حديث فمررت على عائشة فقالت من هؤلاء القوم الذين خرجوا قبلكم يقال لهم الحرورية

أحاديث نبوية | مجمع الزوائد | حديث علي بن أبي طالب

«فمررت على عائشةَ فقالت مَن هؤلاءِ القومُ الذين خرجوا قبلَكم يُقالُ لهم الحروريةُ قال فقلت في مكانٍ يُقالُ له حرورَا قال قال فسُمُّوا بذلك الحروريةَ فقال طوبَى لِمَن شهِد هلكتَهم قالت أما واللهِ لو شاء ابنُ أبي طالبٍ لأخبرَكم خبرَهم فمَن ثم جئت أسألُ عن ذلك قال وفرغ عليٌّ فقال أينَ المستأذنُ فقال عليٌّ فقام عليه فقصَّ عليه مثل ما قصَّ علَيَّ قال فأهلَّ عليٌ ثلاثًا ثم قال كنت عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وليس عندَه أحدٌ إلا عائشةُ قال فقال لي يا عليُّ كيفَ أنت وقومٌ يخرجونَ بمكانِ كذا وكذا وأومأ بيدِه نحوَ المشرقِ يقرؤونَ القرآنَ لا يجاوزُ حناجِرَهم أو تراقِيَهم يمرقونَ من الإسلامِ كما يمرقُ السهمُ من الرميةِ فيهم رجلٌ مُخَدَّجُ اليدِ كأنَّ يدَه ثديُ حبشيةٍ ثم قال أنشدتكم باللهِ الذي لا إلهَ إلا هوَ أُحدِّثُكم إنه فيهم قالوا نعم فذهبتم فالتمَستُموه ثم جئتم به تسحبونَه كما نعتُّ لكم قال ثم قال صدق اللهُ ورسولُه ثلاثَ مراتٍ»

مجمع الزوائد
علي بن أبي طالب
الهيثمي
رجاله ثقات

مجمع الزوائد - رقم الحديث أو الصفحة: 6/241 -

شرح حديث فمررت على عائشة فقالت من هؤلاء القوم الذين خرجوا قبلكم يقال لهم


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

أنَّهُ كانَ في الجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مع عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنْه الَّذِينَ سَارُوا إلى الخَوَارِجِ، فَقالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أَيُّهَا النَّاسُ، إنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: يَخْرُجُ قَوْمٌ مِن أُمَّتي يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ، ليْسَ قِرَاءَتُكُمْ إلى قِرَاءَتِهِمْ بشَيءٍ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إلى صَلَاتِهِمْ بشَيءٍ، وَلَا صِيَامُكُمْ إلى صِيَامِهِمْ بشَيءٍ، يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ يَحْسِبُونَ أنَّهُ لهمْ وَهو عليهم، لا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلَامِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لو يَعْلَمُ الجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ ما قُضِيَ لهمْ علَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لَاتَّكَلُوا عَنِ العَمَلِ، وَآيَةُ ذلكَ أنَّ فيهم رَجُلًا له عَضُدٌ، وَليْسَ له ذِرَاعٌ، علَى رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ، عليه شَعَرَاتٌ بِيضٌ، فَتَذْهَبُونَ إلى مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَتَتْرُكُونَ هَؤُلَاءِ يَخْلُفُونَكُمْ في ذَرَارِيِّكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ؟! وَاللَّهِ، إنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكونُوا هَؤُلَاءِ القَوْمَ؛ فإنَّهُمْ قدْ سَفَكُوا الدَّمَ الحَرَامَ، وَأَغَارُوا في سَرْحِ النَّاسِ، فَسِيرُوا علَى اسْمِ اللَّهِ.
قالَ سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ: فَنَزَّلَنِي زَيْدُ بنُ وَهْبٍ مَنْزِلًا، حتَّى قالَ: مَرَرْنَا علَى قَنْطَرَةٍ، فَلَمَّا التَقَيْنَا، وعلَى الخَوَارِجِ يَومَئذٍ عبدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِيُّ، فَقالَ لهمْ: أَلْقُوا الرِّمَاحَ، وَسُلُّوا سُيُوفَكُمْ مِن جُفُونِهَا؛ فإنِّي أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كما نَاشَدُوكُمْ يَومَ حَرُورَاءَ، فَرَجَعُوا فَوَحَّشُوا برِمَاحِهِمْ، وَسَلُّوا السُّيُوفَ، وَشَجَرَهُمُ النَّاسُ برِمَاحِهِمْ، قالَ: وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ علَى بَعْضٍ، وَما أُصِيبَ مِنَ النَّاسِ يَومَئذٍ إلَّا رَجُلَانِ، فَقالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: الْتَمِسُوا فِيهِمُ المُخْدَجَ، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنْه بنَفْسِهِ حتَّى أَتَى نَاسًا قدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ علَى بَعْضٍ، قالَ: أَخِّرُوهُمْ، فَوَجَدُوهُ ممَّا يَلِي الأرْضَ، فَكَبَّرَ، ثُمَّ قالَ: صَدَقَ اللَّهُ، وَبَلَّغَ رَسولُهُ، قالَ: فَقَامَ إلَيْهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، فَقالَ: يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَلِلَّهَ الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ، لَسَمِعْتَ هذا الحَدِيثَ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ فَقالَ: إيْ، وَاللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ، حتَّى اسْتَحْلَفَهُ ثَلَاثًا، وَهو يَحْلِفُ له.
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : مسلم
| المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 1066 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



حذَّرَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِنَ البِدَعِ والغُلوِّ في الدِّينِ؛ لأنَّ ذلك يُؤدِّي إلى إفْسادِ المجتمَعاتِ، وربَّما أدَّى التَّشدُّدُ معَ عدَمِ الفقهِ في الدِّينِ إلى تَبْديعِ وتَكفيرِ المجتمَعاتِ المسلِمةِ، والخروجِ على الحُكَّامِ بغيرِ وجهِ حقٍّ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي التَّابِعيُّ زَيدُ بنُ وهْبٍ الجُهَنيُّ أنَّه كان معَ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه في الجَيشِ الَّذي سارَ إلى الخَوارجِ ليُحاربَهم، وكان ذلك سنةَ ثمانيةٍ وثلاثينَ منَ الهِجرةِ في مَوْقعةِ النَّهرَوانِ، تَقَعُ جنوبَ شَرقِ بَغدادَ بالعِراقِ على بُعدِ 35 كم تقريبًا، وهُم مَن أنْكَروا على عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنه التَّحكيمَ في قِتالِه معَ مُعاويةَ رَضيَ اللهُ عنه، ثمَّ قاتَلوه، وكَفَّروا المسلِمينَ، واستحَلُّوا دماءَهم.
فخطَبَ عَليٌّ رَضيَ اللهُ عنه في جَيشِه تَثْبيتًا وحثًّا لهم على القِتالِ والصَّبرِ فيه، وأخبَرَ أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبيِّنُ بعضَ صِفاتِ الخَوارجِ، وأنَّهم يَكونونَ قَوْمًا مِن أمَّةِ الإسْلامِ «يَقْرَؤونَ القُرْآنَ»، أي: يُكثرونَ من تِلاوتِه، وكذلك هم كَثيرو الصَّلاةِ والصِّيامِ، بحيث إنَّ النَّاسَ إذا قارَنوا بينَ حالِهم وحالِ غيرِهم، لا يَعُدُّونَ عبادةَ غيرِهم بالنِّسبةِ إليهم شيئًا، «يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ يَحْسَبُونَ أنَّهُ لهمْ»، أي: حُجةٌ لهم في إثْباتِ دَعاويهم، وليس هو كذلك في الحقيقةِ، بل هو حُجَّةٌ عليهم عندَ اللهِ تعالى، وفي الصَّحيحَينِ من حَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضيَ اللهُ عنه: «لا يُجاوِزُ تَراقِيَهُمْ»، وكذلك فإنَّ صَلاتَهم لا تُجاوزُ تَراقِيَهم، ويَحتمِلُ أنَّ المرادَ بالصَّلاةِ هنا: القِراءةُ فيها، والتَّراقِي: جمعُ تَرْقُوةٍ، وهي العَظْمُ الَّذي بيْنَ ثُغرةِ النَّحرِ والعاتقِ، فإنَّهم لا يَفقَهونَ القرآنَ، ولا يَنتفِعونَ بتِلاوتِهِ، ولا يتَدبَّرونَ آياتِه، ولا يتفَكَّرونَ في مَعانيه، فلا تَصِلُ إلى قُلوبِهم بالتَّدبُّرِ والخُشوعِ، ولا تَصعَدُ إلى السَّماءِ، فلا يَكونُ لهم بها أجرٌ ولا ثوابٌ، «يَمرُقونَ»، أي: يخرُجونَ مِنَ الإسْلامِ سَريعًا، ولا يَتعَلَّقونَ مِنْه بشَيءٍ، كما يمرُقُ السَّهمُ مِنَ الرَّميَّةِ، أي: مِثلَ السَّهْمِ القَويِّ السَّريعِ الَّذي يَخترِقُ الهدَفَ المَرْمِيَّ إليه، ويَنفُذُ في الصَّيدِ، ومِن قُوَّتِه وسُرْعتِه يَدخُلُ مِن جِهةٍ، ويَخرُجُ مِنَ الجِهةِ المُقابِلةِ ولا يكونُ فيه أثرٌ مِن دَمٍ أو لَحْمٍ، ثُمَّ إنَّهم لا يَرجِعونَ إلى الدِّينِ، كما لا يَرجِعُ السَّهمُ إلى مَوضِعِه مِنَ القَوْسِ.
ثمَّ يَذكُرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه لو يَعلَمُ الجيشُ الَّذين يَقتُلونَهم ويَغلِبونَهم، ما أخبَرَ به نَبيُّهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وحكَمَ لهم به منَ الأجْرِ والثَّوابِ، لاعْتَمَدوا على تلك البِشارةِ وترَكوا العملَ اتِّكالًا على المثوبةِ الَّتي بُشِّروا بها بسببِ قَتلِهم للخَوارجِ.
وعلامةُ هؤلاء الخَوارجِ «أنَّ فيهم رجُلًا له عضُدٌ» وهو ما بيْنَ الكتِفِ إلى المِرفَقِ، وليس له «ذراعٌ» وهو ما بيْنَ المِرفَقِ إلى الكفِّ، ويوجَدُ على رأسِ عضُدِه مِثلُ «حَلَمةِ الثَّديِ»، وكذلك يوجَدُ على رأسِ عضُدِه شَعَراتٌ بِيضٌ.
ثُمَّ أنكَرَ عَليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه على الجَيشِ بطَريقةِ الاسْتِفهامِ: أتُريدونَ أنْ تَذهَبوا إلى مُعاويةَ وأهلِ الشَّامِ وتُقاتِلوهم وتَتْرُكوا هؤلاء الخَوارجَ، يَخلُفونَكم في نِسائِكم وأطْفالِكم، ويَنهَبونَ أمْوالَكم؟! والمَعنى: لا يَنبَغي ولا يصِحُّ أنْ يحصُلَ هذا، وغرضُه بذلك الحثُّ على المبادَرةِ بقِتالِهم قبلَ الخُروجِ إلى مُعاويةَ وأهلِ الشَّامِ.
ثُمَّ أقسَمَ عَليٌّ رَضيَ اللهُ عنه فقال: «واللهِ، إنِّي لأرْجو أنْ يكونوا هؤلاء» الَّذين بينَنا وخَرَجوا علينا وعن طاعَتِنا، «القومَ» الَّذين أخبَر عنهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ووَصَفَهم لنا؛ فإنَّهم بالَغوا في إراقةِ دمِ المُسلِمينَ، وهو دمٌ محرَّمٌ سَفكُه؛ وذلك أنَّهم قَتَلوا عبدَ اللهِ بنَ خبَّابٍ وأمَّ وَلدِه، «وأغاروا في سَرحِ النَّاسِ»، أي: على أمْوالِ النَّاسِ ونَهَبوا مَواشِيَهم السَّائمةَ، ثُمَّ قال عَليٌّ رَضيَ اللهُ عنه: «فسِيروا على اسمِ اللهِ» يَعني: على بَرَكةِ اسمِ اللهِ، مُستَعينينَ باللهِ ومُتوكِّلينَ عليه، وفيه دليلٌ على ابْتِداءِ الأعْمالِ بذِكرِ اللهِ.
ويُخبِرُ سلَمةُ بنُ كُهَيلٍ الحَضرَميُّ الكوفيُّ -أحدُ رُواةِ الحَديثِ-: أنَّ التَّابِعيَّ زَيدَ بنَ وَهبٍ ذكَرَ له مواضِعَ سَفَرِهم لقتالِ الخَوارِجِ مَوضعًا مَوضعًا، حتَّى بلَغَ القَنطرةَ الَّتي كان القِتالُ عندَها، وهي قَنطرةُ الديزجانِ، كذا جاء مُبَيَّنًا في سُننِ النَّسائيِ الكُبرى، والقَنطرةُ ما يُبْنى على الماءِ للعُبورِ عليه، وهي جسرُ النَّهرَوانِ الَّذي اجتمَعَ عندَه الخوارجُ.
ويَحْكي زيدُ بنُ وَهبٍ أنَّه لمَّا الْتَقى الجَيشانِ للقتالِ، كان أميرُ الخَوارجِ يومَئذٍ عبدَ اللهِ بنَ وهبٍ الرَّاسبيَّ، فقال للخَوارجِ: ارْموا الرِّماحَ، وأخْرِجوا السُّيوفَ مِن أغْمادِها، يُريدُ بذلك أنْ يَبتدئَ الجَيشانِ بالقتالِ، فلا يكونُ هناك أيُّ احْتمالٍ بَديلٍ للقتالِ، كالهُدنةِ والمُناشَدةِ، وهي أنْ يَسْألوهم باللهِ ويُقسِموا عليهم، فيَتَراجَعَ بعضُ أصْحابِه عنه، وتَضعُفَ قوَّةُ جَيشِه، فالمقابلةُ بالرِّماحِ يَصحَبُها تباعُدٌ بينَ الجَيشَينِ، والَّتي يَحتمِلُ معَها شَفَقةُ البعضِ عندَ رُؤيةِ الدِّماءِ، فيَدْعو إلى التَّوقُّفِ عنِ القتالِ، أمَّا القتالُ بالسيفِ فسُرعانَ ما يَنشَبُ ويَنتهي بهزيمةِ أحدِ الجَيشَينِ، وكان ابنُ وَهبٍ يأمُلُ أنْ يكونَ هو المنتصِرَ في تلك المَعركةِ، وقولُه: «كما ناشَدُوكم يومَ حَروراءَ» هي قريةٌ بقُربِ الكوفةِ، يُنسَبُ إليها فِرقةٌ منَ الخَوارِجِ، كان أوَّلُ اجْتِماعِهم بها، والمرادُ باليومِ: هو اليومُ الَّذي اجتَمَعَ فيه الخَوارجُ، وهم ثَمانيةُ آلافٍ، وقيلَ غيرُ ذلك، فنَزَلوا حَروراءَ، وكان كَبيرَهم عبدُ اللهِ بنُ الكَوَّاءِ اليَشْكُريُّ، وشَبَثٌ التَّميميُّ، فأرسَلَ إليهم عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه ابنَ عمِّه عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، فناظَرَهم، فرجَعَ كثيرٌ منهم معَه، ثُمَّ خرَجَ إليهم عَليٌّ، فناشَدَهم، وناقَشَهم، فأطاعوه، ودَخَلوا معَه الكوفةَ.
فلمَّا سمِعَ الخَوارجُ عبدَ اللهِ بنَ وهبٍ أطاعوه «فوحَّشوا برِماحِهم»، أي: رمَوْا بها بَعيدًا منهم، ودَخَلوا في قِتالِ جَيشِ عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنه بالسُّيوفِ، فكان في هذا الرَّأيِ فَتحٌ للمُسلِمينَ وجيشِ عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنه، وصيانةٌ لدِمائِهم، وتَمكينٌ لهم، «وشَجَرَهمُ النَّاسُ برِماحِهم»، أي: طعَنَهم أصْحابُ عليٍّ رَضيَ اللهُ عنه برِماحِهم مثلَ الشَّجرِ، وسُمِّيَ الشَّجَرُ شَجَرًا؛ لتَداخُلِ أغْصانِه، فرَماهم أصْحابُ عليٍّ رَضيَ اللهُ عنه بالرِّماحِ قبلَ أنْ يَصِلوا إليهم، ثُمَّ الْتَحَموا معَهم وقَتَلوا منهم المَقْتلةَ العَظيمةَ، ولم يُقتَلْ من فريقِ عليٍّ رَضيَ اللهُ عنه إلَّا رجُلانِ، وقولُه: «وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ علَى بَعْضٍ»، أي: حتَّى ركِبَ بعضُهم فوقَ بعضٍ لكَثرةِ القَتْلى، فصاروا أكْوامًا.
ثُمَّ أمَرَهم عَليٌّ رَضيَ اللهُ عنه بعدَ انْتِهاءِ المعركةِ أنْ يَبحَثوا عنِ الرجُلِ «المُخدَجِ»، أي: ناقصِ الخَلْقِ، وهو الَّذي ذُكِرتْ صِفتُه في أوَّلِ الحَديثِ، فطَلَبوه وبحَثوا عنه فلم يَجِدوه، فقام عَليٌّ رَضيَ اللهُ عنه بنفْسِه حتَّى أتى كَوْمةً منَ المَقْتولينَ منَ الخَوارجِ، فأمَرَ أنْ يُباعَدوا عن بعضِهمُ البعضِ، فوجَدَ تحتَهمُ الرَّجلَ الَّذي يبحَثُ عنه ميِّتًا، فكبَّرَ عَليٌّ رَضيَ اللهُ عنه تَعجُّبًا من وِجْدانِه الرَّجلَ المُخدَجَ على الوَصفِ الَّذي وصَفَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ به، ثمَّ قال بعدَ التَّكْبيرِ: «صدَقَ اللهُ» سُبحانَه وتعالى فيما أوْحى إلى نَبيِّه، «وبلَّغَ رسولُه» رسالتَه إلينا، وإلى النَّاس حقًّا.
وأخبَرَ زيدُ بنُ وَهبٍ الجُهَنيُّ أنَّ التَّابِعيَّ عَبِيدةَ السَّلْمانيَّ نادى عليًّا رَضيَ اللهُ عنه: يا أميرَ المُؤمنينَ، وأقسَمَ عليه باللهِ الَّذي لا إلهَ إلَّا هو إنَّه لسَمِعَ هذا الحَديثَ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال عليٌّ رَضيَ اللهُ عنه مُقسِمًا: «إيْ، واللهِ الَّذي لا إلهَ إلَّا هو»، أي: نعمْ سَمِعتُه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، «حتَّى استَحلَفَه ثلاثًا» وإنَّما استَحلَفَه ليُسمِعَ الحاضِرينَ، ويُؤكِّدَ ذلك عندَهم، ويُظهِرَ لهم المُعجزةَ الَّتي أخبَرَ بها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويُظهِرَ لهم أنَّ عليًّا وأصْحابَه أَوْلى الطَّائفَتَينِ بالحقِّ، وأنَّهم مُحقُّونَ في قِتالِهم.
وفي الحَديثِ: خُطورةُ الجهلِ بالدِّينِ والاسْتبدادِ بالرَّأيِ.
وفيه: زيادةُ الثَّوابِ في قَتلِ الخَوارجِ.
وفيه: التَّحْذيرُ مِنَ الغُلوِّ في الدِّيانةِ، ومِنَ التَّنطُّعِ في العِبادةِ.
وفيه: قِتالُ مَن خرَجَ عن طاعةِ الإمامِ العادلِ.
وفيه: ذِكرُ بعضِ صفاتِ الخَوارجِ.
وفيه: فَضيلةُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: الاسْتِحلافُ مِن أجْلِ التَّثبُّتِ مِنَ الأمْرِ الغَريبِ؛ لتَأْكيدِه عندَ السَّامِعينَ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
مجمع الزوائدقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
مجمع الزوائدكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى رقاه جبريل عليه السلام فقال
مجمع الزوائدكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انقطع شسع نعله مشى في نعل
مجمع الزوائدكان النبي صلى الله عليه وسلم يغزو معه نسوة من الأنصار فتسقي المرضى
مجمع الزوائدلا عدوى ولا هامة فمن أعدى الأول
مجمع الزوائدلا يزال أمر أمتي صالحا حتى يمضي اثنا عشر خليفة وخفض بها صوته
مجمع الزوائدمر رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بشعب من ماء فأعجبه
مجمع الزوائدمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم يرمون فقال ارموا بني
مجمع الزوائدمن أتى عرافا لم تقبل له صلاة أربعين ليلة
مجمع الزوائدمن أكل سبع تمرات عجوات ما بين لابتي المدينة على الريق لا يضره
مجمع الزوائدمن أنعم الله عز وجل عليه نعمة فإن الله عز وجل يحب أن
مجمع الزوائدمن اشترى أو أهدي له كبش فليقسمه على ثلاثة أجزاء كل يوم جزءا


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, November 23, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب