حديث أقلني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأبى فخرج الأعرابي فقال

أحاديث نبوية | صحيح البخاري | حديث جابر بن عبدالله

«أنَّ أعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى الإسْلَامِ، فأصَابَ الأعْرَابِيَّ وعْكٌ بالمَدِينَةِ، فأتَى الأعْرَابِيُّ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أقِلْنِي بَيْعَتِي، فأبَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أقِلْنِي بَيْعَتِي، فأبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أقِلْنِي بَيْعَتِي، فأبَى، فَخَرَجَ الأعْرَابِيُّ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّما المَدِينَةُ كَالكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا، ويَنْصَعُ طِيبُهَا.»

صحيح البخاري
جابر بن عبدالله
البخاري
[صحيح]

صحيح البخاري - رقم الحديث أو الصفحة: 7211 -

شرح حديث أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

المدينةُ النَّبويَّةُ بُقعةٌ مِن الأرضِ مُبارَكةٌ، طَهَّرَها اللهُ مِن الأدناسِ، واختارَها لتَكونَ مَكانَ هِجرةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وحاضنةَ دَعوتِه، ومَلاذَ الصَّالحينَ مِن عِبادِه.
وفي هذا الحَديثِ يروي جابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ أعرابيًّا -وهو الذي يسكُنُ الصَّحراءَ مِنَ العَرَبِ- جاء إلى المدينةِ مُهاجِرًا، ثم بَايَعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأعطاه العَهْدَ والبيعةَ التي كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأخُذُها من كُلِّ من أراد الهِجرةَ مِن مَوطِنِه إلى المدينةِ على الدُّخولِ في الإسلامِ، والسَّمعِ والطَّاعةِ، وعَدَمِ العودةِ إلى مَوطِنِه، «فأَصَابَ الأعرابِيَّ وَعْكٌ»، أي: حُمَّى، وهو بالمدينةِ، فلم يصبِرْ عليها، فجاءَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وطلب منه أن يُعفِيَه من البَيعةِ والعَهدِ والميثاقِ الذي سبق أن أخذَه عليه، والظَّاهِرُ أنَّه لم يُرِدِ الارتدادَ عن الإسلامِ، وإنَّما أراد الرُّجوعَ عن الهِجرةِ، وإلَّا لم يكُنْ لِيَستأذِنَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ذلك؛ إذ لو أرادَ الرِّدَّةَ والكُفرَ لقَتَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرَفَضَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يُعفِيَه من البيعةِ؛ لأنَّه لا يَحِلُّ للمُهاجِرِ أنْ يَرْجِعَ إلى وَطَنِه؛ لأنَّ الارتدادَ عن الهِجرةِ مِن أكبرِ الكَبائرِ، وهذا سُوءُ ظَنٍّ مِن الأعرابيِّ؛ فإنه تَوهَّمَ أنَّ ما أصابَه مِن الحُمَّى إنَّما هو بسَببِ البَيعةِ، وأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لو أقالَهُ لذَهَبَ ما لَحِقَه مِن الحُمَّى، ثُمَّ كرَّر ذلك مرَّتَينِ، وهذا يُبيِّنُ حِرصَ الرَّجُلِ على طَلَبِه، فرفَضَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يُقِيلَه مِن بَيعتِه وهجرتِه، فخَرَج الأعرابيُّ مِن المدينةِ دونَ موافَقةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فخرج عاصِيًا، وظَنَّ أنَّه معذورٌ لِما نزل به من الوباءِ، ولعَلَّه لم يعلَمْ أنَّ الهِجرةَ فَرضٌ عليه، فأَخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ المدينةَ كالكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا ويَنْصَعُ طِيبُهَا، والكِيرُ: هو الجِلدُ الَّذي يَنفُخُ به الحَدَّادُ على النَّارِ، أو دُكَّانُ الحَدَّادِ، فكما أنَّ الكِيرَ يكونُ به تَنقيةُ الحديدِ مِن وَسَخِه بالنَّارِ، فكذلك تَفعَلُ المدينةُ، فتُنقِّي نفْسَها مِن أمثالِ هذا، ويَنصَعُ طِيبُها، أي: يَخلُصُ ويفُوحُ، وهو مثَلٌ لإيمانِ مَن سَكَنَها مِن المُؤمنين الصَّادقينَ.
وهذا تَشبيهٌ حَسنٌ؛ لأنَّ الكِيرَ -بشِدَّةِ نَفْخِه- يَنْفي عن النَّارِ السَّوادَ والدُّخَانَ والرَّمَادَ حتَّى لا يَبْقى إلَّا خالصُ الجَمْرِ، وهذا إنْ أُرِيدَ بالكِيرِ المِنْفَخُ الَّذي يُنفَخُ به النارُ، وإنْ أُرِيدَ به الموضعُ، فالمعنَى: أنَّ ذلك الموضعَ -لشِدَّةِ حَرارتِه- يَنزِعُ خَبَثَ الحديدِ والفِضَّةِ والذَّهَبِ ويُخرِجُ خُلاصةَ ذلك، والمدينةُ كذلك تَنْفي شِرارَ النَّاسِ بالحُمَّى والتَّعَبِ، وشِدَّةِ العَيشِ وضِيقِ الحالِ التي تُخلِّصُ النَّفْسَ مِن الاسترسالِ في الشَّهواتِ، وتُطهِّرُ خِيارَهم وتُزكِّيهم.
وليس هذا الوَصفُ عامًّا لها في جَميعِ الأزمنةِ، بلْ هو خاصٌّ بزَمَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه لم يكُنْ يَخرُجُ عنها رَغبةً في عدَمِ الإقامةِ معه إلَّا مَن لا خَيْرَ فيه، وقدْ خَرَجَ منها بعْدَه جَماعةٌ مِن خِيارِ الصَّحابةِ، وقَطَنوا غيرَها، وماتوا خارِجًا عنها.
ولا يُعارَضُ ذلك بأنَّ المنافِقينَ قدْ سَكَنوا المدينةَ وماتوا فيها ولم تَنفِهم؛ لأنَّ المدينةَ كانتْ دارَهم أصلًا، ولم يَسكُنوها بالإسلامِ ولا حِبالِه، وإنَّما سَكَنوها لِما فيها مِن أصْلِ مَعاشِهم، ولم يُرِدْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بضَرْبِ المثَلِ إلَّا مَن عقَدَ الإسلامَ راغبًا فيه، ثمَّ خبُثَ قلْبُه.
وفي الحَديثِ: أنَّ مَن عقَدَ على نفْسِه أو على غيرِه عَقْدَ اللهِ، فلا يَجوزُ له حَلُّه؛ لأنَّ في حَلِّه خُروجًا إلى مَعصيةِ اللهِ، وقدْ قال اللهُ تعالَى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ } [ المائدة: 1 ].

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح البخاريجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال بايعني على الإسلام فبايعه
صحيح الترمذيأن أعرابيا بايع النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصابه وعك بالمدينة
صحيح النسائيأن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب
صحيح مسلمحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال فكان
صحيح البخاريحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا طويلا عن الدجال فكان فيما
صحيح البخاريحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال فكان
صحيح ابن حبانحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدجال فقال فيما حدثنا
صحيح الجامعيأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينزل بعض السباخ
صحيح مسلميخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين فتلقاه المسالح مسالح الدجال فيقولون له
صحيح ابن حبانليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ليس نقب من أنقابها
صحيح مسلمليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة وليس نقب من أنقابها
صحيح البخاريليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ليس له من نقابها


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Tuesday, July 16, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب