حديث بركات الأرض قالوا يا رسول الله وهل يأتي الخير بالشر قال لا

أحاديث نبوية | صحيح مسلم | حديث أبو سعيد الخدري

«أَخْوَفُ ما أخافُ علَيْكُم ما يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا قالوا: وما زَهْرَةُ الدُّنْيا؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: بَرَكاتُ الأرْضِ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وهلْ يَأْتي الخَيْرُ بالشَّرِّ؟ قالَ: لا يَأْتي الخَيْرُ إلَّا بالخَيْرِ، لا يَأْتي الخَيْرُ إلَّا بالخَيْرِ، لا يَأْتي الخَيْرُ إلَّا بالخَيْرِ، إنَّ كُلَّ ما أنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ، أوْ يُلِمُّ، إلَّا آكِلَةَ الخَضِرِ، فإنَّها تَأْكُلُ، حتَّى إذا امْتَدَّتْ خاصِرَتاها اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، ثُمَّ اجْتَرَّتْ وبالَتْ وثَلَطَتْ، ثُمَّ عادَتْ فأكَلَتْ، إنَّ هذا المالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فمَن أخَذَهُ بحَقِّهِ، ووَضَعَهُ في حَقِّهِ، فَنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، ومَن أخَذَهُ بغيرِ حَقِّهِ، كانَ كالَّذِي يَأْكُلُ ولا يَشْبَعُ.»

صحيح مسلم
أبو سعيد الخدري
مسلم
[صحيح]

صحيح مسلم - رقم الحديث أو الصفحة: 1052 - أخرجه البخاري (6427)، ومسلم (1052).

شرح حديث أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا قالوا


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَلَسَ ذَاتَ يَومٍ علَى المِنْبَرِ وجَلَسْنَا حَوْلَهُ، فَقَالَ: إنِّي ممَّا أخَافُ علَيْكُم مِن بَعْدِي، ما يُفْتَحُ علَيْكُم مِن زَهْرَةِ الدُّنْيَا وزِينَتِهَا.
فَقَالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أوَيَأْتي الخَيْرُ بالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقِيلَ له: ما شَأْنُكَ؟ تُكَلِّمُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولَا يُكَلِّمُكَ؟ فَرَأَيْنَا أنَّه يُنْزَلُ عليه.
قَالَ: فَمَسَحَ عنْه الرُّحَضَاءَ، فَقَالَ: أيْنَ السَّائِلُ؟ -وكَأنَّهُ حَمِدَهُ- فَقَالَ: إنَّه لا يَأْتي الخَيْرُ بالشَّرِّ، وإنَّ ممَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أوْ يُلِمُّ، إلَّا آكِلَةَ الخَضْرَاءِ؛ أكَلَتْ حتَّى إذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ وبَالَتْ، ورَتَعَتْ، وإنَّ هذا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ المُسْلِمِ ما أعْطَى منه المِسْكِينَ واليَتِيمَ وابْنَ السَّبِيلِ -أوْ كما قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وإنَّه مَن يَأْخُذُهُ بغيرِ حَقِّهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ ولَا يَشْبَعُ، ويَكونُ شَهِيدًا عليه يَومَ القِيَامَةِ.
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1465 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



شاء اللهُ تعالَى وقَضَى بحِكمتِه البالِغةِ أنْ يَجعَلَ الدُّنيا دارَ ابتلاءٍ واختِبارٍ؛ فمِنهم مَن يَغتَرُّ بزِينتِها ويَتنافَسُ عليها، ومِنهم مَن يَعلَمُ حَقيقتَها، فيَنزوي عنها ويَزهَدُ فيها، ويَرغَبُ في الآخِرةِ وما عِندَ اللهِ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي أبو سَعيدٍ الخُدْريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَلَسَ ذاتَ يومٍ على المِنبرِ في مَسجدِه والناسُ حَوْلَه، فبَيَّن لهم أنَّه يَتخَوَّفُ على أُمَّتِه مِن حُسنِ الدُّنيا وجَمالِها، وما يُفتَحُ عليهم مِن زَهرَتِها، يَعني: خَيرَها، ويَقصِدُ به المالَ، وشَبَّهَ ما سَيُفتَحُ مِنَ الدُّنيا بالزَّهرةِ؛ لأنَّها سَريعةُ الذُّبولِ، وكذا الدُّنيا سَريعةُ التَّغيُّرِ والأُفولِ.
فسَأَلَ رجُلٌ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أوَيَأْتي الخَيرُ بالشَّرِّ؟» كأنَّ الرَّجُلَ أَشْكَلَ عليه أنْ يَأتيَ الشَّرُّ مِن داخِلِ الخَيرِ، أو بسَبَبِه، فسَكَتَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وعَلِمَ الصَّحابةُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُوحَى إليه، وما إنِ انفَصَلَ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الوَحيُ حتى مَسَحَ عن نَفْسِه «الرُّحَضاءَ»، يَعني: العَرَقَ، وكانَ الوَحيُ إذا نَزَلَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتصَبَّبُ عَرَقًا، ثمَّ سَألَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صاحِبِ السُّؤالِ: أين هو؟ وكأنَّ رَسولَ اللهِ أثْنى على الرَّجُلِ وحَمِدَه على حُسنِ سُؤالِه، ثمَّ أجابَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّ الخَيرَ لا يَأتي بالشَّرِّ؛ يَعْني أنَّ المالَ إِذَا كُسِبَ مِن وجْهِه وفُعِلَ بِه ما أمَرَهُمُ اللَّهُ به فَيكُونُ مِنْ بَابِ أنَّ الخَيرَ لا يَأتي إلَّا بالخَيرِ، وهذا بالنِّسبةِ لِلخَيرِ المَحضِ، كالإسلامِ، فكُلُّه خَيرٌ، ولكِنَّ هناك أنواعًا مِنَ الخَيرِ غير الخالِصِ قد تَأتي بالشَّرِّ، مِثلُ المالِ؛ فإنَّه خَيرٌ، ولكِنَّه قد يَأتي بالشَّرِّ إذا اكتَسَبَه مِن مُحَرَّمٍ، أو أساءَ في إنفاقِه، ونَحوِه، كبَعضِ المكاسِبِ التي أصلُها الخيرُ ولكنْ تكونُ شرًّا إذا كانتِ الوسيلةُ إليها شرًّا أو كان مآلُها شرًّا.
ثُمَّ ضَرَبَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِثالَيْنِ يُوضِّحُ بهما كيف أنَّ المالَ خَيرٌ يُمكِنُ أنْ يَأتيَ بالشَّرِّ، ويُمكِنُ أنْ يَأتيَ بالخَيرِ؛ فالمِثالُ الأوَّلُ: نَموذجٌ لِلخَيرِ عِندَما يَنقَلِبُ شَرًّا، وإليه أشارَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقَولِه: «إنَّ مِمَّا يُنبِتُ الرَّبيعُ» -وهو الشَّهرُ المَشهورُ بالإنباتِ والزُّروعِ، وقيلَ: المرادُ به هنا النَّهَرُ الصَّغيرُ- «يَقتُلُ أو يُلِمُّ»، أي: يَقرُبُ مِن القَتلِ؛ فما تُنبِتُه الأرضُ يَكونُ خَيرًا، ومع ذلك فمِنه ما يَقتُلُ البَهيمةَ أو يَضُرُّها ضَرَرًا يُقارِبُ المَوتَ، مِثلُ البُقولِ التي تَستَكثِرُ منها الماشيةُ فتُهلِكُها أكْلًا، وتَهلِكُ بسَبَبِه.
وهذا المَثَلُ يَعْنِي أنَّ الاسْتكثارَ مِنَ المالِ والخُروجَ مِنْ حَدِّ الاقتِصادِ فِيه ضَارٌّ، كمَا أنَّ الاسْتِكثارَ مِنَ المأْكلِ مُسْقِمٌ، وضَرَبَ هذا مثلًا للحَريصِ على جمْعِ المالِ، المانعِ لَهُ مِنْ حقِّهِ، والرَّبِيعُ تَنْبتُ فيه أحْرارُ العُشْبِ التى تَستلِذُّها الماشيةُ فتسْتَكْثِرُ منها حتَّى تَنتفِخَ بُطونُها فَتَهْلِك.
والمِثالُ الثاني: نَموذجٌ لِلخَيرِ، إذا أُحسِنَ التَّعامُلُ معه فلنْ يَأتيَ إلَّا بخَيرٍ، وهذا هو المُشارُ إليه بقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إلَّا آكِلةَ الخَضراءِ؛ أكَلَتْ حتى إذا امتَدَّتْ خاصِرَتاها استَقبَلتْ عَينَ الشَّمسِ، فثَلَطَتْ وبالَتْ، ورَتَعتْ»، وآكِلةُ الخَضراءِ هي الماشيةُ ونحوُها، فالخَضِرُ هو اسمٌ لِمَا اخضَرَّ مِنَ الكَلَأِ الذي لم يَصفَرَّ، تَرتَعُ منها شَيئًا فشَيئًا، فلا تَستَكثِرُ منه، ولا يُحبَسُ الأكلُ فيها، فلا تُصابُ بأذًى، ويُصوِّرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَنظَرَها بَعدَ أنْ تَأكُلَ مِن هذا الخَيرِ وتَهنَأَ به: حتى إذا امتَلَأتْ بُطونُها شِبَعًا وعَظُمَ جَنْباها، استَقبَلتِ الشَّمسَ مُنتَفِعةً بدِفئِها، وجاءتْ وذَهَبتْ، ثمَّ يَخرُجُ رَجيعُها عَفوًا مِن غَيرِ مَشقَّةٍ، فيَبقى نَفْعُ ما أكَلَتْ، ويَخرُجُ فُضولُها، ولا تَتأذَّى بها.
وهذا مِثالٌ لِلمُقتَصِدِ في جَمعِ المالِ، المُكتَسِبِ إيَّاه مِن حِلٍّ، والمُنفِقِ إيَّاه في الخَيرِ.
ثمَّ بَيَّنَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ هذا المالَ مَحبوبٌ مَرغوبٌ تَرغَبُه النَّفْسُ، وتَحرِصُ عليه بطَبيعَتِها، كما تُحِبُّ الفاكِهةَ أوِ النَّباتاتِ الخَضراءَ النَّضِرةَ، الشَّهيَّةَ المَنظَرِ، الحُلوةَ المَذاقِ، ومَن أُعْطيَه فأخرَجَ منه زَكاةَ مالِه على المِسكينِ واليَتيمِ وابنِ السَّبيلِ، فهو نِعْمَ الصَّاحِبُ الذي يَشهَدُ له يَومَ القِيامةِ، وأمَّا مَن أخَذَه بغَيرِ حَقِّه فإنَّ اللهَ يَنزِعُ منه البَرَكةَ، ويَسلُبُ صاحِبَه القَناعةَ، فيُصبِحُ فَقيرَ النَّفْسِ دائِمًا، ولو أُعطيَ كُنوزَ الأرضِ، وكان كالذي يَأكُلُ ولا يَشبَعُ؛ فهو كالمَلهوفِ الذي لا يَشبَعُ مِنَ الطَّعامِ مهْما أكَلَ منه، ويَأتي شاهِدًا عليه يَومَ القيامةِ بحِرْصِه، وإسرافِه، وإنفاقِه فيما لا يُرضِي اللهَ عزَّ وجلَّ.
وفي الحديثِ: جُلوسُ الإمامِ على المنبرِ عندَ المَوعظةِ، وجُلوسُ النَّاسِ حوْلَه.
وفيه: ضَرْبُ الأمثالِ لتَقريبِ المَعاني إلى الأفهامِ.
وفيه: اللَّومُ عندَ خَوفِ كَراهةِ المسألةِ، والاعتراضُ إذا لم يكُنْ مَوضعُه.
وفيه: أنَّ المكتسِبَ للمالِ مِن غَيرِ حِلِّه غيرُ مُبارَكٍ له فيه.
وفيه: أنَّ للعالِمِ أنْ يُحذِّرَ مَن يُجالِسُه مِن فِتنةِ المالِ وغيرِه، وتَنبيهَهم على مَواضعِ الخوفِ مِن الافتتانِ به.
وفيه: الحضُّ على الاقتِصادِ في المالِ، والحَثُّ على الصَّدقةِ وترْكِ الإمْساكِ.
وفيه: بيانُ أنَّ السُّنَّةَ النبويَّةَ مِن الوحيِ غيرِ المتلُوِّ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريإن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض قيل
صحيح النسائيجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال إنما
صحيح أبي داودليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة
صحيح مسلمعن النبي صلى الله عليه وسلم وقال زهير يبلغ به ليس على المسلم
صحيح مسلمليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة
صحيح البخاريليس على المسلم صدقة في عبده ولا في فرسه
صحيح ابن ماجهليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة
صحيح الترمذيليس على المسلم في فرسه ولا في عبده صدقة
صحيح النسائيلا زكاة على الرجل المسلم في عبده ولا فرسه
صحيح النسائيليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة
صحيح النسائيليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة
صحيح النسائيليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, November 19, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب