شرح حديث ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله له كما
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
المَساجِدُ بُيوتُ اللهِ في الأرضِ، وفيها تُقامُ الصَّلواتُ والجَماعاتُ، وللمُكوثِ فيها والتعلُّقِ بها فَضْلٌ عظيمٌ وأجْرٌ كبيرٌ، وفي هذا الحديثِ بيانُ لبعضِ فَضائلِ عُمَّارِ المساجِد، وكرَمِ اللهِ لهم، وفيه يقولُ أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ما توطَّنَ رجُلٌ مُسلِمٌ المسجِدَ للصَّلاةِ والذِّكرِ"، أي: اعتاد الذَّهابَ إلى المَساجِدِ، وجعَلَ المسجِدَ كالوطَنِ له يألُفُه ويُقيمُ به ويرتاحُ إليه، "إلَّا تَبَشْبَشَ اللهُ له مِن حينِ يخرُجُ مِن بيتِه"، أي: فرِحَ به وأقبَلَ عليه وتلقَّاه ببِرِّه وإكْرامِه، والبَشْبَشةُ في حقِّ اللهِ تعالى صِفةٌ فِعليَّةٌ ثابتةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، ومعناه قريبٌ من معنى الفَرَحِ، وهو وَصْفُ كمالٍ لا نَقْصَ فيه، والتَّبَشْبُشُ مِن اللهِ سُبحانَه يشمَلُ في معناه: إظهارَ الأفعالِ المرضيةِ للعبْدِ، وتلقِّيَه ببِرِّه وتقريبَه وإكْرامَه، ويُوَفِّقُه للطَّاعةِ، ويغمُرُه بالرَّأفةِ والرَّحمةِ، وهذا كسائرِ ما وُصِفَ اللهُ- جلَّ ذِكْرُه- به مِن أوصافِ ذاتِه وفِعْلِه ممَّا يقَعُ مُشتَرَكًا بينَه وبينَ خلْقِه؛ فيكونُ له منه معناه الَّذي يَصِحُّ في وَصْفِه ويليقُ بحُكْمِه دونَ مُشابَهةِ المخلوقينَ.
"كما يَتَبَشْبَشُ أهْلُ الغائبِ بغائبِهم إذا قدِمَ عليهم"، والتَّبَشْبُشُ بالإنسانِ: المَسرَّةُ به والإقبالُ عليه، وهو مِن معنى البَشاشةِ لا مِن لفْظِها، وهذا مِن التَّرغيبِ في إتيانِ المَساجِدِ، ومَن حبَسَ نفْسَه في المساجِدِ على الطَّاعةِ فهو مُرابطٌ لها في سَبيلِ اللهِ، مُخالِفٌ لهواها، وهذا من أفضلِ أنواعِ الصَّبرِ والجِهادِ؛ ولذلك كان حريًّا بهذا الفَضلِ.
وفي الحديثِ: تبشيرُ مُعتادِ المساجِدِ ومُستوطِنِها للصَّلاةِ والذِّكْرِ
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم