شرح حديث يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحذِّرُ أُمَّتَه مِنَ الفِتنِ، وخاصَّةً ما يكونُ منها في آخِرِ الزَّمانِ.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للصَّحابةِ الكرامِ رَضيَ اللهُ عنهم أنَّه يَقرُبُ أنْ تَتغيَّرَ وتَتبدَّلَ الأحوالُ، وتَدخُلَ الفِتَنُ وتَعُمَّ الناسَ والبِلادَ، فإذا كان الحالُ كذلك، فإنَّ خيرَ مالٍ يتَّخِذُه المسلِمُ حيَنئذٍ هو الغَنَمُ، وخُصَّت بذلك؛ لِمَا فيها مِن السَّكينةِ والبَرَكةِ؛ لأنَّ المُعتزِلَ عنِ النَّاسِ بالغَنمِ يَأكُلُ مِن لُحومِها ونِتاجِها، ويَشرَبُ مِن ألْبانِها، ويَستمتِعُ بأصوافِها باللُّبسِ وغيرِه، وهي تَرعَى النَّباتَ والعُشبَ في الجِبالِ، وتَرِدُ المِياهَ، وهذه المَنافعُ والمرافِقُ لا تُوجَدُ في غيرِ الغَنمِ، وكذلك هي في نُمُوِّها وزِيادتِها أبعَدُ مِن الشَّوائبِ المُحرَّمةِ؛ كالرِّبا، والشُّبهاتِ المَكروهةِ، وهي سَهلةُ الانقيادِ، خَفيفةُ المَؤُونةِ، كَثيرةُ النَّفعِ، فيَرْعاها ويَتْبَعُ بها «شَعَفَ الجبالِ»، أي: رُؤوسَها وأعاليَها؛ فإنَّها تَعصِمُ مَن لَجَأ إليها مِن عدُوٍّ، «ومَواقِعَ المَطرِ»؛ وهي بُطونُ الأوديةِ والصَّحارى؛ لأنَّه يَجِدُ فيها الكلَأَ والعُشبَ والماءَ، فيَشرَبُ منها، ويَسقِي غَنَمَه، وتَرْعى غنَمُه مِن الكلأِ.
فيَهرُبُ خَشيةً على دِينِه مِن الوقوعِ في تلك الفِتَنِ، وطلَبًا للسَّلامةِ؛ فإنَّ مَن خالَطَ الفِتَنَ لم يَسلَمْ دِينُه مِن الإثمِ.
والمرادُ بالفِتَنِ التي في الحديثِ: هي الَّتي يَختلِطُ فيها الحقُّ بالباطلِ، ولا يَقدِرُ المرءُ على تَمييزِهما، أمَّا الَّتي يَتمايَزُ فيها الحقُّ عن الباطلِ فإنَّ المرْءَ مُطالَبٌ بالانحيازِ إلى الحقِّ ومُدافعةِ الباطلِ.
ويَحتمِلُ أنْ يكونَ المرادُ بالفِتَنِ: ما يكونُ مِن غَلَبةِ الفَسادِ على أهلِ الزَّمانِ، واستقواءِ أهلِ الباطلِ، وضَعفِ أهلِ الإيمانِ، فلا يَسْلَمُ منها المُقيمُ فيها، فيَفِرُّ بدِينِه منها؛ لأنَّ مُصيبةَ الدِّينِ لا تَنجبِرُ.
وفي الحديثِ: فضْلُ تَربيةِ الغنَمِ، وأنَّها أنفَعُ الأموالِ عِندَ الفِتَنِ.
وفيه: التَّحذيرُ مِنَ الفِتَنِ ومُخالَطتِها والوُقوعِ فيها.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم