ذَهَبْتُ لأنْصُرَ هذا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِي أبو بَكْرَةَ فَقالَ أيْنَ تُرِيدُ؟ قُلتُ: أنْصُرُ هذا الرَّجُلَ، قالَ: ارْجِعْ؛ فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بسَيْفَيْهِما فَالقَاتِلُ والمَقْتُولُ في النَّارِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، هذا القَاتِلُ فَما بَالُ المَقْتُولِ؟ قالَ: إنَّه كانَ حَرِيصًا علَى قَتْلِ صَاحِبِهِ.
الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 31 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
سَفْكُ الدَّمِ الحَرامِ مِن أكبَرِ المعاصي الَّتي قد يَلقَى الإنسانُ بها
اللهَ تعالى، وقد تَوعَّدَ
اللهُ سُبحانَه وتعالَى قاتلَ المُسلِمِ بغيرِ حقٍّ بالعذابِ المُقيمِ؛ ولذلك اعتَزَلَتْ فِئةٌ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ الفِتنةَ الَّتي وقعَتْ بعدَ مَقتلِ عُثمانَ بنِ عفَّانَ رَضيَ
اللهُ عنه؛ خَشيةَ أنْ يَتورَّطوا في دَمٍ حرامٍ يَسأَلُهم
اللهُ تعالَى عنه يومَ القِيامةِ، وكان ممَّنْ اعتزَلَ القِتالَ أبو بَكْرةَ نُفيعُ بنُ الحارثُ رَضيَ
اللهُ عنه.
وفي هذا الحَديثِ أنَّ أبا بَكْرةَ رَضيَ
اللهُ عنه لَمَّا رأَى الأحْنَفَ بنَ قَيسٍ مُتوجِّهًا للقِتالِ، قال له: أين تُريدُ؟ قال: أنصُرُ هذا الرجُلَ، يعْني: عليَّ بنَ أبي طالبٍ رَضيَ
اللهُ عنه في حَرْبِه يومَ الجَمَلِ سنةَ 36 هِجْريَّةً، وهي مَوقعةٌ فيها فِتنةٌ كَبيرةٌ، حدَثَت بالبصرةِ بيْنَ عليٍّ رَضيَ
اللهُ عنه ومَن معَه، والزُّبيرِ وطَلْحةَ وعائشةَ رَضيَ
اللهُ عنهم ومَن معَهم، وكان ذَهابُ عائشةَ رَضيَ
اللهُ عنها للإصلاحِ، وليس للقِتالِ، ثمَّ اضطرَبَت الأمورُ وحدَثَ ما حدَثَ.
فقال أبو بَكْرةَ رَضيَ
اللهُ عنه للأحنَفِ: ارجِعْ، ثمَّ أخبَرَه أنَّه سَمِعَ رسولَ
اللهِ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ المسلِمَينِ إذا الْتَقَيَا بسَيفَيْهما وتقاتلَا على الدُّنيا أو بغَيرِ تَأويلٍ شرعيٍّ سائغٍ، فالقاتلُ والمقتولُ يَستحقَّانِ دُخولَ النَّارَ.فقال أبو بَكْرةَ رَضيَ
اللهُ عنه مُستفهِمًا: «
يا رسولَ اللهِ، هذا القاتلُ؛ فما بالُ المقتولِ؟»، يعني: فلماذا يَدخُلُ النارَ مع أنه هو الذي قُتِلَ؟ فأجابَه النبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ بقولِه: «
إنَّه كان حَريصًا على قتْلِ صاحبِه» فكان يُريدُ قتْلَ صاحبِه، ولو سنَحَتْ له الفُرصةُ لَفَعلَ، ولا يَدخُلُ في هذا المسلِمُ الذي يَدفَعُ صائلًا مُسلِمًا، فيُقاتِلُ دُونَ مالِه أو عِرضِه سواءٌ قتَلَ أو قُتِلَ.
وكوْنُ الاثنينِ في النارِ لا
يَعني خُلودَهما فيها، ولكنْ هذا عقابٌ على هذه المَعصيةِ، ثمَّ يكونُ أمْرُهما إلى
اللهِ تعالَى: إنْ شاء عاقَبَهما ثمَّ أخرَجَهما مِن النارِ كسائرِ الموَحِّدينَ، وإنْ شاء عَفا عنْهما فلمْ يُعاقِبْهُما أصلًا، وإنَّما الخُلودُ لِمَنِ استحَلَّ القتْلَ.
وفي الحديثِ: أنَّ قِتالَ المسلِمِ لأخيه المُسلِمِ بغَيرِ وجْهٍ شَرعيٍّ كبيرةٌ مِن الكبائرِ، وأنَّ صاحبَ الكبيرةِ لا يَكْفُرُ بفِعلِها؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ سمَّى المُتقاتلَيْنِ مُسلِمَينِ.
شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم