حديث لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر

أحاديث نبوية | مسند الإمام أحمد | حديث أنس بن مالك

«لولا ألَّا تَدافَنوا، لَدَعَوْتُ اللهَ أنْ يُسمِعَكم عَذابَ القبرِ.»

مسند الإمام أحمد
أنس بن مالك
شعيب الأرناؤوط
إسناده صحيح على شرط الشيخين

مسند الإمام أحمد - رقم الحديث أو الصفحة: 13888 - أخرجه مسلم (2868)، والنسائي (2058)، وأحمد (13888) واللفظ له

شرح حديث لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

بيْنَما النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ علَى بَغْلَةٍ له وَنَحْنُ معهُ، إذْ حَادَتْ به فَكَادَتْ تُلْقِيهِ، وإذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ، أَوْ خَمْسَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةٌ -قالَ: كَذَا كانَ يقولُ الجُرَيْرِيُّ- فَقالَ: مَن يَعْرِفُ أَصْحَابَ هذِه الأقْبُرِ؟ فَقالَ رَجُلٌ: أَنَا، قالَ: فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ؟ قالَ: مَاتُوا في الإشْرَاكِ، فَقالَ: إنَّ هذِه الأُمَّةَ تُبْتَلَى في قُبُورِهَا، فَلَوْلَا أَنْ لا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِن عَذَابِ القَبْرِ الَّذي أَسْمَعُ منه.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، فَقالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن عَذَابِ النَّارِ، قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن عَذَابِ النَّارِ، فَقالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن عَذَابِ القَبْرِ، قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن عَذَابِ القَبْرِ، قالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِنَ الفِتَنِ، ما ظَهَرَ منها وَما بَطَنَ، قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ منها وَما بَطَنَ، قالَ: تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، قالوا: نَعُوذُ باللَّهِ مِن فِتْنَةِ الدَّجَّالِ.
الراوي : زيد بن ثابت | المحدث : مسلم
| المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2867 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



أخْبَرَنا القرآنُ الكريمُ والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكثيرٍ مِن الغَيْبِياتِ، مِثلُ الجنَّةِ ونَعيمِها، وعَذابِ القبرِ والنَّارِ والدَّجَّالِ، ويَجِبُ الإيمانُ بكلِّ هذا مع العملِ بما أمَرَنا به؛ للفوزِ بنَعيمِ اللهِ، والنَّجاةِ مِن عَذابِه.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي زَيدُ بنُ ثابتٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان ذاتَ مرَّةٍ في بُستانٍ، وكان يَركَبُ على بغلةٍ له، وكان معه بعض الصحابة رَضيَ اللهُ عنهم، فمالَت البَغلةُ ونفرَتْ به، فكادَتْ تُلقيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ظَهرِها مِن شِدَّةِ نُفورِها مِن شَيءٍ خافتْ منه ولم يَعرِفوه، فبيْنما هُم على تلكَ الحالِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ظهرَتْ لهم قبورٌ مَعدودةٌ إمَّا أربعةٌ، أو خمسةٌ، أو سِتَّةٌ، فَسَألَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن يَعرِفُ أصحابَ هذه الأقْبُرِ؟ فأجابَ رجلٌ: أنا أعرِفُهم، فسَألَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَتى ماتَ هؤلاء؟» أي: أفي الجاهليَّةِ أو بعدَها، وهلْ ماتوا مُشركينَ أو مؤمنينَ؟ فأجابَ الرَّجلُ بأنَّهم ماتُوا على الإشراكِ وفي الجاهليَّةِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّ هذه الأمَّةَ تُبتَلى» أي: تُمتَحَنُ وتُختبَرُ في القبرِ، ثُمَّ تُنعَّمُ أو تُعذَّبُ، فلوْلا أنِّي أخْشى ألَّا تَدفنُوا مَوتاكم، لَدعوْتُ اللهَ أنْ يَجعَلَ في أُذنِكم القُدرةَ على سَماعِ أصواتِ المعذَّبِين في القبرِ الَّذي أسْمعُه مِنَ القبرِ الآنَ، وعليه، فالمعنى: لوْلا الخوفُ والفزع الَّذي سيَقعُ في قُلوبِكم مِن سَماعِ الصُّراخِ ونحوهِ -وهو الَّذي يَترتَّبُ عليه الخوفُ مِن الدَّفنِ-؛ لتَركْتُم مَيَّتَكم غيرَ مَدفونٍ خَشيةً عليه مِن هذا العذابِ.
ثُمَّ التَفَت النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى مَن معه وجَعَلهم في قُبالةِ وَجهِه الشَّريفِ؛ ليَكونَ أسمَعَ وأبلَغَ في الموعظةِ، وأمَرَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَستعِيذوا باللهِ مِن عَذابِ النَّارِ، فاسْتَجابوا لأمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقالوا: «نَعوذُ بِاللهِ مِن عَذابِ النَّارِ»، ثمَّ أمَرَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنْ يَستعِيذوا بِاللهِ مِن عذابِ القبرِ، فقالوا: «نَعوذُ بِاللهِ مِن عذابِ القبرِ»، وقدَّمَ عَذابَ النَّارِ في الذِّكْرِ مع أنَّ عذابَ القبرِ مُقدَّمٌ في الوجودِ؛ لِكونِه أشدَّ وأبقى وأعظَمَ وأقوى، ثُمَّ أمَرَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنْ يَستعِيذوا بِاللهِ مِنَ «الفتنِ» جمعُ فِتنةٍ، وهي الامتحانُ، وتُستعمَلُ في المكْرِ والبلاءِ، «ما ظهَرَ منها» كالقتلِ والعذابِ، «وما بطنَ» كالعداوةِ والبَغضاءِ والحسَدِ، فاسْتَجابوا وقالوا: نَعوذُ بِاللهِ مِنَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطَنَ، ثمَّ أمَرَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنْ يَسْتعِيذوا بِاللهِ مِن «فتنةِ الدَّجَّالِ» مِن الدَّجلِ، وهو التَّغطيةُ، سُمِّي به؛ لأنَّه يُغطِّي الحَقَّ بباطِلِه، وهو شَخصٌ مِن بَني آدَمَ، يَدَّعي الأُلوهيَّةَ، وظُهورُه مِن العلاماتِ الكُبرى ليَومِ القِيامةِ، يَبتَلي اللهُ به عِبادَه، وأَقْدَره على أشياءَ مِن مَقدوراتِ اللهِ تعالَى: مِن إحياءِ الميِّتِ الَّذي يَقتُلُه، ومِن ظُهورِ زَهرةِ الدُّنيا والخِصْبِ معه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيْهِ، واتِّباعِ كُنوزِ الأرضِ له، وأمْرِه السَّماءَ أنْ تُمطِرَ فتُمطِرَ، والأرضَ أنْ تُنبِتَ فتُنبِتَ؛ فيَقَعُ كلُّ ذلك بقُدرةِ اللهِ تعالَى ومَشيئتِه، وسُمِّيَ مَسِيحًا؛ لأنَّه مَمْسوحُ العَيْنِ مَطْموسُها، فهو أَعْوَرُ، وقيل غيرُ ذلك.
وخصَّ فِتنةَ الدَّجَّالِ بالذِّكرِ؛ لأنَّها مِن أكبرِ الفتنِ حيثُ يُجرُّ إلى الكفْرِ الْمُفضِي إلى العذابِ الْمُخلَّدِ، فاستجابَ الصَّحابةُ الموجُودونَ وقالوا: نَعوذُ بِاللهِ مِن فتنةِ الدَّجَّالِ.

وفي الحديثِ: ثُبوتُ سَماعِ البهائمِ لِأصواتِ المعذَّبِينَ في القبورِ.
وفيه: الأمرُ بِالاستعاذةِ مِن النَّارِ وعذابِ القبرِ والفتنِ والنَّارِ وفتنةِ الدَّجَّالِ.
وفيه: ثُبوتُ عذابِ القبر.
وفيه: بَيانُ فَضلِ اللهِ العظيمِ؛ فقدْ حَجَب الثَّقلينِ عن سَماعِ ما يَلْقاه المَوتى في قُبورِهم.
وفيه: بَيانُ كَمالِ شَفقةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأُمَّتِه؛ فقدْ تَرَك دُعاءَ ربِّه بأنْ تَسمَعَ الأُمَّةُ عَذابَ القبرِ؛ لئلَّا يَترُكوا التَّدافُنَ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
تخريج صحيح ابن حبانأهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط موفق ورجل رحيم رقيق القلب بكل
صحيح ابن حبانأهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط موفق ورجل رحيم رقيق القلب بكل
صحيح ابن خزيمةإذا صلى أحدكم فليضع بين يديه شيئا وقال مرة تلقاء وجهه شيئا فإن
مسند الإمام أحمددفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه السورة ألهاكم
مسند الإمام أحمدانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ألهاكم التكاثر التكاثر
مسند الإمام أحمدفذكر مثل حديث عفان ولم يذكر قول قتادة أي حديث ألهاكم التكاثر
تخريج مشكل الآثارعن مطرف بن عبد الله عن أبيه أنه انتهى إلى رسول الله صلى
تخريج صحيح ابن حبانأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر التكاثر قال
فتح الباري لابن حجرليس لك من مالك إلا ما لبست فأبليت
تخريج صحيح ابن حبانانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر
صحيح ابن حباننهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ضراب الجمل
الإعراب عن الحيرة والالتباسعن أبي هريرة وإياس بن عبد الله المزني وعبد الله بن عمرو بن


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, November 24, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب