كانَ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا جلَسَ يجلِسُ إليهِ نفرٌ من أصحابِهِ ، وفيهم رجلٌ لَهُ ابنٌ صغيرٌ يأتيهِ من خلفِ ظَهْرِهِ ، فيُقعدُهُ بينَ يديهِ ، فَهَلَكَ فامتنعَ الرَّجلُ أن يحضُرَ الحلقةَ لذِكْرِ ابنِهِ ، فحزنَ علَيهِ ، ففقدَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ : مالي لا أرى فلانًا ؟ قالوا : يا رسولَ اللَّهِ ، بُنَيُّهُ الَّذي رأيتَهُ هلَكَ ، فلقيَهُ النَّبيُّ فسألَهُ عن بُنَيِّهِ ، فأخبرَهُ أنَّهُ هلَكَ ، فعزَّاهُ علَيهِ ، ثمَّ قالَ : يا فلانُ ، أيُّما كانَ أحبُّ إليكَ أن تُمتَّعَ بِهِ عمُرَكَ ، أو لا تأتي غدًا إلى بابٍ من أبوابِ الجنَّةِ إلَّا وجدتَهُ قَد سبقَكَ إليهِ يفتَحُهُ لَكَ ، قالَ : يا نبيَّ اللَّهِ ، بل يَسبقُني إلى بابِ الجنَّةِ فيَفتحُها لي لَهوَ أحبُّ إليَّ ، قالَ : فذاكَ لَكَ
     الراوي :         قرة بن إياس المزني |  المحدث :         الألباني
        |        المصدر :         صحيح النسائي
        الصفحة أو الرقم: 2087 |  خلاصة حكم المحدث : صحيح
    إذا مات الولَدُ صَغيرًا فإنَّه يكونُ سَببًا في دُخولِ والدَيهِ الجنَّةَ بما صَبَرا واحتسَبا عِندَ 
اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ قُرَّةُ المُزنيُّ رَضِي 
اللهُ عَنه: "كان نبيُّ 
اللهِ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم إذا جلَس"،
 أي: بالمسجِدِ ونحوِه، "يجلِسُ إليه نفَرٌ مِن أصحابِه"،
 أي: يُشارِكُه في الجُلوسِ بَعضُ أَصحابِه رَضِي 
اللهُ عَنهم، والنَّفرُ: الجَماعةُ مِن الرِّجالِ مِن ثَلاثةٍ إلى عَشَرةٍ، "
وفيهم رَجلٌ"،
 أي: ممَّن يُجالِسُ النَّبيَّ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم، "له ابنٌ صَغيرٌ يَأتيه مِن خَلفِ ظَهرِه"،
 أي: يَأتي أباه مِن وَرائِه، "فيُقعِدُه بين يَديه"،
 أي: فيُجلِسُ الرَّجلُ ابنَه أمامَه، ولعلَّ المرادَ: بيانُ تَعَلُّقِ الرَّجلِ بابنِه، "فهَلَك"،
 أي: مات الابنُ، "فامتنَعَ الرَّجلُ أنْ يَحضُرَ الحَلْقةَ"،
 أي: مَجلِسَ رسولِ 
اللهِ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم، "لذِكْرِ ابنِه"،
 أي: لأنَّها تُذكِّرُه بابنِه وحُضورِه معَه، "فحَزِن عليه"،
 أي: تَجدَّد الحزنُ في قَلبِه، وقيل: بل انشَغَل عنها حُزنًا على ابنِه، "ففَقَده النَّبيُّ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم"،
 أي: لَمَّا غاب الرَّجلُ عن الحَلْقَةِ، أحَسَّ بغِيابِه النَّبيُّ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم، فقال النَّبيُّ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم: "ما لي لا أَرى فلانًا؟"،
 أي: يَسألُ عن الرَّجلِ الَّذي مات ابنُه، فقال مَن حضَر مِن الصَّحابةِ رَضِي 
اللهُ عَنهم: "يا رسولَ 
اللهِ، بُنَيُّه الَّذي رأَيتَه هلَك"،
 أي: أَخبَروا النَّبيَّ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم بموتِ ابنِه، "فلَقِيَه النَّبيُّ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم"،
 أي: قابَل النَّبيُّ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم الرَّجلَ، "فسأَله عن بُنيِّه، فأَخبرَه أنَّه هلَك، فعزَّاه عليه"،
 أي: دَعا له بأنْ يُحسِنَ 
اللهُ عَزاءَه، مُصبِّرًا له على ما ابتُلِيَ به، ثمَّ قال له النَّبيُّ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم: "يا فُلانُ، أيُّما كان أحَبَّ إليكَ؟"،
 أي: أيُّ الأمْرَينِ يكونُ أحَبَّ إلى قَلبِك: "أنْ تَمَتَّعَ به عُمُرَك"، وهذا إشارةٌ إلى الابنِ، والمرادُ: هل تُحِبُّ أنْ يَحيا حتَّى تَسعَدَ وتَفرَحَ به طولَ حَياتِك، "أو لا تَأتِيَ غدًا إلى بابٍ مِن أبوابِ الجنَّةِ"،
 أي: أو أنَّ الأَفضلَ والأحَبَّ أنْ تأتِيَه يومَ القِيامةِ عندَ دُخولِك الجنَّةَ، "إلَّا وجَدْتَه"،
 أي: هذا الابنَ الَّذي ماتَ، "قد سَبقَك إليه"،
 أي: إلى بابِ الجنَّةِ، "يَفتَحُه لك؟"، فقال الرَّجلُ: "يا نبيَّ 
اللهِ، بل يَسبِقُني إلى بابِ الجنَّةِ فيَفتَحُها لي، لَهو أحَبُّ إليَّ"، فقال رسولُ 
اللهِ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم: "فذَاك لك"،
 أي: إنَّ الَّذي أحبَبتَ وفضَّلتَ سيَرزُقك 
اللهُ إيَّاه يومَ القيامَةِ، وقدْ قال تعالى في الحَديثِ القُدْسيِّ الذي  أخْرَجَه البخاريُّ: "ما لِعَبْدي المؤمنِ عِنْدي جَزاءٌ إذا قَبَضتُ صَفِيَّه مِن أهلِ الدُّنيا ثمَّ احتَسَبه إلَّا الجنَّةُ"، والصَّفيُّ: هو الحَبيبُ والمفَضَّلُ؛ كالولَدِ، والأخِ، وكلِّ مَحبوبٍ مؤثَرٍ.
وفي الحديثِ: ما كان عليه النَّبيُّ صلَّى 
اللهُ علَيه وسلَّم مِن مَكارِمِ الأخلاقِ، وحُسْنِ المعاشرَةِ؛ حيثُ كان يتَفقَّدُ أَصحابَه إذا غابوا عن مَجلِسِه.
وفيه: فضلُ مَن ماتَ له أولادٌ وصبَر واحتَسَب .
 
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم