حديث عبد عمرو فلما كان في يوم بدر خرجت إلى جبل لأحرزه حين

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث عبدالرحمن بن عوف

«كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ كِتَابًا، بأَنْ يَحْفَظَنِي في صَاغِيَتي بمَكَّةَ، وَأَحْفَظَهُ في صَاغِيَتِهِ بالمَدِينَةِ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ قالَ: لا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِي باسْمِكَ الذي كانَ في الجَاهِلِيَّةِ، فَكَاتَبْتُهُ: عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمَّا كانَ في يَومِ بَدْرٍ، خَرَجْتُ إلى جَبَلٍ لِأُحْرِزَهُ حِينَ نَامَ النَّاسُ، فأبْصَرَهُ بلَالٌ، فَخَرَجَ حتَّى وَقَفَ علَى مَجْلِسٍ مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ: أُمَيَّة بنُ خَلَفٍ لا نَجَوْتُ إنْ نَجَا أُمَيَّةُ، فَخَرَجَ معهُ فَرِيقٌ مِنَ الأنْصَارِ في آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا، خَلَّفْتُ لهمُ ابْنَهُ لأشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَبَوْا حتَّى يَتْبَعُونَا، وَكانَ رَجُلًا ثَقِيلًا، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا، قُلتُ له: ابْرُكْ فَبَرَكَ، فألْقَيْتُ عليه نَفْسِي لأمْنَعَهُ، فَتَخَلَّلُوهُ بالسُّيُوفِ مِن تَحْتي حتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِي بسَيْفِهِ، وَكانَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذلكَ الأثَرَ في ظَهْرِ قَدَمِهِ.»

صحيح البخاري
عبدالرحمن بن عوف
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 2301 -

شرح حديث كاتبت أمية بن خلف كتابا بأن يحفظني في صاغيتي بمكة وأحفظه في


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

الوَفاءُ بالعُهودِ مِن صِفاتِ المسلمِ الحقِّ، وهذا الوَفاءُ يكونُ لكلِّ البشَرِ مُسلمِين وغيرِهم، ولكنْ يَنْبغي على المسلمِ أنْ تكونَ عُهودُه مع غَيرِ المسلمينَ لا تُخالِفُ تَعاليمَ الإسلامِ؛ حتَّى لا يَقَعَ التَّعارُضُ بيْن الأمْرينِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه كتَبَ كِتابًا لأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ -وكان مِن رُؤوسِ الشِّركِ بمكَّةَ- فجَعَلَ بيْنهما عَهْدًا بأنْ يَحفَظَ أُميَّةُ بنُ خَلَفٍ لعبْدِ الرَّحمنِ صاغِيَتَه بمكَّةَ ويَحفَظَ عبْدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ لأُمَيَّةَ صَاغِيَتَه بالمدينةِ، والصَّاغِيَةُ: المالُ أو الحاشيَةُ أو الأهلُ.
يقولُ عبدُ الرَّحمنِ: فلمَّا ذَكَرْتُ لفْظَ «الرَّحمنِ»، وكتَبْتُ اسْمي الجديدَ بعْدَ أنْ أسلَمْتُ في الكتابِ «عبْد الرَّحمنِ»، قال أُمَيَّةُ: لا أَعرِفُ «الرَّحمنَ» الَّذي جَعَلْتَ نَفسَك عبْدًا له، ولا أعبَدُ مَن تَعبُدُه، وهذه حَميَّةُ الجاهليَّةِ، وقال له: كاتِبْني بِاسْمِك الَّذي كان في الجاهليَّةِ، فكاتَبَه عبدُ الرَّحمنِ باسْمِ عَبدِ عَمرٍو، وإنَّما رَضيَ عبْدُ الرَّحمنِ بكِتابةِ اسمِه القديمِ؛ لأنَّ في ذلك مَصلحةً لإنفاذِ العقْدِ بيْنهما، وليس فيه رِضًا بالتَّعبُّدِ لغيرِ اللهِ، وهو في ذلك كما رَضيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَمحُوَ اسمَ الرَّحمنِ في صُلحِ الحُديبيةِ، وكَتَبَ «باسْمِك اللَّهُمَّ».
فلمَّا كان في يَومِ غَزوةِ بَدرٍ في السَّنةِ الثَّانيةِ مِن الهِجرةِ، والتي حارَبَ فيها مُشرِكو مكَّةَ المسلمينَ في المَدينةِ، وكان أُميَّةُ بنُ خَلَفٍ مُشرِكًا ومُشارِكًا في جَيشِ كُفَّارِ مكَّةَ؛ خرَجَ عبْدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ إلى جَبَلٍ، وذلك بعْدَ هُدوءِ المَعركةِ وانتصارِ المسلمينَ؛ ليَحفَظَ ويَحمِيَ أُميَّةَ بنَ خلَفٍ؛ لأنَّه لم يكُنْ في القَتْلى ولا في الأَسْرى، وكان خُروجُ عبْدِ الرَّحمنِ رَضيَ اللهُ عنه حِينَ نام النَّاسُ وغَفَلوا، فرَأى بِلالُ بنُ رَباحٍ رَضيَ اللهُ عنه مُؤذِّنُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ، وكان أُميَّةُ يُعذِّبُ بِلالًا بمكَّةَ لأجْلِ إسلامِه عَذابًا شديدًا، فخرَجَ بِلالٌ حتَّى وقَفَ على مَجلسٍ مِن الأنصارِ، فأعْلَمَهم بوُجودِ أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ، وأغْراهم على قتْلِه، وأمَرَهم أنْ يَلزَموه وألَّا يَترُكوه يَنْجو، وقال لهم بِلالٌ: لا نَجَوتُ إنْ نَجَا أُمَيَّةُ رَأسُ الكفْرِ، وهذا كِنايةٌ عن تَوعُّدِه له؛ إمَّا أنْ يَموتَ أُميَّةُ أو يَموتَ بِلالٌ، فخَرَجَ معه فَريقٌ منَ الأنصارِ في آثارِهما، يَقولُ عبدُ الرَّحمنِ: فلمَّا خَشِيتُ أنْ يَلحَقونا تَرَكْتُ ابنَ أُمَيَّةَ ليَشغَلَهم عن أبيه، فقَتَلُوه، ثم امْتَنَعوا عن تَرْكِهما وأصَرُّوا على اتِّباعِهما، وكان أُمَيَّةُ رجُلًا ثَقيلًا ضَخْمَ الجُثَّةِ، وهذا كِنايةٌ عن بُطْئِه، فلمَّا أدْركونَا قُلتُ له: ابْرُكْ، يُريدُ منه الاستلقاءَ والجُلوسَ، فبَرَكَ عليه عبْدُ الرَّحمنِ حتَّى غطَّاهُ بجَسَدِه ليَمنَعَه منْهم، وإنَّما فَعَلَ عبدُ الرَّحمنِ ذلك؛ للعهْد الَّذي بيْنهما، ولكنَّ بِلالًا ومَن معه رَضيَ اللهُ عنهم تَخَلَّلوه بالسُّيوفِ؛ أي: أَدخَلوا أسيافَهم خِلالَ عبْدِ الرَّحمنِ حتَّى وَصَلوا إلى أُميَّةَ وطَعَنوا بِهَا مِن تحتِ عبدِ الرَّحمنِ حتَّى قتلوا أُميَّةَ، وقدْ أصاب أحدُهم رِجلَ عبدِ الرَّحمنِ بسَيفِه، وكان عبْدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ يُري مَن يُحدِّثُهم هذا الحديثَ ذلك الأثَرَ في ظَهْرِ قَدَمِه.
قيل: إنَّما لم يَستجِبْ بِلالٌ ومَن معه لأمانِ وعَهْدِ عبدِ الرَّحمنِ رَضيَ اللهُ عنهم جَميعًا؛ لأنَّه لم يكُنْ لقُريشٍ أمانٌ يومَ بَدْرٍ، وقيل: هو مَنسوخٌ بحَديثِ ابنِ ماجهْ: «يُجيرُ على المسلمينَ أدْناهم»، ولحديثِ أمِّ هانئٍ يومَ فتْحِ مكَّةَ مِن قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «قدْ أجَرْنا مَن أجَرْتِ يا أُمَّ هانئٍ»، متَّفقٌ عليه.
وفي الحديثِ: الوَفاءُ بالعهْدِ؛ لأنَّ عبْدَ الرَّحمنِ كان صَديقًا لأُميَّةَ بمكَّةَ، فوفَّى بالعهْدِ الَّذي كان بيْنهما.
وفيه: مُجازاةُ المسلمِ للكافرِ على البِرِّ يكونُ منه للمسلمِ، والإحسانُ إليه على جَميلِ فِعلِه، والسَّعيُ له في تَخليصِه مِن القتْلِ وشِبْهِه.
وفيه: المُجازاةُ على سُوءِ الفِعلِ بمِثلِه، والانتقامُ مِن الظَّالمِ.
وفيه: أنَّ مَن أُصيبَ حِين يُدافِعُ عمَّن يَستحِقُّ العُقوبةَ أنَّه لا شَيءَ فيه.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريكاتبت أمية بن خلف فلما كان يوم بدر فذكر قتله وقتل ابنه فقال
صحيح البخاريقلت لأنس بن مالك رضي الله عنه أبلغك أن النبي صلى الله عليه
صحيح مسلمقيل لأنس بن مالك بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
صحيح مسلمحالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داره التي
صحيح البخاريقلت لأنس بن مالك أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا
البحر الزخارنهينا أن يبيع حاضر لباد
صحيح الجامعمن اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها
صحيح الجامعمن اشترى شاة مصراة فهو بخير النظرين إن شاء أمسكها وإن
صحيح مسلمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يستام الرجل على سوم
صحيح مسلمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تتلقى السلع حتى تبلغ
صحيح مسلمعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تلقي البيوع
صحيح مسلمنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الجلب


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, December 22, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب