شرح حديث عن معمر بن عبد الله أنه أرسل غلاما له بصاع من قمح
كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة
أنَّهُ أَرْسَلَ غُلَامَهُ بصَاعِ قَمْحٍ، فَقالَ: بعْهُ، ثُمَّ اشْتَرِ به شَعِيرًا، فَذَهَبَ الغُلَامُ، فأخَذَ صَاعًا وَزِيَادَةَ بَعْضِ صَاعٍ، فَلَمَّا جَاءَ مَعْمَرًا أَخْبَرَهُ بذلكَ، فَقالَ له مَعْمَرٌ: لِمَ فَعَلْتَ ذلكَ؟! انْطَلِقْ فَرُدَّهُ، وَلَا تَأْخُذَنَّ إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ؛ فإنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: الطَّعَامُ بالطَّعَامِ مِثْلًا بمِثْلٍ.
قالَ: وَكانَ طَعَامُنَا يَومَئذٍ الشَّعِيرَ، قيلَ له: فإنَّه ليسَ بمِثْلِهِ، قالَ: إنِّي أَخَافُ أَنْ يُضَارِعَ.
الراوي : معمر بن عبدالله بن نضلة | المحدث : مسلم
| المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 1592 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
الرِّبا نَوعٌ مِن أنْواعِ الاسْتِغلالِ في المُعامَلاتِ،
وفيه قدْرٌ كبيرٌ مِنَ الضَّررِ،
وفيه سُحْتٌ وأخْذُ زيادةٍ بِالباطلِ؛ ومِن هنا كان مُحَرَّمًا في جميعِ الشَّرائعِ، ومن أنْواعِ الرِّبا رِبَا الفَضلِ، وهو بيعُ المالِ الرِّبويِّ بِجنسهِ معَ زِيادةٍ في أحَدِ العِوَضَيْنِ، مِثلَ: أنْ يَبيعَه صَاعَ قَمحٍ بِصاعَينِ مِنه، أو مائةَ غِرامِ ذَهَبٍ بِمائةٍ وَعَشرةٍ منه.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي مَعْمَرُ بنُ عبدِ
اللهِ بنِ نَضْلةَ رَضيَ
اللهُ عنه أنَّه أرسلَ غُلامَه الَّذي يخدُمُه بِصاعِ قَمْحٍ، وأمَرَه بِبَيعِهِ بالنَّقدِ منَ الدَّراهمِ والدَّنانيرِ، ثُمَّ يَشتري بِثَمنِ القمحِ شَعِيرًا، فذَهَبَ الغُلامُ، فاشْتَرى صَاعًا من شَعيرٍ وزِيادَةً بَعضَ صَاعٍ من شَعيرٍ بالقَمحِ مُباشرةً دُونَ أنْ يَبِيعَ القمحَ أوَّلًا، ويَشْتريَ الشَّعيرَ بِثَمنِه، ولعلَّهُ فَعلَ ذلك؛ لأنَّ المقصودَ شِراءُ الشَّعيرِ وقدْ تحقَّقَ بذلك.
فَلمَّا رجَعَ الخادمُ إلى مَعْمَرٍ، أَخبرَه بِما فَعلَه من بيعِه صاعَ قمحٍ بصاعِ شعيرٍ وزيادةٍ، فَسألَه مَعْمَرٌ: لِمَ فَعلْتَ ذلك؟! وهذا سؤالُ إنْكارٍ، ثُمَّ أمَرَه أنْ يرجِعَ وأنْ يأتيَ بالقمحِ ويرُدَّ الشَّعيرَ، ولا يَأخذَنَّ منه الشَّعيرَ إلَّا مِثلًا مُقابَلًا بِمثْلٍ في الوَزنِ، ثُمَّ بيَّنَ له سببَ ردِّه الشَّعيرَ الزَّائدَ؛ فإنَّه قد سمِعَ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «
الطَّعامُ بِالطَّعامِ»
يَعني: بيعُ أحَدِهما بالآخَرِ يكونُ «
مِثلًا بِمِثْلٍ»،
أي: في الوَزنِ والمِقْدارِ دونَ زيادةٍ أو تفاضُلٍ، والمرادُ بالطَّعامَينِ ما يكونُ من جِنسٍ واحدٍ؛ كما في رِوايةِ صَحيحِ مُسلمٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «
فإذا اختلَفَتْ هذه الأصْنافُ، فبيعوا كيف شِئْتم، إذا كان يدًا بيدٍ».
قال مَعْمَرٌ رَضيَ
اللهُ عنه: «
وكانَ طعامُنا يَومَئذٍ الشَّعيرَ»،
أي: كان المُشتَهِرَ على عهدِ النَّبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، فاعترَضَه بعضُ الحاضِرينَ أنَّ الشَّعيرَ ليس من جِنسِ القَمحِ، والمرادُ أنَّ القَمحَ والشَّعيرَ جِنسانِ، فلا يحرُمُ فيهما التَّفاضُلُ، فقال مَعمَرٌ رَضيَ
اللهُ عنه: «
إِنِّي أخافُ أنْ يُضارِعَ»،
أي: يُشابِهَ، وَالمقصودُ أنَّه يَخافُ أنْ يكونَ في مَعنى المُماثِلِ، فيكونَ له حُكْمُه في تَحريمِ الرِّبَا؛ لكونِ القَمحِ والشَّعيرِ مُتقارِبَينِ، ولإطْلاقِ لفظِ الطَّعامِ على كلِّ واحدٍ منهما، وهذا توَرُّعٌ واحْتياطٌ منه رَضيَ
اللهُ عنه.
وفي الحَديثِ: النَّهْيُ عَن رِبَا الفَضْلِ.
وفيه: ما كان عليه الصَّحابةُ منَ التَّورُّعِ عنِ الوُقوعِ في الحرامِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم