حديث والله ما أدري ما أقول لك إلا أنا كنا مع النبي صلى

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث عبدالله بن مسعود

«لقَدْ أتَانِي اليومَ رَجُلٌ، فَسَأَلَنِي عن أمْرٍ ما دَرَيْتُ ما أرُدُّ عليه، فَقالَ: أرَأَيْتَ رَجُلًا مُؤْدِيًا نَشِيطًا، يَخْرُجُ مع أُمَرَائِنَا في المَغَازِي، فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا في أشْيَاءَ لا نُحْصِيهَا؟ فَقُلتُ له: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لَكَ! إلَّا أنَّا كُنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَعَسَى أنْ لا يَعْزِمَ عَلَيْنَا في أمْرٍ إلَّا مَرَّةً حتَّى نَفْعَلَهُ، وإنَّ أحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بخَيْرٍ ما اتَّقَى اللَّهَ، وإذَا شَكَّ في نَفْسِهِ شيءٌ سَأَلَ رَجُلًا، فَشَفَاهُ منه، وأَوْشَكَ أنْ لا تَجِدُوهُ، والذي لا إلَهَ إلَّا هو، ما أذْكُرُ ما غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إلَّا كَالثَّغْبِ؛ شُرِبَ صَفْوُهُ، وبَقِيَ كَدَرُهُ.»

صحيح البخاري
عبدالله بن مسعود
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 2964 -

شرح حديث لقد أتاني اليوم رجل فسألني عن أمر ما دريت ما أرد عليه


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

لُزومُ النَّاسِ طاعةَ الإمامِ أو مَن يُنِيبُهمُ الإمامُ، مِن أهَمِّ الأُمورِ التي يَصلُحُ بها أمْرُ الدِّينِ والدُّنيا، وتَنعَقِدُ به جَماعةُ المُسلِمينَ، ولا تَنفَرِطُ وَحدَتُهم، وقد بَيَّنَ الشَّرعُ الحُدودَ الفارِقةَ التي تُحدِّدُ ما يَنبَغي فيه طاعةُ الإمامِ، وما لا يَنبَغي.

وفي هذا الحَديثِ يَروي عَبدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ سائِلًا أتَاه، فسَأَلَه عن أمْرٍ لم يَدْرِ ابنُ مَسعودٍ كيف يَرُدُّ عليه فيه! وذلك أنَّ الرَّجُلَ قد سَأَلَه: «أرَأَيتَ رَجُلًا مُؤْدِيًا نَشيطًا»، أيْ: أخْبِرْني عن رجُلٍ يَخِفُّ ويُسرِعُ لِلأمْرِ الذي يُريدُ فِعلَه، وقَولُه: «مُؤْدِيًا» أي: قويًّا، أو كامِلَ أداةِ الحَربِ، فيَخرُجُ مع الأُمَراءِ لِلغَزوِ والجِهادِ، «فيَعزِمُ علينا في أشياءَ لا نُحصيها»، يَعني: يُشَدِّدُ علينا الأميرُ في أشياءَ لا نُطيقُها، أو لا نَدْري أطاعةٌ هي أمْ مَعصيةٌ؟ أيَجِبُ على هذا الرَّجُلِ طاعةُ الأميرِ أمْ لا؟
فقال له ابنُ مَسعودٍ: «واللهِ ما أدْري ما أقولُ لكَ!» قيلَ: سَبَبُ تَوَقُّفِ ابنِ مَسعودٍ عنِ الفُتْيا في أوَّلِ أمْرِه: أنَّ الإمامَ إذا عَيَّنَ طائِفةً لِلجِهادِ أو لِغيرِه مِنَ المُهِمَّاتِ تَعَيَّنوا، وصارَ ذلك فَرْضَ عَينٍ عليهم، فلوِ استَفْتَى أحَدُهم عليه وادَّعى أنَّه كَلَّفَه ما لا طاقةَ له به بالتَّشَهِّي، أشكَلَتِ الفُتيا حِينَئذٍ؛ لأنَّه إنْ قيلَ بوُجوبِ طاعةِ الإمامِ، فإنَّه يُعارَضُ ذلك بفَسادِ الزَّمانِ، وإنْ قيلَ بجَوازِ المُعارِضِ والامتِناعِ، فقدْ يُفضي ذلك إلى الفِتنةِ؛ فالصَّوابُ التَّوقُّفُ، لكِنَّ الظَّاهِرَ أنَّ ابنَ مَسعودٍ بعْدَ أنْ تَوَقَّفَ، أفتاهُ بوُجوبِ الطَّاعةِ، بشَرطِ أنْ يَكونَ المَأمورُ به مُوافِقًا لِلتَّقوى، كما عُلِمَ ذلك مِن قَولِه، فقال رَضيَ اللهُ عنه: «إلَّا أنَّا كُنَّا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فعَسَى ألَّا يَعزِمَ علينا في أمْرٍ إلَّا مَرَّةً حتَّى نَفعَلَه»، وهذا كِنايةٌ عمَّا كان عليه الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم مِن سُرعةِ الاستِجابةِ لِأمْرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فإذا أمَرَهم بالأمْرِ وأكَّدَه عليهم، فإنَّهم مِن أوَّلِ مَرَّةٍ يُنَفِّذونَ الأمْرَ.
وبهذا تَحَرَّى عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ في الفَتوَى، فأجابَه بوُجوبِ طاعةِ الإمامِ، بشَرطِ أنْ يَكونَ المَأمورُ به مُوافِقًا لِتَقوَى اللهِ تعالَى؛ فلا يُفتي برُخصةٍ في مَوضِعِ عَزيمةٍ، أو عَزيمةٍ في مَوضِعِ رُخصةٍ، واللهُ تعالَى يَقولُ: { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } [ البقرة: 286 ].
ثمَّ أوضَحَ له أنَّ الإنسانَ لنْ يَزالَ بخَيرٍ ما اتَّقَى اللهَ تعالَى، «وإذا شَكَّ في نَفْسِه شَيءٌ»، أي: ترَدَّدَ فيه أجائِزٌ أمْ لا؟ سَأَلَ رَجُلًا عالِمًا لِيُجيبَه، فشَفاهُ مِن شَكِّه بإجابةٍ واضِحةٍ بالحَقِّ، وهذا نُصحٌ ألَّا يُقدِمَ الإنسانُ على ما يَشُكُّ فيه حتَّى يَسأَلَ عنه مَن عِندَه عِلمٌ.
وقد تَحَسَّرَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ رَضيَ اللهُ عنه على أنَّ النَّاسَ أوشَكوا أنْ يَفقِدوا العِلمَ بفَقْدِ العُلَماءِ؛ لِتَغيُّرِ الزَّمانِ وبُعدِه عن زَمانِ النُّبُوَّةِ، فلا يَجِدُ النَّاسُ مَن يُفْتي بالحَقِّ ويَشْفي القُلوبَ مِنَ الشُّبُهاتِ والشُّكوكِ، حتَّى قال عَبدُ اللهِ مُتَحَسِّرًا: «وأوْشَكَ ألَّا تَجِدوُه، والذي لا إلهَ إلَّا هو، ما أذْكُرُ ما غَبَرَ مِنَ الدُّنيا إلَّا كالثَّغْبِ»، وهو: الماءُ المُستَنقَعُ في المَوضِعِ المُنخَفِضِ، «شُرِبَ صَفْوُه، وبَقيَ كَدَرُه»؛ شَبَّهَ ما بَقيَ مِنَ الدُّنيا بماءٍ ذَهَبَ الصَّالِحُ والصافي منه، وبَقيَ السَّيِّئُ منه والمُختَلِطُ بالشَّوائبِ والقَاذوراتِ.
وفي الحَديثِ: التَّوقُّفُ في الإفتاءِ فيما أشكَلَ مِنَ الأمْرِ.
وفيه: أنَّه يَنبَغي لِأمُراءِ الجَيشِ ألَّا يُكثِروا على المُجاهِدينَ، فيُعَرِّضوهم لبَعضِ المُخالَفةِ، بلْ لِيُخَفِّفوا عنهم ما استَطاعوا، ولِيُشاوِروهم في الأُمورِ، ويُعَرِّفوهم مَطالِعَ الأحوالِ التي عليها تُبْنى وُجوهُ التَّدبيرِ لِلحَربِ.
وفيه: أنَّ الإنسانَ إذا شَكَّ في شَيءٍ لم يُنْفِذْ فيه حُكمًا على شَكٍّ، بلْ يَسأَلُ عنه ويَبحَثُ، ويَستَضيءُ بنُورِ العِلمِ مِن أهلِه إنْ وُجِدوا، وإلَّا عَمِلَ فيه على أُصولِ الشَّرعِ، وقاسَ واجتَهَدَ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريقام فينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره قال
صحيح البخاريلما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال يا بني إنه
صحيح البخاريكنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه
صحيح البخاريكنت جالسا مع جابر بن زيد وعمرو بن أوس فحدثهما بجالة سنة سبعين
صحيح البخاريأتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من
صحيح البخاريأرسلني أسامة إلى علي وقال إنه سيسألك الآن فيقول ما خلف صاحبك فقل
صحيح البخاريعن حذيفة بن اليمان قال إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي
صحيح البخاريإنما كان النفاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأما اليوم فإنما
صحيح البخاريكان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النبي صلى الله عليه
صحيح البخاريقال أناس لابن عمر إنا ندخل على سلطاننا فنقول لهم خلاف ما نتكلم
صحيح البخاريأنه سمع خطبة عمر الآخرة حين جلس على المنبر وذلك الغد من يوم
صحيح البخاريعن أبي بكر رضي الله عنه قال لوفد بزاخة تتبعون أذناب الإبل حتى


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, July 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب