شرح حديث قال رجل من بني الهجيم لابن عباس ما هذا الفتيا التي قد
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
التَّمتُّعُ في الحجِّ هو أنْ يُحرِمَ بالعُمْرةِ في أيَّامِ الحَجِّ، ثُمَّ يَحِلَّ منها، ثمَّ يُحرِمَ بالحَجِّ مِن عامِه، فإذا قدِمَ مكَّةَ في أشهُرِ الحجِّ واعتَمَرَ وانْتَهى مِن عُمرتِه، فله أنْ يَتحلَّلَ مِن إحْرامِه، ويَتمتَّعَ بكلِّ ما هو حَلالٌ حتَّى تَبدأَ مَناسِكُ الحجِّ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ أبو حسَّانَ الأعْرَجُ أنَّ رَجلًا مِن بَني الهُجَيمِ -وهي بَطنٌ من قَبيلةِ تَميمٍ- قال لعَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: «ما هَذه الفُتْيا الَّتي قد تَشغَّفتْ -أو تَشغَّبتْ- بالنَّاسِ» «تَشغَّفَت»، أي: حلَّتْ شَغافَ قُلوبِ النَّاسِ فشَغَلَتْهم، و"تَشغَّبتْ" بمَعنى: خَلطَتْ عَليهِم أمْرَهُم، وهذه الفَتْوى هي: أنَّ مَن طَافَ بالبَيْتِ فقَدْ حَلَّ؟ وظاهرُ الفُتْيا أنَّه رَضيَ اللهُ عنه كان يأمُرُ بالتَّمتُّعِ في الحجِّ، وكان عُمَرُ وعُثمانُ رَضيَ اللهُ عنهما في خِلافتِهما وبعضُ الصَّحابةِ يَنهَوْنَ عنها، ويَأْمُرونَ النَّاسَ بالإفْرادِ بالحجِّ، فبيَّنَ لهمُ ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ مَن طافَ بالبَيتِ وسَعى بينَ الصَّفا والمَرْوةِ؛ فإنَّه قد حَلَّ بالحَلقِ أو التَّقْصيرِ، وفسَخَ حَجَّتَه إلى عُمرةٍ، وذلك لمَن لم يَسُقِ الهَديَ، وأمَّا مَن ساقَ الهَديَ؛ فإنَّه يَبْقى على إحْرامِه حتَّى يُتمَّ باقيَ مَناسِكِ الحجِّ، وقولُه رَضيَ اللهُ عنه: «سُنَّةُ نَبِيِّكُم صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ»، أي: أنَّ ما أمَرَهم به ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما هو ما قرَّرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحابِه في حَجَّةِ الوَداعِ، وبَقيَ العَملُ به من بَعدِه، ولم يُذكَرْ فيه نَسخٌ للحُكمِ أو تَخْصيصٌ لهم في هذا الوقتِ، ومَعلومٌ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إنَّما أمَرَهم أنْ يَتحلَّلوا بالطَّوافِ والسَّعيِ، والحَلقِ، أو التَّقْصيرِ، وكان ذلك على رأْسِ المَرْوةِ، كما هو مُصرَّحٌ به في حَديثِ جابرٍ رَضيَ اللهُ عنه عندَ مُسلمٍ، وقولُه: «وإِن رَغِمْتُم»، أي: ذَللْتُم وانقَدْتُم عَلى كُرهٍ.
وقد حمَلَ البعضُ قولَ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما هنا أنَّ مُرادَه بالإحْلالِ هو أنْ يَحِلَّ من إحْرامِه عَقِبَ طوافِ القُدومِ، وقدِ استُبعِدَ هذا الاحْتمالُ؛ لأنَّه مخالِفٌ لفِعلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما ثبَتَ عنه، وأيضًا مخالِفٌ لمَا ذهَبَ إليه جمهورُ العُلماءِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم