شرح حديث إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
قِيامُ الساعةِ لا يَعلَمُ مِيقاتَه إلَّا
اللهُ عزَّ وجلَّ، ومع ذلِك قدْ جَعَلَ عَلاماتٍ على قُربِه؛ ليَحذَرَ المُسلِمُ ويَعملَ لذلك اليومِ العظيمِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُنا النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مِن عَلاماتِ قُرْبِ قيامِ السَّاعةِ أنْ يُرفَعَ العلمُ النَّافعُ المقترِنُ بالعملِ الصَّالحِ بقَبْضِ أهلِه ومَوتِهم، لا بمَحْوِه مِن الصُّدورِ، فيَتَّخِذُ النَّاسُ عندَ ذلك رُؤوسًا جُهَّالًا، يَتحمَّلون في دِينِ
اللهِ برَأيِهم، ويُفتُون بجَهْلِهم، فيَتمكَّنُ الجهلُ مِن النَّاسِ، ويَفْشُو بيْنهم، ويَنتُجُ عن ذلك زَوالُ الخَشيةِ مِن القُلوبِ، فيُشرَبُ الخَمرُ بكثرةٍ، ويُصبِحُ مُنتشِرًا ومُشتهِرًا بيْن الناسِ رَغمَ تَحريمِه؛ قال تعالَى:
{ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [
المائدة: 90 ] والخمْرُ مِن التَّخميرِ، وهو: التَّغطيةُ؛ سُمِّيتْ به لأنَّها تُغطِّي العقْلَ، فتكونُ رَأسًا لوُقوعِ العبْدِ الشاربِ في المُوبِقاتِ.
ومِن عَلاماتِ اقترابِ القِيامةِ أيضًا أنْ يَفشُوَ الزِّنا وتَنتشِرَ الفاحِشةُ، كما في رِوايةِ مُسلمٍ، فيَظهَرَ ظُهورًا واضحًا، مع أنَّ
اللهَ قدْ حرَّمَه فقال:
{ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا } [
الإسراء: 32 ].
وكأنَّ هذه الأمورَ خُصَّت بالذِّكرِ؛ لكَونِها مُشعِرةً باختلالِ الأمورِ الَّتي يَحصُلُ بحِفْظِها صَلاحُ المَعاشِ والمعادِ، وهي الدِّينُ؛ لأنَّ رفْعَ العِلمِ يُخِلُّ به، والعقلُ؛ لأنَّ شُربَ الخمرِ يُخِلُّ به، والنَّسَبُ؛ لأنَّ الزِّنا يُخِلُّ به، واختلالُ هذه الأمورِ مُؤذِنٌ بخَرابِ العالَمِ.
وفي الحديثِ: أنَّ قدَرَ
اللهِ تعالى قد سبَقَ أنْ يكونَ خَرابُ الأرضِ عَقِيبَ كَثرةِ الفسادِ فيها.
وفيه: الحثُّ على تَعلُّم العلمِ؛ فإنَّه لا يُرفَعُ إلَّا بقَبْضِ العُلماءِ.
وفيه: أنَّ الحديثَ عَلَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم