شرح حديث يا بني عبد مناف اشتروا أنفسكم من ربكم إني لا
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
لَمَّا أنزَل
اللهُ تعالى قولَه:
{ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } [
الشعراء: 214 ]، جمَع رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم قُريشًا، ثمَّ قام يَدعو فيهم، فعَمَّ وخَصَّ النِّداءَ في بُطونِها.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُريرةَ رَضِي
اللهُ عَنه، أنَّ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم قال: "يا بَني عبدِ مَنافٍ، اشتَروا أنفسَكم مِن رَبِّكم"،
أي: أَنقِذوها مِن النَّارِ بالإيمانِ والعمَلِ الصَّالحِ؛ "إنِّي لا أملِكُ لكم مِن
اللهِ شيئًا"،
أي: لا أَنفَعُكم شيئًا ولا أَستطيعُ أنْ أدفَعَ عنكم عذابَ
اللهِ عزَّ وجلَّ إنْ لَم تُؤمِنوا، "يا بَني عبدِ المطَّلِبِ، اشتَروا أنفسَكم مِن ربِّكم؛ إنِّي لا أملِكُ لكم مِن
اللهِ شيئًا، ولكنْ بيني وبينكم رَحِمٌ"،
أي: قَرابةٌ، "أنا بالُّها ببِلالِها"،
أي: سأَصِلُها في الدُّنيا؛ فشبَّه النبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم قَطيعةَ الرَّحِمِ بالحرارَةِ، ووَصْلَها بإطفاءِ الحَرارةِ ببرودَةٍ، وقيل: أو بالشَّفاعةِ في الآخرَةِ، إنْ آمَنتم؛ لكنَّ الوصْلَ المشهورَ هو وَصلُ الدُّنيا، لا وَصلُ الآخرَةِ.
وقد بيَّن
اللهُ في كتابِه أنَّ الأنبياءَ لا يَملِكون هِدايةَ التَّوفيقِ لأحَدٍ، كما قال سبحانه:
{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } [
التحريم: 10 ]، وكذلك ابنُ نوحٍ لَم يملِكْ له نبيُّ
اللهِ نوحٌ شيئًا مِن أمرِ
اللهِ؛ بل قيل له:
{ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } [
هود: 46 ]؛ فدلَّ كلُّ ذلك على أنَّ كلَّ إنسانٍ مَرهونٌ ومرتَهَنٌ بعمَلِه للهِ وطاعتِه له، وأنَّه لا يَنفَعُ نفسًا إلَّا إيمانُها لا إيمانُ غيرِها من أقاربِها أو غيرِهم، حتى ولو كان نبيًّا مُرسلًا .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم