حديث من يبسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه فلن ينسى شيئا سمعه

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث أبو هريرة

«إنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واللَّهُ المَوْعِدُ إنِّي كُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا، ألْزَمُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى مِلْءِ بَطْنِي، وكانَ المُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بالأسْوَاقِ، وكَانَتِ الأنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ القِيَامُ علَى أمْوَالِهِمْ، فَشَهِدْتُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ، وقالَ: مَن يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حتَّى أقْضِيَ مَقالتِي، ثُمَّ يَقْبِضْهُ، فَلَنْ يَنْسَى شيئًا سَمِعَهُ مِنِّي فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيَّ، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بالحَقِّ ما نَسِيتُ شيئًا سَمِعْتُهُ منه.»

صحيح البخاري
أبو هريرة
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 7354 -

شرح حديث إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث على رسول الله صلى الله


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

يقولونَ: إنَّ أبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ، واللَّهُ المَوْعِدُ، ويقولونَ: ما لِلْمُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ لا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أحَادِيثِهِ؟ وإنَّ إخْوَتي مِنَ المُهَاجِرِينَ كانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بالأسْوَاقِ، وإنَّ إخْوَتي مِنَ الأنْصَارِ كانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أمْوَالِهِمْ، وكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا، ألْزَمُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى مِلْءِ بَطْنِي، فأحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ، وقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَوْمًا: لَنْ يَبْسُطَ أحَدٌ مِنكُم ثَوْبَهُ حتَّى أقْضِيَ مَقالتي هذِه، ثُمَّ يَجْمَعَهُ إلى صَدْرِهِ، فَيَنْسَى مِن مَقالتي شيئًا أبَدًا.
فَبَسَطْتُ نَمِرَةً ليسَ عَلَيَّ ثَوْبٌ غَيْرُهَا، حتَّى قَضَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ، ثُمَّ جَمَعْتُهَا إلى صَدْرِي، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بالحَقِّ، ما نَسِيتُ مِن مَقالتِهِ تِلكَ إلى يَومِي هذا، واللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ في كِتَابِ اللَّهِ، ما حَدَّثْتُكُمْ شيئًا أبَدًا: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى } [ البقرة: 159 ] إلى قَوْلِهِ { الرَّحِيمُ } [ البقرة: 160 ].
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2350 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]

التخريج : أخرجه البخاري ( 2350 ) واللفظ له، ومسلم ( 2492 )



نَقْلُ السُّنةِ النَّبويَّةِ والتَّحديثُ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ أمْرٌ جَليلٌ ومَسؤوليةٌ خَطيرةٌ، وقد كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يَتحرَّون الدِّقَّةَ والتَّثبُّتَ في تلك المَرْويَّاتِ، وكان منهم المُكثِرُ والمُقِلُّ في الرِّوايةِ، كلٌّ حَسْبَ الوقتِ الَّذي صاحَبَ فيه رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وما تَحمَّلَ منه.
وفي هذا الحديثِ يَدفَعُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه عن نفْسِه شُبهةً أُثيرتْ حَولَ إكثارِهِ مِن الرِّوايةِ عنْ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَذكُرُ أسبابَ إكثارِه مِن الرِّوايةِ، فيَذكُرُ أوَّلًا أنَّ النَّاسَ يَقولونَ: إنَّ أبَا هُرَيرةَ يُكثِرُ الحَدِيثَ، قال: واللهُ المَوعِدُ، أي: فيُحاسِبُني إنْ تَعمَّدتُ كَذِبًا، ويُحاسِبُ مَن ظنَّ بي السُّوءَ.
ويَسوقُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه ما يُقالُ عنه مِن أنَّ المُهاجِرين والأنصارَ لا يُحدِّثونَ مِثلَ أحادِيثهِ! فيُبيِّنُ أنَّ إخوانَه مِن المهاجرينَ والأنصارِ شُغِلوا ولم يُشغَلْ، ويَذكُرُ سَببَ شُغلِهم؛ فبيَّنَ أنَّ المُهاجِرينَ شُغِلوا بالصَّفْقِ بالأسْواقِ، و«الصَّفْقُ»: ضَرْبُ اليدِ على اليدِ، والمرادُ: التِّجارةُ، وأُطلِقَ عليها لاعتِيادِهم فِعلَه عندَ عَقدِ البَيعِ، وأنَّ سَببَ شُغلِ الأنصارِ هو العَملُ في أموالِهمْ، أي: مَزارِعهِمْ.
وكانَ حالُ أبي هُريرةَ رضيَ اللهُ عنه غيرَ ذلك؛ رَجلٌ مِسكينٌ لا تِجارةَ له، وليسَ عِندَهُ أموالٌ تَشْغَلُه، وكانَ مُلازِمًا لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على مِلْءِ بَطْنهِ، أي: مُكتَفيًا بالقُوتِ والشِّبَعِ، فلمْ تكُنْ لهُ غِيبةٌ عنه، ووَعْيُه حاضِرٌ دونَ غيرِه؛ لعدَمِ اشتِغالِ فِكرِهِ بأعمالِ الدُّنيا كما وقَعَ لأصحابِه، ففَراغُ أبي هُرَيرةَ وطُولُ مُلازَمتِه لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ كانَا سَببًا في كَثرةِ حِفظِه للحديثِ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
ثمَّ يُخبِرُ أَبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ هناكَ أمرًا آخَرَ ساعَدَ على كَثرةِ الحديثِ عِندَه؛ وهوَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ يَومًا: «لنْ يَبسُطَ أحدٌ مِنكمْ ثَوبَه حتَّى أَقضِيَ مَقالتي هذِه، ثمَّ يَجمَعَهُ إلى صَدرِهِ، فيَنسى مِن مَقالتي شَيئًا أبدًا»، فاستجابَ أَبو هُريرةَ لقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فبَسَطَ نَمِرَتَه التي لم يَكنْ عليه غيرُها على الحالةِ التي أشارَ إليها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، و«النَّمِرَةُ»: كِساءٌ مُلوَّنٌ، أو مُخطَّطٌ، فلمَّا قَضى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَه، جَمَع أبو هُرَيرةَ النَّمِرةَ إلى صَدْرِه، فيُخبِرُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه مَا نَسِيَ بعْدَ ذلك مَقالةً ولا حَديثًا مِمَّا قالَه النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك الموضِعِ.
ولمسلمٍ: «فما نَسِيتُ بعْدَ ذلك اليومِ شَيئًا حَدَّثَني به»، وفي البُخاريِّ: «ما نَسِيتُ شَيئًا سَمِعْتُه منه»، وهذا يدُلُّ على العُمومِ؛ لأنَّ تَنكيرَ «شيئًا» بعْدَ النَّفيِ يدُلُّ على العمومِ، فدلَّ على العمومِ في عدَمِ النِّسيانِ لكلِّ شَيءٍ مِن الحديثِ وغيرِه، لا أنَّه خاصٌّ بتلك المَقالةِ، كما يُعطِيه ظاهرُ قولِه: «مِن مَقالَتِه تلك»، ويُعضِّدُ العُمومَ ما في حَديثِ أبي هُرَيرةَ أنَّه شَكا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه يَنْسى ففَعَلَ ما فَعَلَ ليَزولَ عنه النِّسيانُ، ويَحتمِلُ أنْ يَكونا وَقْعتَين.

ثمَّ يُخبِرُ أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ السَّببَ الَّذي يَحمِلُه على التَّحديثِ والرِّوايةِ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ آيتانِ في كِتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، تُحذِّرانِ مِن كِتمانِ العِلمِ، ولَولاهما ما حدَّثَ بِشَيءٍ، وهما: قولُه تعالَى: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [ البقرة: 159-160 ]، وفي هذا وَعيدٌ شَديدٌ لمَن كَتَمَ ما جاءتْ به الرُّسلُ مِن الدَّلالاتِ البيِّنةِ الصَّحيحةِ والهُدى النَّافعِ للقُلوبِ، مِن بعْدِ ما بيَّنَه اللهُ تعالَى لعِبادِه في كُتبِه التي أنْزَلَها على رُسلِه صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عليهم أجْمَعين.
وفي الحديثِ: مُعجِزةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ودَلالةٌ مِن دَلائلِ نُبوَّتِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيهِ: الحِرصُ على التَّعلُّمِ وإيثارِ طلَبِهِ على طلَبِ المالِ.
وفيه: فَضيلةٌ ظاهرةٌ لأبي هُرَيرَةَ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: ذِكرُ الإنسانِ مَحاسِنَه ليَرُدَّ الشُّبهةَ عن نفْسِه، وليس مِن بابِ التَّزكيةِ.
وفيه: عَمَلُ كِبارِ الصَّحابةِ بالتِّجارةِ والتَّكَسُّبِ لمَعاشِهم.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
المعجم الأوسطأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها
المعجم الأوسطأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها
صحيح النسائيأن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فصلينا عندها الغداة بغلس
صحيح مسلملما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر قال إنا إذا نزلنا
صحيح مسلمصارت صفية لدحية في مقسمه وجعلوا يمدحونها عند رسول الله صلى الله عليه
صحيح البخاريكان في السبي صفية فصارت الى دحية الكلبي ثم صارت الى النبي صلى
صحيح البخاريسبى النبي صلى الله عليه وسلم صفية فأعتقها وتزوجها فقال ثابت لأنس ما
صحيح البخاريقدمنا خيبر فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي
صحيح البخاريأقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاثا يبنى عليه بصفية
صحيح البخاريأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها
صحيح البخاريأقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاثا يبنى عليه بصفية
صحيح البخاريأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها وجعل عتقها صداقها


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, July 20, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب