حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مرابض الغنم

أحاديث نبوية | صحيح الترمذي | حديث أنس بن مالك

«أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يصلِّي في مَرابضِ الغنمِ»

صحيح الترمذي
أنس بن مالك
الألباني
صحيح

صحيح الترمذي - رقم الحديث أو الصفحة: 350 -

شرح حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مرابض الغنم


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ فَنَزَلَ أعْلَى المَدِينَةِ في حَيٍّ يُقَالُ لهمْ بَنُو عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، فأقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيهم أرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أرْسَلَ إلى بَنِي النَّجَّارِ، فَجَاؤُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ كَأَنِّي أنْظُرُ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى رَاحِلَتِهِ، وأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ ومَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حتَّى ألْقَى بفِنَاءِ أبِي أيُّوبَ، وكانَ يُحِبُّ أنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، ويُصَلِّي في مَرَابِضِ الغَنَمِ، وأنَّهُ أمَرَ ببِنَاءِ المَسْجِدِ، فأرْسَلَ إلى مَلَإٍ مِن بَنِي النَّجَّارِ فَقالَ: يا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بحَائِطِكُمْ هذا، قالوا: لا واللَّهِ لا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلَّا إلى اللَّهِ، فَقالَ أنَسٌ: فَكانَ فيه ما أقُولُ لَكُمْ قُبُورُ المُشْرِكِينَ، وفيهِ خَرِبٌ وفيهِ نَخْلٌ، فأمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقُبُورِ المُشْرِكِينَ، فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بالخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الحِجَارَةَ، وجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وهُمْ يَرْتَجِزُونَ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معهُمْ، وهو يقولُ: اللَّهُمَّ لا خَيْرَ إلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ والمُهَاجِرَهْ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 428 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]

التخريج : أخرجه البخاري ( 428 )، ومسلم ( 524 )



كانتِ الهِجرةُ مِن مكَّةَ إلى المدينةِ أمرًا مِن الله لنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانتْ بدايةً لمرحلةٍ جديدةٍ مِن الدَّعوةِ ونَشرِ الإسلامِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لَمَّا هاجَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المدينةِ نزَلَ وأقام في أعلى المدينةِ، وهي منطقةُ العَوالي والعاليةِ، وهي قُباءٍ وما حَوْلَها، وكانت قُباءٌ مَسكَنَ بَني عَمرِو بنِ عَوفٍ، وقيل: إنَّ كلَّ ما كان مِن جِهةِ نَجدٍ مِن المدينةِ، مِن قُراها وعَمائرِها إلى تِهامةَ يُسمَّى العاليةَ، وما كان دُونَ ذلك يُسمَّى السافلةَ.
فأقامَ عندَهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرْبَعَ عَشْرةَ لَيلةً، ثُمَّ أرسَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى أخوالِه بني النَّجَّارِ، فجاؤوه واضعِينَ السُّيوفَ على مَناكِبِهم، وهذا على عادتِهم عندَ ذهابِهم إلى أحَدٍ مِن عُظَمائِهم، أو جاؤوا بهذه الصُّورةِ؛ خَوفًا على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ اليهودِ، وإظهارًا لِنُصرتِهم لِلنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان مقصودُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن يَنتقِلَ مِن العَوالي إلى وسَطِ المدينةِ، وأنْ يتَّخِذَ بها مسكنًا يَسكُنُه، فرَكِبَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ناقتَه، وأبو بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه راكبٌ خلْفَه، وفي ذلك دليلٌ على شرَفِ أبي بكرٍ واختِصاصِه به دُونَ سائرِ أصحابِه، وكان رِجالُ بني النَّجَّارِ وشُجعانُهم وأشرافُهُم مِن حَولِه، وتحرَّكَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى وضَعَ رَحْلَه ومتاعَه وما معه بِفِناءِ دارِ أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ رَضيَ اللهُ عنه، وهو مِن بني النَّجَّارِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحبُّ أنْ يُصلِّيَ حيثُ أدركَتْه الصَّلاةُ؛ لِيُبيِّنَ أنَّ الأرضَ كلَّها جُعلَتْ له مسجدًا وطَهورًا، وكان يُصلِّي في مَرابضِ الغنمِ، وهي حَظائرُها الَّتي تَأْوي إليها للنَّومِ والرَّاحةِ والمَبيتِ، وهذه رُخْصةٌ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالصَّلاةِ في أماكِنِ تَجمُّعِ الغنَمِ؛ لأنَّها مأمونةُ الجانبِ، ولا تُؤذي أحَدًا، وفيها بَرَكةٌ مِن حيثُ هُدوؤُها، ولِينُ جانبِها، وقلَّةُ حرَكتِها، مع ما فيها مِن منافعَ أخرى، فأرادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبنيَ مَسجدًا موضِعَ بُستانٍ لِبعضِ بني النَّجَّارِ، فأرسَلَ إليهم وقال لهم: ثَامِنوني حائطَكم، فقُولوا لي ثَمنَه؛ كي أشتريَه منكم، فأقسَموا بالله إنَّهم يَبتَغون ثَوابَ ذلك العملِ مِنَ اللهِ سبحانه وتعالى، ولا يُريدون عليه مالًا، وكان في هذا المكان قبورٌ قديمةٌ لِلمُشركينَ، وخِرَبٌ ونخلٌ، فأمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِنَبشِ قبورِ المشركينَ ونقلِ العِظامِ والرُّفاتِ إلى مكانٍ آخَرَ، وبتَسويةِ الخِرَبِ الَّتي فيها مِثلُ الحُفرِ والأحجارِ والشُّقوقِ ونَحوِها، وقيل: معنَى تَسويةِ الخِربِ: أنَّ البِناءَ الخَرابَ المُستهدمَ يَصيرُ في مَوضِعِه أماكنُ مرتفعةٌ عن الأرضِ، فتَحتاجُ إلى أن تُحفَرَ وتُسَوَّى بالأرضِ، وأمَر بقطْعِ النَّخلِ، ثُمَّ وضَعوا النَّخلَ المقطوعَ تِجاهَ قِبلةِ المسجدِ، وجعَلوا عِضادَتَيْه الحِجارةَ، وأعضادُ كلِّ شَيءٍ ما يَشُدُّه مِن حَوالَيْه مِن البِناءِ، فكأنَّهم جَعَلوا مِن حَولِه الحِجارةَ، وكانوا يَرتَجزون، فيُغَنون الرَّجَزَ، وهو نوعٌ مِن الكلامِ المَوزونِ يُشْبِهُ الشِّعرَ؛ تنشيطًا لِنُفوسِهم؛ لِيَسهُلَ عليهمُ العملُ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرتَجِزُ معهم ويقولُ: اللَّهمَّ لا خَيْرَ إلَّا خيرُ الآخِرَهْ، ومعناه: أنَّ الخَيرَ الحقيقيَّ في نعيمِ الآخرةِ؛ لأنَّه دائمٌ وغيرُه إلى الزَّوالِ، فاغفِرْ لِلأنصارِ والمُهاجِرَهْ، وهذا دعاءٌ لهم بالمَغفرةِ، والأنصارُ همُ الأَوْسُ والخَزْرَجُ الَّذينَ نصَرُوه على أعدائِه، والمُهاجِرةُ الَّذينَ هاجَروا مِن مكَّةَ إلى المدينةِ.
واستُشكِل قَولُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ الرَّجَزَ، مع قَولِه تعالى: { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر } [ يس: 69 ]، وأُجيبَ: بأنَّ المُمتنعَ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إنشاءُ الشِّعرِ لا إنشادُه، ولم يَكُنْ قولُه عن قَصْدٍ، ولم يَثبُتْ عنه الإِنشاءُ.
وفي الحديثِ: إنشادُ الشِّعرِ والارتِجازُ في حالِ العَملِ والجِهادِ، والاستعانةُ بذلك لتَنشيطِ النُّفوسِ، وتَسهيلِ الأعمالِ.
وفيه: أنَّ صاحبَ السِّلعةِ أحَقُّ بالسَّومِ.
وفيه: دليلٌ على أنَّ المَقبرةَ إذا نُبشَتْ، وأُخرِج ما فيها مِن عِظامِ المَوتى؛ لم تَبْقَ مَقبرةً، وجازَتِ الصَّلاةُ فيها.
وفيه: دليلٌ على عدَمِ الصَّلاةِ في المَقبرةِ، ولو كانت قُبورَ المشركين؛ لِما فيه مِن سدِّ الذَّريعةِ إلى اتِّخاذِ القُبورِ مَساجِدَ؛ فإنَّه إذا تَطاوَلَ العهدُ، ولم تُعرَفِ الحالُ، خُشِيَ مِن ذلك الفِتنةُ.
وفيه: دَليلٌ على أنَّ قُبورَ المُشركينَ لا حُرمةَ لها، وأنَّه يَجوزُ نَبْشُ عِظامِهم ونَقْلُهم مِن الأرضِ للانتِفاعِ بالأرضِ إذا احْتِيجَ إلى ذلك.
وفيه: مَشروعيَّةُ قطْعِ النَّخلِ والأشجارِ للمَصلحةِ العامَّةِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح الترمذيأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن
صحيح الترمذيسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم فقال حتى
صحيح الترمذيإن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ
صحيح الترمذيذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل
صحيح الترمذيمر رجل من بني سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله
صحيح الترمذيالرجل أحق بمجلسه وإن خرج لحاجته ثم عاد فهو أحق بمجلسه
صحيح الترمذيأن عليا قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن فقال
صحيح الترمذيكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بشيء سأل أصدقة
صحيح الترمذيكانت بنو سلمة في ناحية المدينة فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد فنزلت هذه
صحيح الترمذيقيل يا رسول الله ما يعدل الجهاد قال إنكم لا تستطيعونه فردوا عليه
صحيح الترمذيلا تناجشوا
صحيح الترمذيأن زوج بريرة كان عبدا أسود لبني المغيرة يوم أعتقت بريرة


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, July 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب