شرح حديث قال عروة بن الزبير لعائشة ألم تري إلى فلانة بنت الحكم طلقها
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
قالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ لِعائِشَةَ: ألَمْ تَرَيْ إلى فُلانَةَ بنْتِ الحَكَمِ، طَلَّقَها زَوْجُها البَتَّةَ فَخَرَجَتْ؟! فقالَتْ: بئْسَ ما صَنَعَتْ، قالَ: ألَمْ تَسْمَعِي في قَوْلِ فاطِمَةَ؟ قالَتْ: أمَا إنَّه ليسَ لها خَيْرٌ في ذِكْرِ هذا الحَديثِ.
[ وفي رواية ]: عابَتْ عائِشَةُ أشَدَّ العَيْبِ، وقالَتْ: إنَّ فاطِمَةَ كانَتْ في مَكانٍ وَحْشٍ، فَخِيفَ علَى ناحِيَتِها، فَلِذلكَ أرْخَصَ لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 5325 | خلاصة حكم المحدث : [ معلق ]
التخريج : أخرجه موصولا مسلم ( 1481 ) باختلاف يسير
حَدَّد الشَّرعُ الكريمُ أحكامَ الأُسرةِ في الزَّواجِ والطَّلاقِ والعِدَّةِ، وما يترتَّبُ على ذلك كُلِّه من الحقوقِ والواجِباتِ على كُلِّ الأطرافٍ، واستقَرَّ الأمرُ بما وضَّحه القرآنُ وبيَّنَتْه السُّنَّةُ النبويَّةُ، ولا ينبغي لأحدٍ أن يغَيِّرَ فيها باجتهادِه مع وجودِ النُّصوصِ القاطِعةِ الواضِحةِ.
وفي هذا الحَديثِ يروي التابعيُّ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّه قال لخالته عائشةَ أمِّ المؤمنين رَضِيَ
اللهُ عنها: «
ألَمْ تَرَيْ إلى فُلانَةَ بنْتِ الحَكَمِ، طَلَّقَها زَوْجُها البَتَّةَ»،
أي: ثَلاثَ تطليقاتٍ، فحَرُمتْ عليه، وأَصْبَحتْ بائنةً مِنْه، فَخَرَجَتْ؟! وقد كان يَحْيَى بنُ سَعِيدِ بنِ العَاصِ طَلَّق زَوجَتَه عَمْرَةَ بِنْتَ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ طلاقًا بائِنًا، فأَخْرَجَها والدُها عَبدُ الرَّحمنِ مِن مَنزِلِ زَوْجِها، فأنْكَرَت عائشةُ رضِيَ
اللهُ عنها خُروجَها مِن بَيتِ زَوجِها قبْلَ أنْ تَنتهِيَ عِدَّتُها، وقالت: «
بئْسَ ما صَنَعَتْ» فهو عَمَلٌ مذمومٌ، فقيل لعائشةَ رضِيَ
اللهُ عنها: ألَمْ تَسْمَعِي ما أخبَرَت به فَاطِمَةُ بنتُ قَيْسٍ عن النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم: أنَّ المُطلَّقةَ البائنَ لا نَفَقةَ لها، وأنَّها يجوزُ لها أن تخرُجَ من بيتِ زَوجِها وتعتَدَّ في بيتٍ غيرِه، فَعابَتْ عَائِشَةُ رضِيَ
اللهُ عنها أشدَّ العيبِ هذا القولَ؛ لأنَّه مُخالِفٌ في رَأيِها لقولِه تعالَى:
{ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } [
الطلاق: 1 ]، وبيَّنتْ عَائِشَةُ رضِيَ
اللهُ عنها أنَّ سَببَ تَرْخيصِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم لفَاطِمَةَ بِنتِ قَيْسٍ رضِيَ
اللهُ عنها في عدَمِ البَقاءِ في بَيتِ الزَّوجِ زَمَنَ العِدَّةِ، كان لوَحْشَةِ المكانِ، والخَشْيَةِ عليها فيه، وذكَرَت أنَّه ما كان ينبغي لفاطِمةَ بنتِ قيسٍ أن تذكُرَ هذا الحديثَ الموهِمَ لتعميمِ أمرٍ كان خاصًّا بها؛ إذ الواجِبُ أن تذكُرَ أيضًا سبَبَ الانتقالِ، وأنَّ الترخيصَ كان للعُذرِ الذي هو وَحشةُ المكانِ أو سَلاطةُ اللِّسانِ ووقوعُ الشَّرِّ بينها وبين أهلِ زوجِها؛ ولهذا ورد روايةٌ أخرى عند البخاريِّ أنَّ عائشةَ قالت لها: "اتَّقِي
اللهَ" ولا تكتُمي السِّرَّ الذي من أجْلِه نقَلَك النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم