حديث ما لك يا بنية قالت الجارية دعا علي نبي الله

أحاديث نبوية | صحيح ابن حبان | حديث أنس بن مالك

«كانت عندَ أمِّ سُلَيمٍ يتيمةٌ فرآها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( أنتِ هي ؟ لقد كبِرْتِ لا كبِر سِنُّكِ ) فرجَعتِ اليتيمةُ إلى أمِّ سُلَيمٍ تبكي فقالت أمُّ سُلَيمٍ : ما لكِ يا بُنيَّةُ ؟ قالتِ الجاريةُ : دعا علَيَّ نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ألَّا يكبَرَ سِنِّي فالآنَ لا يكبَرُ سِنِّي أبدًا أو قالت : قَرْني فخرَجَتْ أمُّ سُلَيمٍ مُستعجِلةً تلُوثُ خِمارَها حتَّى لقِيَتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال لها : ( يا أمَّ سُلَيمٍ ما لكِ ) ؟ قالت : يا نَبيَّ اللهِ أدعَوْتَ على يتيمتي ؟ قال : ( وما ذاك يا أمَّ سُلَيمٍ ) ؟ قالت : زعَمَتْ أنَّك دعَوْتَ عليها ألَّا يكبَرَ سِنُّها قال : فضحِك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال : ( يا أمَّ سُلَيمٍ أمَا تعلَمينَ بشَرطي على ربِّي ؟ إنِّي اشترَطْتُ على ربِّي فقُلْتُ : إنَّما أنا بشَرٌ أرضى كما يرضى البشَرُ وأغضَبُ كما يغضَبُ البشَرُ فأيُّما أحَدٍ دعَوْتُ عليه مِن أمَّتي بدعوةٍ ليس لها بأهلٍ أنْ يجعَلَها له طَهورًا وزكاةً وقُربةً يُقرِّبُه بها منه يومَ القيامةِ ) وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رحيمًا»

صحيح ابن حبان
أنس بن مالك
ابن حبان
أخرجه في صحيحه

صحيح ابن حبان - رقم الحديث أو الصفحة: 6514 -

شرح حديث كانت عند أم سليم يتيمة فرآها رسول الله صلى الله عليه وسلم


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ يَتِيمَةٌ -وَهي أُمُّ أَنَسٍ- فَرَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ اليَتِيمَةَ، فَقالَ: آنْتِ هِيهْ؟ لقَدْ كَبِرْتِ، لا كَبِرَ سِنُّكِ.
فَرَجَعَتِ اليَتِيمَةُ إلى أُمِّ سُلَيْمٍ تَبْكِي، فَقالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: ما لَكِ يا بُنَيَّةُ؟ قالتِ الجَارِيَةُ: دَعَا عَلَيَّ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنْ لا يَكْبَرَ سِنِّي، فَالآنَ لا يَكْبَرُ سِنِّي أَبَدًا -أَوْ قالَتْ: قَرْنِي- فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا، حتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: ما لَكِ يا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ فَقالَتْ: يا نَبِيَّ اللهِ، أَدَعَوْتَ علَى يَتِيمَتي؟! قالَ: وَما ذَاكِ يا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ قالَتْ: زَعَمَتْ أنَّكَ دَعَوْتَ أَنْ لا يَكْبَرَ سِنُّهَا، وَلَا يَكْبَرَ قَرْنُهَا، قالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: يا أُمَّ سُلَيْمٍ، أَمَا تَعْلَمِينَ أنَّ شَرْطِي علَى رَبِّي، أَنِّي اشْتَرَطْتُ علَى رَبِّي فَقُلتُ: إنَّما أَنَا بَشَرٌ، أَرْضَى كما يَرْضَى البَشَرُ، وَأَغْضَبُ كما يَغْضَبُ البَشَرُ، فأيُّما أَحَدٍ دَعَوْتُ عليه مِن أُمَّتِي بدَعْوَةٍ ليسَ لَهَا بأَهْلٍ؛ أَنْ يَجْعَلَهَا له طَهُورًا وَزَكَاةً، وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بهَا منه يَومَ القِيَامَةِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : مسلم
| المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2603 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]

التخريج : أخرجه مسلم ( 2603 )



كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَحيمًا بأُمَّتِه، وكان يُلاطِفُ النَّاسَ، وخاصَّةً الصِّغارَ ويُداعِبُهم بأقوالٍ طَريفةٍ بكلِّ حُبٍّ ومَودَّةٍ، ويَدْعو لهم بالخيرِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه كانتْ عند أمِّه أمِّ سُلَيْمٍ يَتِيمةٌ تَرعاها وتَقومُ على شَأنِها، واليتيمةُ: هي الَّتي ماتَ أبُوها قبْلَ سِنِّ التَّكليفِ، فَرأى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تلك اليتيمَةَ، فقال لها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «آنتِ هِيه؟» أي: هلْ أنتِ الصَّغيرةُ الَّتي رأيْتُها أوَّلًا؟ يُبيِّنُ لها أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتذكَّرُها، «لقدْ كَبِرْتِ» وكأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان قدْ رَآها صَغيرةً ثمَّ غابَتْ عنه مُدَّةً، فرَآها قدْ كَبِرَت عن ذِي قبْلُ، ثمَّ مازَحَها بقولِه: «لا كَبِرَ سِنُّكِ»، أي: دعا عليها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِألَّا يَكبَرَ عُمْرُها، وهذه الكلمةُ خَرَجَت على عادةِ العربِ مِن الكلامِ الَّذي يَجْري على اللِّسانِ ولا يُرادُ حَقيقتُه، فَرجعَتِ اليتيمةُ إلى أمِّ سُلَيْمٍ رَضيَ اللهُ عنها تَبكي؛ حُزنًا لِما سَمِعَتْه مِن دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لأنَّها حَسِبَت أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَعا عليها، فَسَألتْها أمُّ سُليمٍ رَضيَ اللهُ عنها عن سَببِ بُكائِها، ونادَتْها بقولِها: «يا بُنيَّةً» شَفقةً لحالِها ورَحمةً لبُكائِها، فأَجابتْها الجاريةُ بأنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَعا عليها ألَّا يَكبُرَ سِنُّها، «فالآنَ لا يكبرُ سِنِّي أبدًا»؛ لأنَّ دُعاءَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُستجابٌ، أو قالتْ «قرْنِي»، والسِّنُّ والقَرْنُ بمعنًى واحدٍ، فخرجَتْ أمُّ سُليمٍ رَضيَ اللهُ عنها مُستعجِلَةً في الذَّهابِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهي «تَلُوثُ خمارَها»، أي: تَلفُّه وتُديرُه على رأسِها وعُنقِها، حتَّى لَقيَتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا رَآها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَألها عن سَببِ ذلك واستعجالِها، فقالتْ: «يا نبيَّ اللهِ، أَدعوتَ على يتيمتي؟!» تَستفسِرُ منه عن حَقيقةِ تلك الدَّعوةِ وما سَببُها، فقال لها: «وما ذاك يا أمَّ سُليمٍ؟» أي: وما سَببُ ذاكَ السُّؤالِ الَّذي سَألْتِنِيه عنه؟ فأخبَرَتْه بأمرِ الجاريةِ وبُكائِها، فَضحِكَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن خَوفِ أُمِّ سُلَيمٍ مِن قَبولِ دُعائهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على يَتيمتِها، ثُمَّ قال: «يا أُمَّ سُلَيمٍ، أمَا تَعلَمِينَ أنَّ شَرطِي على ربِّي» أي: ما طَلَبْتُه مِن ربِّي وما دعَوْتُ به، فأجابَ دُعائي، فكأنَّما وَقَع بيْني وبيْنَ ربِّي شَرطٌ قَبِلَه وَوافَقَ عليه؛ لأنَّ اللهَ تَعالَى لا يُشترَطُ عليه شَرطٌ، ولا يَجِبُ عليه لأحدٍ حقٌّ، بلْ ذلك كلُّه بمُقْتضى فَضلِه وكَرمِه، وقدْ وَرَد في حَديثٍ عندَ مُسْلمٍ ما يُؤكِّدُ هذا المعنى؛ حيث قال: «اللَّهُمَّ إنِّي أتِّخِذُ عِندكَ عهدًا لنْ تُخلَفَنِيه»، ثمَّ بيَّن تلك المشارَطةَ بقولِه: «أنِّي اشترطْتُ على ربِّي، فقُلتُ: إنَّما أنا بشرٌ أرضَى» أي: يقَعُ منه الفرحُ كفَرحِ البشَرِ، «وأغضَبُ» أي: يَقَعُ منه الغضَبُ كما يقَعُ مِن البشَرِ «فَأيُّما أحدٍ دَعوتُ عليه مِن أُمَّتي بِدعوةٍ ليس لها بِأهلٍ» أي: ليْس بمُستحِقٍّ لها، «أنْ تَجعَلَها له طَهورًا» مِن خَطاياهُ وذُنوبِه، «وزكاةً» أي: ويُبدِلُه بها حَسناتٍ وأجْرًا، «وقُربةً يُقرِّبُه بها منه» أي: يَزيدُ لها في الدَّرَجاتِ؛ وذلك في يومِ القيامةِ.

والمعنى: أنَّ ما وقَعَ مِن سبِّه ودُعائِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أحدٍ ونحوِه ليس بِمقصودٍ، بل هو مِمَّا جرَتْ به العادةُ، فخافَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُصادفَ شيءٌ مِن ذلك إجابةً، فسألَ ربَّه سُبحانه ورَغِبَ إليه في أنْ يجعلَ ذلك رحمةً وكفَّارةً وقُربةً وطَهورًا وأجرًا، وإنَّما كان يقعُ هذا منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نادرًا؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يكنْ فاحشًا ولا لعَّانًا.
وفي الحديثِ: رحمةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِمنْ دعا عليه مِنَ المسلِمِينَ.
وفيه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ بَشرًا خِلافَ ما يَدَّعيه الْمُبطِلونَ.
وفيه: بَيانُ الرَّحمةِ والشَّفقةِ باليَتامى، والحُنوِّ عليهم، والسَّعيِ لإزالةِ ما يُحزِنُهم.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح الجامعيا أم سليم أما تعلمين إني اشترطت على ربي فقلت إنما
صحيح أسباب النزولقال أبو جهل لئن رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله
صحيح الجامعلو دنا مني لخطفته الملائكة عضوا عضوا يعني أبا جهل
صحيح البخاريقال أبو جهل لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه فبلغ
صحيح مسلماطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال ما تذاكرون قالوا
صحيح ابن ماجهاطلع علينا النبي صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر الساعة فقال
صحيح ابن حبانبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة ونحن تحتها إذ أشرف
صحيح ابن حبانأشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر فقال
صحيح ابن ماجهاطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر الساعة فقال
صحيح ابن ماجهذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال الغداة فخفض فيه ورفع حتى
صحيح الترمذيذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه
صحيح أبي داودذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال إن يخرج وأنا فيكم


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, July 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب