قَامَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ في الثَّوْبِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: أوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ، فَقَالَ: إذَا وسَّعَ اللَّهُ فأوْسِعُوا، جَمع رَجُلٌ عليه ثِيَابَهُ، صَلَّى رَجُلٌ في إزَارٍ ورِدَاءٍ، في إزَارٍ، وقَمِيصٍ في إزَارٍ وقَبَاءٍ، في سَرَاوِيلَ ورِدَاءٍ، في سَرَاوِيلَ وقَمِيصٍ، في سَرَاوِيلَ وقَبَاءٍ، في تُبَّانٍ وقَبَاءٍ، في تُبَّانٍ وقَمِيصٍ، قَالَ: وأَحْسِبُهُ قَالَ: في تُبَّانٍ ورِدَاءٍ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 365 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
التخريج : أخرجه البخاري ( 365 ) واللفظ له، ومسلم ( 515 )
الصَّلاةُ عِبادةٌ رُوحيَّةٌ،
وفيها يقِفُ العبدُ بيْن يَدَيْ ربِّه، ويَنبَغي أنْ يَستُرَ جَسَدَه وعَوْرتَه، وأنْ يكونَ بهَيْئةٍ تَليقُ بجَلالِ
اللهِ سُبحانَه، وقد بيَّنَ النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَجوزُ في الصَّلاةِ وما لا يَجوزُ.
وفي هذا الحديثِ يخبِرُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّ رجُلًا قامَ إلى النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ فسألَه عن حُكمِ الصَّلاةِ في الثَّوبِ الواحدِ؛ هل هي جائزةٌ وصحيحةٌ أمْ لا؟ فأجابَه النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بجَوابٍ يَتضمَّنُ الجوابَ والفَتْوى، فقال: «
أوَكُلُّكم يَجِدُ ثَوبَينِ؟!»، وهو استِفهامٌ إنكاريٌّ، معناه: أنَّه إذا لم يكُنْ لكلِّ شخصٍ منكم ثَوبانِ، والصلاةُ واجبةٌ؛ فإنَّها تصِحُّ في الثَّوبِ الواحدِ ما دام ساترًا للعورةِ؛ لأنَّ هذا الدِّينَ يُسرٌ، ولا يُكلِّفُ
اللهُ نفْسًا إلَّا وُسْعَها.ثمَّ سَأل رجُلٌ عُمرَ عن الصَّلاةِ في الثَّوبِ الواحدِ، وذلك في فَترةِ خِلافةِ عُمرَ رَضيَ
اللهُ عنه، وكأنَّهم اختلَفوا في ذلك فسَألوا عنه الخليفةَ، فقال: «
إذا وسَّعَ اللهُ فأَوْسِعوا»، وهو حثٌّ على إظهارِ نعمةِ
الله عزَّ وجلَّ، وهذا دليلٌ على أنَّ الثَّوبَ الواحدَ كافٍ، وأنَّ الزِّيادةَ استِحسانٌ، ثمَّ قال عُمرُ: «
جَمَع رجُلٌ عليه ثِيابَه، صَلَّى رجُلٌ في إزارٍ ورداءٍ...
إلخ»، يعني: لِيَجْمَعْ عليه ثِيابَه ولْيُصَلِّ فيها، فلْيُصَلِّ الرجُلُ في إزارٍ ورداءٍ، والإزارُ هو الثَّوبُ الَّذي يَستُرُ الجزءَ السُّفليَّ مِن الجسدِ، والرِّداءُ يكونُ للنِّصفِ الأعْلى.
أو في إزارٍ وقَميصٍ، وهو اسمٌ لِمَا يُلبَسُ مِن المَخِيطِ الَّذي له أكمامٌ وجيوبٌ، يُلبَسُ ويُنتزَعُ مِن الرَّأسِ، وهو كالثَّوبِ الذي يَلْبَسُه الناسُ اليَومَ.
أو في إزارٍ وقَباءٍ، والقَبَاءُ ثوبٌ ضيِّقُ الكُمَّينِ والوسطِ، مَشقوقٌ مِن خَلْف.
أو في سَراويلَ ورداءٍ، أو في سَراويلَ وقميصٍ، أو في سراويلَ وقَباءٍ، أو في تُبَّانٍ وقَباءٍ، أو في تُبَّانٍ وقميصٍ، والسِّروالُ لِباسٌ يُغطِّي الجسمَ مِن السُّرَّةِ إلى الرُّكبتَينِ أو إلى القدَمَينِ، والتُّبانُ على هيئةِ السَّراويلِ؛ إلَّا أنَّه ليس له رِجْلانِ، وهو يَستُرُ العَورةَ المغلَّظةَ فقط.
وقد ذَكَر هذه الصُّورَ التِّسعَ بغيرِ حرْفِ العَطفِ؛ لأنَّه أَخرَج هذا على سَبيلِ التَّعدادِ؛ فلا حاجةَ إلى ذِكرِ حرفِ العَطفِ، أو على اعتِبارِ أنَّه كَلَامٌ في معنى الشَّرْطِ، كأنَّه قال: إنْ جمَعَ رجُلٌ عليه ثيابَه فحَسَنٌ، ثمَّ فصَّل الجَمعَ بصُوَرٍ على البَدَليَّةِ.
وفي الحديثِ: دليلٌ على أنَّ الصَّلاةَ في الثَّوبَينِ أفْضلُ وإنْ كانتْ تجوزُ في الثَّوبِ الواحدِ.
وفيه: بيانُ التَّيسيرِ في هَيئةِ الثَّوبِ في الصَّلاةِ، وأنَّها تَكونُ على قدرِ استِطاعةِ المَرءِ من غيرِ إخلالٍ بما يَستُرُ العَورةَ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم