مَن فعلَ كذا وَكَذا ، فلَهُ منَ النَّفلِ كذا وَكَذا .
قالَ : فتقدَّمَ الفتيانُ ولزِمَ المشيخةُ الرَّاياتِ فلم يبرَحوها ، فلمَّا فَتحَ اللَّهُ عليهم قالَ المشيَخةُ : كنَّا رِدءًا لَكُم لوِ انهزَمتُمْ لَفِئْتُم إلينا ، فلا تذهَبوا بالمغنمِ ونبقَى ، فأبى الفتيانُ وقالوا : جعلَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ لَنا ، فأنزلَ اللَّهُ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ إلى قولِهِ : كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يقولُ : فَكانَ ذلِكَ خيرًا لَهُم ، فَكَذلِكَ أيضًا فأطيعوني فإنِّي أعلَمُ بعاقبةِ هذا منكُم
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 2737 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه أبو داود ( 2737 )، والحاكم ( 2594 )، والبيهقي ( 13088 )
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم إذا بَعَثَ جيشًا أو سَريَّةً بَثَّ فيهم رُوحَ الشَّجاعةِ والبُطولةِ، وشَجَّعهم على القتالِ والجهادِ، وأَمَرَهم بتقوى
اللهِ والاسْتِعانةِ به؛ فثَمَّ النَّصرُ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ
اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِيَ
اللهُ عنهُما: "قال رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم يومَ بَدْرٍ"،
أي: لصَحابتِه رَضِيَ
اللهُ عنهُم: "مَنْ فَعَلَ كذا وكذا، فلَهُ مِنَ النَّفَلِ كذا وكذا"،
أي: مَنْ فَعَلَ بطولةً أو شجاعةً أو غيرَ ذَلِكَ مِن عِظامِ الأمورِ فلَه مِن الغنيمةِ جائزةٌ فوقَ نصيبِه؛ وذلك تشجيعًا وتحميسًا لهم، والنَّفَلُ هو: ما يُعْطى المجاهِدُ في سبيلِ
اللهِ زيادةً على السَّهامِ.
قال ابنُ عبَّاسٍ: "فتَقدَّمَ الفِتْيانُ"،
أي: للقِتالِ بشجاعةٍ وحَماسٍ، والمُرادُ بالفِتيانِ: الشَّبابُ صِغار السِّنِّ، "ولَزِمَ المشيخةُ"،
أي: أَمْسَكَ الشُّيوخُ كِبارُ السِّنِّ، "الرَّاياتِ"،
أي: الأعلامَ، "فلم يَبْرَحوها"،
أي: فلَمْ يَتْرُكوها وظَلُّوا بجانِبِها، "فلمَّا فَتَحَ
اللهُ عليهِم"،
أي: فلمَّا نَصَرَهم
اللهُ في المعركةِ، "قال المشيخةُ"،
أي: قال الشُّيوخُ كِبار السِّنِّ: "كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ"،
أي: كُنَّا عَونًا لكم ومدَدًا، "لو انَهْزَمتُم لَفِئتُمْ إلينا"،
أي: لو غَلَبَكم العدوُّ لرَجَعْتُم إلينا، "فلا تَذْهَبوا بالمَغْنَمِ ونَبْقى"،
أي: فلا تَحْصُلوا بمُفردِكُمْ على الغنيمةِ كلِّها دونَنا، كأنَّهم يتَعجَّبون ويَرْفُضونَ اسْتِحواذَ الشَّبابِ على الغَنيمةِ كلِّها دونَهم، "فأَبَى الفِتيانُ"،
أي: فرَفَض الشَّبابُ قولَ الشُّيوخِ مُسْتنكِرينَ لقولِهم، "وقالوا"،
أي: الشَّبابُ: "جَعَلَه رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم لنا"،
أي: قد وَعَدَنا النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم بهذه الجوائزِ من الغنيمةِ فنَحْنُ أصحابُها.
قال ابنُ عبَّاسٍ: "فأَنْزَلَ
اللهُ"،
أي: قولَهُ تعالى:
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسول } [
الأنفال: 1 ]،
أي: إنْ سألوكَ يا أيُّها النبيُّ، عن الغنائمِ فقُلْ لهم: إنَّ الغنائمَ للهِ وللرَّسولِ يَجْعَلُها
اللهُ حيثُ شاء، إلى قولِه:
{ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } [
الأنفال: 5 ]،
أي: كما أَخْرَجَكَ
اللهُ من المدينةِ بوحيٍ مِنْهُ للظَّفَرِ بِعيرِ قُريشٍ، وإنْ كان بعضُ المؤمنينَ كارِهينَ للخُروجِ مِن أَجْلِ مَشَقَّةِ السَّفَرِ والقِتالِ، "فكان ذلك خيرًا لهم"،
أي: فكان الخروجُ إلى العِيرِ خيرًا لهم؛ حيثُ انْتَصروا وظَفِرُوا؛ "فكذلك أيضًا فأَطِيعوني"، وهذا مِن كلامِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم، والمعنى: فأَطِيعوني أيضًا في هذا الموقفِ بما قَسَمتُ مِن الغنيمةِ بينَ الشَّبابِ والشُّيوخِ؛ "فإنِّي أَعْلَمُ بعاقِبةِ هذا مِنْكُمْ"،
أي: فأنا رسولُ
اللهِ وأَعْلَمُ مِنْكُمْ بمآلِ هذا الأَمْرِ وعاقِبَتِه.
وفي الحَديثِ: فضلُ اتِّباعِ أوامِرِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: الحثُّ على تَشجيعِ الجيشِ وتَحميسِه عندَ المعارِكِ.
وفيه: الأَمْرُ بطاعةِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم ولو لَمْ يُوافِقْ أَمْرُه هوى المرءِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم