إنَّ مِن أَشراطِ السَّاعةِ أن يَفشوَ المالُ ويَكْثُرَ، وتَفشوَ التِّجارةُ، ويظهَرَ العِلمُ، ويبيعَ الرَّجلُ البيعَ فيقولَ: لا حتَّى أستَأمرَ تاجرَ بَني فلانٍ، ويُلتَمسَ في الحيِّ العَظيمِ الكاتبُ، فلا يوجَد!
الراوي : عمرو بن تغلب | المحدث : الألباني
| المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 4468 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم يُحذِّرُ أصحابَه رَضِي
اللهُ عَنهم الفِتنَ وشرورَ الأزمِنةِ، وما يَحُلُّ بالنَّاسِ من ضَعفٍ في دِينِهم.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ مِن أشراطِ السَّاعةِ"،
أي: عَلاماتِها الَّتي تدُلُّ على اقتِرابِ قِيامِها، "أن يَفْشُوَ المالُ ويَكثُرَ"،
أي: يَزيدَ ويَظهَرَ في أيدي النَّاسِ، "وتَفْشُوَ التِّجارةُ"،
أي: أعمالُ البيعِ والشِّراءِ، "ويظهَرَ العِلمُ"،
أي: يَزدَهِرَ، قيل: والمرادُ بالعِلمِ هنا العِلمُ الدُّنيَويُّ، وقد أَشكَل مَعنى "ويَظهَرَ العِلمُ" في الحديثِ، خاصَّةً أنَّ المتقرِّرَ أنَّ الجهلَ بالشَّرعِ مِن عَلاماتِ السَّاعةِ؛ فقيل: مَعْنى: "ويَظْهَرَ العِلْمُ"، يَزولُ ويَرتفِعُ،
أي: يَذهَبُ العِلمُ عن وجهِ الأَرْضِ، وفي بعضِ نُسَخِ النَّسائيِّ: "ويَظْهَرَ الجَهْلُ"؛ بِسَببِ اهْتِمامِ النَّاسِ بِأمرِ الدُّنيا، وقيل: المرادُ بالعلمِ: عِلمُ الدُّنيا، كما قال تعالى:
{ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } [
الروم: 7 ]، وقيل: المرادُ بالعلمِ: عِلمُ الكتابةِ والقراءةِ؛ لرِوايَةِ ابنِ أبي عاصِمٍ في الآحادِ والْمَثاني عن عَمرِو بنِ تَغْلِبَ رضي
اللهُ عنه، قال: قال رسولُ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم: "مِن أشراطِ السَّاعةِ أن يَفيضَ المالُ، وتَفْشُوَ التِّجارَةُ، ويَظْهَرَ العِلمُ أو القلَمُ"، وهذا واضحٌ في أحوالِ كثيرٍ مِن النَّاسِ والأُممِ الآنَ؛ يَزيدُ العِلمُ الدُّنيَويُّ عِندَهم، ويَقِلُّ العلمُ الأُخرَويُّ، أو يُكفَرُ ب
اللهِ؛ فيكونُ العِلمُ بلا عمَلٍ غيرَ نافِعٍ في الآخرةِ، وعلى هذا يُحمَلُ ما عِندَ البُخاريِّ مِن حديثِ أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِي
اللهُ عَنه، أنَّ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم قال: "إنَّ مِن أشراطِ السَّاعةِ: أن يُرفَعَ العِلمُ ويَثبُتَ الجَهلُ".
"ويَبيعَ الرَّجلُ البيعَ فيقولَ: لا"،
أي: لا يَعقِدَ البيعَ ويَجزِمَ به، "حتَّى أستَأمِرَ تاجِرَ بَني فلانٍ"،
أي: فيما انتهَت إليه السِّلعةُ مِن ثَمنٍ وسِعرٍ، إشارةً إلى التَّغيُّرِ المستمرِّ، وكذلك حِرْصِ النَّاسِ على الدُّنيا، "ويُلتَمَسَ"،
أي: يُطلَبَ، "في الحيِّ العظيمِ"، إشارةً إلى الأماكِنِ الَّتي يَكثُرُ بها النَّاسُ، "الكاتِبُ"،
أي: الَّذي لا يَطمَعُ في أموالِ النَّاسِ، فيَكتُبَ بينَهم بالحقِّ، "فلا يُوجدَ"،
أي: فلا يَجِدُ أحَدٌ مَن يَكتُبُ له، أو لا يوجَدُ الكاتِبُ الَّذي به صِفةُ العدالةِ والأمانةِ.
وفي الحديثِ: إخبارُ النبيِّ صلَّى
اللهُ علَيه وسلَّم بالغَيبِ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن حِرْصِ النَّاسِ على المالِ.
وفيه: إشارةٌ إلى انتِشارِ العِلمِ الدُّنيَويِّ، الذي يُقابِلُه الجَهلُ بأمورِ الدِّينِ والبُعدُ عن الآخرةِ في آخر الزمان.
وفيه: تحذيرُ التُّجَّارِ مِن الحِرصِ على إفشاءِ الغَلاءِ في السِّلَعِ بما يتَّبِعونه من أساليبَ وحِيَلٍ.
وفيه: بيانُ أنَّ السَّاعةَ تَقومُ وقد نُزِع مِن الدُّنيا الخيرُ .
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم