حديث إن ابني هذا سيد و لعل الله أن يصلح به بين فئتين

أحاديث نبوية | صحيح الجامع | حديث أبو بكرة نفيع بن الحارث

«إنَّ ابني هذا سيدٌ ، و لعلَّ اللهَ أنْ يُصلِحَ به بين فئتينِ عظيمتينِ من المسلمينَ»

صحيح الجامع
أبو بكرة نفيع بن الحارث
الألباني
صحيح

صحيح الجامع - رقم الحديث أو الصفحة: 1528 -

شرح حديث إن ابني هذا سيد و لعل الله أن يصلح به بين


كتب الحديث | صحة حديث | الكتب الستة

اسْتَقْبَلَ -واللَّهِ- الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بكَتَائِبَ أمْثَالِ الجِبَالِ، فَقالَ عَمْرُو بنُ العَاصِ: إنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لا تُوَلِّي حتَّى تَقْتُلَ أقْرَانَهَا، فَقالَ له مُعَاوِيَةُ -وكانَ واللَّهِ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ-: أيْ عَمْرُو، إنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ وهَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ، مَن لي بأُمُورِ النَّاسِ؟ مَن لي بنِسَائِهِمْ؟ مَن لي بضَيْعَتِهِمْ؟ فَبَعَثَ إلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِن قُرَيْشٍ مِن بَنِي عبدِ شَمْسٍ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ سَمُرَةَ، وعَبْدَ اللَّهِ بنَ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ، فَقالَ: اذْهَبَا إلى هذا الرَّجُلِ، فَاعْرِضَا عليه، وقُولَا له: واطْلُبَا إلَيْهِ.
فأتَيَاهُ، فَدَخَلَا عليه، فَتَكَلَّمَا وقالَا له، فَطَلَبَا إلَيْهِ، فَقالَ لهما الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ: إنَّا بَنُو عبدِ المُطَّلِبِ قدْ أصَبْنَا مِن هذا المَالِ، وإنَّ هذِه الأُمَّةَ قدْ عَاثَتْ في دِمَائِهَا، قالَا: فإنَّه يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وكَذَا، ويَطْلُبُ إلَيْكَ ويَسْأَلُكَ قالَ: فمَن لي بهذا؟ قالَا: نَحْنُ لكَ به، فَما سَأَلَهُما شيئًا إلَّا قالَا: نَحْنُ لكَ به، فَصَالَحَهُ.
فَقالَ الحَسَنُ: ولقَدْ سَمِعْتُ أبَا بَكْرَةَ يقولُ: رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ والحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ إلى جَنْبِهِ، وهو يُقْبِلُ علَى النَّاسِ مَرَّةً وعليه أُخْرَى، ويقولُ: إنَّ ابْنِي هذا سَيِّدٌ، ولَعَلَّ اللَّهَ أنْ يُصْلِحَ به بيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ.
الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث | المحدث : البخاري
| المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2704 | خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]



الصُّلحُ بيْن المسلمينَ أمرٌ واجبٌ شَرعًا على مَن قدَرَ عليه، وقدْ ضَرَبَ الحسنُ بنُ علِيِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنهما أَروعَ الأمثلةِ في التَّضحيةِ بحَظِّ نفْسِه مِن أجْلِ الصُّلحِ بيْن المسلمينَ بعْدَ القتالِ بيْنهم في أحداثِ الفِتنة الكُبرى.
وفي هذا الحديثِ يَحلِف التَّابعيُّ الحَسنُ البَصريُّ أنَّ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ تَجهَّزَ بِكَتائِبَ وجُيوشٍ أمثالَ الجِبالِ، لا يُرى طَرَفُها؛ لِكَثرتِها، كَما لا يَرى مَن قابَلَ الجَبَلَ طَرَفَيْه، ويَحتمِلُ أنْ يُريدَ شِدَّةَ البأسِ، وكان سيَقَعُ هذا القتالُ بيْن الحسَنِ ومُعاوِيةَ رَضيَ اللهُ عنهما على إثْرِ ما كان يُريدُه علِيُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه زمَنَ خِلافتِه لقِتالِ أهْلِ الشَّامِ، وكان عليهم مُعاوِيةُ رَضيَ اللهُ عنه، فلمَّا قُتِلَ علِيٌّ رَضيَ اللهُ عنه، خرَجَ الحسنُ ابنُه لإنفاذِ ما كان عليه أبوهُ.
فقالَ عَمْرُو بنُ العاصِ رَضيَ اللهُ عنه مُحَرِّضًا لِمُعاويةَ رَضيَ اللهُ عنه على قِتالِ الحَسَنِ رَضيَ اللهُ عنه لمَّا رَأى الجَيشَ: إنِّي لَأَرى كَتائبَ لا تُوَلِّي -أي: لا تُدْبِرُ- حَتَّى تَقْتُلَ أقْرانَها، جَمْعُ قَرْنٍ، وهو الكُفْءُ والنَّظيرُ في الشَّجاعةِ والحَربِ، فَأجابَه مُعاويةُ رَضيَ اللهُ عنه: إنْ قَتَلَ جَيشُنا جَيْشَه أو قَتَلَ جَيْشُه جَيشَنا، فمَن يَتَكَفَّلُ لي بِأُمورِ النَّاسِ؟ مَن لي بِنِسائِهم؟ مَن لي بِضَيْعَتِهم مِن الأطْفالِ والضُّعَفاءِ، فيَرعاهُم؟ لأنَّهم لوْ تُرِكوا بِحالِهم ضاعوا؛ لِعَدمِ استِقلالِهم بِأمْرِ المَعاشِ.
وقَولُ الحسَنِ البصْريِّ: «وكانَ واللهِ خَيْرَ الرَّجُلَينِ»؛ لأنَّ عمْرًا كان أشدَّ مِن مُعاوِيةَ في الخلافِ مع الحسَنِ بنِ علِيٍّ رَضيَ اللهُ عنهم أجمعينَ، وعمْرًا كان يُريدُ القِتالَ، ومُعاوِيةَ يُريدُ الصُّلحَ حِفاظًا على الدِّماءِ والأرواحِ.
فبَعَثَ مُعاويةُ إلى الحَسَنِ رَضيَ اللهُ عنهما رَجُلَينِ مِن قُرَيْش مِن بَني عَبدِ شَمسٍ، وهما عَبدُ الرَّحمنِ بنُ سَمُرةَ رَضيَ اللهُ عنه، وعَبْدُ اللهِ بنُ عامِرِ بنِ كُرَيْزٍ -قيل: إنَّه رَأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فأمَرَهُما مُعاويةُ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يَذهَبَا إلى الحَسَنِ رَضيَ اللهُ عنه، ويَعرِضَا عليه الصُّلْحَ وأنْ يُكلِّماه في حقْنِ دِماءِ المسلمينَ بالصُّلحِ، وقولُه: «واطْلُبا إليه»، أي: اطْلُبا منه خلْعَ نفْسِه مِن الخلافةِ وتَسليمِ الأمرِ لمعاوِيةَ، وابْذُلا له في مُقابَلةِ ذلك ما شاءَ مِن المالِ ونحْوِه، فذَهَبَا إليه وكَلَّماه، فَقالَ الحسنُ رَضيَ اللهُ عنه لِلرَّسولَينِ: «إنَّا بَنو عَبدِ المُطَّلِبِ قَد أصَبْنا مِن هذا المالِ»، أي: إنَّا جُبِلْنا على الكرَمِ والتَّوسعةِ على أتْباعِنا مِن الأهلِ والمَوالي، وكنَّا نَتمكَّنُ مِن ذلك بالخلافةِ حتَّى صار ذلك لنا عادةً، «وإنَّ هذه الأُمَّةَ قَد عاثَتْ في دِمائِها»، أي: قَتَلَ بعضُها بَعضًا، فلا يَكُفُّون عن ذلك إلَّا بالصَّفحِ عمَّا مضَى منهم والتَّألُّفِ بالمالِ؛ فأراد أنْ يُسكِّنَ الفِتنةَ ويُفرِّقَ المالَ فيمَن لا يُرضِيه غيرُ المالِ.
فأخْبَراه بما يَعرِضُه مُعاوِيةُ رَضيَ اللهُ عنه مِن المالِ والأقْواتِ والثِّيابِ، فسَأَلَهما الحَسَنُ رَضيَ اللهُ عنه عمَّن يَتَكَفَّلُ ويَضمَنُ له شُروطَه، قالا: نحْنُ نَتَكَفَّلُ لكَ به، فكانَا هما الضَّامنَينِ لكلِّ شُروطِه التي تُسهِمُ في تَحقيقِ الصُّلحِ بيْن المسلمينَ، فَما سَأَلَهما الحَسَنُ رَضيَ اللهُ عنه شَيئًا إلَّا قالا: نَحْنُ نَتَكَفَّلُ لكَ بِه، فَصالَحَه الحَسَنُ رَضيَ اللهُ عنه عَلى ما وقَعَ مِن الشُّروطِ؛ رِعايةً لِمَصْلَحةٍ دينيَّةٍ ومَصْلَحةِ الأُمَّةِ.

ويَحكي الحَسنُ البَصريُّ: أنَّ أبا بَكَرةَ نُفيعَ بنَ الحارثِ الثَّقَفيَّ رَضيَ اللهُ عنه رَأى النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وسلَّم عَلى المِنْبَرِ والحُسَنُ بنُ عَليٍّ رَضيَ اللهُ عنهما إلى جَنبِه -وكان صَغيرًا-، وكان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنظُرُ إلى النَّاسِ مَرَّةً وإلى الحسَنِ مرَّةً، فَقالَ: إِنَّ ابني هذا سَيِّدٌ، ولَعَلَّ اللهَ أنْ يُصلِحَ بِه بيْن فِئتَينِ، أي: فِرْقتَيْنِ عَظيمتَيْنِ مِن المُسلِمينَ، ويَقصِدُ ما حدَثَ بيْن مُعاوِيةَ والحسَنِ رَضيَ اللهُ عنهما؛ فإنَّ نِزاعَهُما على أمْرِ الخلافةِ لم يُخرِجْهما مِن دائرةِ الإسلامِ، وكانت تلك السَّنةُ سَنةَ الجماعةِ؛ لاجتماعِ النَّاسِ واتِّفاقِهم، وانقطاعِ الحرْبِ.
وفي الحديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ النُّبوةِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: فَضيلةُ الحسَنِ بنِ علِيٍّ رَضيَ اللهُ عنهما.
وفيه: مَشروعيَّةُ الصُّلحِ على مالٍ ليَرْضَى أصحابُ الحُقوقِ.
وفيه: أنَّ الرُّسلَ يُسمَعُ قولُهم ولا يُتعرَّضُ إليهم.
وفيه: وِلايةُ المفضولِ على الفاضلِ.
وفيه: أنَّ السِّيادةَ إنَّما يَستحِقُّها مَن يَنتفِعُ به النَّاسُ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَّقَ السِّيادةَ بالإصلاحِ بيْن النَّاسِ.

شكرا ( الموسوعة الحديثية API - الدرر السنية ) & ( موقع حديث شريف - أحاديث الرسول ﷺ ) نفع الله بكم

قم بقراءة المزيد من الأحاديث النبوية


الكتابالحديث
صحيح الجامعإن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله و عبد الرحمن
صحيح الجامعإن أحبكم إلي و أقربكم مني في الآخرة مجالس أحاسنكم أخلاقا و
صحيح الجامعإذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه فإذا استنثر خرجت
صحيح الجامعصبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها كأنها طست حتى ترتفع
المحلىأن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه كان بين مكة والمدينة فصلى العشاء
فتح الباري لابن حجرالبذاذة من الإيمان
المحلىرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة العقبة يوم النحر على
إرشاد الفقيهأن رجلا نزل على الحرة و معه أهله و ولده فقال
إرشاد الفقيهغم علينا هلال شوال فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله
إرشاد الفقيهخرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل
إرشاد الفقيهأن أعرابيا يقال له أبو ثعلبة قال يا رسول الله إن لي
خلاصة الأحكام للنووياتقوا الملاعن الثلاثة البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل


أشهر كتب الحديث النبوي الصحيحة


صحيح البخاري صحيح مسلم
صحيح الجامع صحيح ابن حبان
صحيح النسائي مسند الإمام أحمد
تخريج صحيح ابن حبان تخريج المسند لشاكر
صحيح أبي داود صحيح ابن ماجه
صحيح الترمذي مجمع الزوائد
هداية الرواة تخريج مشكل الآثار
السلسلة الصحيحة صحيح الترغيب
نخب الأفكار الجامع الصغير
صحيح ابن خزيمة الترغيب والترهيب

قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, July 17, 2024

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب