حديث إني امرؤ صائم

أحاديث نبوية | مسند الإمام أحمد | حديث أبو هريرة

«إذا كان يَومٌ يَصومُهُ أحدُكم، فلا يَرفُثْ، ولا يَجهَلْ، فإنْ جُهِلَ عليه؛ فليَقُلْ: إنِّي امرُؤٌ صائمٌ.»

مسند الإمام أحمد
أبو هريرة
شعيب الأرناؤوط
إسناده صحيح على شرط الشيخين

مسند الإمام أحمد - رقم الحديث أو الصفحة: 10132 - أخرجه أبو داود (2363)، وابن ماجه (1691) باختلاف يسير، وأخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151) بنحوه مطولاً

شرح حديث إذا كان يوم يصومه أحدكم فلا يرفث ولا يجهل فإن جهل عليه


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ.
والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ.
لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1904 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]

التخريج : أخرجه البخاري ( 1904 )، ومسلم ( 1151 ) واللفظ له



للصِّيامِ فضائِلُ عَظيمةٌ، وكَرامةُ اللهِ للصَّائمينَ لا تَنقطِعُ؛ فإنَّهم حَرَمُوا أنْفُسَهم الطَّعامَ والشَّرابَ والشَّهوةَ، فأَعْطاهم اللهُ سُبحانَه وتعالَى مِن واسِعِ عَطائِه، وفضَّلَهم على غَيرِهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قال: «كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له»، أي: فيه حَظٌّ ومَدخَلٌ لاطِّلاعِ النَّاسِ عليه؛ فقدْ يَتعجَّلُ به ثَوابًا مِن النَّاسِ، ويَحُوزُ به حَظًّا مِن الدُّنيا، إلَّا الصِّيامَ؛ فإنَّه خالِصٌ لي، لا يَعلَمُ ثَوابَه المُترتِّبَ عليه غَيري، «وأنا أَجْزي به»، أي: أتولَّى جَزاءَه، وأنْفَرِدُ بعِلمِ مِقدارِ ثَوابِه، وتَضعيفِ حَسَناتِه، وأمَّا غيرُه مِن العِباداتِ، فقدِ اطَّلَعَ عليها بعضُ النَّاسِ؛ فالأعمالُ قدْ كُشِفَت مَقاديرُ ثَوابِها للناسِ، وأنَّها تُضاعَفُ مِن عَشْرةٍ إلى سَبْعِمئةٍ، إلى ما شاء اللهُ، إلَّا الصِّيامَ؛ فإنَّ اللهَ يُثيبُ عليه بغَيرِ تَقديرٍ، كما جاء في رِوايةِ صَحيحِ مُسلِمٍ: «كلُّ عمَلِ ابنِ آدَمَ يُضاعَفُ، الحَسَنةُ عشْرُ أمثالِها إلى سَبْعِ مِئةِ ضِعفٍ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: إلَّا الصَّومَ؛ فإنَّه لي وأنا أَجْزي به»، ولَمَّا كان ثَوابُ الصِّيامِ لا يُحْصِيه إلَّا اللهُ تعالَى، لم يَكِلْه تعالَى إلى مَلائكتِه، بلْ تَولَّى جَزاءَه تعالَى بنفْسِه، واللهُ تعالَى إذا تَولَّى شَيئًا بنفْسِه دلَّ على عِظَمِ ذلك الشَّيءِ وخَطَرِ قَدْرِه.
ثمَّ أخبَرَ أنَّ الصِّيامَ جُنَّةٌ، يعني: وِقايةٌ وحِصنٌ حَصينٌ مِن المَعاصي والآثامِ في الدُّنيا، ومِن النَّارِ في الآخِرةِ.
ثُمَّ نَهىُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصَّائمَ عن الرَّفَثِ، وهو الفُحشُ في الكَلامِ، وكذا نَهاهُ عن الصَّخَبِ، وهو الصِّياحُ والخِصامُ، فإنْ شَتَمَهُ أحَدٌ أو قاتَلَهُ، فلْيَقُلْ له بلِسانِه: «إنِّي امْرُؤٌ صائِمٌ»؛ لِيَكُفَّ خَصْمُه عنه، أو يَستشْعِرْ ذلِك بقَلْبِه؛ ليَكُفَّ هو عن خَصْمِهِ.
والمرادُ بالنَّهيِ عن ذلك تَأكيدُه حالةَ الصَّومِ، وإلَّا فغَيرُ الصَّائمِ مَنهيٌّ عن ذلك أيضًا.
ثمَّ أقْسَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقولِه: «والذي نفْسُ محمَّدٍ بيَدِه»، أي: يُقسِم باللهِ الَّذي رُوحُه بيدِه؛ وذلك لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ هو الَّذي يملِكُ الأنْفُسَ، وكثيرًا ما كان يُقْسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا القَسَمِ، «لَخُلُوفُ»، أي: تَغيُّرُ رائحةِ فَمِ الصَّائمِ -لخَلاءِ مَعِدَتِه مِن الطَّعامِ- أطيَبُ وأزْكى عندَ اللهِ تعالَى يومَ القِيامةِ مِن رِيحِ المِسكِ الَّذي هو أطيبُ الرَّوائحِ، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ رُتبةَ الصَّومِ عَلِيَّةٌ على غَيرِه؛ لأنَّ مَقامَ العِنديَّةِ في حَضرةِ اللهِ تعالَى مِن أعْلَى المَقاماتِ.
وإنَّما كان الخُلوفُ أطيَبَ عندَ اللهِ مِن رِيحِ المِسكِ؛ لأنَّ الصَّومَ مِن أعمالِ السِّرِّ التي بيْن اللهِ تعالَى وبيْن عبْدِه، ولا يَطَّلِعُ على صِحَّتِه غيرُه، فجَعَلَ اللهُ رائحةَ صَومِه تَنُمُّ عليه في الحشْرِ بيْن النَّاسِ، وفي ذلك إثباتُ الكَرامةِ والثَّناءِ الحُسْنِ له.
ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ للصَّائمِ الَّذي قامَ بحُقوقِ الصَّومِ، فأدَّاه بواجِباتِه ومُستحبَّاتِه؛ فَرْحتَينِ عَظيمتَينِ: إحداهما في الدُّنيا، والأُخرى في الآخِرةِ؛ أمَّا الأُولى: فإنَّه إذا أفطَرَ فَرِحَ بفِطْرِه، أي: لِزَوالِ جُوعِه وعَطَشِه حيثُ أُبِيحَ له الفطْرُ، وهذا الفرَحُ الطَّبيعيُّ، أو مِن حيث إنَّه تَمامُ صَومِه وخاتمةُ عِبادتِه.
وفرَحُ كلُّ أحدٍ بحَسَبِه؛ لاختلافِ مَقاماتِ النَّاسِ في ذلك.
وأمَّا الثانيةُ: فإنَّه إذا لَقِيَ ربَّه فَرِحَ بصَومِه، يعني أنَّه يَفرَحُ وقْتَ لِقاءِ ربِّه بنَيلِ الجزاءِ، أو الفوزِ باللِّقاءِ، أو هو السُّرورُ بقَبولِ صَومِه، وتَرتُّبِ الجزاءِ الوافرِ عليه.
والصَّائمُ الكاملُ صَومُه هو الَّذي صامتْ جَوارحُه عن الآثامِ، ولِسانُه عن الكذِبِ والفُحْشِ، وقَولِ الزُّورِ، وبَطْنُه عن الطَّعامِ والشَّرابِ، وفَرْجُه عن الرَّفَثِ، فإنْ تَكلَّمَ لم يَتكلَّمْ بما يَجرَحُ صَومَه، وإنْ فَعَلَ لم يَفعَلْ ما يُفسِدُ صَومَه، فيَخرُجُ كَلامُه كلُّه نافعًا صالحًا، وكذلك أعمالُه، هذا هو الصَّومُ المشروعُ، لا مُجرَّدُ الإمساكِ عن الطَّعامِ والشَّرابِ؛ ففي صَحيحِ البُخاريِّ مِن حَديثِ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه: «مَن لم يَدَعْ قَولَ الزُّورِ، والعمَلَ به، والجهْلَ؛ فليس للهِ حاجةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَه وشَرابَه»، وفي سُنَنِ ابنِ ماجه: «رُبَّ صائمٍ ليس له مِن صِيامِه إلَّا الجُوعُ»؛ فالصَّومُ الحقيقيُّ هو صَومُ الجوارحِ عن الآثامِ، وصَومُ البطْنِ عن الشَّرابِ والطَّعامِ، فكما أنَّ الطَّعامَ والشَّرابَ يَقطَعُه ويُفسِدُه، فهكذا الآثامُ تَقطَعُ ثَوابَه، وتُفسِدُ ثَمَرتَه، فتُصيِّرُه بمَنزلةِ مَن لم يَصُمْ.
وفي الحَديثِ: حَضُّ الصَّائمِ على تَرْكِ المُنكَراتِ والمُحرَّماتِ.
وفيه: إثباتُ صِفةِ اليَدِ للهِ تعالَى على ما يَليقُ بجَلالِه.
وفيه: إثباتُ صِفةِ الكلامِ للهِ تعالَى، وأنَّه يَتكلَّمُ حيثُ يَشاءُ، ويُكلِّمُ مَن يَشاءُ بما يَشاءُ، وأنَّ كَلامَه ليس خاصًّا بالقرآنِ الكريمِ.
وفيه: أنَّ العِباداتِ تَتفاوَتُ مِن حيثُ الثَّوابُ.
وفيه: مَشروعيَّةُ القسَمِ لتَأكيدِ الكلامِ وإنْ كان السامعُ غيرَ مُنكِرٍ.
وفيه: أنَّ مَن عَبَدَ اللهَ تعالَى وطَلَبَ رِضاهُ في الدُّنيا، فنَشَأَ مِن عَمَلِه آثارٌ مَكروهةٌ في الدُّنيا؛ فإنَّها مَحبوبةٌ له تعالَى وطَيِّبةٌ عندَه؛ لكَونِها نَشَأَت عن طاعتِه واتِّباعِ مَرْضاتِه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
مسند الإمام أحمدإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ولا يؤذي أحدا فإن
مسند الإمام أحمدإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل فإن جهل
مسند الإمام أحمدإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب فإن سابه أحد
صحيح ابن خزيمةإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث فإن شاتمه أو سابه وقاتله فليقل
صحيح ابن خزيمةإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل فإن جهل عليه فليقل إني
مسند الإمام أحمدالصوم جنة وإذا كان أحدكم يوما صائما فلا يرفث ولا يجهل فإن أحد
مسند الإمام أحمدإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل فإن جهل عليه أحد
مسند الإمام أحمدإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل فإن جهل عليه فليقل
مسند الإمام أحمدإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل فإن جهل عليه أحد
مسند أحمد تحقيق شاكرأن علي بن أبي طالب شرب قائما فنظر الناس فأنكروا ذلك عليه فقال
مسند أحمد تحقيق شاكرعن مسلم سأل أبا هريرة عن الشرب قائما قال يا ابن أخي رأيت
فتح الباري لابن حجرالشرب قائما عن عمر


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Monday, December 23, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب