أخبَر النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم عن خُروجِ يأجوجَ ومأجوجَ في آخِرِ الزَّمانِ، وعن إفسادِهم وشَرِّهم في الأرضِ، وكيف يكونُ هَلاكُهم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو سَعيدٍ الخُدْريُّ: قال رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: "تُفتَحُ يَأجُوجُ ومَأجوجُ"،
أي: يُفتَحُ له السَّدُّ الَّذي بَناه ذو القَرنَينِ علَيهم، كما في قولِه تعالى:
{ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } [
الكهف: 94 - 97 ]، قال صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: "فيَخرُجون كما قال
اللهُ تعالى:
{ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ } [
الأنبياء: 96 ]"،
أي: يَنتشِرون مِن كلِّ ناحيةٍ، أو أنَّهم يَأتون مِن كلِّ مكانٍ، "فيَعُمُّون الأرضَ"،
أي: يَملؤون الأرضَ، "ويَنْحازُ مِنهم المسلِمون"،
أي: يتَحصَّنون مِنهم، "حتَّى تَصيرَ بقيَّةُ المسلِمين في مَدائنِهم وحُصونِهم، ويَضُمُّون إليهم مَواشِيَهم"،
أي: يجمَعُ المسلِمون حَيَواناتِهم في الحُصونِ معَهم؛ لحِمايَتِها مِن يأجوجَ ومأجوجَ، "حتَّى إنَّهم لَيَمُرُّون بالنَّهرِ فيَشرَبونه، حتَّى ما يذَرون فيه شيئًا"،
أي: يَشرَبُ يأجوجُ ومأجوجُ ماءَ الأنهارِ ولا يُبْقون منها شيئًا؛ وذلك لكثرَةِ عدَدِهم وعِظَمِ خَلْقِهم، "فيمُرُّ آخِرُهم على أثَرِهم فيَقولُ قائلُهم"،
أي: أحَدُ هؤلاءِ المتأخِّرين: "لقد كان بهذا المكانِ مرَّةً ماءٌ"، وهذا مِن المبالَغةِ في إظهارِ أعدادِهم وكَثرتِها، "ويَظهَرون على الأرضِ"،
أي: يَغلِبون أهلَ الأرضِ، "فيَقولُ قائِلُهم: هؤلاءِ أهلُ الأرضِ قد فرَغْنا مِنهم، ولَنُنازِلَنَّ أهلَ السَّماءِ، حتَّى إنَّ أحَدَهم لَيَهُزُّ حَرْبتَه إلى السَّماءِ، فتَرجِعُ مُخضَبةً بالدَّمِ"،
أي: يُصوِّبُ الرَّجلُ مِن يَأجوجَ ومأجوجَ بسِهامِه إلى السَّماءِ، فتَرجِعُ وتَعودُ السِّهامُ مَصبوغةً بالدِّماءِ؛ فِتنةً مِن
اللهِ وبَلاءً لهم، "فيَقولون: قد قتَلْنا أهلَ السَّماءِ"،
أي: يَقولون ذلك افتِخارًا وتَكبُّرًا، "فبَيْنما هم كذَلك إذْ بعَثَ
اللهُ دَوابَّ كنَغَفِ الجَرادِ"، وهو نوعٌ مِن الحشَراتِ والدِّيدانِ، يُسمَّى النَّغَفَ، "فتَأخُذُ بأعناقِهم".
وفي روايةٍ: "في أقفائِهم"،
أي: يَكونُ هذا الدُّودُ مِن وَراءِ أعناقِهم ورُؤوسِهم، "فيَموتون موتَ الجرادِ"،
أي: يَموتون مَوتًا بأعدادٍ كثيرةٍ، "يَركَبُ بَعضُهم بعضًا"،
أي: مِن كَثرةِ القَتْلى يَركَبُ بعضُهم على بعضٍ، "فيُصبِحُ المسلِمون لا يَسمَعون لهم حِسًّا"،
أي: صوتًا، "فيَقولون"،
أي: المسلِمون وهم في حُصونِهم: "مَن رجُلٌ يَشْري نفْسَه"،
أي: يَبيعُ نفْسَه، "ويَنظُرُ ما فعَلوا؟"،
أي: يَستطلِعُ أخبارَ يأجوجَ ومأجوجَ؟ "فيَنزِلُ مِنهم رجلٌ قد وطَّن نفْسَه"،
أي: قد هيَّأ نفسَه "على أن يَقتُلوه؛ فيَجِدُهم مَوتى، فيُناديهم"،
أي: يُنادي على المسلِمين بالحُصونِ: "ألَا أبشِروا؛ فقد هلَك عَدوُّكم، فيَخرُجُ النَّاسُ، ويُخَلُّون سَبيلَ مَواشيهم، فما يَكونُ لهم رَعْيٌ إلَّا لُحومُهم، فتَشْكَرُ عليها كأحسَنِ ما شَكِرَتْ مِن نَباتٍ أصابَتْه قطُّ".
وفي روايةٍ: "فقال رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: فوَالَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِه"،
أي: والَّذي حَياةُ وأمرُ محمَّدٍ بيدِه، "إنَّ دَوابَّ الأرضِ"، وهي ما يَدِبُّ على الأرضِ مِن السِّباعِ والهَوامِّ والحشَراتِ، "لتَسمَنُ"،
أي: تَزدادُ وتَصيرُ سَمينةً، "وتَشكَرُ شَكَرًا مِن لُحومِهم"،
أي: تَمتلِئُ بُطونُهم شِبَعًا مِن الأكلِ مِن لحمِهم.
وفي الحديثِ: بيانُ دَلائلِ نُبوَّتِه صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم.
وفيه: بَيانُ شدَّةِ فِتنةِ يأجوجَ ومأجوجَ، وكَثرةِ عَددِهم.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم