكِ زَمانِه ومِحنَتِه الَّتي يَختبِرُ بها
اللهُ عزَّ وجلَّ قُلوبَ عبادِه، والدَّجَّالُ مِن الدَّجَلِ، وهو التَّغْطيةُ، سُمِّيَ به؛ لأنَّه يُغَطِّي الحَقَّ بباطِلِه، وسُمِّيَ مَسيحًا؛ لِأنَّ إحْدى عَينَيْهِ مَمْسوحةٌ، أو لِأنَّه يَمسَحُ الأرضَ، حيثُ يَقطَعُها في أيَّامٍ مَعْلومةٍ، والدَّجَّالُ: شَخصٌ مِن بَني آدَمَ، وظُهورُه مِن العَلاماتِ الكُبْرى ليومِ القِيامةِ، ابْتَلى
اللهُ به عِبادَه وأقْدَرَه على أشْياءَ مِن مَقْدوراتِ
اللهِ تعالى؛ مِن إحْياءِ الميِّتِ الَّذي يَقتُلُه، ومِن ظُهورِ زَهرةِ الدُّنيا والخِصْبِ معَه، وجَنَّتِه، ونارِه، ونَهرَيْهِ، واتِّباعِ كُنوزِ الأرضِ له، وأمْرِه السَّماءَ أنْ تُمطِرَ فتُمطِرَ، والأرضَ أنْ تُنبِتَ فتُنبِتَ؛ فيَقَعُ كلُّ ذلك بقُدرةِ
اللهِ تعالى ومَشيئتِه.
ثُمَّ ختَمَ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ استِعاذَتَه بالتَّعوُّذِ مِن عَذابِ القَبرِ، وهو ما يقَعُ فيه على الميِّتِ مِن عُقوبةٍ وعَذابٍ، وظاهِرُ الرِّواياتِ أنَّ مَن وقَعَ عليه عَذابُ القَبرِ سيَبْقى فيه إلى أنْ يَبعَثَ
اللهُ الخَلْقَ إلى اليَومِ الآخِرِ، والتَّعوُّذُ مِن عَذابِه، معَ أنَّ عَذابَ ما بعْدَه لِمَن عُذِّبَ فيه أشَدُّ؛ لأنَّه أوَّلُ مَنازِلِ الآخرةِ، وكذلك مَن أمِنَ العَذابَ فيه ورُحِمَ، كان ما بعدَه أرْحمَ.
وكان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ مِثلَ ذلك في المَساءِ، كما في صَحيحِ مُسلمٍ، إلَّا أنَّه يقولُ في دُعائِه: «
أمْسَيْنا وأمْسى المُلكُ للهِ»، فيكونُ في يومِه كلِّه في حِفظِ
اللهِ ورِعايتِه، ومُتحصِّنًا بهذه الأذْكارِ، وما فيها منَ المَعاني الطَّيِّبةِ.
وفي الحَديثِ: إثباتُ عَذابِ القَبرِ.
وفيه: بَيانُ ما كان عليه النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الاجْتهادِ في الدُّعاءِ كلَّ يومٍ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم